الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب ما يقول إذا دخل الخلاء
ثنا قتيبة وهناد قالا ثنا وكيع عن شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك" قال شعبة: وقد قال مرة أخرى: "أعوذ بالله من الخبث والخبيث أو الخبث والخبائث".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن علي وزيد بن أرقم وجابر وابن مسعود.
قال أبو عيسى: حديث أنس أصح شيء في الباب وأحسن.
وحديث زيد بن أرقم في إسناده اضطراب، روى هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس وقال سعيد عن زيد بن أرقم وقال معمر عن النضر بن أنس عن أبيه.
حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال ثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء قال: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
* الكلام عليه:
حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس هذا، أخرجه الشيخان في صحيحيهما ورواه البخاري في الطهارة ثنا آدم، وفي الدعوات عن ابن عرعرة كلاهما عن شعبة عنه.
ومسلم في الطهارة ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا حماد بن زيد وهشيم عنه قالا
ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير عن ابن علية عنه.
وقد رواه أيضًا النسائي وابن ماجه.
وحديث في رواه ابن ماجه، ورواه الترمذي في أواخر كتاب الصلاة وسيأتي الكلام عليك هناك.
وحديث زيد بن أرقم رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث النضر بن أنس، ومن حديث القاسم بن عوف الشيباني عنه. فأما حديث النضر بن أنس فرواه أبو داود في الطهارة عن عمرو بن مرزوق عن شعبة عن قتادة عن النضر عن زيد.
ورواه النسائي في اليوم والليلة عن ابن مثنى عن غندر وابن مهدي عن شعبة، وعن مؤمل بن هشام عن إسماعيل بن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن شعبة عن قتادة عن قاسم بن عوف.
وأما حديث قاسم بن عوف الشيباني المدني عن زيد فرواه النسائي في اليوم والليلة (1) عن إسماعيل بن مسعود عن يزيد بن زريع وعن هارون بن إسحاق عن عبدة بن سليمان جميعًا عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن القاسم.
ورواه ابن ماجه (2) في الطهارة عن جميل بن الحسن العتكي عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن هارون بن إسحاق عن عبدة جميعًا عن سعيد به.
وقال الترمذي في كتاب "العلل"(3): حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر وابن مهدي ثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم عن النبي
(1)"الكبرى"(9903 - 9906).
(2)
"السنن"(296).
(3)
"العلل"(3 / ص 22، 23).
صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم الخلاء فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث".
قال: سألت محمدًا عن هذا الحديث وقلت له: روى هشام الدستوائي مثل رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن القاسم بن عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم يعني الحديث.
وقد رواه معمر مثل ما روى شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد فأي الروايات عندك أصح؟
قال: لعل قتادة سمع منهما جميعًا، ولم يقض في هذا بشيء.
وقال البيهقي (1): قال الإمام أحمد: وقيل عن معمر عن قتادة عن النضر بن أنس عن أنس وهو وهم.
وأما حديث قتادة عن زيد فمنقطع.
وفي الباب مما لم يذكره: عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث الشيطان الرجيم" رواه ابن ماجه من حديث عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة.
فأما عبيد الله فضعفه أحمد ويحيى.
وأما علي فقال البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي: متروك.
(1)"السنن الكبير"(1/ 96).
وفي هامش الأصل: البيهقي إنما قال هذا من عند نفسه، وقوله في
…
البيهقي: (قال الإمام أحمد) المراد به البيهقي.
وفيه أيضًا: عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: كان إذا دخل الخلاء قال. اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس المخبث. رواه حفص بن عمر العدني عن المنذر بن ثعلبة عن علباء بن أحمر عن علي، وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه، ذكره ابن عدي (1) في باب حفص من كتابه، وقال: قد جمع بين صحابيين وما أظن رواه غير حفص هذا وهو غير ثقة.
والخلاء بفتح الخاء والمد موضع قضاء الحاجة، وكذلك الكنيف بفتح الكاف وكسر النون وهو الساتر فأصلها من الخلوة والسترة، لأنه يقصد لذلك، والخلا مقصور.
الحشيش والحشوش جمع حَش مفتوح الحاء وهو البستان لأنهم كانوا ينتابونها لذلك.
قال الخطابي: الخبث بضم الباء جمع الخبيث، والخبائث جمع الخبشِة يريد ذكران الشياطين وإناثهم، وعامة أصحاب الحديث يقولون الخبث ساكنة الباء وهو غلط والصواب الخبث مضمومة الباء.
قال ابن الأعرابي: أصل الخبث في كلام العرب المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار.
وهذا الذي أنكره الخطابي هو الذي حكاه أبو عبيد القاسم بن سلام وحسبك به جلالة.
وقال القاضي أبو الفضل عياض: أكثر روايات الشيوخ بالإسكان، وقال أبو العباس: رويناه بالضم والإسكان.
قلت: لا ينبغي أن يعد مثل هذا غلطًا، لأن فُعُلًا بضم الفاء والعين يسكن
(1)"الكامل"(2/ 386).
عينه قياسًا، فلعل من سكنها سلك ذلك المسلك ولم يرد غير ذلك مما قد يخالف المعنى الأول.
وقال الداودي: الخبث الشيطان والخبائث الشياطين ولذا يسكنون البَاء وقيل فيه إنه المكروه مطلقًا، وقيل الخبث الكفر والخبائث الشياطين قاله ابن الأنباري، وهو الخبائث: البول والغائط، وقد عبر عنهما في موضع آخر بالأخبثين في حديث مدافعة الأخبثين.
وقوله: (إذا دخل الخلاء) يحتمل أن يراد به إذا أراد الدخول نحو قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} أي إذا أردتم القيام، {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} أي إذا أردت القراءة، وكذلك وقع في "صحيح البخاري".
ويحتمل أن يراد به ابتداء الدخول وينبني عليه من دخل ونسي التعوذ فهل يتعوذ أم لا؟ كرهه جماعة من السلف منهم ابن عباس وعطاء والشعبي فيحمل الحديث عندهم على المعنى الأول.
واختار جماعة منهم ابن عمر وابن سيرين والنخعي أخذًا بقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ولم يحتج هؤلاء إلى حمل الحديث على مجازه من العبارة: بالدخول عن إرادته.
وقد نقل القولان معًا عن مالك، هذا كله في الكنف المتخذة في البيوت لا في الصحراء وهو ظاهر في لفظة: دخل، ومن قوله: إن هذه الحشوش محتضرة وهي محتضرة تأوي إليها الشياطين.
وكذلك اختلفوا أيضًا في دخول الخلاء بالخاتم فيه اسم الله تعالى وسيأتي ذلك عند حديث ذكر أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه.