الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرِمَّة: العظم البالي فالمنع في الرمة معللٌ بما سبق من كونه عظمًا فيجدون عليه طعامًا أو لأنها تتفتت فلا تثبت عند الاستنجاء بها ولا يتأتى بها قطع ما هنالك.
وقيل: لأنها تصير مثل الزجاج من حيث ملوسها فلا تقطع شيئًا.
والحُمَم: الفحم وقد عُلِّلَ بأنه زاد الجن وهو أيضًا لا صلابة لأكثره فيتفتت عند الاستنجاء ويلوث الجسد وينجسه والدين ينبني على النظافة.
قال أصحابنا: ولو استنجى بمطعوم أو غيره من المحترمات الطاهرات فالأصح أنه لا يصح استنجاؤه، ولكن يجزئه الحجر بعد ذلك إن لم يكن نقل النجاسة من موضعها.
وقيل: إن استنجاؤه الأول يجزئه مع المعصية، والله أعلم.
13 - باب ما جاء في الاستنجاء بالحجرين
حدثنا هناد وقتيبة قالا: ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال:"خرج النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته فقال: التمس لي ثلاثة أحجار؛ قال: فأتيته بحجرين وروثة، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: إنها ركس".
قال أبو عيسى: وهكذا روى قيس بن الربيع هذا الحديث عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله نحو حديث إسرائيل.
وروى معمر وعمار بن زريق عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله.
وروى زهير، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله، وروى زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله، وهذا حديث فيه اضطراب.
قال: سألت عبد الله بن عبد الرحمن: أي الروايات في هذا عن أبي إسحاق أصح؟ فلم يقض فيه بشيء.
قال: وسألت محمدًا عن هذا؟ فلم يقض فيه بشيء؛ وكأنه رأى حديث زهير عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد الله أشبه (1) ووضعه في كتاب الجامع (2).
وأصحُّ شيءٍ في هذا عندي حديثَ إسرائيل وقيس، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله؛ لأنَّ إسرائيل أثبت وأحفظ لحديث أبي إسحاق من هؤلاء.
وتابعه على ذلك قيس بن الربيع؛ قال: وسمعت أبا موسى محمد بن المثنى يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ما فاتني الذي فاتني من حديث سفيان الثوري عن أبي إسحاق إلا لما اتَّكلتُ به على إسرائيل لأنه كان يأتي به أتم.
قال أبو عيسى: وزهير في أبي إسحاق ليس بذاك لأن سماعه منه بأخرة؛ قال: سمعت أحمد بن الحسن، يقول: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبالي أن لا تسمع من غيرهما إلا حديث أبي إسحاق. وأبو إسحاق اسمه: عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه ولا نعرف اسمه.
حدثنا محمد بن بشار: ثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة؛ قال: سألت أبا عبيدة بن عبد الله هل تذكر من عبد الله شيئًا؟ قال: لا (3).
* الكلام (4) عليه:
هذا حديث لم يصفه بأكثر من أنه مضطرب لكنه اضطراب لا يمنع من القول
(1) أي بالصواب.
(2)
أي "الصحيح" في (كتاب الوضوء 1/ 70 / 155) باب في الاستنجاء بالحجارة.
(3)
انظر "الجامع" للترمذي (1/ 25 - 28).
(4)
بياض على بعض حروفها ولكن المؤلف جرى عمله على هذا.
بصحته فقد تضمَّن كلامه أن البخاري أخرج حديث زهير عن أبي إسحاق والبخاري اشترط الصحيح وأنه أخرج (1) حديث إسرائيل عن أبي إسحاق ورجَّح إسرائيل في أبي إسحاق على زهير فهو عنده أصح مما أخرجه البخاري فقد تضمَّن ذلك منه الحكم بصحة مخرجه فهذا تصحيح مع الاضطراب وكثيرًا ما يُعِلُّون بالاضطراب فتبيَّن أنَّ الاضطراب ليس قادحًا على الإطلاق بل منه القادح وغيره فينبغي تمييز القادح من غيره فنقول:
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح (2): المضطرب من الحديث هو الذي تختلف الرواية فيه فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر مخالف له، وإنما نُسمِّيه مضطربًا إذا تساوت [الروايتان](3). أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاويها (4) الأخرى بأن يكون رواتها أحفظ وأكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة؛ فالحكم للراجح ولا يطلق عليه حينئذ وصف الاضطراب ولا له حكمه، ثم يقع الاضطراب في متن الحديث وقد يقع في الإسناد وقد يقع ذلك من راوٍ واحد وقد يقع من رواة له جماعة، والاضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يضبط.
قلت: هذه الضوابط في هذا وأمثاله ليست مضطربة اقتضتها الأدلة ولا هي مما أدَّى إليه السبر والتقسيم وإنما هي حكاية عن اصطلاح قوم، وما ذكره الشيخ أبو عمرو: في المضطرب ينبغي أن يكون أحد أقسامه وإلا كان الاضطراب مظنة الضعف أو مظنة الوقف، ولأدى إلى أن لا يقبل مضطرب وليس كذلك.
(1) أي الإمام الترمذي.
(2)
في "مقدمة علوم الحديث" ص (44) النوع التاسع عشر.
(3)
كذا في مقدمة ابن الصلاح وهو المناسب للسياق وفي ت: "الروايات".
(4)
كذا في المقدمة لا تقاومها.
