الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-أيضًا- كما تقدم بيانه برقم (2) -؛ فما أجهلَه، وأضرَّه على السنة والأمّة!
وإنَّ ممَّن صحح هذا الأثر الإمامَ ابن القَيِّم رحمه الله في "زاد المعاد"، وذكر أنَّ الإمام أحمد اختاره على أدعية الاستفتاح الأخرى -لوجوهٍ ذكرها-؛ منها: جهرُ عمر به يعلِّمه الناس.
ثانيًا: كتم قول العُقيلي عَقِبَ حديث أبي سعيد:
"وقد رُوي من غير وجه بأسانيد جياد".
كتمه، وقد رآه في تخريجي (2/ 52)؛ والسبب واضحٌ لا يحتاج إلى بيان!
ثالثًا: كتم حديث أنس بن مالك المخرَّج هناك من طريقين عن حُميد عنه، وصحَّحت أحدهما، فكتم كل ذلك تدليسًا وتضليلًا، ولتأكيد صحّته، فقد أفردته بالتخريج في "الصحيحة"(2996)، وذكرت فيه متابعًا لحميد؛ فازداد الحديث صحة على صحة، والحمد للَّه الذي بنعمته تتم الصالحات.
32
- حديث: "لِجَوْفِه أزيزٌ كأزيز المِرْجَل من البكاء":
قلت: صحَّحه المقلِّد -مصيبًا- من حديث عبد اللَّه بن الشِّخِّير، برواية أبي داود والنسائي، وهذا التقليد منه خير -بلا شكّ- من اجتهاداته التي يضعّف فيها الأحاديث الصحيحة! وإنَّما قلت هذا، لأنَّ في إسناده (حمّاد بن سلمة)، وهو سيِّئ الرّأي فيه؛ وبخاصة إذا وجده في إسناد حديث لا يُعجبه! ولا يطابق مزاجه أو عقيدته! أعلّه به -كما فعل بالحديث المتقدم رقم (6) - مع تخريج مسلم إياه، وتَتَابُعِ أئمة السنَّة على الاحتجاج به! وهو لا يرى أيَّ حرجٍ في رَدِّ أيِّ حديثٍ صحَّحه العلماء عنده فيه أدنى شبهة -ولو كان من المقلِّدة الجهلة-؛ فقد رأيت له -أخيرًا- تعليقًا كشف فيه عن القاعدة التي ينطلق منها لرد السنة وتعطيلها، فذكر فيه أن قوله -تعالى- {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} لا تتنزّل على من ردَّ حديثًا عنده فيه شبهةٌ على عدم صحَّته! ولم يقيِّد ذلك بأهل العلم؛ بل أطلقه فشمل به الجهلة من أمثاله فَمَن دونه! فقال:
"لا تتنزّل الآية إلّا على من ردَّ آيةً محكمة أو حديثًا صحيحًا نُسَلِّم (! ) بصحته، ولا تدخل الآية فيمن اعتقد بحديثٍ ما ضعفًا وصحَّحه آخرون، أو من قَلَّد ولم يدرك عقلُه صحة ما قَلَّد أو ضعفَه"! انظر تعليقه على "مجموعة الرسائل"(1)(ص 126).
(1) قلت: هذه المجموعة تأليف الشيخ محمد نسيب الرفاعي الحلبي رحمه الله، جرى فيها على المنهج السلفي، لكن أفسدها (الهدَّام) بتعليقه عليها.
ومن المؤسف أن يكون الطابعُ لها صاحبَ المكتب الإسلامي، الذي كانت له اليد الطولى في نشر كتب السنة وعقيدة السلف الصالح، فإِذا به في آخر حياته يتعاون على هدمها مع خليفة (السقاف) في ذلك، وإلّا كيف طبع لهذا (الهدَّام) تعليقاته عليها، وفيها نقضٌ لتلك الجهود بصورة واضحة فاضحة، وهاك البيان بأكثر ما يمكن مِن الإيجاز:
أولًا: لقد ضعّف كثيرًا -إن لم أقل: أكثر- أحاديث "الرسائل"؛ كما فعل في كثيرٍ من تساويدهِ وتعليقاتهِ-، وهي:
1 -
"يد اللَّه على الجماعة".
2 -
"عليكم بسنّتي. . . " -وتقدم -هنا- برقم (2) -.
3 -
"ما تركت شيئًا يقربّكم إلى اللَّه إلّا وأمرتكم به. . . ".
4 -
"اللهمَّ رَبّ جبرائيل. . . " من أدعية الاستفتاح في "صحيح مسلم"!
5 -
"أوّل ما خلق اللَّه القلم. . . " خرّجه عن أربعة من الصحابة، من طرق متعدِّدة أكثرها سالمة من الضعف الشديد!
6 -
"مسح ظهر آدم. . . ".
7 -
"كنت نبيًّا وآدم بين الروح والجسد. . . ".
8 -
"يا جابر ألا أبشّرك. . . ".
9 -
"افتدوا باللذين بعدي. . . " -وتقدم -هنا- تحت الحديث (2) -.
10 -
"من قرأ القرآن في أقل من ثلاث. . . ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 11 - "رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَدْلُكُ بخنصره. . . ".
12 -
"ارجع فأحسن وضوءك. . . ".
13 -
"رُفع القلم عن النائم. . . ".
14 -
"وُضع عن أمّتي الخطأ. . . ".
15 -
"من ترك صلاة متعمدًا. . . ".
16 -
"حُبسنا يوم الخندق عن صلاة الظهر. . . ".
17 -
"أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك. . . ".
18 -
"لا صلاة لمن لا يقيم صلبه. . . ".
19 -
"صلاة التسابيح".
ثانيًا: لم يصحِّح حديث الفرقة الناجية، وأحال في تخريجه على كتابيّ "الصحيحة"، و"السنة" (ص 33)! وكذلك لم يصحِّح حديث:"من سُئل عن علم فكتمه. . . "؛ والظاهر أنَّ ذلك لأنَّ فيه (حماد بن سلمة)؛ وهو يغمز منه في غير ما موضع، وبخاصة إذا لم يجد سبيلًا إلى الطعن في الحديث الصحيح إلّا الحطَّ عليه، كما فعل في حديثه -المتقدم برقم (6) - في نظر أهل الجنّة إلى ربّهم تبارك وتعالى جعلني اللَّه منهم-.
ثالثًا: قال (ص 93) في همِّ الرجل بتقبيل يده صلى الله عليه وسلم، وقوله:"هذه فعلة الأعاجم بملوكها": "لم أجده، ولعله اختلط عليه بحديث: "لا تقوموا كما تقوم الأعاجم. . . "، وهو ضعيف، انظر تفصيله في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (346).
قلت: وهذا مما يدلُّ على حداثته وجهله بهذا العلم الشريف، وأنَّه لا عِناية له، ولا حفظ، ولا معرفة، وإنَّما هو عالةٌ في التخريج على غيره غالبًا، أو على الفهارس (أ)! !
ولمّا كان الشيخ نسيب رحمه الله أورده بالمعنى، لم يساعده فهرس "السلسلة الضعيفة" في الكشف عنه، وهو فيها برقم (89)، - محكومًا عليه بالوضع، معزوًّا لجمع من الحفاظ! وقد خفي وضعه على الشيخ رحمه الله، كما خفي أصله على (الهدَّام)! ! ومع هذا الجهل يتعالم ويقول فيه:"ولعله اختلط عليه. . . "!
رابعًا: وليس هذا فقط، بل يفتري عليه في وصفه النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنَّه كان أفصح الناطقين بالضاد، فيقول:(ص 58): "أخذه من حديث، أنا أفصح من نطق بالضاد"، ولا أصل له"! فهذا كذبٌ على الشيخ رحمه الله، فالصفة المذكورة معروفة فيه صلى الله عليه وسلم إجماعًا؛ ما يحتاج مثبتُها إلى مثل هذا الحديث، ولكنَّه التعالي، والتشبُّع بما لم يعطَ. =
_________
(أ) سيأتي بعض الأمثلة الأخرى، فانظر الحديث (56).
قلتُ: فالأمر عنده فوضى؛ لا قيود ولا شروط! وأمَّا النصوصُ الواردةُ في الكتاب والسنة، الآمرةُ لمن لا يعلم أن يسأل أهلَ العلم؛ فهي عنده مقيدةٌ بالقناعة الشخصية! فلا مانع عنده أن يردَّ الجاهلُ ما صَحَّحوه! أو يصحِّح ما ضعّفوه! فهو يلخّص بذلك مذهب الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، وغفر له-؛ الذي كشف عنه في كتابه -الأخير- "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث"! فهذا (الهدَّام) يحذو حَذْوَه، ويتبع ظِلَّهُ!
وقد بيَّنت أمثلةً من مذهب الشيخ تمثِّل انحرافه عن السنة، ومخالفته لسبيل المؤمنين في ردّي عليه في مقدمة كتابي "الرَّد على ابن حزم في إباحته الملاهي" -وفيما بعدها-، وقد شمل الرَّد -في بعض جوانبه- ظُلْمَ هذا
= خامسًا: لقد كشف أيضًا عن انحرافه عن عقيدة السلف، بتضعيفه كلمة مالك المشهورة:"الاستواء معلوم، والكيف مجهول. . . "؛ فسوَّد صفحتين بالحرف الصغير، متتبِّعًا طرقه الكثيرة عن مالك -مضعفًا إياها كلها-، مصرحًا بجهله لحال بعض رواتها -وهو في ذلك مخطئٌ، بل خاطئٌ-، متجاهلًا قول الإمام النقَّاد الحافظ الذهبي:"هذا ثابت عن مالك، وتقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك، وهو قول أهل السنة قاطبةً"؛ وكذلك تجاهل تجويد الحافظ لأحد طرف عنه، بل إنَّه تطاول عليهما، فردَّ ذلك عليهما مع تصريحه بأنَّه لم يعرف أحد رواته؛ فهو يردُّ عليهم بجهله! كما تجاهل كثرة الطرق بذلك عن مالك، كما تجاهل صحة ذلك عن ربيعة شيخ مالك، وتقوية شيخ الإسلام ابن تيميّة وابن قيم الجوزية! !
وكلُّ هذا -منه-: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} ، وختم ذلك بقوله:"وعلى أيٍّ؛ فالقضية تبقى رأيًا من عالم، غير ملزم للناس، ولا قاطع للجدل والفهم، بل لكلٍّ متسع فيما يرى. . .؛ واللَّه أعلم".
فتأمل -أيها القارئ! - كيف يكابر ويجحد الحقائق؟ فيزعم أنَّه رأي مالك، وهو قول أهل السنَّة قاطبةً - كما قال الإمام الذهبي -وهو أعرف الناس بأقوالهم-، وقد سردها رحمه الله في كتابه "العلو مختصره" -طبع المكتب الإسلامي! ! -.
فالسؤال الذي يطرح نفسه -كما يُقال-: ما حال من نشر ذاك الهدى هناك؛ تم نشر هذا الضلال هنا؟ ! هل هي النكسة عن السلفية، أم أنَّ الغاية تبرر الوسيلة؟ ! أحلاهما مرٌّ!