المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - باب ما جاء في فضل الطهور - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ١

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة الأولى* التعريف بأبي عيسى الترمذي وبمن بيننا وبينه:

- ‌ وأما مَنْ بيننا وبينه:

- ‌المقدمة الثانية* في ذكر كتاب "الجامع" لأبي عيسى وفضله:

- ‌فصل

- ‌1 - كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - باب ما جاء لا تقبل صلاة بغير طهور

- ‌2 - باب ما جاء في فضل الطهور

- ‌3 - باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور

- ‌4 - باب ما يقول إذا دخل الخلاء

- ‌5 - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء

- ‌6 - باب في النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول

- ‌7 - باب ما جاء من الرخصة في ذلك

- ‌8 - باب ما جاء في النهي عن البول قائمًا

- ‌9 - باب الرخصة في ذلك

- ‌10 - باب ما جاء في الاستتار عند الحاجة

- ‌11 - باب ما جاء في كراهة الاستنجاء باليمين

- ‌12 - باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌13 - باب ما جاء في الاستنجاء بالحجرين

- ‌14 - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به

- ‌15 - باب ما جاء في الاستنجاء بالماء

- ‌16 - باب ما جاء أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب حدثنا محمد بن بشار: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن المغيرة بن شعبة قال: كنت مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في سفر؛ فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم حاجته فأبعد في المذهب

- ‌17 - باب ما جاء في كراهية البول في المغتسل

- ‌18 - باب ما جاء في السواك

- ‌19 - باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها حدثنا أبو الوليد الدمشقي أحمد بن بكار، من ولد بسر بن أرطاة صاحب النبيّ صلى الله عليه وسلم: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدُكم من اللَّيل فلا يُدخل يده في الإناء حتَّى يُفرغ عليها مرتين أو ثلاثًا، فإنَّه لا يدري أين باتت يده

- ‌20 - باب ما جاء في التسمية عند الوضوء

- ‌21 - باب ما جاء في المضمضة والاستنشاق

- ‌22 - باب المضمضة والاستنشاقِ من كفٍ واحدٍ

- ‌23 - باب ما جاء في تخليل اللحية

- ‌25 - باب ما جاء أنَّه يبدأ بمؤخَّر الرأسِ

- ‌26 - باب ما جاء أنَّ مسح الرأس مرَّة

- ‌27 - باب ما جاء أنّه يأخذ لرأسه ماءً جديدًا

- ‌28 - باب ما جاء في مسح الأُذُنين ظاهرهما وباطنهما

- ‌29 - باب ما جاء أن الأذنين من الرأس

- ‌30 - باب ما جاء في تخليل الأصابع

- ‌31 - باب ما جاء ويل للأعقاب من النار

- ‌32 - باب ما جاء في الوضوء مرة مرة

- ‌33 - باب ما جاء الوضوء مرتين مرتين

- ‌34 - باب ما جاء في الوضوء ثلاثًا ثلاثًا

- ‌35 - باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثًا

- ‌36 - باب ما جاء فيمن يتوضأ بعض وضوئه مرتين وبعضه ثلاثًا

- ‌37 - باب ما جاء في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان

- ‌38 - باب ما جاء في النضح بعد الوضوء

- ‌39 - باب ما جاء في إسباغ الوضوء

- ‌40 - باب ما جاء في التمندل بعد الوضوء

الفصل: ‌2 - باب ما جاء في فضل الطهور

‌2 - باب ما جاء في فضل الطهور

قال ثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ثنا معن بن عيسى ثنا مالك بن أنس قال: وثنا قتيبة عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء أو نحو هذا، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر الماء حتى يخرج نقيًّا من الذنوب".

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح وهو حديث مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة.

وأبو صالح والد سهيل هو أبو صالح السمّان واسمه ذكوان.

وأبو هريرة اختلفوا في اسمه، فقالوا: عبد شمس وقالوا: عبد الله بن عمرو هكذا قال محمد بن إسماعيل وهذا أصح.

وفي الباب عن عثمان بن عفّان وثوبان وعمرو بن عبسة وسلمان والصنابحي وعبد الله بن عمرو.