فأما الاضطراب فإنه يرجع تارة إلى السند وتارة إلى المتن وفي كُلِّ منهما القادح وغيره، فصارت أقسامًا أربعة:
* فالأول الحديث يروى عن الثقة عن ثقة مثله تارة وعن من تُكُلِّمَ فيه تارة والراوي عنهما واحد والطرق إليه مختلفة، كما وقع من الاختلاف في الحديث المروي عن عبيد الله العمري وعبد الله أخيه عن الزهري أو غيره من الشيوخ فإنَّ عبيد الله مجمع على قوله وعبد الله مختلف فيه فهذا اضطراب يرجع إلى الإسناد وهو مما يوجب الوهن لأنَّ ناقل الحديث في نفس الأمر أشكلَ علينا ودار الأمر فيه: متفق عليه، ومختلف فيه فلم يثبت عن من نعرف حاله يقينًا بغير شك.
* الثاني: الاضطراب الإسنادي غير القادح وهو أن يكون الانتقال فيه من ثقة إلى ثقة كالحديث الذي نحن فيه فقد وصفوه كلهم بالاضطراب وخرج مع ذلك في الصحيح وهو اضطراب يرجع إلى الإسناد، والخلاف فيه على أبي إسحاق بين أبي عبيدة والأسود بن يزيد وعبد الرحمن ابنه وعبد الرحمن بن يزيد وعلقمة وكلُّهم ثقاتٌ فكيف ما انقلبنا انقلبنا (1) إلى ثقة فهذا وأمثاله لا يضر ولا يُعدُّ قادحًا.
وأما الراجع إلى المتن؛ فأن تختلف ألفاظه اختلافًا كبيرًا فإن أمكن أن يرد إلى شيء واحد ومعان متقاربة كما في قوله عليه السلام: "اذهب فقد زوجتكها أو أنكحتكها أو ملكتها" إلى غير ذلك من الألفاظ التي إنْ وقع بينها خلاف في المعنى فيسير محتمل، فهذا اضطراب يرجع وهو غيرُ قادح، وإن اختلف أهل العلم فيما يستنبطونه من تلك الألفاظ بحسب اختلاف معانيها عند بعضهم أو اتفاقها عند بعضهم؛ إذ لولا ذلك الاختلاف اليسير من حيث المعنى عند من رواه لكان الخلف
(1) ألحقها الناسخ في ت بالهامش وصحَّح اللحق هناك.
في ذلك من باب الرواية بالمعنى ولم يكن من باب الاضطراب كما ذكرنا وإن اختلفت مدلولات ألفاظه وتباينت معانيه ولم يمكن أن تردَّ إلى معنىَّ واحد ولا معانٍ يَقرب بعضُها منْ بعض فهذا اضطراب من حيث المتن يوجب التوقف عند تساوي الطرق.
وأما ترجيحه لحديث إسرائيل على حديث زهير فلخصوصية لإسرائيلَ بجدِّه أبي إسحاق وإلا بين الرجلين بَوْنٌ.
وأما اختصاصه بحفظ حديث جدِّه أبي إسحاق وتقديمه فيه على غيره فغير مدفوع عن ذلك وإلى ذلك ذهب أبو زرعة (1)، قال:"الصحيح عندي حديثُ أبي عبيدة (2) وروى (3) إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن إسرائيل، وإسرائيل أحفظهم".
قلت: هذا هو المشهور وقد ذكر العجلي (4)، قال: زكريا بن أبي زائدة من أصحاب الشعبي، وكان ثقةً إلا أنَّ سماعه من أبي إسحاق بأخرة بعد ما كَبُر أبو إسحاق وروايته ورواية زهير بن معاوية وإسرائيل بن يونس قريب من السواء، ويقال: إن شريكًا أقدمُ سماعًا من أبي إسحاق من هؤلاء.
وسنذكر من حال كُلٍّ منهما ما يعرف به منزلته ومحله عند أهل العلم.
فأما إسرائيلُ: فهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي أبو يوسف الكوفي أخو عيسى.
سمع: جدَّه أبا إسحاق وعبد الملك بن عمير، والمقدام بن شريح، وإسماعيل
(1) كما في "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 42 / 90).
(2)
قبل قوله "عبيدة" توجد "هريرة" ولكنها ضرب عليها في ت.
(3)
في ت وروي وهوخطأ يرده السياق.
(4)
في "معرفة الثقات"(1/ 370 / 499).
ابن عبد الرحمن السُّدي، ومُغيرة بن مُقسم، وسِماك بن حرب، ومنصور بن المعتمر، والأعمش وغيرهم.
روى عنه: إسماعيل بن جعفر، ووكيع، وابن مهدي، وأبو نعيم، ويحيى بن آدم، ومصعب بن المقدام، ومحمد بن يوسف الفريابي، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة وغيرهم.
قال عيسى بن يونس (1): قال لي إسرائيل: كنث أحفظ حديث أبي إسحاق كما أحفظ السورةَ من القرآن.
وقال علي بن المديني (1): سمعت يحيى بن سعيد يقول: إسرائيل بن يونس فوق أبي بكر بن عياش.
وقال أحمد بن حنبل (2): كان شيخًا ثقة، وجعل (3) يعجب من حفظه وهو أحبُّ إليَّ من سهل لأنه صاحبُ كتاب.
وقال يحيى بن معين: هو ثقة (4).
