المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌23 - باب ما جاء في تخليل اللحية - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ١

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة الأولى* التعريف بأبي عيسى الترمذي وبمن بيننا وبينه:

- ‌ وأما مَنْ بيننا وبينه:

- ‌المقدمة الثانية* في ذكر كتاب "الجامع" لأبي عيسى وفضله:

- ‌فصل

- ‌1 - كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - باب ما جاء لا تقبل صلاة بغير طهور

- ‌2 - باب ما جاء في فضل الطهور

- ‌3 - باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور

- ‌4 - باب ما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌5 - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء

- ‌6 - باب في النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول

- ‌7 - باب ما جاء من الرخصة في ذلك

- ‌8 - باب ما جاء في النهي عن البول قائمًا

- ‌9 - باب الرخصة في ذلك

- ‌10 - باب ما جاء في الاستتار عند الحاجة

- ‌11 - باب ما جاء في كراهة الاستنجاء باليمين

- ‌12 - باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌13 - باب ما جاء في الاستنجاء بالحجرين

- ‌14 - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به

- ‌15 - باب ما جاء في الاستنجاء بالماء

- ‌16 - باب ما جاء أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب حدثنا محمد بن بشار: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن المغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في سفر؛ فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم حاجته فأبعد في المذهب

- ‌17 - باب ما جاء في كراهية البول في المغتسل

- ‌18 - باب ما جاء في السواك

- ‌19 - باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها حدثنا أبو الوليد الدمشقي أحمد بن بكار، من ولد بسر بن أرطاة صاحب النبيّ صلى الله عليه وسلم: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدُكم من اللَّيل فلا يُدخل يده في الإناء حتَّى يُفرغ عليها مرتين أو ثلاثًا، فإنَّه لا يدري أين باتت يده

- ‌20 - باب ما جاء في التسمية عند الوضوء

- ‌21 - باب ما جاء في المضمضة والاستنشاق

- ‌22 - باب المضمضة والاستنشاقِ من كفٍ واحدٍ

- ‌23 - باب ما جاء في تخليل اللحية

- ‌25 - باب ما جاء أنَّه يبدأ بمؤخَّر الرأسِ

- ‌26 - باب ما جاء أنَّ مسح الرأس مرَّة

- ‌27 - باب ما جاء أنّه يأخذ لرأسه ماءً جديدًا

- ‌28 - باب ما جاء في مسح الأُذُنين ظاهرهما وباطنهما

- ‌29 - باب ما جاء أن الأذنين من الرأس

- ‌30 - باب ما جاء في تخليل الأصابع

- ‌31 - باب ما جاء ويل للأعقاب من النار

- ‌32 - باب ما جاء في الوضوء مرة مرة

- ‌33 - باب ما جاء الوضوء مرتين مرتين

- ‌34 - باب ما جاء في الوضوء ثلاثًا ثلاثًا

- ‌35 - باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثًا

- ‌36 - باب ما جاء فيمن يتوضأ بعض وضوئه مرتين وبعضه ثلاثًا

- ‌37 - باب ما جاء في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان

- ‌38 - باب ما جاء في النضح بعد الوضوء

- ‌39 - باب ما جاء في إسباغ الوضوء

- ‌40 - باب ما جاء في التمندل بعد الوضوء

الفصل: ‌23 - باب ما جاء في تخليل اللحية

‌23 - باب ما جاء في تخليل اللحية

حدثنا ابنُ أبي عمر: ثنا سفيان بن عُيينة، عن عبدِ الكريم بن أبي المُخارِق أبي أمية، عن حسّان بن بلال قال:"رأيت عمّارَ بن ياسر يتوضأ، فخلّل لحيته، فقيل له: أو قال: أتُخلّل لحيتك؟ فقال: وما يمنعني؛ ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخَلِّل لحيتَه".

حدثنا ابن أبي عمر: ثنا سفيان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسّان بن بلال، عن عمّار، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مثله.

قال: وفي الباب عن عائشة، وأمِّ سلمة وأنس، وابن أبي أوفى وأبي أيوب.

قال: سمعت إسحاق بن منصور يقول: سمعتُ أحمدَ بن حنبل قال: قال ابن عيينة: لم يَسْمَع عبدَ الكريم من حسَّان بن بلال حديث التَّخليل.

وقال محمد بن إسماعيل: أصحُّ شيءٍ في هذا الباب حديثُ عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان.

وقال بهذا أكثر أهل العلم، مِن أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومَن بعدهم، رأوا تخليل الَّلحية، وبه يقول الشافعيُّ.

وقال أحمد: إنْ سها عن التخليل فهو جائز.

وقال إسحاق: إن تركه ناسيًا أو متأوِّلًا أجزأه (1)، وإن تركه عامدًا أعاد.

حدثنا يحيى بن موسى: ثنا عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان بن عفَّان:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُخلِّل لحيته". هذا حديث

(1) قوله: "إسحاق إن تركه ناسيًا أو متأولًا أجزأه" ألحقه ناسخ س في هامشها وصحح اللحق.

ص: 313

حسن صحيح (1).

* الكلام عليه:

أمَّا حديثُ عائشة: "أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضَّأ خَلَّل لحيتَه"؛ فرواه الإمام أحمد (2).

وأمَّا حديثُ أنسٍ بن مالك: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضَّأ أخذ كفًّا من فأدْخله تحتَ حنكِه، فخلَّل به لحيتَه، وقال: هكذا أمرني ربِّي"؛ فرواه أبو داود (3)، واللفظ له، وأخرج ابن ماجه بعضَه في "التخليل"(4).