والصنابحي هذا الذي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الطهور هو أبو عبد الله الصنابحي واسمه عبد الرحمن بن عسيلة وهو صاحب أبي بكر الصديق ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، رحل إلى النبي فقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق، وقد روى عن النبي أحاديث.

والصنابح بن الأعسر الأحمسي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ويقال له

ص: 51

الصنابحي أيضًا وإنما حديثه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إني مكاثر بكم الأم فلا تقتتلنّ بعدي

" (1). الحديث.

قد حكم بصحته، وقد أخرجه مسلم (2) وقال: ثنا سويد ثنا مالك وثنا أبو الطاهر عن ابن وهب عن مالك.

وإسحاق بن موسى الأنصاري، أخرج له مسلم وغيره، وأبو حاتم وكان يطنب في صدقه وإتقانه.

وسهيل بن أبي صالح لم يخرج له البخاري إلا استشهادًا، وقد أثنى الناس عليه، قال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن سهيل بن أبي صالح؟ قال: قال يحيى بن سعيد: محمد أحب إلينا وما صنع شيئًا، سهيل أثبت عندهم، وقال أحمد: ما أصلح حديثه، وقال يحيى بن معين: سهيل والعلاء قريب من السواء وليس حديثهما بحجة.

وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وهو أحب إليّ من عمرو بن أبي عمرو وأحبّ إليّ من العلاء عن أبيه.

قال أبو زرعة: لسهيل أشبه من العلاء وأبوه أشهر قليلًا.

وقال أحمد (3) بن عبد الله: سهيل بن أبي صالح ثقة وأخوه عباد ثقة.

وقال أبو أحمد بن عدي: ولسهيل نسخ، روى عنه الأئمة وحدث عن أبيه وعن جماعة عن أبيه، وهذا يدل على ثقة الرجل كونه ميّز ما سمع من أبيه وما سمع

(1) قال البخاري: ليس هو بصحيح، "العلل" للترمذي.

قال الحافظ في "الفتح"(11/ 468): رواه أحمد وابن ماجه بسند صحيح.

وصححه الضياء (8/ 44) وابن حبان (5953) والألباني في "السنة"(739).

(2)

"الصحيح"(ح 244) كتاب الطهارة، باب خروج الخطايا مع ماء الوجه.

(3)

هو العجلي.

ص: 52

من غير أبيه عنه، وهو عندي ثبت لا بأس به مقبول الأخبار، وذكر الترمذي عن سفيان بن عيينة قال: كنا نعد سهيل بن أبي صالح ثبتًا في الحديث، وذكره العقيلي وحكى عن ابن المديني: سئل يحيى عن سهيل ومحمد بن عمرو؟ فقال: محمد أعلى منه وقد تقدم هذا عن أحمد.

وقال ابن معين: صويلح وفيه لين.

وسئل أحمد عن سهيل بن أبي صالح؟ فقال: صالح.

وقال يحيى: ليس بالقوي في الحديث وليس بحجة، وقال مرة: ثقة.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي سألته يعني أبا الحسن الدارقطني: لم ترك محمد بن إسماعيل البخاري حديث سهيل بن أبي صالح في الصحيح؟ فقال: لا أعرف له فيه عذرًا، فقد كان أبو عبد الرحمن النسائي إذا مرّ بحديث سهيل قال: سهيل والله خير من أبي اليمان، ويحيى بن بكير وغيرهما وكتاب البخاري من هؤلاء ملآن (1).

قال: قال النسائي: ترك البخاري إخراج حديث سهيل في كتابه وأخرج عن ابن بكير وأبي اليمان وفليح بن سليمان لا أعرف له وجهًا، ولا أعرف له فيه عذرًا.

وقال بعض الحفاظ: روى عنه مالك ومالك هو المرجوع إليه في مشايخ المدينة.

وقال محمد بن يحيى بن الحذاء في كتابه في "التعريف بمن ذكر في الموطأ": سهيل بن أبي صالح واسم أبي صالح ذكوان مدني مولى جويرية، سمع ابن المسيب وعطاء بن يزيد وأباه وعبد الله بن دينار.

(1) انظر "السير"(5/ 460).

ص: 53

سمع منه مالك والثوري وشعبة، توفي في أول خلافة أبي جعفر وكانت ولايته في ذي الحجة سنة ست وثلاثين إلى ذي الحجة سنة ثمان وخمسين.