وقال أبو حاتم الرازي (5): ثقة متقن من أتقن أصحاب أبي إسحاق.
وقال شبابة: قلت ليونس بن أبي إسحاق: أملّ عليَّ حديثَ أبيك؛ قال: اكتبه عن إسرائيل؛ فإن أبي أملَّه عليه (6).
وقال أبو بكر بن أبي شيبة (6): سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: كان
(1) كما في "الجرح والتعديل"(2/ 330 / 1258).
(2)
"الجرح والتعديل"(2/ 331 / 1258).
(3)
عقب قوله وجعل توجد كلمة "يحفظ" وهي ليست موجودة في المصدر السابق.
(4)
المصدر السابق.
(5)
كما في "الجرح والتعديل"(2/ 331 / 1258).
(6)
المصدر السابق.
إسرائيل في الحديث لصًّا؛ يعني: أنه يتلقَّف العلم تلقفًا.
ولد: سنة مئة (1) ومات سنة ستين (2) وقيل: إحدى (3)، وقيل: اثنتين وستين ومئه (4). روى له الجماعة (5).
وأما زهير؛ فهو ابن معاوية بن حُديج بالحاء المهملة المضمومة بعدها دال مهملة مفتوحة، ابن الرحيل بالراء المضمومة، والحاء المفتوحة المهملتين. ابن زهير بن خيثمة بن زهير بن خيثمة بن الحارث بن معاوية بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف بن حرم بالحاء المفتوحة والراء المكسورة المهملتين. ابن جعفي الجعفي أبو خيثمة الكوفي سكن الجزيرة.
سمع: أبا إسحاق السبيعي وأبا الزبير المكي والأسود بن قيس وهشام بن عروة، وعلي بن زيد بن جدعان، وزياد بن علاقة، وعاصم بن أبي النجود، والأعمش وغيرهم.
روى عنه: يحيى القطان، ويحيى بن آدم، ويحيى بن يحيى ويحيى بن أبي بكير وأبو نعيم وعبيد الله بن موسى، وعبد الله بن محمد بن نفيل، وأبو داود الطيالسي، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وعلي بن الجعد، والحسن بن موسى الأشيب، وأبو الوليد الطيالسي وآخرون.
قال يحيى بن أيوب (6)، عن معاذ بن معاذ: والله ما كان سفيان أثبت من
(1)"التاريخ الكبير"(1/ 2 / 57).
(2)
البخاري في "التاريخ"(1/ 2 / 57).
(3)
"تاريخ بغداد"(7/ 24).
(4)
المصدر السابق.
(5)
وهو كما قال فقد رمز الحافظ له في "التقريب" بـ ع يعني روى له الجماعة.
(6)
كما في "الجرح والتعديل"(3/ 588 / ترجمة 2674).
زهير، فإذا سمعتُ الحديثَ من زهير فلا أبالي أنْ لا أسمعه من سفيان.
وقال يحيى بن أيوب (1)، عن شعيب بن حرب: أنه حدثنا يومًا بحديث عن زهير وشعبة، فقيل له: تُقدَّم زهيرًا على شعبة؟ فقال: كان [زهير](2) أحفظ من عشرين مثل شعبة.
وقال بشر بن عمر: سمعت ابن عيينة يقول: عليك بزهير بن معاوية فما في الكوفة مثله.
وقال الميموني (3): قال أحمد بن حنبل: ليس نجد أحدًا يرفع غير زهير؛ يعني: في المُحرم إذا لم يجد النعلين، وكان زهير من معادن (4) العلم.
وقال صالح (5): قال أبي: زهير فيما روي عن المشايخ: ثبت بخ بخ، وفي حديثه عن أبي إسحاق: لين، سمع منه بأخرة (6).
وقال يحيى بن معين: ثقة (7).
وقال أبو حاتم (8): زهير أحبُّ إلينا من إسرائيل في كُلِّ شيءٍ إلا في حديث
(1) كما في "الجرح والتعديل"(3/ 588 / ترجمة 2674).
(2)
في ت: كان زهيرًا وهذا خطأ نحوًا كما هو معلوم لذا عدلناه إلى ما تراه وهو الصواب قطعًا.
(3)
من كلام أحمد بن حنبل في "علل الحديث" و "معرفة الرجال" رواية الميموني ص (196 / برقم 146).
(4)
في ت: وكان زهير من معادن أهل العلم ولكن المؤلف ضرب على قوله "أهل" وما فعله هو الصواب لأن المصادر التي نقلت قول أحمد هذا في زهير لم تذكر هذه الكلمة فيما وقفت عليه.
(5)
صالح هو ابن الإمام أحمد وهذا القول ذكر في مسائله برقم (1158).
(6)
المصدر السابق والمؤلف ذكر الشاهد من عبارة الإمام أحمد مع زهير جماعة آخرين في حديثهم لين عن أبي إسحاق انظر "مسائل الإمام أحمد" لابنه صالح (2/ 457 / 1158).
(7)
"الجرح والتعديل"(3/ 589 / 2674).
(8)
"الجرح والتعديل"(3/ 589 / 2674).