وأمَّا حديثُ أبي أيوب الأنصاري قال: "رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ فخَلَّل لحيتَه"؛ فرواه ابن ماجه (5).

وأسنده الترمذي في "العلل": ثنا هنَّاد: ثنا محمد بن عُبَيْد، عن واصِل بن السائب، عن أبي سَوْرة، عن أبي أيوب:"أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا توضَّأ تمضمض، ومَسَّ لحيته بالماء مِن تحتها"(6).

قال: سألتُ محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: لا شيء، فقلت: أبو سورة ما اسمه؟ فقال: لا أدري، ما تصنع به؟ عنده مناكير، ولا يُعرَف له سماعٌ من أبي أيوب" (6).

قلت: أبو سورة هذا هو: ابن أخي أبي أيوب.

(1)"الجامع"(1/ 44 - 46).

(2)

في "مسنده"(6/ 234).

(3)

في "سننه"(كتاب الطهارة 1/ 101 / برقم 145) باب تخليل اللحية.

(4)

في باب ما جاء في تخليل اللحية من "سنته" في (كتاب الطهارة 1/ 149 / برقم 431).

(5)

في "سننه"(كتاب الطهارة 1/ 149 / برقم 433) باب ما جاء في تخليل اللحية.

(6)

"العلل الكبير"(1/ 115).

ص: 314

قال الدارقطني: "مجهول"(1)، ووثَّقه ابن حبان" (2).

وحديث ابن أبي أوفى: أنَّه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ، وفيه:"يمسح رأسه واحدة، ويُخَلّل لحيته بأصابعه ثلاثًا"(3).

في نسخة أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن التيميِّ، عن مروان بن معاوية الفزاري: ثنا فائد عنه.

وفي الباب ممَّا لم يذكره: عن أبي أُمامة، وابن عمر، وجابر، وعليِّ بن أبي طالب، وابن عباس، وجرير.

أمّا حديث أبي أُمامة، فروى ابن أبي شيبة في "مصنفه"(4) حدثنا زيد بن الحباب، عن عمر بن سليم الباهلي قال: حدثني أبو غالب قال: "قلت لأبي أُمامة: أخْبِرْنا عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثلاثًا، وخَلَّل لحيته، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل"(4).

[وأمّا](5) حديثُ ابن عمر: عن نافع عنه فعن الخلال، أنبا محمد بن الحسن بن هارون، حدثني أبو الفضل جعفر بن محمد المخرمي (6)، ثنا عفان ثنا بشر بن منصور، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا توضأ خلل لحيته.

قال جعفر بن محمد: قال أحمد: ليس في التخليل أحسن من هذا. انتهى.

(1) في كتاب "الضعفاء والمتروكون" ص (410 / برقم 617).

(2)

في "ثقاته"(5/ 570).

(3)

رواه أبو عبيد في كتاب "الطهور" وفي إسناده أبو الورقاء وهو ضعيف كما قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 98).

(4)

(1/ 13).

(5)

من س وهي ساقطة من ت.

(6)

في س والمخرمي.

ص: 315

وقد رواه الطبراني مرفوعًا في "المعجم الأوسط" من حديث مؤمل بن إسماعيل، ثنا عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

رواه عن أحمد بن محمد بن صدقة، عن أحمد بن محمد (1) بن أبي بردة، عن مؤمل.

وقال: لم يروه عن عبد الله بن عمر إلا مؤمل.

وأمَّا حديث ابن عمر في "عرك العارضين" فعن نافع عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضّأ عرَكَ عارِضَيْه بعض العَرْك (2)، ثم شبَّك لحيته بأصابعه من تحتها".

أخرجها (3) ابن ماجه (4)، والدارقطني (5)، وسيأتي الكلام على تعليله في الباب.

وحديث جابر: قال: "رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم توضَّأ فخلَّل لحيته كأنَّها أنيابُ مُشطٍ".

ذكره شيخنا الحافظ أبو الفتح القُشَيري في كتابه المسمَّى "بالإمام"(6)، من رواية الحسن، عن جابر، من طريق لا معوَّل عليها (7).

(1) قوله "صدقة عن أحمد بن محمد" ألحقه ناسخ س في الهامش وصحَّح اللحق.

(2)

قوله "عارضيه بعض العرك" ساقط من س وأشار عندها ناسخ إلى الهامش وليس فيه سوى قوله العرك وصحح اللحق.

(3)

في س أخرجه.

(4)

في "سننه"(كتاب الطهارة 1/ 149 / برقم 432) باب ما جاء في تخليل اللحية.

(5)

في "سننه"(1/ 106 - 107 / برقم 53).

(6)

(1/ 493).

(7)

لأن فيها أصرم بن غياث وهو ضعيف لا سيما فيما رواه عن مقاتل بن حيان فأحاديثه عنه مناكير كما قال البخاري والنسائي، وهذا الحديث من روايته عن مقاتل بن حيان عن الحسن عن جابر رواه بذلك ابن عدي في "الكامل"(1/ 403).

ص: 316

وحديث عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: رواه أبو القاسم الطبراني من حديث هُشَيْم بن بَشير، عن منصورِ بنِ [زاذانَ](1)، عن أبي البُخْتَريّ الطائيّ قال:"رأيت عليًّا رضي الله عنه يُخلِّل لحيته إذا توضَّأ، ويقول: هكذا رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يفعل" الحديث.

فيما انتقاه أبو بكر بن مردويه على الطبراني، فيما انتقاه عن أهل البصرة هو للطبراني، عن يحيى بن عثمان، قال: ثنا زكريا بن عبد الخالق الواسطي قال: ثنا هشيم به (2).

