الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"للمعجمين": "وفيه من لم أعرفهم".
وسكت عنه الحافظُ في ترجمة (عُقبة) -هذا- من "الإصابة"، وعزاه لابن السكَن -أيضًا-، والحاكم في "تاريخ نيسابور" من هذا الوجه.
ووقع في "السنة": (عُقبة بن عامر)؛ وأظنّه خطأً من النّاسخ، واللَّه أعلم.
وأمّا الحديث الثالث: فأخرجه الحاكم (3/ 204) -وصحّحه أيضًا-، وحسّن إسنادَه المنذريُّ في "الترغيب"(2/ 191)، وله شاهدٌ مرسلٌ في "الجهاد" لابن أبي عاصم (ق 2/ 90)، وشاهدٌ من حديث جابرٍ مختصرًا، أخرجه أحمد (3/ 361) بسندٍ حسن صحيح، وهو مخرّج في "الصحيحة" فقم (3290)، وسكت عنه الحافظُ في "الإصابة"(2/ 350)، وأشار ابن عبد البر في ترجمة (عبد اللَّه) والد (جابر) -من "الاستيعاب"- إلى تقويتهِ بتصريحه بتوثيق (طلحة بن خِرَاش)، والراوي عنه (موسى بن إبراهيم).
136
- "دعوة ذي النُّون؛ الّتي، ما دعا بها مكروبٌ إلّا فرَّج اللَّه كربَه: لا إله إلّا أنت سُبحانك إني كنت من الظالمين":
جزم به المؤلِّف فأصابَ.
وعاكسه (الهدَّام) -كعادته-، فَضَعَّفه! وخرَّجه (2/ 162) من رواية التِّرمذي، والنَّسائي، وأحمد، والحاكم؛ قال:"من طرق، عن يونُس بن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن محمد بن سَعْد، عن أبيه، عن سَعْد. . . مرفوعًا، وسندُه قابل للتحسين؛ لولا ما ذَكر التِّرمذي عَقِبَه: "وقد روى غيرُ واحد هذا الحديثَ عن يونس. . . ولم يذكروا فيه: عن أبيه". . .؛ وعليه يكون الحديث منقطعًا. . . "!
قلت: ويعني التِّرمذيُّ بقوله: "عن أبيه"(محمد بن سعد) والد (إبراهيم)، وفي كلام (الهدّام) جهالاتٌ:
أَوّلًا: قولُه "من طرق"؛ لم يبيّنها، ولم يذكر عَدَدَها! تضليلًا للقراء -كما يأتي بيانه-.
ثانيًا: قولُه: "قابلٌ للتحسين"؛ فهو من جَنَفِه وجنايتِه على الرواة الثقات، تمهيدًا لتضعيف الحديث؛ فإِنَّ رجالَ السندِ المذكور كلُّهم ثقاتٌ، ولذلك صحّحه الحاكم، ووافقه الذهبي، وكتم ذلك (الهدَّام) -كعادته-، وليس فيهم من تُكُلّم فيه إلّا يونس بن أبي إسحاقَ، ففيه كلامٌ يسيرٌ لا يضرُّ، ولذلك احتجَّ به مسلم، وصحّح له ابن حِبان غيرَ ما حديث، وذكره الذهبي في "من تُكُلِّم فيه وهو موثق"، وقال في "الميزان":"صدوق ما به بأسٌ، ما هو في قوة مِسْعَر ولا شُعبة".
فمثله يكونُ حسنَ الحديثِ -على الأقلّ-، وهو ما صرّح به الحافظُ -كما يأتي-، ولذلك سكت عن الحديث في "الفتح"، وأقرّ الحاكمَ على تصحيحِه (11/ 147).
ثالثًا: لم يقنع (الهدَّام) حتى بالقابليّة التي زعمها، فقد رفضها بقولِهِ:"لولا ما ذَكر التِّرمذي عقبه. . . " إلخ، فأعلّه بالانقطاع، مقلِّدًا للترمذي في قولِه: أنَّ غيرَ واحدٍ روى الحديث عن يونُس منقطعًا، دون ذِكر:"عن أبيه"!
فاكتفى بالتقليد هنا؛ لأنَّه وافق هوىً في نفسهِ، وهو تضعيفُ الحديثِ بغير حقّ، وإلّا فلِمَ لمْ ينظر فيمن أشار إليه التِّرمذي بقوله:"غير واحد"؛ مَن هم؟ ! وما عددُهم؟ ! وما حالُهم؟ ! وهل يصلُحُ -أو يصلُحون- لمعارضة الطرق التي وصلت الحديثَ، والتي أشار إليها -كما تقدّم-؟ ! ولم يبيّنها ليضربَها بقولِ التِّرمذي هذا! !
لقد ذكر التِّرمذيُّ أنَّه وصله محمد بن يُوسف وأبو أحمد الزّبيري (1)، ثمّ
(1) قلت: رواية محمد بن يوسف هي رواية التِّرمذي وغيره، ورواية الزّبيري عند البزار (3150).
استجاز هو أن يرجِّح عليهما روايةَ "غير واحد"! -وهو لا يعرفُهم! - على روايتهما، فكيف جاز للهدَّام أن يقلِّده، في ذلك وهو لا يعرفُهم؟ ! وعلى العكس من ذلك يعرفُ اللَّذين سمّاهما التِّرمذي، ويعرف ثقةً ثالثًا شاركهما في رواية الوصل، وهو (إسماعيل بن عُمر)، في رواية أحمدَ، وتابعهم (محمد بن عُبيد الطَّنَافِسي) الحافظ الثقة عند البيهقي في "الشُّعَب"(1/ 432).
فهؤلاء ثقاتٌ أربعة وصلوه بذكرهم في إسنادهم -عن يونُس-: "عن أبيه"، فكيف جاز للهدَّام أن يتعامى عن هؤلاء ويرجّح روايةَ مَن خالفهم وهو لا يعرفهم؟ ! تاللَّه إنَّها لإحدى الكُبَر! ولذلك لم يُعَرِّج عليها الحافظ ابن حَجَر، فقال -كما في "شرح الأذكار" (4/ 110) -:
"حديثٌ حسنٌ"، إلى أن قال:"وقال التِّرمذي: إنَّ بعضهم أرسله"، قال الحافظ:"وقد وجدتُ له عن سعدا طريقين آخرين، أحدهما مختصرٌ، أخرجه أبو يعلى، وابن أبي عاصم، والثاني مطوّل، أخرجه الحاكم".
قلت: المختصر عند أبي يعلى في "مسنده"(2/ 65 / 707) بسند ضعيف، وهو عند البزّار (4/ 42/ 3149) مطوّل.
والمطوّل عند الحاكم (1/ 505 - 506) ضعيف جدًا، فلا يُستشهد به، وفي متنه نكارةٌ، وقد خرَّجته في "الضعيفة" برقم (5519).
ثم تعامى (الهدَّام) عن المتابعة التي ذكرها ليونُس من محمد بن مُهاجر القُرَشي، وهو -وإنْ كان البخاري ضعّفه بقوله:"لا يتابع على حديثه"- فلا يضرُّه هنا، لأنَّه قد توبع -كما ترى-، ولا سيما وقد وثّقه ابن حبان (7/ 413 و 415)، وروى عنه جمعٌ من الثقات.
نَعَم؛ الراوي عنه (عبيد بن محمد) لم يضعّفه إلّا ابن عديّ بقوله: "له أحاديث مناكير؛ يرويها عن ابن أبي ذِئب وغيره".