أبي إسحاق، قيل لأبي حاتم: فزائدة وزهير؛ قال: زهير أتقن من زائدة، وما أشبه حديث زهير بحديث زيد بن أبي أنيسة وهو أحفظ من أبي عوانة، وهما يوازيان، إذا حدَّثا من كتابها لم أبال بأيهما بطشت، وإذا حدَّثا من حفظهما فزهير أحبُّ إليَّ. وزهير ثقةٌ متقن صاحب سنة تأخر سماعه من أبي إسحاق وزهير أحبُ إليَّ من جرير بن عبد الحميد، وخالد الواسطي.
قيل لأبي حاتم: زهير وحديج ورحيل؛ قال: كانوا ثلاثة أخوة وأوثقهم زهير ثم رحيل (1).
وسئل أبو زرعة عن زهير فقال: ثقة إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط (2).
وقال ابن منجويه: مات زهير سنة سبع ومئة وكان حافظًا متقنًا وكان أهل العراق يُقدِّمونه في الإتقان على أقرانه (3).
وقال أحمد بن عبد الله العجلي: مأمون (4).
وقال مطين: مات سنة اثنتين وسبعين ومئة، وقيل: سنة ثلاث وسبعين وأُخْبِرتُ أنه قَدِمَ الجزيرة فلم يزل مقيمًا بها حتى مات (5).
وقال الخطيبُ: حدَّث عن زهير بن معاوية: ابنُ جريج، وعبد السلام ابن
(1)"الجرح والتعديل"(3/ 589 / ترجمة 2674).
(2)
المصدر السابق.
(3)
"رجال صحيح مسلم"(1/ 224 / 484) وفيه: مات سنة أربع وسبعين ومائة مما يدل على أن ابن سيد الناس وهم في نقله، ويؤكد هذا أن المزي في تهذيب الكمال ذكر أنه مات سنة سبع وسبعين ومائة، وهو قريب لما ذكره ابن منجويه انظر "تهذيب الكمال"(9/ 425).
(4)
بل قال فيه: كوفي ثقة ثبت مأمون انظر "معرفة الثقات" له (1/ 312 / 504).
(5)
ذكره الحافظ المزي عنه في "تهذيب الكمال"(9/ 425) وكذلك الحافظ في "التهذيب"(1/ 640).
عبد الحميد الحراني وبين وفاتيهما سبع، وقيل: ست، وقيل: خمس وتسعون سنة (1).
روى له الجماعة، وكان فُلج قبل موته بسنة ونصف فقد ظهر بهذا ترجيح زهير على إسرائيل في المعرفة والحفظ والإتقان في الشيوخ وترجيح إسرائيل عليه في أبي إسحاق خاصةً، فإلى الترجيح المطلق نظر البخاري وإلى الترجيح الخاص نظر الترمذي، وقد كان يشبه أنَّ يكون الترمذي أولى بالصواب لولا أنَّ في حديث أبي عبيدة علَّةُ الانقطاع التي سلم منها حديث زُهير، فقد قيل: إنَّ أبا عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله شيئًا؛ ذكر ذلك غيرُ واحدٍ منْ الحفاظ منهم الترمذي وغيره.
ووجهٌ ثان من ترجيح حديث زهير: يستفاد من الكيفية التي وقع الإخبار بها عند البخاري وغيره ممن خرَّجه؛ وهي قول أبي إسحاق: ليس أبو عبيدة ذكره ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، فقد اقتضى هذا استحضار أبي إسحاق للسندين عند إرادة التحديث، واختياره حديث عبد الرحمن بن الأسود وأنَّ ذلك صدر عن يقظة وتثبت وإضراب عن حديث أبي عبيدة على عَمَد وأنه آخرُ الأمرين من أبي إسحاق لا سيما عند من يرى أنَّ سماعَ زهيرٍ منه متأخرٌ عن سماع إسرائيل، فلولا شبهة اختلاط أبي إسحاق بأخرة لكانت هذه الرواية قاضية على تلك ولتعيَّن المصير إليها. ولعلَّ عدوله عن حديث أبي عبيدة إنما هو للانقطاع الذي ذكره الترمذي، وأما ما زعمه ابن الشاذكوني من أنَّ ذلك من خفي التدليس (2) وتبعه على هذا القول من قلَّده فيه فقول بلا برهان وسيأتي الكلامُ عليه إن شاء الله تعالى.
وأيضًا فحديثُ زهيرٍ أشهر مخرجًا رواه البخاري عن أبي نعيم عنه (3)؛ والنسائي (4)
(1)"السابق واللاحق" ص (204 - 208).
(2)
ذكره الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص (109) عنه.
(3)
وذلك في "صحيحه"(كتاب الوضوء 1/ 70 / 155) باب الاستنجاء بالحجارة.
(4)
وذلك في "سننه"(كتاب الطهارة 1/ 42 / 42) باب الرخصة في الاستطابة بحجرين.
عن أحمد بن سليمان، عن أبي نعيم وابن ماجه (1)، عن أبي بكر بن خلاد، عن يحيى بن سعيد كلهم عن زهير. ورواه البيهقي (2) من حديث أبي نعيم وأحمد بن يونس عنه، وحديث إسرائيل، عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة، عن عبيد الله، عن عبد الله ذكره الترمذي (3).
ورواه أيضًا الدارقطني من حديث عيسى بن جعفر وعبيد الله بن موسى وأبي أحمد الزبيري وغيرهم كُلُّهم عن إسرائيل (4) فهذا وجه ثالث.
