الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأقربُ إليها ما نسبه الحافظُ الذهبي إليه بقوله في "الميزان": "واستنكر أحمدُ بعضَ حديثه"، ثم ساق له حديثًا عن ابن عمر.
وحينئذٍ فالخطبُ سهلٌ، ولا يتعارض قوله هذا مع قولِه الآخر المتفِق مع قول الجمهور؛ فتأمّل!
ولذلك قال الحافظُ فيه: "ثقةٌ، له أوهام".
والحديث مخرَّجٌ في "المشكاة"(6159)، و"صحيح أبي داود"(1016).
146
- "وفي أثر آخر: "إنَّ اللَّه إِذَا أحبَّ عبدَه حماه الدّنيا، وطيِّباتِها وشهواتِها، كما يحمي أحدُكم مريضَه":
قلت: هكذا وقع في الكتاب: أنَّه (أثر)، وبزيادة (طيّباتها وشهواتها) وفي ذلك كلِّه نَظَرٌ:
أمّا أنَّه (أثر)؛ فلأنه حديثٌ مرفوعٌ في جميع طرقه والمصادر التي روته.
وأمّا الزيادةُ المذكورة؛ فهي منكرةٌ، لأنَّها لم تَرِدْ في شيء من الطرق المشار إليها، ولعلَّ ذلك كله من تحريفات بعض النُسَّاخ؛ فقد أورد المصنِّف رحمه الله هذا الحديث في كتابه المشهور "زاد المعاد في هدي خير العباد"(4/ 104 - طبع المؤسَّسة) على الصواب -دون الزيادة-، ومصدِّرًا إيّاه بقوله:
"وفي حديثٍ محفوظٍ عنه صلى الله عليه وسلم. . . ".
وهذه فائدةٌ هامّة؛ وهي أنَّ الحديثَ مرفوع -أَوّلًا-؛ وهذا يؤكد خطأ كونه (أثرًا)، وثانيًا: أنَّه حديثٌ محفوظٌ صحيحٌ عند المؤلف، وهو الحقُّ؛ خلافًا لما ذهب إليه (الهدَّام) -كعادته- في المعاكسة والتفرّد بالتضعيف! وما سوى ذلك فليس يهمّه، ولا يَلتفتُ إليه -كمثل جهله أو تجاهله هذين الأمرين اللذين
وَقَعَا في الكتاب؛ من تصدير الحديث، بأنَّه (أثر)، ومع الزيادة التي لا أصلَ لها فيه! -، وإنَّما وجّه كلَّ هِمَّته إلى تخريج الحديث، وبيان الخلاف في إرسالهِ ووصلهِ! وانتهى إلى القول (2/ 214):
"فالحديثُ ضعيفٌ، لترجيح الرواية المرسلة على غيرها من الروايات"!
يعني رواية محمود بن لَبِيد رضي الله عنه!
فأقولُ: إنَّ مجال الرَّد على هذا التضعيف مما لا يَسَعُ له المجالُ الآن، وحسبنا فيه روايةُ محمودٍ نفسه، فإِنَّها كافيةٌ للرَّد عليه، فإِنَّ ترجيحه المذكور بناه على قول ابن حبان في (محمود) أنَّه من التابعين! وتجاهل جَزْمَ إمام المحدّثين بصحبته، وقد أثبت ذلك بروايةٍ صحيحةٍ عن عاصم نفسهِ، وكذلك أحمدُ بإيرادهِ إياها بإسنادين آخرين عنه في "مسنده"، وفيها أنَّه مَشَى مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد، وأنَّه صلّى معه المغرب، وأنّه صلّى معه صلاة الكسوف، قال: قرأ فيما نرى {الر كِتَابٌ. . .} ؛ فهو -إذن- صحابيٌّ وبناءً عليه؛ أخرج له الإِمام أحمد في "مسنده" عدة أحاديث، هذا أحدُها، وقد حَسَّنه التِّرمذي، وصَحَّحه الحاكم، والذهبي، وكتم (الهَدَّام) ذلك كُلَّه عن قرائه -كما هي عادته-، وصحَّح له ابن خزيمة، غير ما حديث في "صحيحه" مثل (937 و 1200)، وكذلك المنذري في "الترغيب"(1/ 34)، (4/ 94)؛ وقال في الموضع الأوّل:"وابن خزيمة لا يخرِّج في "صحيحه" من المراسيل"؛ وبعضها مُخَرَّجٌ في "الصحيحة"(813 و 951).
ولَمَّا تقدّم قال ابن عبد البرّ في "الاستيعاب":
"قول البُخاري أولى، وقد ذكرنا من الأحاديث ما يشهدُ له".
ومنه يتبيَّن أنَّ (الهدَّام) يتشبَّثُ ببعض الأقوال المرجوحة في سبيل