وأمَّا حديثُ ابن عباس: فقال ابن حزم (3): وفي "كتاب العُقيلي"(4)، في ترجمة نافع مولى يوسف السلمي قال: رُويَ عن ابن سيرين، عن ابن عباس قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطهّر ثم يخلِّل لحيته، ويقول: بهذا أمرني ربي".

قال: ولا يتابع عليه بهذا الإسناد، والرواية في هذا الباب فيها لين، ونافع منكر الحديث (4).

وقال النباتي (5) في "الحافل"(6): نافع مولى يوسف هو: السلمي. ذكر ابن

(1) من س وفي ت زادان وهو تصحيف.

(2)

عزاه الحافظ ابن حجر أيضًا لأبي بكر بن مردويه فيما انتقاه على الطبراني وذلك في "التلخيص الحبير"(1/ 98) وقال: إسناده ضعيف ومنقطع.

انظر "الجزء" رقم (52) ط أضواء السلف.

(3)

في كتابه "المُحلَّى"(2/ 35) دون قوله "وفي كتاب العقيلي".

(4)

"الضعفاء"(4/ 285 / برقم 1877) بنحوها.

(5)

غير مقروءة في ت لوجود بعض البياض عليها.

(6)

في تكملة "الكامل" لابن عدي وهو لأبي العباس النباتي، قال عنه الذهبي: مجلد مفيد فيه استلحاق على "الكامل" لابن عدي. انظر "سير أعلام النبلاء"(23/ 58) و"كشف الظنون"(2/ 1382).

ص: 317

عدي روايته عن عطاء في ترجمة نافع بن هرمز، وجمع بينهما، ووهم (1) في ذلك.

وأمَّا (2) حديثُ جريرٍ: فذكره ابن عدي من طريق ياسين الزيَّات، عن ربعي بن حراش عنه -مرفوعًا-، ثم قال: و "ياسين متروك".

[وحديثُ الباب: عن عمَّار من طريق سعيد بن أبي عروبة، وابن أبي المُخارق](3)، عند ابن ماجه (4).

وذكر ابن أبي حاتم في كتاب "العلل"(5)، عن أبيه أنّه قال: لم يُحدِّث بهذا أحدٌ سوى ابن عيينة، عن ابن (6) أبي عروبة.

قلت: هو صحيح؟ قال: لو كان صحيحًا لكان في مصنفات ابن أبي عروبة (7).

وكأنّه يشير إلى أن ابنَ عيينة لم يُصرّح فيه أيضًا بالسماع.

وسُئلَ أحمد (8) عن حديث الحميدي، عن سفيان، عن ابن أبي عروبة، عن (9) قتادة، عن حسَّان هذا فقال: "إمَّا أن يكون الحميديُّ اختلط، وإمَّا أن يكون

(1) في ت "وهم".

(2)

عليها بياض في ت.

(3)

ما بين المعكوفتين من س وساقط من نسخة ت.

(4)

في "سننه"(كتاب الطهارة 1/ 148 / برقم 429) باب ما جاء في تخليل اللحية.

(5)

(1/ 32).

(6)

ساقطة من ت.

(7)

في المطبوع من "العلل" زيادة وهي: ولم يذكر ابن عيينة في هذا الحديث، وهذا أيضًا مما يوهنه انظر "العلل"(1/ 32).

(8)

كما في كتاب اختصار الخلَّال عن مهنا فيما حكاه ابن دقيق العيد عنه في كتابه المُسمَّى "بالإمام"(1/ 491).

(9)

قوله "سفيان عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن حسان هذا فقال إما أن يكون الحميدي "ألحقه ناسخ في الهامش وصحَّح اللحق.

ص: 318

من حدَّث (1) عنه خلَّط".

قلت: قد بَرِئ الحميدي من هذا بمتابعة ابن أبي عمر له (2).

وذكر أحمد عن ابن المديني: لم يسمع عبد الكريم هذا إلا من قتادة (3) ثمَّ قال أحمد: "كأنَّ عليَّ ابن المديني قد عَرَف الحديث"(3).

وروى الطبرانيُّ (4) حديثَ سفيان، عن سعيد، عن قتادة ثم قال: لم يَرْوه عن قتادة إلا سعيد، تفرَّد به سفيان (5).

وذكر ابنُ عساكر عن البخاري (6) أنه قال: "لم يسْمَع عبدُ الكريم من حسَّان هذا الحديث"، كما حكاه الترمذي عن أحمد (7).

فطريق عبد الكريم مضعَّفةٌ به، وبهذا الانقطاع (8).

وطريق سعيد أرفع منها، ويمكن أن تكون من باب الحسن.

(1) في س "من حديث" وهو خطأ يرده السياق.

(2)

التي تقدَّم ذكرها في ص (282) أخرجها الترمذي عن ابن أبي عمر عن سفيان عن ابن أبي عروبه عن قتادة عن حسان به.

(3)

قلت في كتاب "الإمام" لابن دقيق (1/ 491) أن مهنا قال: قال عباس العنبري لأحمد قال أبو الحسن -يعني علي بن المديني-: لم يسمع قتادة هذا إلا من عبد الكريم- قال أحمد: كأن علي بن المديني قد عرف الحديث.

(4)

في "المعجم الأوسط"(3/ 37 / برقم 2395).

(5)

قوله "عن سعيد عن قتادة ثم قال: لم يروه عن قتادة إلا سعيد تفرد به سفيان" ألحقه ناسخ س في الهامش وصحَّح هذا اللحق كُلَّه.

(6)

هذا القول في "التاريخ الكبير" له (3/ 31 / برقم 128) فلا داعي لتوسيط ابن عساكر!