قال ابن معين: أبو صالح السمّان له بنون ثلاثة: سهيل وعباد وصالح وكلهم ثقة.

وقال ابن سعد: ثقة كثير الحديث، روى عنه أهل المدينة وأهل العراق قال: وقد أخرج لهم ثلاثتهم مسلم وقال النسائي: سهيل ثقة ورأى سهيل أنس بن مالك، وقال علي بن المديني: مات لسهيل أخ فوجد عليه فنسي كثيرًا من الحديث قال: ولعل هذا عذر البخاري في ترك إخراج حديثه لا سيما وهذا الخبر عن علي بن المديني من روايته مذكور في "تاريخه الكبير".

وقال ابن حبان: يخطئ وهو عنده مذكور في كتاب "الثقات".

وقال ابن أبي خيثمة: سمعت ابن معين يقول: لم يزل أصحاب الحديث يتقون حديثه.

وسئل مرة أخرى فقال: ليس بذاك، ومرة أخرى فقال: ضعيف. وذكر له ابن القطان حديثًا فقال: وهذا مما أنكر على سهيل وعد مما ساء فيه حفظه وظهر أثر تغيره عليه وكان قد تغير. قلت: وفيما ذكرناه آنفًا في توثيق سهيل رواية مالك عنه وأنه الرجوع إليه في مشايخ المدينة وهذا لا يرد على البخاري، لأن مالكًا من أهل المدينة، وسهيل ليس من قدماء شيوخه وقد تبين أنه تغير حفظه بأخرة، فيكون مالك سمع منه قبل التغير، وكثيرًا ما يعرض في المتغيرين والمختلطين مثل هذا فيفرق هناك بين الراوي عنه قبل الاختلاط فيقبل، أو بعده فيرد، أو الجهالة بحالة الراوي متى كان سماعه فينبغي أن يتوقف عنه كما تقرر في الملقن والمستور

(1).

(1) يوجد بياض قدر كلمتين، ولعلها تقدر: كما سبق، أو فيما سبق.

ص: 54

أبوه ذكوان هو السمّان وهو الزيات كان يجلبها، قال البخاري: مولى جويرية الغطفاني مولى غطفان وقال مسلم: مولى جويرية بنت الأحمس الغطفاني امرأة من قيس.

قال ابن الحذاء وكان من أهل الستار والتجمل، وكان أبو هريرة إذا نظر إليه قال: ما على هذا أن لا يكون من بني عبد مناف، توفي سنة إحدى ومائة، وقال ابن أبي حاتم: ذكوان أبو صالح الزيات روى عن سعد بن أبي وقاص مسألة واحدة وأبي عياش الزرقي وأبي سعيد الخدري وابن عباس وابن عمر وجابر وأبي هريرة وعائشة، ولم يسمع من أبي الدرداء شيئًا.

روى عنه عطاء بن أبي رباح والزهري وحبيب بن أبي ثابت والحكم بن عتيبة والأعمش وزيد بن أسلم وعاصم بن بهدلة والقعقاع بن حكيم وعبد الله بن دينار وأبو حصين وابنه سهيل سمعت أبي يقول ذلك.

حدثنا صالح عن أحمد بن حنبل قال: قال أبي: لم يرو منصور عن أبي صالح ذكوان، وروى عن أبي صالح باذام.

أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إليّ قال: قلت لأبي: أبو صالح ذكوان فوق عبد الرحمن بن يعقوب والد العلاء؟ فقال: أبو صالح من جلة الناس وأوثقهم، من أصحاب أبي هريرة، وقد شهد الدار يعني زمن عثمان وهو ثقة ثقة.

أخبرنا ابن أبي خيثمة فيما كتب إليّ، قال: سألت يحيى بن معين عن أبي صالح الذي يروي عنه الأعمش، فقال: اسمه ذكوان السمّان مدني مولى غطفان ثقة، سمعت أبي يقول: أبو صالح ذكوان صالح الحديث يحتج بحديثه.

سئل أبو زرعة عن أبي صالح السمّان ذكوان فقال: مدني ثقة

ص: 55

مستقيم الحديث.