ووجه رابع: حديث زهير غير مختلف عليه فيه كما ذكره البخاري وغيره، وحديث إسرائيل مختلف عليه فيه، فقد ذكرنا أنَّ الدارقطني رواه من طريقه كرواية الترمذي وقد رويناه من طريق أبي عبد الله محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني في "مسنده"؛ قال: ثنا سفيان، عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن جدِّه أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله؛ قال:"ناولت النَّبي صلى الله عليه وسلم حجرين وروثة فأخذ الحجرين ورمى الروثة، وقال: إنَّها ركس"، يعني: رجيع، فهذا عن سفيان، عن إسرائيل مخالف لرواية الترمذي عن وكيع عنه.
وقد ذكر الدارقطني (5) أنَّ عباد بن ثابت القطواني وخالد [العبد](6) روياه عن إسرائيل عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله؛ فهذا طريق ثالث.
(1) وذلك في "سننه"(كتاب الطهارة 1/ 114 / 314) باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة.
(2)
في "السنن الكبرى"(1/ 108).
(3)
في "سننه" كما تقدم (1/ 25/ 17).
(4)
في "العلل"(5/ 33 / ورقم 30 و 31 و 32).
(5)
في علله (5/ 25).
(6)
في المخطوط ت: "العبدي" وهذا غلط كما نبَّه عليه الحافظ في "اللسان" في ترجمة خالد هذا. انظر "لسان الميزان"(2/ 437 / ترجمة 3119).
وذكر الحاكم عن علي بن المديني، قال: كان زهير وإسرائيل يقولان عن أبي إسحاق أنه كان يقول: ليس أبو عبيدة حدثنا ولكن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الاستنجاء بالأحجار الثلاثة (1).
وهناك ذكر الحاكم عن ابن الشاذكوني: هذا من التدليس الخفي فإن كان هذا فهمًا فهمه من كلام ابن المديني فليس في كلام ابن المديني ما يدلُّ عليه وإن كان غير ذلك فيحتاج إلى البيان، فلنذكر كلام الشاذكوني بنصه ثم نذكر ما يمكن أنَّ يرد به عليه؛ قال: وما سمعت بتدليس قط أعجب من هذا ولا أخفى (2): (قال أبو عبيدة لم يحدِّثنا ولكن فلان عن فلان) ولم يقل حدثني فجاز الحديث وسار (2).
وأمَّا ما يمكن أنَّ يردَّ به عليه فنقول: إن كلام سليمان الشاذكوني يقتضي الانقطاع من الطريقين؛ أما طريق أبي عبيدة فلإضراب أبي إسحاق عنها.
وأما طريق عبد الرحمن بن الأسود فلما أشار إليه بالتدليس في إبهام السماع الذي لم يقع، والحمل على الاتصال أولى من الحمل على الانقطاع ها هنا.
لأنَّ البخاري أورده في صحيحه (3) المشروط فيه الاتصال من طريق عبد الرحمن بن الأسود ولو كانت هذه الصيغة محمولة عنده على التدليس المؤدِّي إلى الانقطاع لما ذكره. وإن الترمذي أورده في "جامعه " ذاهبًا إلى الاتصال بين أبي إسحاق وأبي عبيد [ة](4) بل مرجحًا لهذه الطريق على غيرها ولو احتمل عنده الانقطاع لنبه عليه كما نبه على الانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، ولأن الدَّارمي لما سأله
(1) في معرفة علوم الحديث ص (109).
(2)
المصدر السابق.
(3)
كما تقدم قريبًا.
(4)
يقتضيها السياق وفي المخطوط ت: "أبي عبيد" كذا بدون التاء المربوطة.
الترمذي (1) عن طرق هذا الحديث لم يقض بشيء ولو كانت هذه عنده منقطعة لقضى عليها بالانقطاع ولرجح عليها غيرها.
الوجه الثاني: أنَّ البخاري رواه تعليقًا فصرح فيه برواية إبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود؛ قال البخاري: وقال إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بهذا.
ورواه الطبراني في "معجمه الكبير" من حديث شريك، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود (2).
ورواه أيضًا من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن [أبي إسحاق عن](3) عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه (4). ورواه عن مطين حدثنا أبو كريب عنه (5).
وهذا إسناد صحيح وإبراهيم بن يوسف الذي علَّق عنه البخاري هو ابن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي.
وقد تكلَّم فيه بعضهم وقد احتجَّ به الشيخان والحاكمُ في "مستدركه "وابنُ حبان في "صحيحه".
الثالث: أنَّ قوله: "ليس أبو عبيدة ذكره أو حدَّثنا" مع أنَّه قد ذكره عن أبي عبيدة، وحدَّث به عنه كذا رواه عنه قيس بن الربيع وقد وثَّقه شعبه وسفيان
(1) كما تقدم قريبًا.
(2)
(10/ 74/ 9954).
(3)
زيادة من "المعجم الكبير" وقد سقط من المخطوط ما بين المعكوفتين.
(4)
(10/ 74/ 9955).
(5)
(10/ 75 / 9956).
وغيرهما (1)، وسفيان الثوري وهو أوثق أصحابه وأبيه يونس وهو أعلم بحديثه وابن إسرائيل وهو من أحفظ أصحابه لحديثه وغيرهم عن أبي عبيدة.
