الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39 - باب ما جاء في إسباغ الوضوء
حدثنا علي بن حجر: ثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات"، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: "إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط".
حدثنا قتيبة: ثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء
…
نحوه.
قال قتيبة في حديثه: فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط.
قال: وفي الباب عن علي، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس، وعَبيدة ويقال: عُبيدة بن عمرو، وعاثشة، وعبد الرحمن بن عايش، وأنس؛ قال: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح والعلاء بن عبد الرحمن: هو ابن يعقوب الجهني وهو ثقة عند أهل الحديث (1).
* الكلام عليه:
أخرجه مالك (2) عن العلاء في موطئه، وأخرجه مسلم (3) من حديث مالك وغير واحد من الأئمة.
وهو صحيح على شرطهم إلا البخاري؛ فإنه لم يخرج حديث العلاء بن عبد الرحمن (4).
(1) الجامع (1/ 72 - 74).
(2)
الموطأ كتاب قصر الصلاة في السفر (1/ 161) برقم 55 باب انتظار الصلاة والمشي إليها.
(3)
في صحيحه كتاب الطهارة (1/ 219) برقم 251 باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره.
(4)
أخرج له البخاري في جزء القراءة خلف الإمام وجزء رفع اليدين ولم يخرج له في الصحيح كما في تهذيب الكمال (22/ 523 - 524).
وقد رواه عن العلاء جماعة؛ منهم: شعبة، وإسماعيل بن جعفر، وعبد العزيز الدراوردي.
ورواه الحافظ أبو يوسف يعقوب بن شيبة في مسند علي بن أبي طالب من حديث عبد الله بن سعيد المقبري، عن جده، عن شرحبيل بن سعد، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:"ألا أدلكم على ما يكفر الخطايا والذنوب، إسباغ الوضوء على المكاره، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلك الرباط".
أخرج من إسناده شرحبيل بن سعد وقال: لا أدري سمع من علي أو لا (1).
ثم روى بسند له: ثنا ابن أبي ذئب: ثنا شرحبيل وكان متهمًا، وهذا هو حديث علي الذي أشار إليه الترمذي.
وقد رواه الحافظ أبو (2) عمر بن عبد البر في التمهيد من طريق ابن أبي خيثمة من حديث سعيد بن المسيب عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: "إسباغ الوضوء في المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، يغسل الخطايا غسلًا".
وحديث عبد الله بن عمرو؛ قال: رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق، تعجل قوم عند العصر فتوضؤوا وهم عجال فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ويل للأعقاب من النار أسبغوا الوضوء". رواه مسلم (3).
وحديث ابن عباس روينا من طريق الدارمي (4) بالسند المتقدم: ثنا مسدد: ثنا
(1) الإمام لابن دقيق العيد (2/ 19 - 20).
(2)
التمهيد (20/ 224).
(3)
في صحيحه كتاب الطهارة (1/ 214) برقم 241 باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما.
(4)
في سننه (1/ 190) برقم 700 باب ما جاء في إسباغ الوضوء.
حماد بن زيد، عن أبي الجهضم، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أمرنا بإسباغ الوضوء".
وأخرجه الترمذي وصححه وسيأتي، والنسائي (1)، وابن ماجه (2)، وغيرهم مطولًا ومختصرًا.
وأبو (3) الجهضم: موسى بن سالم، ووقع اسمه عند ابن ماجه (4): موسى بن جهضم، والصواب: ابن سالم.
وذكر الترمذي (5) في العلل: أنه سأل البخاري عن هذا الحديث فقال: حديث سفيان الثوري وهم.
وهم فيه سفيان، فقال: عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، والصحيح عبد الله بن عبيد الله بن عباس.
وحديث عبيدة بن عمرو؛ روينا من طريق ابن (6) قانع: ثنا محمد بن إسحاق أبو الفتح المؤدب، وابن عبدوس بن كامل؛ قالا: ثنا عمرو الناقد؛ قال: حدثني سعيد بن خثيم؛ قال: حدثتني جدتي ربيعة بنت عياض الكلابية، عن جدها عبيد بن عمرو الكلابي.
(1) في سننه كتاب الطهارة (1/ 96) برقم 141 مطولًا.
(2)
في سننه كتاب الطهارة (1/ 147) برقم 426 باب ما جاء في إسباغ الوضوء مختصرًا.
(3)
انظر ترجمته في الجرح والتعديل (8/ 143 - 144) برقم 649 وتهذيب الكمال (29/ 64 - 66) برقم 6254 وتهذيب التهذيب (4/ 175).
(4)
كما في تحفة الأشراف (5/ 42) وشرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (1/ 307) ونبه المزي ومغلطاي على هذا الوهم وكذا في النسخة التي حققها محمد مصطفى الأعظمي (1/ 83) برقم 444 ووقع على الصواب في نسخة محمد فؤاد عبد الباقي (1/ 147) برقم 426.