وقال محمد بن سعد: كان أبو صالح ثقة كثير الحديث، وكان يقدم الكوفة يجلب، فينزل في بني أسد فيؤم بني كاهل.

وقال عاصم: أبو صالح عظيم اللحية وكان يخللها.

وقال ابن إسحاق: قال أبو صالح: ما أحد يحدث عن أبي هريرة إلا وأنا أعلم صادقًا هو أم كاذبًا، وقال الأعمش عن أبي صالح: ما كنت أتمنى من الدنيا إلا ثوبين أبيضين أجالس فيهما أبا هريرة.

أبو هريرة: قال أبو عمر: وهو أبو هريرة الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودوس هو ابن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث.

قال خليفة بن خياط: هو عمير بن عامر بن عبد بن ذي السّرى بن طريف بن عتاب بن أبي صعب بن منبه بن سعد بن ثعلبة بن سُليم بن فهم بن غنم بن دوس، كذا نسب أبو عمر دوسًا وزاد فيه الرشاطي بين كعب ومالك: عبد الله.

وقد اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافًا كثيرًا لا تشاء أن تجده في مكان إلا وجدته والمشهور فيه على ألسنة المحدثين: عبد الرحمن بن صخر، وكان تسميه بعبد الرحمن أو عبد الله التي استقرت عليه بعد الإسلام وأنه كني بأبي هريرة لأنه حمل هرة في كمه قال: فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما هذه؟ " قلت: هرة.

فقال لي: "يا أبا هريرة".

أسلم عام خيبر، قال أبو عمر: ثم شهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 56

ثم لزمه رغبة في العلم راضيًا بشبع بطنه فكانت يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدور معه حيث ما دار وكان من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحضر ما لا يحضر سائر المهاجرين والأنصار، لاشتغال المهاجرين بالتجارة والأنصار بحوائطهم. وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه حريص على العلم والحديث، وقال له: يا رسول الله إني سمعت منك حديثًا كثيرًا وإني أخشى أن أنسى، قال:"ابسط رداءك" قال: فبسطت فغرف يده فيه ثم قال: "ضمه" فضممته فما نسيت شيئًا بعد.

قال البخاري: روى عنه أكثر من ثمان مائة رجل من بين صاحب وتابع، واستعمله عمر على البحرين ثم عزله ثم أراده على العمل فأبى عليه ولم يزل يسكن المدينة وبها كانت وفاته سنة سبع وقيل ثمان وقيل تسع وخمسين وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان.

روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف حديث وثلاثمائة حديث وأربعة وسبعون حديثًا.

اتفقا على ثلاثمائة حديث وخمسة وعشرين، انفرد البخاري بثلاثة وتسعين ومسلم بثمانية وتسعين.

وكان من أصحاب الصفة، وهو حليف أبي بكر الصديق.

قال: وفي الباب عن ثوبان (1) وحديثه عند ابن ماجه من حديث سفيان عن

(1) في هامش الأصل: حديث ثوبان ليس عند ابن ماجه، والذي عنده بهذا السند:"لن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن"، وهو غير هذا الحديث. اهـ.

قلت: في "السنن"(277)، وقال المزي في "التحفة" (2086): قال أحمد بن حنبل: لم يسمع سالم من ثوبان، بينهما معدان.

وأحسب هذا من "السنن"! =

ص: 57

منصور عن سالم بن أبي الجعد عنه.

وعن عثمان بن عفان وعمرو بن عبسة إلى آخره.

حديث عثمان أخرجه البخاري (1) من حديث معاذ بن عبد الرحمن عن حمران، وأخرجه مسلم من حديث مسعر وشعبة عن جامع بن شدّاد عن حمران عنه.

وحديث عمرو بن عبسة (2) رواه ابن ماجه عن ابن أبي شيبة وبندار عن غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن يزيد بن طلق عن عبد الرحمن بن البيلماني عنه.

وحديث سلمان رواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الأعمش عن شقيق عن سلمة بن سبرة عنه، وعن قبيصة بن عقبة عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي عثمان عنه ولفظه:"من توضأ فأحسن الوضوء تحاتت خطاياه كما يتحات الورق".