ورواه زهير عنه، عن عبد الرحمن بن الأسود أيضًا (2). ورواه من ذكرنا في المتابعات إذا علمناه على أنه رواه من الطريقين وحدَّت به مرةً كذا ومرةً كذا وكان معنى قوله في هذه الطريق: ليس أبو عبيدة حدثنا أي بما أرويه لكم الآن، وإنما أحدَّثكم به من طريق عبد الرحمن ليس فيه تناقض وإذا كان حدَّث به عن كل واحدٍ منهما ثمً نبَّه على أنه لم يسمعه من واحد منهما كان في ذلك تناقض يرتفع أبو إسحاق السبيعي عن مثله، والله أعلم.
وأما ترجيح أبي زرعة فليس راجعًا إلى المجموع بل هو ترجيح لرواية أبي إسحاق عن أبي عبيدة، على رواية أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود.
وقد نقلنا عن أحمد بن عبد الله العجلي: أنهما قريب من السواء (3).
وأما المتابعات فقد ذكر متابعة قيس بن الربيع لإسرائيل على الوجه الذي رواه عنه من طريق وكيع وقد ذكر أبو الحسن الدارقطني روايةَ محمد بن الحسن عن يونس: ثنا أبو إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله (4)؛ قال: وكذلك روي عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله (5) وذكر الحديثين -فقد تابع إسرائيلَ أبوه يونس، وقيس بن الربيع، وسفيان الثوري، وهو أثبت الناس في زهير" فتابعه أبو حمَّاد الحنفي وأبو مريم وشريك من رواية الحماني عنه، وزكريا بن أبي
(1)"تاريخ بغداد"(12/ 458) وانظر أيضًا "تهذيب الكمال"(24/ 29).
(2)
"العلل" للدارقطني (5/ 27).
(3)
"ترتيب الهيثمي والسبكي للثقات"(1/ 370 - 499).
(4)
"العلل" للدارقطني (5/ 38 / برقم 53).
(5)
المصدر السابق (5/ 38 / برقم 54).
زائدة من رواية ابنه يحيى عنه ذكر ذلك الدارقطني (1).
وتابعه أيضًا ليث بن أبي سليم، ذكر حديثه بذلك البيهقي (2).
قال الدارقطني: وروى معمر، وعمار بن زريق، عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله وكذلك رواه أيضًا أبو شيبة إبراهيم بن عثمان، وورقاء بن عمر، وسليمان بن قرم، وإبراهيم الصائغ، وعبد الكبير بن دينار الصائغ، ومحمد بن جابر، وصباح بن يحيى المزني، وروح بن مسافر كلهم، عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله؛ ذكر ذلك الشيخ أبو الحسن الدارقطني (3) وقد تركتُ ذكرَ أحاديثهم اختصارًا غير أنِّي وجدت زيادة حسنة ينبني عليها مسألة اختلف فيها العلماء في رواية معمر، وأبي شيبة فأَثرت ذكرها لذلك.
قال الدارقطني: حدثنا المحاملي: ثنا أبو بكر بن زنجويه: ثنا محمد بن إسماعيل بن إسحاق الفارسي: ثنا إسحاق بن إبراهيم الصنعاني؛ قالوا: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس، عن ابن مسعو: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجة فأمر ابن مسعود أنَّ يأتيه بثلاثة أحجار فجاءه بحجرين وروثة، فألقى الروثة وقال: إنها ركس فأتيني بحجر.
قال الدارقطني: هذه زيادة حسنة؛ يعني: قوله: "فأتيني بحجر" وافقه عليها أبو شيبة إبراهيم بن عثمان (4).
حدثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق البهلول: ثنا جدي: ثنا أبي، عن أبي
(1) المصدر السابق (5/ 23 - 24).
(2)
في "السنن الكبرى"(1/ 108).
(3)
"العلل" للدارقطني (5/ 24).
(4)
"العلل" للدارقطني (5/ 29 - 30 / برقم 17).
شيبة، عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبد الله، قال:"خرجت يومًا مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: فأمرني أنَّ آتيه بثلاثة أحجار، فأتيته بحجرين وروثة؛ قال: فألقى الروثة وقال: إنها ركس، فأتني بغيرها"(1).
وقد ذكرنا الكلام على رواية زهير.
وأما رواية ابن أبي زائدة فمختلف عليه فيها فابنه يحيى يروي عنه، عن أبي إسحاق كرواية زهير وقد أشرنا إليه في متابعات زهير.
وسلمة بن رجاء يرويه عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن الأسود -لا يدخل بين أبي إسحاق والأسود أحدًا- والفضل بن موسى، وعبد الرحيم بن سليمان، وإسحاق الأزرق، وإسماعيل بن أبان [الغنوي](2) وغيرهم.
كلهم عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد عن الأسود، وكذلك رواه غير واحد عن سفيان أيضًا.
والخلف فيه كبير جدًّا وإنما وقع الكلام فيه على الخلف من الوجه الذي أشار إليه الترمذي خاصة على سبيل الاختصار، وعبد الله بن عبد الرحمن الذي سأله هو أبو محمد الدارمي الحافظ صاحب المسند.
وأبو إسحاق السبيعي عمرو بن عبد الله بن علي، ويقال: عمرو بن عبد الله بن عبيد، ويقال: بن عبد الله بن ذي يحمد، ويقال: ابن عبد الله بن أبي شعيرة ويحمد هو أبو شعيرة.
وقال السلفي: عمرو بن عبد الله بن عبد؛ بضم العين والدال المهملتين كذا
(1) المصدر السابق (5/ 31 / برقم 22).