(7)

في "العلل الكبير"(1/ 115).

(8)

الذي بين عبد الكريم وحسان.

ص: 319

وأمَّا حديثُ عثمان فمصحَّح (1) في الأصل، وقد أخرجه ابن ماجه (2) أيضًا، وأبو بكر بن خزيمة (3)، والدارقطني (4)، والبيهقي (5) وقال: بلغني عن البخاري أنه قال: "هو عندي حسن".

وعند الدارقطني: "وخَلَّل لحيته ثلاثًا"، ومع ذلك فكلُّهم رواه من طريق عامر بن شقيق. وقد قال عنه يحيى بن معين:"ضعيف".

وقال أبو حاتم: "ليس بقويّ"(6).

وقال ابن أبي خيثمة: "سألت يحيى بن معين عن حديث عامر (7) بن شقيق بعينه؛ فقال: ضعيف"(8).

وحديث ابن عمر (9): "إذا توضَّأ عرك عارضيه بعض العرك":

قال الدارقطني (10): قال ابن أبي حاتم: قال أبي: "روى هذا الحديث الوليد، عن الأوزاعي، عن عبد الواحد بن قيس، عن يزيد الرقاشي وقتادة قالا: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا-، وهو الصواب (11).

(1) في ت "من".

(2)

في "سننه"(كتاب الطهارة 1/ 148 / برقم 430) باب ما جاء في تخليل اللحية.

(3)

في "صحيحه"(1/ 78 / برقم 151 - 152).

(4)

في "سننه"(1/ 86 / برقم 12، 13).

(5)

في "الكبرى"(1/ 54).

(6)

"الجرح والتعديل"(6/ 322 / برقم 1801).

(7)

في س "عن" وهو تحريف.

(8)

في "بيان الوهم والإيهام"(3/ 364).

(9)

الذي تقدم ذكره ص (284) عند الشارح.

(10)

في "سننه"(1/ 107/ برقم 53).

(11)

"العلل" لابن أبي حاتم (1/ 31 / برقم 58) وفيه وهو أشبه بالصواب وكذا عند الدارقطني.

ص: 320

قال الدارقطني: ورواه أبو (1) المغيرة عن الأوزاعي -موقوفًا-" (2).

ثمَّ أسنده عن ابن عمر -غير مرفوع - (3) من طريق ابن أبي العشرين. وصوَّب الدارقطني الموقوف (4).

وأخرج هذا الحديث عبد الحق في "أحكامه"(5) وقال؛ "والصحيح أنَّه فعل ابن عمر، غير مرفوع إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم".

قال ابن القطّان (6): "هذا نصُّ ما ذكر، ولم يبيِّن علَّته، وقد يُظَنُّ أنَّ تعليله إيَّاه هو ما ذكر مِن وقفه ورفعه، وليس ذلك بصحيح، فإنه إنَّما كان يصح أن يكون هذا عِلَّةً لو كان رافعه ضعيفًا، وواقفه ثقةً، ففي مثل هذه الحال كان يصدق قوله: "الصحيح موقوف من فعل ابن عمر.

أمَّا إذا كان رافغه ثقة، وواقفه ثقةً، فهذا لا يضرُّه، وهو لا علَّة فيه.

وهذا حال هذا الحديث، فإن رافعه عن الأوزاعي هو: عبد الحميد بن حبيب ابن أبي العشرين كاتبه، وواقفه عنه هو: أبو المغيرة (7)، وكلاهما ثقة فالقضاء للواقف على الرافع يكون خطأً.

وبعد هذا فعلَّةُ الخبرِ هي غير ذلك: وهي ضعف عبد الواحد بن قيس راويه عن نافع، عن ابن عمر، وعنه رواه الأوزاعي في الوجهين.

(1) قوله "أبو" ألحقه ناسخ في الهامش (ل 82 / ا).

(2)

"العلل" لابن أبي حاتم (1/ 31 / برقم 58) وفيه: وهو أشبه بالصواب وكذا عند الدارقطني في "سننه".

(3)

قوله "غير مرفوع" ساقط من ت.

(4)

في "سننه"(1/ 107 / برقم 54).

(5)

"الوسطى"(1/ 173).

(6)

في "بيان الوهم والإيهام"(3/ 364).

(7)

في س "ابن المغيرة" وهو تحريف.

ص: 321

قال يحيى بن سعيد (1): "عبد الواحد بن قيس الذي رَوى عنه الأوزاعي شبه لا شيء".

وإذ (2) الموقوف الذي صُحّح لا بُدَّ فيه مِن عبد الواحد، فليس إذن بصحيح. والدارقطني في لم يَقُل في الموقوف: صحيح، ولا أصحُّ؛ إنّما قال:"إنّ رواية أبي المغيرة بوقفه هي الصواب فاعلم ذلك".

قلت: أمَّا ما ذكره ابنُ القطَّان، فليس بعيدًا من حيث النَّظر، إذا استويا في مرتبة الثقة والعدالة، أو تقاربا (3) كما هو ها هنا، لأنَّ الرفع زيادة على الوقف، وقد جاء عن ثقة، فسبيله القَبول، وهذا هو (4) الذي زعمه ابنُ الصلاح (5)، فإن كان نظرًا منه فهو نظرٌ صحيح، وإنْ كان نقلًا عن من تقدَّم، فليس للناس في ذلك عملٌ مطّردٌ.

وأبو المغيرة هو: عبد القدّوس بنُ الحجّاج الشامي، احتجَّ به الشيخان (6).

وابن أبي العشرين: رَوَى له الترمذي، وابن ماجه (7).

وقال ابن معين: "ليس به بأس"(8).