والصنابحي هو عبد الرحمن بن عسيلة من مراد منسوب إلى صُنابح بن زاهر بن عامر بن وثبان بن زاهر بن مُراد، كذا قال الكلبي فيما حكى عنه الرشاطي ثم قال: ويقال: إنه من طيء من بني عمر الغوث.

قال ابن دريد: فاشتقاق صُنابح إن كانت النون زائدة فمن الصبح وهو الضوء.

= قال البوصيري: رجال إسناده ثقات أثبات، إلا أن فيه انقطاعًا بين سالم وثوبان، لكن أخرجه الدارمي وابن حبان في "صحيحه" من طريق ثوبان متصلًا. اهـ.

لذا صححه الألباني، وأحال على مصادر منها "الإرواء"(412).

(1)

"الصحيح"(6433)، ومسلم (232، 226).

(2)

في هامش الأصل: قلت: حديث عمرو بن عبسة، رواه مسلم في "صحيحه" في كتاب الصلاة في قصة إسلام عمرو بن عبسة. ورواه النسائي أيضًا.

قلت: رواه مسلم في "الصحيح"(832)، والنسائي (147)، وهو عند ابن ماجه (283).

ص: 58

وقال قوم: الصنابح العرق المتين، وإن كان كذلك فهو فعالك، كان الصنابحي مسلمًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصده فلما انتهى إلى الجحفة لقيه الخبر بموته صلى الله عليه وسلم وهو معدود في كبار التابعين.

روى عن أبي بكر وعمر وبلال وعبادة بن الصامت، وكان فاضلًا.

قال عنه أبو عمر: وكان عبادة كثير الثناء عليه.

وذكر أبو عمر عن ابن مسهر بسنده إليه قال: كتب إليّ ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير قال؛ قلت للصنابحي: هاجرت؟ قال: خرجت من اليمن فقدمنا الجحفة ضحى فمر بنا راكب فقلنا: ما وراءك؟ قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ خمس. قال أبو الخير: فقلت له: لم يفتك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بخمس (1).

وحديثه (2) ذكره مالك فقال: عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ العبد المؤمن" فذكره كذا هو في "الموطأ" وهو أبو عبد الله عبد الرحمن بن عُسيلة.

قال الترمذي: سألت البخاري عنه، فقال: مالك بن أنس وهم في هذا الحديث فقال: عبد الله الصنابحي وهو أبو عبد الله الصنابحي واسمه عبد الرحمن بن عسيلة.

وقد وافق مالكًا على تسميته كذلك أبو غسان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم في حديث لأبي داود من طريقه عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي، قال: زعم أبو محمد: أن الوتر واجب، وكذلك قال زهير بن محمد عن زيد فذكره أبو

(1)"الاستيعاب"(2/ 841 / ت 1439).

(2)

في هامش المخطوط: قلت: وحديث الصنابحي رواه النسائي وابن ماجه.

ص: 59

علي بن السكن حكاه ابن القطان. وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه فيمن روى عن الصنابحي هذا يزيد بن عبد الله وربيعة بن يزيد غير أن ربيعة يقول فيه عن عبد الله.

وأما حديث عبد الله بن عمرو فذكر ابن أبي شيبة في المحافظة على الوضوء وفضله: حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن".

وعن ابن عمر رواه الدارقطني من طريق ابن البيلماني عن أبيه عنه.

قلت (1): وفي الباب أيضًا عن أبي أمامة ذكره النسائي من حديث شهر بن حوشب عنه ولم يذكرها الترمذي.

وذكر الصنابح بن الأعسر للتفرقة بينه وبين الصنابحي.

وقد ذكره أبو عمر وقال: له صحبة، معدود في أهل الكوفة من الصحابة روى عنه قيس بن أبي حازم لم يرو عنه غيره وليس هو الصنابحي، ذاك منسوب إلى قبيلة من اليمن.

وهذا الصُنابح اسم لا نسب ونسبه في أحمس.

وذاك تابعي وهذا له صحبة. وذاك معدود في أهل الشام وهذا كوفي.

وحديث الصنابح الذي ذكره: "إني فرطكم على الحوض وإني مكاثر بكم الأمم" رواه ابن ماجه من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عنه.

(1) في هامش المخطوط:

قلت وفي الباب مما لم يذكره الترمذي ولا الشارح: عن مرة بن كعب البهزي؛ رواه أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد"، وفي إسناده رجل لم يسم والله أعلم.

