الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الواشِمَةَ والمستوشمةَ، والواصلة والمستوصلة، والمحلِّل والمحلَّل له، وآكل الرّبا وموكله.
فضعَّفه (الهدَّام) بجهالة أحد رواته، متجاهلًا الشواهد التي سبقت الإشارة إليها، كما أنَّه أفهم القراء ضعفَ هذا اللَّفظِ بتمامه، بسكوته عن تضعيفه إيّاه، وذلك سن خُطَّته في الهدم، مع أنَّ الحديث في غاية الصِّحة؛ فإنَّ جملة (الوشم والوصل) أخرجها الشيخان -وغيرهما- من طرقٍ عن ابن مسعود، وهو مخرّج في "آداب الزفاف"(ص 203 - المكتبة الإسلامية).
وجملة (المحلِّل والمحلَّلِ له) عَرَفْتَ صِحَّتها عن ابن مسعود -أيضًا- وشواهدها.
وجملة (آكل الرِّبا وموكله) أخرجها مسلم وغيره من طريق علقمة، عن ابن مسعود، وهو مخرّج في "الإرواء"(5/ 184)، وله فيه شاهدٌ من حديث أبي جُحيفة، أخرجه البخاري وغيره، وآخر من حديث جابر، رواه مسلم وغيره.
فلْينظر القراءُ مبلغَ جنايةِ هذا الرجل على السنة الصحيحة، وطرقَ محاولته الهدم فيها -عامله اللَّه بما يستحق! -.
85
- "وعن عُقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ ! "، قالوا: بلى يا رسول اللَّه! قال: "هو المحلِّل، لعن اللَّه المحلَّل والمحلَّل له"، رواه ابن ماجه بإسنادٍ رجاله كلهم موثّقون، لم يجرح واحدٌ منهم":
قلت: يعني بجرح قادح، وهو كما قال، ولذلك حسّن إسناده عبد الحق الإشبيلي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وصحّحه الحاكم، والذهبي، والزيلعي (3/ 239)، وهو مخرَّج في "الإرواء"(6/ 309 - 311) من طريقين عن الليث
ابن سعد، قال -في طريق عثمان بن صالح المصري - عنه-: قال لي أبو مصعب مِشْرَح بن هاعان، عن عُقبة -وقال في رواية عبد اللَّه بن صالح عنه: سمعت مِشْرَح بن هاعان. . . به-.
قلت: وهذا الإسناد حسنٌ متصلٌ، وأعلّه (الهدَّام) بعلتين: الانقطاع، وضعف مِشْرَح! !
أمّا الانقطاع، فتشبَّث بما نقله عن البخاري من استنكاره سماع الليث من مِشْرَح، ونحوه عن أبي زُرعة، وهو مذكورٌ في "الإرواء".
وجوابًا عليه أقول: هذا الاستنكار كان يمكن أن يكون مقبولًا، لولا أنّه معارض بما يُثبت ما أَنكرا، وهو قول الليث:"قال لي"، وفي الرّواية الأخرى:"سمعت مِشرح. . . "؛ والمثبت مقدَّم على النافي كما هو معلوم، ولا سيما والليث بن سعد إمام من أئمَّة المسلمين، ولا يعرف في (المدلسين).
وابن صالح -وإن كان فيه كلامٌ-؛ فهو متابع من عثمان، وهو ثقة من شيوخ البخاري، ولذلك ردّ الإعلالَ المذكورَ الحافظُ الزيلعيُّ بقوله:
"وأبو صالح مختلف فيه، وإلّا فالحديث صحيحٌ من عند ابن ماجه، فإنَّ شيخ ابن ماجه يحيى بن عثمان ذكره ابن يونُس في "تاريخ المصريين"، وأثنى عليه بعلم وضبط، وأبوه عثمان بن صالح المصري ثقةٌ أخرج له البخاري، وأمّا مِشْرَح بن هاعان، فوثّقه ابن القطان، ونقل عن ابن معين أنَّه وثَّقه، والعلّة التي ذكرها ابن أبي حاتم لم يُعَرِّج عليها ابن القطان ولا غيره".
قلت: وهذا ردٌّ علميٌّ قويٌّ قويٌّ من الحافظ الزيلعي، ولذلك تجاهله (الهدَّام) كما تجاهل غيرَه مما سأذكر، مما يُعرقل عاجه هَدْمَه، فقال عَقِبَ تخريجه للحديث (1/ 388):
"وزِيدَ في مطبوع "ابن ماجه": "لي"؛ فصارت كالسماع، وهو خطأٌ صوابه في "التحفة" (7/ 322) ".
فأوهم القراء -مُلَبِّسًا مُدَلِّسًا- أنّ قول (الليث بن سعد): "قال لي" زيادةٌ من الطابع، وهذا من معانداته التي يُمهِّد بها للهَدْم وقلب الحقائق، دونما حياء أو خجل؛ فإنَّ هذه الزيادة -"لي"- ثابتة في نسخ قديمة من "سنن ابن ماجه"، وعليها اعتمد الحافظ الزيلعي في ردّه المتقدِّم، وكذلك فعل الحافظُ الحافظ في "التلخيص"، فقال (3/ 170 - 171) -تعقيبًا على استنكار البخاري وأبي زُرعة-:
"قلت: ووقع التصريح بسماعه في رواية الحاكم، وفي رواية ابن ماجه عن الليث: "قال لي مِشْرَح"، ورواه ابن قانع في "معجم الصحابة" (1) من روايد عُبيد بن عُمير، عن أبيه، عن جده، وإسناده ضعيف".
هكذا يتجاهل (الهدَّام) الحقائق، فهل ترك مجالًا لأحدٍ أن يظنّ به خيرًا! ويطمع منه أن يأتي بما هو عليه، مثل رواية الرُّوياني في "مسنده"(19/ 11/ 2)؛ من طريق شيخ ابن ماجه، عن أبيه، عن الليث، قال:"سمعت. . . "، هكذا "سمعت" مكان:"قال لي"؛ فهل هذا وما قبله خطأٌ مطبعيّ أيها (الهدَّام) اللَّوْذَعِيّ؟ !
وأمّا قوله: "صوابه في "التحفة". . . ": فهو من تدليسه - بل كذِبهِ -أيضًا-؛ فليس فيه أيُّ تصويبٍ، وكل ما فيه أنَّه ساق رواية ابن ماجه كما وقعت له:
(1) هو في "المعجم"(7/ 118/ 2): حدنثا محمد بن يونُس: نا مُعَلّى بن الفضل: نا داود بن عبد الرحمن العطّار، عن عبد اللَّه بن عثمان بن خُثَيم، عن نافع بن سَرْجَس، عن عُبيد بن عُمير، عن أبيه -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . الحديث، ليس فيه:"عن جده".
وإسنادُهُ واهٍ.