(5)
علل الترمذي الكبير (1/ 127).
(6)
معجم الصحابة (2/ 185) برقم 677.
وقال (1) أبو الفتح: عبيدة بن عمرو.
قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فأسبغ الوضوء.
رواه أبو (2) يعلى الوصلي وأبو (3) نعيم الحافظ وزاد أبو نعيم: وكانت ربيعة إذا توضأت أسبغت الوضوء.
وقال (4): رواه بعض المتأخرين فقال: وربَيِّعة، وهو وهم، وقال أيضًا: والصحيح عبيدة، بدل عبيد.
وحديث عائشة، قال ابن (5) أبي شيبة: ثنا يحيى بن سعيد وأبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة؛ قال: رأت عائشة عبد الرحمن وهو يتوضأ فقالت: أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ويل للعراقيب من النار"(6).
وحديث عبد الرحمن بن عايش يأتي عند الترمذي معللًا من حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم مصححًا من حديثه عن مالك بن عامر (7)، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحديث أنس: روى أبو (8) أحمد بن عدي من حديث أشعت بن براز؛ قال:
(1) أي ابن قانع.
(2)
لم أجده في مسنده ولا في المطالب العالية.
(3)
في معرفة الصحابة كما أفاده محقق الإمام لابن دقيق العيد (2 / ل 67 / أ) والمصنف ينقل عنه.
(4)
أي أبو نعيم كما في الإمام (2/ 23).
(5)
المصنف (1/ 26).
(6)
المصنف (1/ 26).
(7)
كذا وصوابه: ابن يخامر وهو: مالك بن يخامر السكسكي الألهاني. تهذيب الكمال (27/ 166 - 167) برقم 5758.
(8)
الكامل (1/ 367).
ثنا ثابت، عن أنس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أنس! أسبغ الوضوء يزد في عمرك".
أشعث (1) هذا: أبو عبد الله الهجيمي.
قال يحيى (2): ليس بشيء، وقال -مرة-: ضعيف (3)، وكذلك قال أبو (4) زرعة.
وقال الفلاس (5): ضعيف جدًّا.
وقال البخاري (6)، والدارقطني (7): منكر الحديث.
وقال النسائي (8): متروك الحديث.
وقال ابن حبان (9): يخالف الثقات زيادة في الأخبار كما في المجروحين، ويروي المنكر حتى خرج عن حد الاحتجاج به.
وقال ابن عدي (10): عامة ما يرويه غير محفوظ، والضعف بين على رواياته.
وذكر ابن (11) أبي حاتم: أنه سأل أباه وأبا زرعة عن أحاديث تروى عن أنس بن
(1) انظر ترجمته في الجرح والتعديل (2/ 269) برقم 974 والتاريخ الكبير للبخاري ط دار الكتب العلمية (1/ 428) برقم 1379 وميزان الاعتدال (1/ 425) برقم 1420 ط دار الكتب العلمية.
(2)
و (3) الكامل لابن عدي (1/ 366) وقول ابن معين ليس بشيء هي من رواية عباس ولم أهتد إليها في التاريخ المطبوع.
(4)
الجرح والتعديل (2/ 270).
(5)
المصدر السابق.
(6)
التاريخ الأوسط (2/ 130) برقم 1296.
(7)
الضعفاء والمتروكون (152) برقم 112.
(8)
الضعفاء والمتروكون (155) برقم 56 ط دار المعرفة.
(9)
المجروحون (1/ 173) ط دار المعرفة.
(10)
الكامل (1/ 367).
(11)
العلل (1/ 52) برقم 128.
مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم في إسباغ الوضوء يزيد في العمر وذكر لهما الأسانيد في ذلك؛ فضعفاها كلها، وقالا: ليس في إسباغ الوضوء يزيد في العمر حديث صحيح.
وفي الباب مما لم يذكره:
ما رواه الطبراني (1) في الأوسط من حديث سفيان، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه؛ قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسباغ الوضوء.
أخرجه أحمد بن محمد بن صدقة، عن محمد بن عثمان بن أبي صفوان، ثنا أبي، عن سفيان.
وحديث أبي سعيد الخدري: روينا من طريق الدارمي (2): ثنا زكريا بن عدي: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن ابن عقيل، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول:"ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا ويزيد به في الحسنات؟ " قالوا: بلى، قال:"إسباغ الوضوء على المكروهات، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة".
قال: ثنا موسى بن مسعود: ثنا زهير بن محمد، عن عبد الله هو ابن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر نحوه العلاء (3) بن عبد الرحمن بن يعقوب أبو شبل الحرقي الجهني -مولاهم - والحرقة من جهينة.
سمع أباه، وابن عمر، وأنس بن مالك، وعباس بن سهل بن سعد، ومعبد
(1) المعجم الأوسط (2/ 125) برقم 1461.
(2)
السنن (1/ 189 - 190) برقم 698 - 699 باب ما جاء في إسباغ الوضوء.
(3)
انظر ترجمته في الجرح والتعديل (6/ 357 - 358) برقم 1974 وتهذيب الكمال (22/ 520 - 524) برقم 4577 وتهذيب التهذيب (3/ 345 - 346).
ابن كعب، وأبا السائب مولى هشام بن زهرة؛ روى عنه المعمري، ومالك، وابن جريج، وشعبة، وابن عيينة، والدراوردي وغيرهم.
قال أحمد (1): ثقة، لم أسمع أحدًا ذكره بسوء (2)، هو عندي فوق سهيل ومحمد بن عمرو (3)
وقال أبو (4) حاتم: صالح وهو أشبه من العلاء بن المسيب.
وقال أبو (5) زرعة: ليس هو بأقوى ما يكون.
وقال أبو حاتم: روى عنه الثقات، ولكنه أنكروا من حديثه أشياء (6).
وقال ابن معين: ليس حديثه بحجة هو وسهيل قريب من السواء.
وقال -مرة-: ليس بذلك لم يزال الناس يتوقون حديثه (7)
وقال ابن سعد: صحيفة العلاء بالمدينة مشهورة، وكان ثقة، كثير الحديث ثبتًا، توفي في خلافة أبي جعفر (8).
وقال ابن عدي: وللعلاء نسخة عن أبيه، عن أبي هريرة يرويها عنه الثقات وما أرى به بأسًا (9).
(1) العلل ومعرفة الرجال رواية عبد الله (2/ 483) برقم 3171.
(2)
العلل ومعرفة الرجال (2/ 19) برقم 1406.
(3)
الجرح والتعديل.
(4)
الجرح والتعديل (6/ 357) برقم 1974.
(5)
المصدر السابق.
(6)
الجرح والتعديل (6/ 358) برقم 1974 وفيه وأنا أنكر بدل ولكنه أنكروا.
(7)
الجرح والتعديل (6/ 358) برقم 1974.
(8)
الطبقات القسم المتمم لتابعي أهل المدينة (330) تحقيق زياد محمد منصور.
(9)
الكامل (5/ 1861).
وقال يحيى -عنه مرة-: ليس بالقوي (1).
وقال: مضطرب الحديثِ (2).
إسباغ الوضوء: إتمامه.
وفيه دليل على محو الخطايا بالحسنات من الصحف بأيدي الملائكة التي يكون فيها المحو والإثبات لا في أم الكتاب التي هي عند الله التي قد ثبتت على ما هي عنده؛ فلا يزيد فيها ولا ينقص منها أبدًا.
وقال القاضي عياض: هو كناية عن غفرانها، وأراد بإسباغ الوضوء عند المكاره برد الماء وألم الجسم وإيثار الوضوء على أمور الدنيا فلا يأتي به مع ذلك إلا كارهًا مؤثرًا لوجه الله تعالى (3).
وكثرة الخطا إلى المساجد؛ يعني به بعدُ الدار؛ وهو أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم لبني سلمة وقد أرادوا أن يتحولوا قريبًا من المسجد: "يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم".
وانتظار الصلاة بعد الصلاة يحتمل وجهين:
• أحدهما: الجلوس في المسجد، وذلك يتصور في أكثر الصلوات العصر، والمغرب، والعشاء ولا يكون بين العتمة والصبح.
وقال القاضي أبو الوليد: هذا من المشتركتين في الوقت من الصلوات، وأما غيرهما فلم يكن من عمل الناس (4).
(1) المصدر السابق.
(2)
الضعفاء للعقيلي (3/ 341) برقم 1369 وفيه مضطرب الحديث ليس حديثه بحجة.
(3)
إكمال المعلم (2/ 55).
(4)
المنتقى (1/ 285).
قال النووي (1): وفيه نظر.
• الوجه الثاني: تعلق القلب بالصلاة والاهتمام بها والتأهب لها وهذا يتصور في الصلوات كلها، وقوله:"فذلكم الرباط". لعله الرباط الذي في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} ، وحقيقته ربط النفس والجسم مع الطاعات.
ذكر معناه القاضي أبو بكر بن العربي (2).
ورفع الدرجات؛ أعلا المنازل في الجنة. ووقع قوله: وذلكم الرباط مرة ومرتين في صحيح مسلم (3). وثلاثًا عند مالك (4).
وحكمة تكراره: قيل: الاهتمام به وتعظيم شأنه.
وقيل: كرره صلى الله عليه وسلم على عادته في تكرار الكلام ليفهم عنه.
* * *
(1) شرح صحيح مسلم (3/ 134) ط دار المعرفة تحقيق خليل مأمون شيحا.
(2)
عارضة الأحوذي (1/ 60).
(3)
صحيح مسلم كتاب الطهارة (1/ 219) برقم 251 باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره.
(4)
الموطأ كتاب قصر الصلاة في السفر (1/ 161) برقم 55 باب انتظار الصلاة والمشي إليها.