وفي الباب أيضًا عن أنس بلفظ: "طهور الرجل لصلاته يكفر ذنوبه"؛ رواه ابن حبان في "الضعفاء" من رواية بشار بن الحكم عن ثابت عنه.

ص: 60

قوله: (العبد المسلم والمؤمن) ها هنا الشك من أحد الرواة، وكذلك هي في (مع الماء أو مع آخر قطر الماء).

ويحمل عليه التحري لبيان لفظ الحديث دون معناه، وهي مسألة ذهب الجمهور إلى جوازها. وما وقع في هذا الحديث (بطشتها يداه ومشتها رجلاه) فمعناه والله أعلم اكتسبتها قال أبو عمر: وفي رواية ابن وهب عن مالك لهذا الحديث زيادة ليست لغيره من الرواة عن مالك وذلك أنه زاد في هذا الحديث ذكر الرجلين فقال: "فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتهما رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء" وهكذا قال: مشتهما مثنى.

وقوله: إن زيادة لفظة الرجلين لا يعرف عن مالك ولا (1) من طريق ابن وهب يعارضه ثبوتها في "صحيح مسلم"(2) من حديث مالك من طريق سويد بن سعيد وابن وهب عنه وفيه: (مشتها رجلاه) بغير تثنية، وإن كان مسلم قد جعل اللفظ فيه لابن وهب دون سويد فإنه لا يحتمل مثل ذلك الانفراد بهذه الزيادة، ولو لم يكن عن سويد لبينها.

وفي حديث الصُنابحي زيادة (فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى يخرج من أذنيه) وقد يستدل بهذا من يجعل الأذنين من الرأس وهو مما وقع الخلاف بين العلماء فيه وسيأتي.

قال أبو عمر: وليس في هذه الأحاديث ذكر الرأس إلا في حديث الصنابحي وقد وقع في حديث عمرو بن عبسة: "فإذا غسل ذراعيه خرجت خطاياه من ذراعيه ورأسه، وإذا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه" كذا ذكره ابن أبي شيبة من

(1) كذا وصوابها: وإلا. أي: وإلا من طريق ابن وهب عنه.

(2)

"صحيح مسلم"(244).

ص: 61

طريق ابن البيلماني عن أبيه عنه، فتضمن ذكر الرجلين الذي ذكر أبو عمر أنه ليس في حديث أبي هريرة الذي رواه مالك إلا من طريق ابن وهب عنه.

وقد ذكره أبو عمر من طريق أبي داود وفيه: "ثم إذا مسحت برأسك خرجت خطاياك من أطراف شعرك، ثم إذا غسلت رجليك خرجت خطاياك من أطراف أنامل رجليك".

وذكر ابن العربي كلامًا معناه: لم كانت خطايا الوجه من العين وحدها دون الفم والأنف؟ وأجاب بوجهين:

الأول: أن العين ليس في خطاياها كبيرة بخلاف الفم والأنف ولا يخلو هذا من نظر، وهو أن الأنف أخف خطايا من العين وقد استدل بعض من لم يجز الوضوء بالماء المستعمل بهذا الحديث وقال: لأنه إذا حصل الوضوء به مرة خرجت الخطايا معه فوجب التنزه عنه لأنه ماء الذنوب.

قال أبو عمر (1): وهذا عندي لا وجه له، لأن الذنوب لا تنجس الماء لأنها لا أشخاص لها تمازج الماء فتفسده وإنما معنى قوله: خرجت الخطايا مع الماء إعلام بأن الوضوء للصلاة عمل يكفر الله به الذنوب والسيئات عن عباده المؤمنين رحمة بهم وتفضلًا عليهم أعلموا بذلك ليرغبوا في العمل به.

واختلف الفقهاء في الوضوء بالماء المستعمل الذي قد توضأ به مرة فقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما: لا يتوضأ به ومن توضأ به أعاد لأنه ليس بماء مطلق ويتيمم واجده لأنه ليس بواجد ماء قالوا: لما كان مع الماء الذي لم يستعمل كلا ماء وجب التيمم، وقال بقولهم في ذلك أصبغ وهو قول الأوزاعي.