(1)"الجرح والتعديل"(6/ 23 / برقم 120).

(2)

في س وإذا.

(3)

في س "توازيا".

(4)

ألحقت في هامش ت وصححت (ل 83 / ا).

(5)

في "مقدمته " ص (77).

(6)

وروى له سائر الأربعة أيضًا فقد رمز له الحافظ في "التقريب" بـ ع أي روى له الجماعة كما هو معلوم.

(7)

والبخاري تعليقًا أيضًا فقد رمز له الحافظ في "التقريب" خت وت وق وهذا عند ذكر اسمه، أما في الأبناء فقد رمز له بخت وت وس ولعله خطأ في المطبوع.

(8)

في سؤالات ابن الجنيد (306 / برقم 135).

ص: 322

وقال العجليّ؛ قريبًا من ذلك (1).

وقال النسائي: "ليس بالقويّ"(2).

وقال البخاريّ: "شاميٌّ رُبَّما يخالف في حديثه"(3).

فإن كان عبدُ القدّوس مرجَّحًا على عبد الحميد، فإنَّ لعبد الحميد اختصاصًا بالأوزاعي يُوجب له مزيَّةً فيما يروي عنه، كان كاتبه، وقدَّمه هشام بن عمار على أصحاب الأوزاعي، فقال في حكاية:"أوثق أصحابه كاتبه عبد الحميد"(4). وعُرِف عن يحيى بن معين أنَّ قولَه: "ليس به بأس"؛ يعني به: الثقة (5). فليس بمقصَّر في الأوزاعي عن درجة أبي المغيرة، وإنْ احتمل أنْ يقصر عنه في غيره.

وأمَّا ردُّ ابنُ القطان الخبرَ بعبد الواحد بن قيس، فليس في عبد الواحد كبيرُ أمرٍ.

عبد الواحد مختلف في حاله:

وثَّقه ابن معين (6)، وأباه البخاريُّ (7) ويحيى القطان (7). وقال ابن عديٍّ: ضعيف (8)، وإذا روى [عنه](9) الأوزاعي فهو صالح.

(1) في "معرفة الثقات"(2/ 70 / 1011) حيث قال: لا بأس به.

(2)

في كتابه "الضعفاء والمتروكون"(169 / برقم 419).

(3)

في كتابه "التاريخ الكبير"(6/ 45 / برقم 1652).

(4)

"تهذيب الكمال"(16/ 422).

(5)

"لسان الميزان"(1/ 24 - 25).

(6)

كما في "تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي"(ص 141 / برقم 471).

(7)

"التاريخ الكبير"(6/ 56 / برقم 1694).

(8)

لم أجد تنصيص ابن عدي على ضعف عبد الواحد بن قيس في "الكامل" في ترجمة عبد الواحد بن قيس هذا (5/ 297 / 469) ولكن أشار إلى ضعفه عندما وثقه إذا روى عنه الأوزاعي -معناه- إن لم يرو عنه الأوزاعي فهو ضعيف.

(9)

كذا في س وهو الصواب لأنه من شيوخ الأوزاعي وفي ت عن وهو تصحيف.

ص: 323

وهذا من رواية الأوزاعي عنه.

وأمَّا أبو محمد عبد الحقّ فقد صحَّح ذلك عن ابن عمر مِن فِعْله (1)، وليس إلَّا الاعتماد على الدارقطني في ترجيح موقوف هذا الخبر على مرفوعَه (2)، وذلك لا يقتضي تصحيح الموقوف مطلقًا. والله أعلم.

وزعم أبو عمر في كلام له: "إنَّ أحاديث هذا الباب كلَّها ضعيفة (3) "(4).

وأمَّا حكمُ تخليلِ اللحيةِ: فالعلماء مختلفون فيه:

* فمنهم من أوجبه.

* ومنهم (5) مَن لم يوجبه.

* ومنهم من فَرَّق بين الوضوءِ والغسل من الجنابة، فأوجبه في الغسل دون الوضوء.

* ومنهم مَن فرَّق بين اللحية الكثيفة والخفيفة.

وسنذكر من ذلك ما انتهى إلينا بمشيئة الله تعالى وعونه، وقد ذكرنا الأحاديث المرفوعة في ذلك (6).

(1) في "أحكامه الوسطى"(1/ 173) كما تقدم قريبًا.

(2)

في "سننه"(/ 1/ 107 برقم 54).

(3)

قوله "كلها ضعيفة" عليه بياض في ت.

(4)

في "التمهيد"(20/ 120).

(5)

ألحق ناسخ س هذه الكلمة في هامشه وأشار إلى صحة هذا اللحق.

(6)

انظر ص (290 - 291 - 292).

ص: 324

وأمَّا الآثارُ: فروي ذلك عن ابن عباس (1)، وابن عمر وأنس (1)، وعليّ (1)، وسعيد بن جُبَيْر (1)، وأبي قلابة (1)، ومجاهد (1)، وابن سيرين (1)، والضحّاك (1)، وإبراهيم النخعيّ (1).

وممّن رُوي عنه أنَّه [كان](2) لا يُخلّل: إبراهيم النخعيُّ (3)، والحسنُ وابنُ الحنفية (3)، وأبو العالية (4)، وأبو جعفر الهاشمي (4)، والشعبي (4)، ومجاهد (4)، والقاسم (4)، وابن أبي ليلى (4).

ذكر ذلك عنهم أبو بكر بن أبي شيبة بأسانيده إليهم (4).

قال أبو عمر: "واختلف العلماء في تخليل اللحية والذّقن:

* فذهب مالكٌ، والشافعيُ، والثوريُ، والأوزاعيُّ؛ إلى أنَّ تخليلَ اللحيةِ ليس بواجب في الوضوء.