(2)
من مصادر ترجمته وفي ت الغزي وهو تحريف.
رأيته بخط شيخنا الحافظ الدمياطي رحمه الله الهمداني الكوفي.
والسبيع: هو ابن سبع بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد بن جشم بن [خيوان](1) بن نوف بن همدان.
قال شريك: ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان بن عفان، ورأى علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، والمغيرة بن شعبة، ولم يصحَّ له منهم سماع وسمع ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، ومعاوية بن أبي سفيان (2).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: كوفي ثقة، سمع (3) ثمانية وثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (4).
وسمع من التابعين عمرو بن ميمون، والأسود بن يزيد، وسعيد بن وهب، وأبا الأحوص عوف بن مالك، ومسروق بن الأجدع، وعبد الرحمن بن يزيد، وعبد الله بن معقل، وعبد الرحمن بن الأسود وغيرهم.
روى عنه: سليمان التيمي، والأعمش، ومنصور بن المعتمر، وقتادة، والثوري، وهو أثبت الناس فيه، وإسماعيل بن أبي خالد، ومسعر، وعمار بن زريق وغيرهم.
قال شعبة: كان أبو إسحاق أحسن حديثًا من مجاهد والحسن، وابن سيرين (5).
(1) كذا بـ "الأنساب" للسمعاني (7/ 35) وفي المخطوط ت: خيوار وهو تصحيف.
(2)
انظر "تهذيب الكمال"(22/ 103).
(3)
في "معرفة الثقات": وروى وأشار المحقق إلى أنه في هامش النسخة: وسمع.
(4)
"معرفة الثقات"(2/ 179 / ترجمة 1394).
(5)
"الجرح والتعديل"(6/ 243 / ترجمة 1347).
ولم يسمع أبو إسحاق من علقمة بن قيس شيئًا (1)، ولم يسمع من حديث الأعور إلا أربعة أحاديث؛ وسائر ذلك إنما هو كتاب أخذه.
وقال أبو حاتم: هو ثقة وأحفظ من أبي إسحاق الشيباني (2)، ويشبَّه بالزهري في كثرة الرواية (3).
وقال أحمد بن حنبل: هو ثقة ولكن هؤلاء الذين حدثوا عنه بأخرة (4).
وقال يحيى بن معين: هو ثقة (5).
وقال علي بن المديني: لم يرو عن هبيرة بن يريم، وهانئ بن هانئ؛ إلا أبو إسحاق وقد روى عن سبعين أو ثمانين لم يرو عنهم غيره وأحصينا مشيخته نحوًا من ثلاث مئة أو أربع مئة شيخ (6).
قال سفيان: مات سنة ست وعشرين (7).
وقال يحيى: سنة سبع وعشرين (8).
وقال أبو نعيم: سنة ثمان وعشرين (9).
(1)"المراسيل" لابن أبي حاتم ص (121 / برقم 258).
(2)
تقدمة "الجرح والتعديل"(1/ 132) و "التاريخ الصغير" للبخاري (1/ 184).
(3)
"الجرح والتعديل"(6/ 243 / ترجمة 1347).
(4)
"العلل" للإمام أحمد (2/ 363 / برقم 2611) والكلام له سياق.
(5)
"الجرح والتعديل"(6/ 243 / برقم 1347).
(6)
"تهذيب الكمال"(22/ 110 / 111).
(7)
"تهذيب الكمال"(22/ 112).
(8)
وهو كذلك عنه في "تهذيب الكمال"(22/ 112) إلا أنَّ البخاري في "التاريخ الكبير"(6/ 347/ برقم 259) نقل عن يحيى أنه توفي سنة تسع وعشرون ومائة وكذلك قبله ابن سعد في "الطبقات "(6/ 315).
(9)
"الطبقات" ابن سعد (6/ 314) و "التاريخ الصغير" للبخاري (2/ 10).
وقال عمرو بن علي: سنة تسع وعشرين (1).
روى له الجماعة (2).
وأما أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، فقال (3): لم يوقف على اسمه.
وقد ذكر أنَّ اسمه عامر، وقيل: اسمه كنيته.
سمع: أبا موسى الأشعري وأكثر الرواية عن أبيه، ولم يسمع منه.
وروى عن كعب بن عجرة، وعمرو بن الحارث.
روى عنه: عمرو بن مرة، وأبو إسحاق السبيعي، وإبراهيم بن يزيد النخعي، ونافع بن جبير، وأبو مجلز، وسلمة بن كهيل وغيرهم.
قال عبد الغني: روى له الجماعة إلا البخاري (4).
وقال غيره: روى البخاري محتجًا به.
قوله: (إنها ركس). قال القاضي: كقوله رجيع؛ يعني: نجسًا؛ لأنها أركست أي: ردت في النجاسة بعد أن كانت طعامًا (5).
ضمَّن الحديث العدد فيما يُستنجى به وطهارة ما يستنجى به وفي كل من المسألتين خلافُ بين العلماء.
(1)"تهذيب الكمال"(22/ 112).
(2)
وهو كما قال. انظر "التقريب" فقد أشار الحافظ له بـ ع.
(3)
أي الترمذي كما في جامعه (1/ 28).
(4)
بل روى له الجماعة ولذلك تعقبه ابن سيد الناس بقوله: وقال غيره: روى البخاري محتجًا به.