وأما مالك فقال: لا يتوضأ به إذا وجد غيره من الماء ولا خير فيه ثم إذا لم

(1)"التمهيد"(4/ 42)، و"الاستذكار"(1/ 200).

ص: 62

يجد غيره توضأ به ولم يتيمم لأنه ماء طاهر لا ينضاف إليه شيء فوجب أن يكون مطهرًا بطهارته لأنه لا يضاف إلى شيء وهو ماء مطلق، واحتجوا بإجماع الأمة على طهارته إذا لم يكن في أعضاء المتوضيء نجاسة، وإليه ذهب محمد بن نصر المروزي.

واختلف عن الثوري في هذه المسألة فروي عنه عدم الجواز وقال: هو ماء الذنوب وقد روي عنه خلاف ذلك أفتى فيمن نسي مسح رأسه قال: يأخذ من بلل لحيته فيمسح به رأسه، وقد روي عن علي وابن عمر وأبي أمامة وعطاء ابن أبي رباح والحسن البصري والنخعي ومكحول والزهري أنهم قالوا فيمن نسي مسح رأسه فوجد في لحيته بللًا أنه يجزئه أن يمسح بذلك البلل رأسه.

وعند مالك والشافعي وأبي حنيفة ومن قال بقولهم: أن من فعل ذلك كمن لم يمسح رأسه لأنه ماء قد أدّي به فرض آخر كالجمار وشبههما.

قال أبو عمر: الجمار مختلف في ذلك منها ورواية المدنيين من أصحاب مالك أنه طهور لكن كرهوه للخلاف فيه وقيل مشكوك فيه فيجمع بينه وبين التيمم، ثم اختلف في البداءة بالوضوء به قبل التيمم أو بالتيمم على قولين ذكره ابن شاس ومراعاة الخلاف مما استعمله المالكيون أكثر من غيرهم.

وقال أبو العباس: قد استدل أبو حنيفة بهذا الحديث على نجاسة الماء المستعمل ولا دليل فيه وذكر نحوًا مما حكيناه عن أبي عمر فتلخص من هذا أن في الماء المستعمل ثلاثة مذاهب:

* قول بالتنجيس وهو أضعفها مأخذًا لما روى الدارقطني وغيره من حديث أبي أمامة: "أن الماء لا ينجسه إلا ما غير ريحه أو طعمه" الحديث وفيه من حديث ثوبان أيضًا.

* وقول بالطهارة دون الطهور وأقوى ما يستدل به من ذهب إليه تصرفهم في

ص: 63

لفظة طهور في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} وقوله عليه السلام: "وهو الطهور ماؤه" وما جاء من ذلك وأنها تقتضي زيادة على الطاهرية من حيث البنية؛ فإن فعولًا من الأبنية السالمة، ومن حيث المعنى فإنهم كانوا يعلمون طهارة ماء البحر وإنما سألوا عن جواز رفع الحدث، وقول جابر عنه عليه السلام:(فتوضأ وصب عليّ). وعن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه"، وغير ذلك وما يؤخذ من قوله عليه السلام:"وجعل ترابها طهورًا" مما حسن به وقد كان ترابها طاهرًا قبل ذلك فالذي وقع الاختصاص به هو القدر الزائد من الطهورية على الطاهرية.

وقول ببقائه على طهارته وطهوريته مع تنزه القائلين بطهوريته عن استعماله إذا وجد غيره على التفصيل المحكي عنهم آنفًا ويستدل له بعموم قوله عليه السلام في بئر بضاعة: "أن الماء طهور لا ينجسه شيء"، وبما في معناه من حديث ابن عباس:"أن الماء لا يجنب" وغيره فريق (1) من الاحتجاج لقولهم والمعارضة لخالفتهم ما يطول ذكره وأصحابنا يفرقون في ذلك بين الأغسال المسنونة وما وقع عندنا فيجيزونه في الأول دون الثاني وكذلك ما بلغ القلتين وما لم يبلغهما وسيأتي ذلك عند ذكر حديث القلتين إن شاء الله. والذنوب التي تضمن الحديث تكفيرها هي الصغائر دون الكبائر.

* * *

(1) كذا ولعلها: مع كل فريق، أو: لكل فريق

ص: 64