* وقال مالك، وأصحابُه، وطائفةٌ من أهل المدينة: ولا في غسل الجنابة، لا يجب تخليل اللحية أيضًا.

* وقال الشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابُهما، والثوري، والأوزاعي، والليث، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وداود، والطبري، وأكثرُ أهل العلم: تخليل اللحية في غُسل الجنابة واجب، ولا يجب ذلك عندهم في الوضوء (5).

وأظنُّهم فرَّقوا بين ذلك -والله أعلم- لقوله صلى الله عليه وسلم: "تحت كل شعرة جنابة،

(1) رواها كلها ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 12 - 13).

(2)

من س وهي ساقطة من ت.

(3)

في "المصنف" لابن أبي شيبة (1/ 14).

(4)

في مصنفه (1/ 12 - 14).

(5)

في التمهيد (20/ 119 - 120).

ص: 325

فبُلْوا الشّعَر وأنقُوا البشرة".

وأظنُّ مالكًا ومَن قال بقوله ذهبوا إلى أن الشعر لا يمنع [مِن](1) وصول الماء لرقة الماء، ويوصله إلى البشرة من غير تخليل إذا كان (2) هناك تحريكٌ.

وذكر ابنُ عبد الحكم عن مالك قال: وتُحَرّك اللحية في الوضوء إذا كانت كبيرة، ولا يُخلِّلها، وأمَّا في الغسل فليحرِّكها وإن صَغرتْ، وتخليلها أحبُّ إليَّ.

وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: تخليل اللحية واجبٌ في الوضوء والغسل.

وروي نحوه عن سعيد بن جُبَير قال: ما بالُ الرجل يغسل لحيته قبل أن تنبت، فإذا نبتت لم يغسل، وما بال الأمرد يغسل ذقنه، ولا يغسله ذو اللحية.

وقال أبو عمر: ورُوي عن جماعة من الصحابة والتابعين تخليل اللحية، وأكثرهم لم يُفرِّقوا بين الوضوء والجنابة (3).

ورُوي عن جماعة منهم الرخصة في تركِ تخليل اللحية.

وإيجاب غسل ما تحت اللحية إيجاب فرض، والفرائض لا تثبت إلا بيقين لا اختلاف (4) فيه، ومَن احتاط وأخذ بالأوثق فهو أولى في خاصيّته.

وأمَّا الفتوى في إيجاب الإعادة فما ينبغي أنْ تكون إلَّا عن يقين" (5).

وقال الأصحاب -في شعر الذّقن والعارِضَيْن، والعارِضُ عندهم: ما ينحطُّ

(1) من س وهي ساقطة من ت.

(2)

أشار عندها إلى الهامش في ت وليس فيه إلا حرف ص.

(3)

في "التمهيد"(20/ 120).

(4)

في س: لختلاف.

(5)

في "التمهيد"(20/ 120).

ص: 326

عن القدر المحاذي للأذن-: يُنظر فيه إنْ كان خفيفًا وَجَب غَسْلُه، وإنْ كان كثيفًا لم يجب إلا المرأة فإنَّ لحيتها نادرة.

وفي العَنْفَقة وجهان؛ لما رُوي: أنّه صلى الله عليه وسلم توضَّأ فغَرَف غَرْفةً غسل بها وجهه، وكان صلى الله عليه وسلم كثَّ اللحية.

ولا يبلغ ماءُ الغرفة الواحدة أصول الشعر مع الكثافة، والمعنى فيه عُسر إيصال الماء إلى النابت مع الكثافة غير النادرة.

وحُكيَ فيه قول قديم: أنَّه يجبُ غَسْل البشرة تحته لانتهاء الوجه، وهذا شعر نابت عليه.

ومنهم من يحكيه وَجْهًا، وهو قول المزني.

* والمذهب الأول: قال الرافعي: "وعبارة أكثر الأصحاب أنَّ الخفيف ما تتراءى البشرةُ من خلاله في مَجْلس التخاطُب، والكثيف ما يستُر ويمنع الرُّؤية، هذا ما يُشعر به لفظ الشافعي، وقال بعض الأصحاب: الخفيف: ما يصل الماء إلى منبته من غير مبالغة واستقصاء، والكثيف: ما يفتقر إليه (1).

وفيما خرج عن حدّ الوجه من اللحية طولًا وعرضًا قولان:

* أحدهما: لا يجب غسله، وبه قال أبو حنيفة، والمزني.

* وأصحّهما: يجب لأنَّه من الوجه بحكم التبعية.

وهذا الخلاف يجري أيضًا في الخارج عن حدِّ الوجه من الشعور الخفيفة كالعذار والسبال (2) إذا طال ولا فرق، وذكر بعضهم في السبال أنّه يجب غسله قولًا واحدًا، والظاهر الأول".

(1) قوله "ما يفتقر إليه" عليه بياض في ت في مصورتي.

(2)

غير مقروءة في مصورتي ت لارتجاج في التصوير.

ص: 327

قال أبو عمر: "ولأصحاب مالك في هذه المسأله قولان كأصحاب الشافعي، والله أعلم"(1).

24 -

باب ما جاء في مسح الرأس أنّه يبدأ بمقدّم الرأس إلى مؤخّرِه حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري: ثنا معن: ثنا مالك بن أنس، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد:"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدَّم (2) رأسه، ثم ذهب بهما (3) إلى قفاه، ثم ردَّهما، حتى رجع (4) إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه".

قال: وفي الباب عن معاوية، والمقدام بن معدي كرب، وعائشة.

قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن زيد أصحُّ شيءٍ في هذا الباب وأحسن.

وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق (5).

* الكلام عليه:

حديث الباب صحيح مخرَّج عند الشيخين من غير ما وجه (6).

(1) في "التمهيد"(20/ 122).

(2)

في س "قدَّم".

(3)

في س "بما" وهو تصحيف ظاهر.

(4)

في س "ترجع".

(5)

في "الجامع"(1/ 47).

(6)

وهو كما قال فقد أخرجه البخاري في "صحيحه"(كتاب الوضوء (1/ 81 / برقم 185) باب مسح الرأس كله وأخرجه في مواطن أخرى من "صحيحه" من غير ما وجه انظره فيه برقم (191) و (192) و (197) و (199) وأخرجه كذلك مسلم في "صحيحه"(كتاب الطهارة 1/ 210 / برقم 235) باب في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من غير ما وجه.

ص: 328

قال أبو عمر (1): "رواه ابن عيينة، عن عمرو بن يحيى فأخطأ فيه في موضعين:

* أحدهما: أنّه قال فيه: عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه (2)، وهذا خطأ، وإنَّما هو عبد الله بن زيد بن عاصم، وقد نسبناهما في كتاب "الصحابة"(3)، وأوضَحْنا أمرهما (4).

وأمَّا عبد الله (5) بن زيد بن عبد ربه، فهو الذي أُرِيَ الأذان في النوم، وليس هو الذي يروي عنه هذا الحديث يحيى بنُ عمارة.

وعبد الله بن زيد بن عاصم هو: عمُّ عباد (6) بن تميم، وهو أكثر رواية عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن زيد بن عبد ربه.

وقد كان أحمدُ بن زهير يزعم أنَّ إسماعيل بن إسحاق وَهِم فيهما، فجعلهما (7) واحدًا، فيما حكى قاسم بن أصبغ عنه.

والغلط لا يسلم منه أحد، وإذا كان ابن عيينة مع جلالته يغلط في ذلك، فإسماعيل بن إسحاق أين يقع من ابن عيينة؟ إلا أن المتأخِّرين أوسع عِلْمًا، وأقلّ عذرًا.

* وأما الموضع الثاني الذي وَهِم ابنُ عيينة فيه، في متن الحديث فإنَّه ذكر

(1) في "التمهيد"(20/ 115).

(2)

غير مقروءة في ت.

(3)

الذي سمَّاه "الاستيعاب" وكلامه موجود فيه (3/ 913) ط دار الجيل.

(4)

قوله "أمرهما وأما عبد الله" ملحق في هامش س مصحَّحًا.

(5)

الذي تقدمت الإشارة إليه وأنه في "التمهيد"(20/ 115).

(6)

قوله "هو عمُّ" غير واضح في ت.

(7)

غير مقروءة في ت.

ص: 329

فيه: مَسَحَ الرأسُ مرتين، ولم يذكر فيه أحدٌ مرتين غير ابن عيينة، وأظنُّه -والله أعلم - تأوّل الحديث". انتهى كلام أبي عمر (1).

قوله: "وعبد الله بن زيد بن عاصم: هو عمُّ عباد بن تميم"، يُوهم عمومة النسب، بل ربَّما توهَّم هو ذلك فقال في نسب تميم والد عباد بن تميم (2)، في كتابه في "الصحابة" (3):"قيل فيه: تميم بن عبد عمرو، وقيل: تميم بن زيد بن عاصم أخو عبد الله، وحبيب ابني زيد بن عاصم بن عمرو من بني مازن بن النجار، أُمُّهم أمُّ عمارة نُسيبة الأنصارية، ويُعْرَفون ببني أمِّ عمارة".

وقد قال غيره (4) مثل ذلك ثمن لم يأخذه عنه، وليس ذلك بشيء، إنَّما هو تميم بن غزية بن عمرو بن عطية بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار، أمُّه أمُّ عمارة نُسَيْبة بضم النون [وفتح](5) السين المهملة، أو فتح النون وكسر السين، والأوَّل أشهر. تزوَّجها زيد بن عاصم، فولدت له عبد الله وحبيبًا، ثم خَلَف عليها غَزِيَّة بن عمرو (6) فولدت له تميمًا وأبا حبّة (7)، ذكر معناه ابن سعد (8).

(1) الذي تقدمت الإشارة إليه وأنه في "التمهيد"(20/ 115).

(2)

من قوله "يوهم عمومة" إلى قوله "والد عباد بن تميم" ألحقه ناسخ في الهامش وصحَّح اللحق.

(3)

"الاستيعاب"(1/ 195 / برقم 238) ط دار الجيل.

(4)

الذي تقدّمت الإشارة إليه وأنه في "التمهيد"(20/ 115).

(5)

كذا في س وهو الصواب وفي ت "وفتح النون" وهو خطأ يرده السياق.

(6)

في س عمر.

(7)

في س "أبا حية".

(8)

في "الطبقات الكبرى"(8/ 412 - 416).

ص: 330

وقد ذكر أبو عمر نسب أبي حبّة في بابه من الكنى على الصواب (1).

وأمَّا ما حكاه عن ابن أبي خيثمة من أنَّ إسماعيل بن إسحاق وَهِم فيهما فجعلهما واحدًا (2).

فقد جعلهما أبو القاسم البغوي ثلاثة، فذكر عبد الله بن زيد بن عبد ربه صاحب حديث الأذان، ثم ذكر بعده عبد الله بن زيد بن عمرو المازنيّ، وذكر له حديثًا واحدًا في الأذان، وقال: ليس له غيره، ثم عَقَد لعبد الله بن زيد بن عاصم ترجمة ثالثة، وذكر من حديثه وحكى وفاته.

قال: وفي الباب (3) عن معاوية، والمقدام بن معدي كرب، وعائشة.

أمَّا حديث معاوية: "أنَّه توضَّأ للناس كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ؛ فلمَّا بلغ رأسه غَرَف غَرْفةً من ماء، فتلقَّاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه، حتَّى قطر الماء، أو كاد يقطر، ثمَّ مسح من مقدَّمه إلى مؤخَّره، ومن مؤخَّره إلى مقدَّمه" رواه أبو داود (4).

وأمَّا حديثُ المقدام بِن معدي كرب: فقد تقدَّم في باب المضمضة والاستنشاق مخرّجًا عن الإمام أحمد وأبي داود وابن الجارود.

وأمَّا حديثُ عائشةَ (5).

(1) في "الاستيعاب"(4/ 627 / برقم 2905) ط دار الجيل.

(2)

في "التمهيد"(20/ 115).

(3)

الواو ساقطة من س.

(4)

في "سننه"(كتاب الطهارة 1/ 50 / برقم 124) باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم مرتين.

(5)

لم يُخرِّجْ الشارحُ حديث عائشة وعلَّق عليه محمد عابد السندي في هامش "س" قائلًا: فقد =

ص: 331

وحديثُ الباب صحيح، وقد ذكر طرفًا منه في هذا الموضع، وطرفًا منه في غيره (1)، وسيأتي عنه تصحيحه (2)، وهو عند الجماعة (3).

وأمَّا مسحُ الرأسِ: قال أبو عمر (4): "أجمعوا على أنَّ (5) مَن مَسَحَ برأسه كُلّه فقد أحسن، وفَعَلَ أكمل ما يلزمه.

وكلّهم يقول: يمسح الرأس مسحة واحدة كاملةً، ولا يزيد عليها إلّا الشافعي، فإنه قال: أكمل الوضوء أن يتوضأ ثلاثًا ثلاثًا كُلَّها سابغة، ويمسح برأسه ثلاثًا.

ورُوي مسح الرأس ثلاثًا عن أنس، وسعيد بن جُبَيْر، وعطاء وغيرهم.

وكان ابن سيرين يقول: يمسح رأسه مرتين.

= أخرجه النسائي في "سننه الكبرى" وفي لفظ حديثها "ووضعت يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مرة واحدة إلى مؤخره ثم مدَّت يدها بأذنها ثم مدَّت على الخدين" وستأتي الإشارة إليه في كلام الشارح في باب ما جاء أنَّ مسح الرأس مرة واحدة. "محمد عابد" وعلق ناسخ ت في هامش نسخته (ل 85 / ا) قائلًا "حديث عائشة رواه النسائي بإسناد حسن".

(1)

في باب المضمضة والاستنشاق من كف واحدٍ في "جامعه"(1/ 41) وفي باب من يتوضأ بعض وضوئه مرتين وبعضه ثلاثًا (1/ 66).

(2)

في "الجامع"(1/ 66) حيث قال فيه: حسن صحيح.

(3)

والمراد بهم أصحاب الكتب الستة كما هو معروف وهو كما قال فقد أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" كما تقدم العزو إليهما ص (292) وأخرجه أيضًا أبو داود في "سننه" في (كتاب الطهارة 1/ 86 - 87 / برقم 118) باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم والنسائي في "سننه" في (كتاب الطهارة 1/ 71 - 72 / برقم 98) ط عبد الفتاح أبو غدة وابن ماجه في "سننه"(كتاب الطهارة، 1/ 149 - 150 / برقم 434) باب ما جاء في مسح الرأس.

(4)

في "التمهيد"(20/ 123 - 124).

(5)

ساقطة من ت.

ص: 332

وكان مالك يقول -في مسح الرأس-: يبدأ بمقدَّم رأسه، ثم يذهب بيديه إلى مؤخَّره، ثم يردَّهما إلى مقدَّمه، على حديث عبد الله بن زيد.

وكذلك يقول الشافعي، وأحمد، وكان الحسن بن حيٍّ يقول: يبدأ بمؤخر الرأس.

وقوله: "فأقبل بهما وأدبر"، تفسيره: أنَّه كلام خرج على التقديم والتأخير، كأنَّه قال: فأدبر بهما وأقبل، لأنَّ الواو لا تُوجِب الرُّتبة.

وإذا احتمل الكلام التأويل كان قوله: "بدأ بمقدَّم رأسه، ثمَّ ذهب بهما إلى قفاه"، تفسير ما أشكل من ذلك.

قلت: وأرفع التأويل (1) من هذا أن يُحْمَل: "أقبل" على البداءة بالقبل، "وأدبر" على البداءة بالدبر؛ فيكون من باب تسمية الفعل بابتدائه، وهو أحدُ القولين لأهل الأصول في تسمية الفعل هل يكون بابتدائه أو بانتهائه.

ثمَّ روى أبو عمر (2) من طريق أبي داود حديث المقدام بن معدي كرب قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ، فلمَّا بلغ مسحَ رأسه، وضع كفيَّه على مقدَّم رأسه، فأمرَّهما حتى بلغ القفا، ثم ردَّهما إلى المكان الذي بدأ منه".

وروى معاوية "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ مثل ذلك" سواء (3).

وأمَّا قولُ الحسنِ بن حيٍّ: "يبدأ بمؤخَّر رأسه"؛ فسيأتي في الباب بعد هذا إن شاء الله تعالى.

(1) ساقطة من ت.

(2)

في "التمهيد"(20/ 124 - 125).

(3)

"التمهيد"(20/ 125).

ص: 333