(5)
"إكمال المعلم"(2/ 70 - 71) نقل كلامه بنحوه.
قال الرافعي: وقد ذكر حديث سلمان: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار".
وظاهر الأمر الوجوب فيجب رعاية العدد.
وعند أبي حنيفة: الاستنجاء مستحب من أصله والعدد غير مستحب فيه وإنما الاعتبار الإنقاء.
وقال مالك: إذا حصل الإنقاء بدون الثالث كفى (1).
وهذا الحديث وإن كان في بادئ الرأي يقتضي اشتراط العدد في الأحجار فليس يقتضي ذلك إذا حقق بل إذا أنعم النظر فيه اقتضى عدم الاشتراط لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما طلب الثلاثة وتعذر عليه استعمال الثالثة فرمى بها لم تكن الثالثة شرطًا إذ لو كانت شرطًا لطلب عوضها.
وأما رواية معمر التي ذكرناها "فألقى الروثة، وقال: إنها ركس، فأتني بحجر".
ورواية أبي شيبة عن أبي إسحاق: فأتني بغيرها، فكلاهما من رواية أبي إسحاق عن علقمة بن قيس، ولم يسمع منه شيئًا، فلا تقوم بها حجة وقد ذكرنا ذلك في ترجمة أبي إسحاق السبيعي.
وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: قرأت بخط النسائي: أبو إسحاق لم يسمع من علقمة.
وكذلك قال ابن أبي حاتم، عن أبي زرعة: أبو إسحاق لم يسمع من علقمة (2).
(1)"فتح العزيز وشرح الوجيز مع المجموع"(1/ 505).
(2)
"المراسيل" لابن أبي حاتم ص (121 / برقم 258).
وقد يستفاد هذا المعنى الذي ذكرته من تبويب الترمذي باب في الاستنجاء بالحجرين لا سيما وقد تقدم عنده باب في الاستنجاء بالحجارة فقصد المغايرة بين الحكمين في البابين ولو صحت عنده الزيادة في طلب الحجر الثالث لدخل حديث هذا الباب في الباب قبله ويبعد أن يقال لعلمه: لم يصر عليها، فإنها من طريق معمر وهو قد نبه في كلامه على هذا الحديث على طريق معمر.
وأما طلبه عليه السلام الثلاثة أولًا فلعله بطريق الأولوية والتحري أو ليستعمل منها ما تدعو الحاجة إلى استعماله، ويرفض ما عداه أو خشية من أنَّ يقع مثل ما وقع، فاستظهر بطلب زيادة على المقصود لذلك.
وأما طهارة ما يستنجى به فمستفاد من تعليله عليه السلام إلقاء الروثة بأنها ركس. وقد سبق تفسير الركس بالنجس، وإلى اشتراط الطهارة ذهب مالك والشافعي (1) وغيرهما (2).
ولم يره أبو حنيفة رحمه الله شرطًا (3).
واحتج أصحابنا بحديث النهي عن الروث والرمة، وما في معناه، وقالوا: ولأن النجاسة لا تزال بالنجس كما لا يزال بالماء النجس ولا فرق بين نجس العين كالروث وما تنجس بعارض.
وقد قال الشافعي رحمه الله: ولا يستنجى بحجر قد مسح به مرة إلا أن يكون قد طهره بالماء (4).
(1) انظر كلام الشافعي هذا في "الأم"(1/ 19) و "فتح العزيز وشرح الوجيز"(1/ 491).
(2)
وهو كما قال، وانظر لذلك "الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 174) و "المغني مع الشرح الكبير"(11/ 178).
(3)
انظر "الاستذكار"(1/ 174).
(4)
انظر "الأم"(1/ 19).
قال الرافعي: وله شروط:
* أحدها: أنَّ يكون [طاهرًا](1).
* الثاني: أنَّ يكون خشنًا قالعًا للنجاسة فما لا يقلع لملاسته كالزجاج الأملس والقصب، والحديد الأملس، لا يجوز الاستنجاء به لأنه لا يزيل النجاسة وعد من ذلك التراب المتناثر.
* والثالث: أنَّ لا يكون محترمًا فلا يجوز الاستنجاء بالمطعومات لحرمتها، والعظم معدود من المطعومات؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستنجاء بالعظم وقال:"إنه زاد إخوانكم من الجن"، وليس له حكم طعامنا من تحريم الربا فيه وغيره.
وعند مالك لا يمنع من الاستنجاء بالعظم الطاهر والخبر حجة عليه (2).
قلت: ليس هذا معروفًا من مذهب مالك بل المستنجَّى به عندهم الماء والحجر وما في معناه (3)، وهو كُلُّ جامد طاهرٍ خشن ليس بمطعوم ولا ذي حرمة، قالوا: والعظم مطعوم وعلى هذا فرَّعوا.
وأما التراب فقد سبق ذكره في حديث طاوس عن ابن عباس، فيما يستنجى به (4).
وقد روى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا (5).
وقد روى عنه من قوله (5): قال البيهقي: وهو الصحيح عن طاوس من
(1) يقتضيها الإعراب وفي المخطوط ت: طاهر وهو خطأ ظاهر.
(2)
"فتح العزيز مع المجموع"(1/ 491 - 497).
(3)
انظر "الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 174).
(4)
أخرجه البيهقي في "الكبرى"(1/ 111).
(5)
المصدر السابق (1/ 111).