الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: في معرفة من تجوز له هذه الطهارة
146 -
حديث جابر: "في المجروح الذي اغتسل فمات، فأجاز عليه الصلاة والسلام المسح له". الحديث.
أخرجه أبو داود، وابنه عبد الله في "الناسخ والمنسوخ"، والدارقطني، والبيهقي، كلهم من طريق الزبير بن خريق، عن عطاء، عن جابر قال:"خرجنا في سفر فأصاب رجلًا منا حجر، فَشَجَّهُ في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم، قالوا ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل، فمات. فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بذلك فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب -شك الراوي- على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده". وقال الدارقطني (قال أبو بكر بن أبي داود: هذه سُنّة تفرد بها أهل مكة وحملها أهل الجزيرة، ولم يَرْوِهِ عن عطاء، عن جابر، غير الزبير بن خريق، وليس بالقوي. وخالفه الأوزاعي، فرواه عن عطاء، عن ابن عباس)، قال المارديني في "الجوهر النقي"
(روايته عن ابن عباس تترجح على روايته عن جابر من وجهين:
أحدهما: مجيئها من طرف ذكرها الدارقطني، والرواية عن جابر لم تأت إلَّا من وجه واحد.
الثاني: ضعف سند هذه الرواية من جهة الزبير والرواية عن ابن عباس رجالها ثقات).
قلت: وهذا باطل من وجوه:
• الأول: أن روايته عن ابن عباس لم ترد إلا من وجه واحد أيضًا من رواية الأوزاعي وحده، والمارديني واهم جدًا فيما عزاه الى الدارقطني من كونه رواه من وجوه بل ذلك باطل لا أصل له.
• الثاني: أن الأوزاعي اضطرب في هذا الحديث على أقوال، فقال: أبو المغيرة، ومحمد بن شعيب، والوليد بن مزيد، وإسماعيل بن سماعة، ويحيى بن عبد الله كلهم عن الأوزاعي، بلغني عن عطاء. وقال عبد الرزاق: عنه عن رجل، عن عطاء وهذا الرجل هو إسماعيل بن مسلم المكي، كما قال عبد الحميد بن أبي العشرين عن الأوزاعي، فيما ذكره أبو زرعة، وأبو حاتم. وقال أيوب بن سويد، وكذا عبد الحميد بن أبي العشرين مرة أخرى: عن الأوزاعي، عن عطاء، وقال الفضل بن زياد عنه قال: قال عطاء. وقال بشر بن بكر: عن الأوزاعي، حدثنا عطاء، وقد أسندت
هذه الأقوال كلها في "المستخرج على مسند الشهاب" فهذا اضطراب من يوجب عدم اعتباره.
• الثالث: أنه لم يسمعه من عطاء، بل سمعه من إسماعيل بن مسلم المكي عنه، وإسماعيل المذكور متروك ساقط الحديث جدًا. فالحديث إذًا ضعيف واه جدًا.
• الرابع: أن الزبير بن خريق أتى بالحديث على وجهه بخلاف الأوزاعي.
• الخامس: أن جابر بن عبد الله حضر القصة بنفسه. فلو فرضنا أن عطاء حدث به عن ابن عباس ولم يكن ذلك من وهم إسماعيل بن مسلم المكي المتروك فهو من مراسيل ابن عباس لأنه سمعه من غيره ولم يحضر القصة بنفسه.
• السادس: أن الزبير بن خريق ثقة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحّح حديثه هذا ابن السكن، ولم يقل فيه غير قوي إلا الدارقطني تبعًا لأبي داود ولم يقل فيه ذلك بحجّة، بل لمخالفته للأوزاعي مع أن الحق معه لا مع الأوزاعي.
وقد رواه الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح عن عمه عطاء، عن ابن عباس، رواه ابن خزيمة، وابن حبان، لكن الوليد ضعّفه الدارقطني، والضعفاء يمشون مع الجادة وهي عطاء، عن ابن عباس، والحق عن جابر والله أعلم.
147 -
حديث عمرو بن العاص: "أنه أجنب في ليلة باردة فتيمم وتلا قول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء 4: 29]، فَذُكِرَ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يُعَنِّفْ".
البخاري تعليقًا بهذا اللفظ. ورواه أحمد، وأبو داود، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي. فأما أحمد فمن طريق ابن لهيعة، وأما الباقون، فمن طريق جرير بن حازم، عن يحيى بن أيوب، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص قال:"احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن أغتسل فأهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إني سمعت الله تعالى يقول: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء 4: 29]، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا".
ورواه هؤلاء كلهم (1) -إلّا أحمد- من طريق عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب فزاد في الإسناد رجلًا فقال: عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن ابن جبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، أن عمرو بن العاص كان على سرية وذكر الحديث، إلا أنه قال:"فغسل معابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم" فذكر نحوه ولم يذكر التيمم.
قال أبو داود: (وروى هذه القصة عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية وقال فيه: فتيمم).
قلت: وقد رواه إسحاق بن راهويه في "مسنده"، من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب بهذا السند الأخير فيه زيادة أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص فقال فيه:"فتيممت ثم صليت بهم" كالرواية الأولى.
وقال الحاكم: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه والذي عندي أنهما علّلاه بحديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب) يعني الطريق التي ليس فيها ذكر أبي قيس، ثم أخرجها، ثم قال:(وحديث جرير بن حازم هذا لا يعلل حديث عمرو بن الحارث الذي وصله بذكر أبي قيس فإن أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة).
وقال البيهقي: (ويحتمل أن يكون قد فعل ما نقل في الروايتين جميعًا غسل ما
قدر على غسله وتيمم للباقي).
قلت: وقد روي الحديث من ثلاثة طرق أخرى إلا أنه ليس فيها تعرض لذكر غسل ولا تيمم.
• فالأول: من رواية ابن عباس، أن عمرو بن العاص كان في سفر، أخرجه الطبراني في "الكبير" وابن مردويه في "التفسير"، وابن عدي في "الكامل" إلا أنه من رواية يوسف بن خالد السمتي، عن زياد بن سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس ويوسف كذاب.
• والثاني: خرجه عبد الرزاق في "مصنفه" قال: أخبرنا ابن جريج، أخبرني إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، وعبد الله بن عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص بالقصّة.
ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني، وقد عزاه إليه الحافظ أبو الحسن الهيثمي في "مجمع الزوائد" ثم قال: (وفيه أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري، عن
أبي أمامة بن سهل بن حنيف ولم أجده من ذكره، وبقية رجاله ثقات) اهـ. وكأنه سقط من أصله إبراهيم أو زاغ عنه، فإنه إبراهيم بن أبي بكر، لا أبو بكر وقد ذكره الحافظ في "التهذيب"، ولم يذكر فيه شيئًا سوى روايته، عن أبي أمامة ابن سهل، ورواية ابن جريج عنه، وأن حديثه في مصنف عبد الرزاق ولعله يقصد هذا.
• والثالث: رواه البيهقي في "دلائل النبوة" من طريق الواقدي، حدثني أفلح بن سعيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش، عن أبي بكر بن حزم قال: كان عمرو بن العاص حين قفلوا احتلم ليلة باردة فذكر القصة.