الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبلي. . . وجُعلت لي الأرض طيِّبة طهورًا ومسجدًا، فأيّما رَجُلٍ أدركته الصلاة، صلّى حيث كان"".
قلت: يريد (الهدَّام) بهذا أن يضع ضعفًا في متن الحديث، كما وضع ضعفًا في سنده، وهو على كلِّ حالٍ خاسرٌ، فإنَّ هذا الحديث كسائر الأحاديث الصحيحة التي تنهى عن الصلاة في المقابر، وفي المساجد المبنيّة على القبور، وعن الصلاة في معاطِن الإبل، ونحو ذلك، فهذه خاصَّةٌ، وحديث جابر عامٌّ، فهو مُخَصَّصٌ بها -كما لا يخفى على الفقهاء-، فإلى اللَّه المشتكى من زمان يَتَكلَّم فيه الرويبضة!
50
- "قول ابن مسعود: لأنتم أهدى من أصحاب محمد، أو أنتم على شعبةِ ضلالة":
عزاه (الهدَّام)(1/ 216) للدارمي، وأعلّه بقوله:
"وهذا إسناد ضعيف، عمرو بن يحيى بن عمرو بن سَلِمة الهَمْداني، قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، ولم يوثقه أحد، وأبوه (يحيى) ذكره أبن أبي حاتم في "الجرح"، وسكت عنه".
قلت: وفي هذا التخريج على اختصاره بلايا!
أولًا: ليس الأثر عند الدارمي باللفظ المذكور، وإنَّما بلفظ:
"إنَّكم لعلى مِلَّة هي أهدى من ملة محمد، أو مُفتَتِحُو باب ضلالة".
ثانيًا: ما نقله عن ابن معين لا يصحّ عنه، رواه ابن عدي (5/ 122) من طريق أحمد بن أبي يحيى -وهو الأنطاكي-؛ قال فيه إبرإهيم بن أُورْمة: كذّاب، رواه عنه ابن عدي (5/ 195) وقال فيه:
"روى عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل "تاريخًا" في الرجال".
ثالثًا: قوله: "ولم يوثّقه أحد" من جملة ادِّعاءاته الطويلة العريضة، فإِنَّه مع كونه نفيًا -وإثباتُه من أصعب الأمور كما معروفٌ عند العلماء-؛ فإِنَّه لم يقله قبله أحدٌ فيما علمت، بل هو كذب -كما يأتي-.
رابعًا: قد وثّقه ابن معين -فيما رواه ابن أبي حاتم (3/ 269/1/ 1487) بالسند الصحيح عنه-، وذكره ابن حبان في "الثقات"(8/ 480)، وهذا التوثيق مقدّم -بداهةً- عند العلماء على تضعيف ابن معين المذكور -لو صَحَّ-؛ لأنَّه جَرحٌ مبهمٌ غير مُفَسَّرٍ؛ فكيف وهو غير صحيح؟ ! ولاسيما وقد روى عنه جَمْعٌ من الثقات الحفّاظ، كابن أبي شيبة، وعبد اللَّه ابن نُمَير، وعبد اللَّه بن سعيد الأشجّ -وغيرهم- كما تراه عند ابن أبي حاتم-.
خامسًا: قوله في أبيه (يحيى): "ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح" وسكت عنه"! فيه آفتان:
إحداهما: كتمانه قولَ أبي حاتم فيه: "روى عنه شعبة، والثوري، والمسعودي، وقيس بن الربيع، وابنه عمرو".
فهذا يفيد أن (يحيى) هذا معروفٌ غير مجهول، خلافًا لما يُشعر به نقلُ (الهدَّام) المبتور.
والأخرى: كتمانه قولَ العجلي في كتابه (474/ 1819): "كوفيٌّ ثقة".
فهذا التوثيقُ -مع رواية أولئك الثقات عنه، وملاحظة كونه من أتباع التابعين-؛ مما يُلقي في النفس أنَّ الرجل صدوق، وأنَّ إسناد هذا الأثر جَيِّدٌ، رغم أنف (الهدَّام) المحارب للآثار السلفية، ولا غرابة في ذلك من رجل متخَصِّصٍ في تضعيف الأحاديث النبوية الصحيحة -عامله اللَّه بما يستحق! -.
سادسًا: هَب أنَّ الرجل فيه جهالةٌ؛ ولكنها جهالةُ حالٍ -يقينًا-، فمثله