الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيما يلزم من النذور
1095 -
حديث عائشة عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "من نذر أن يطيعَ الله فليطعه ومن نذر أن يعصيَ الله فلا يعصه".
أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنَّسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي في المشكل والبيهقي وأبو نعيم في الحلية وقد تقدّم قريبًا.
1096 -
حديث عمران بن حصين وحديث أبي هريرة الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين". قال ابن عبد البرّ: ضعّف أهل الحديث حديث عمران وأبي هريرة قالوا: لأنّ حديث أبي هريرة يدور على سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث وحديث عمران بن حصين يدور على زهير بن محمد عن أبيه وأبوه مجهول لم يرو عنه غير ابنه، وزهير أيضًا عنده مناكير لكن أخرجه مسلم من طريق عقبة بن عامر.
قلت: اشتملت هذه الجملة على أخطاء عديدة لم يقع للمؤلّف مثلها من أوّل الكتاب إلى هنا، ويبعد أن تكون صادرة من ابن عبد البر. فلا ندري كيف وقع فيها. أولها: قوله حديث عمران وحديث أبي هريرة الثابت يفيد حسب اصطلاحه أنهما في الصّحيحين أو أحدهما وليس كذلك فإنه لا يوجد فيهما ولا في أحدهما حديث واحدٌ منهما بهذا اللّفظ. ثانيها: قوله لأنّ حديث أبي هريرة يدور على سليمان بن أرقم وهو
متروك وليس لأبي هريرة حديثٌ في هذا الباب وإِنّما هو حديث عائشة فهو الذي وقع في إسناده سليمان بن أرقم. ومن الغريب أنَّ الحافظ وهم في هذا أيضًا فعزا في التلخيص الحديث لأحمد والأربعة من حديث أبي هريرة ولا أصل لذلك وكان الذي أوقعهم في ذلك كون الحديث من رواية أبي سلمة عن عائشة وأبو سَلَمة قد عرف بكثرة روايته عن أبي هريرة. ثالثها: قوله وحديث عمران يدور على زهير بن محمد عن أبيه وليس في إسناد حديث عمران زهير بن محمّد وإِنما فيه محمّد بن الزّبير الحنظلي التّميمي وحاله كما قال ابن عبد البَرّ. رابعها: أنّ الأسانيد غير متفقة على ذكر أبيه كما سأذكره. خامسها: قوله لكن خرجه مسلم من طريق عقبة بن عامر فإِنّ حديث عقبة المخرّج في صحيح مسلم قد سبق بلفظ "كفارة النذر كفارة يمين" وليس فيه التعرّض للنذر في المعصية ولا إثبات الكفّارة فيه. وبعد هذا فحديث عمران بن حصين رواه البخاري في التّاريخ الكبير والنّسائي والطحاوي في مشكل الآثار والحاكم والبيهقي وأبو نعيم في الحلية والخطيب في التاريخ من حديث محمد بن الزّبير
الحنظلي عن أبيه عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا نذر في معصية وكفّارته كفارة يمين". وقد ضعّفه جل هؤلاء المخرّجين وبيّنوا اضطراب محمد بن الزّبير فيه وأنه مرّة قال: عن عمران ومرة قال: عن أبيه عن عمران ومرة قال: عن رجل عن عمران، ومرّة قال: عن الحسن عن عمران واضطرب كذلك في متنه فمرة قال: "لا نذر في معصية"، ومرّة قال:"لا نذر في غضب". قال النسائي: محمَّد بن الزبير ضعيف لا تقوم بمثله حجّة وقد اختلف عليه في هذا الحديث. ثمّ بيّن ذلك. وقال الحاكم بعد أن ذكر بعض الأقوال في إسناده: مدار الحديث على محمّد بن الزّبير الحنظلي وليس بصحيح. فأمَّا قوله صلى الله عليه وسلم "لا نذر في معصية فقد اتفق عليه الشيخان وأطال البيهقي في ذكر طرقه والاختلاف على محمَّد بن الزبير في إسناده ومتنه ثمّ قال: ومحمَّد بن الزّبير ليس بالقوي ثمّ أسند عن البخاري أنه قال: منكر الحديث وفيه نظر وقال ابن حزم في المحلّى: إنّه حديث باطل.
وحديث أبي هريرة قدّمنا أنّه وهم وإنّما هو حديث عائشة أخرجه أحمد
والبخاري في التاريخ الكبير وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي وأبو نعيم في الحلية والخطيب في التاريخ وغيرهم من حديث الزّهريّ عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، ثمّ بين جلّهم أنّ الزهريّ لم يسمعه من أبي سلمة، وإنما سمعه من سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة وأخرجوا ذلك من طريق ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة كلاهما عن الزّهريّ بهذا الإِسناد فرجع الحديث إلى سليمان بن أرقم وهو ساقط منكر الحديث متهم بالكذب. وقال ابن حزم: هذا خبر لم يسمعه الزهريّ من أبي سلمة إنَّما رواه عن سليمان بن أرقم وهو مذكور بالكذب. وقال الترمذي: هذا حديث لا يصحّ لأن الزهريّ لم يسمعه من أبي سلمة سمعت محمدًا يعني البخاري يقول: روى عن غير واحد عن الزهريّ عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة وهذا أصحّ يعني من قول من قال: عن الزهريّ عن أبي سلمة وقال النّسائي: سليمان بن أرقم متروك الحديث وقد خالفه غير واحد من أصحاب يحيى بن أبي كثير، يعني فرووه عنه عن محمّد بن الزّبير الحنظلي عن أبيه عن عمران، ومحمَّد بن الزبير لا تقوم
بمثله حجّة. وقال البيهقي: هذا وهم من سليمان بن أرقم، فيحيى بن أبي كثير إنّما رواه عن محمد بن الزبير الحنظلي عن أبيه عن عمران. وهكذا قال أبو داود وغيره. ولهذا قال النووي: إنه حديث ضعيف باتفاق المحدِّثين، وتعقّبه الحافظ فقال: قد صّححه الطحاوي وأبو علي ابن السكن فأين الاتفاق؟ وهذا وهم من الحافظ فإِنَّ الطحاوي لم يصحح الحديث بل صرّح بضعفه فأخرجه أولًا من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة به ثمّ قال: وهذا فاسد الإسناد، ثمَّ أخرجه موسى ابن عقبة ومحمد بن أبي عتيق عن ابن شهاب عن سليمان بن أرقم به ثمّ قال: فعاد هذا الحديث إلى ابن شهاب عن سليمان بن أرقم وسليمان ليس ممن يقبل أهل الإِسناد حديثه. فأين تصحيح الطحاوي له. أمّا ابن السّكن فلم نقف على كتبه ولو صحّحه كما يقول الحافظ فقد خفيت عليه علّة الحديث فلا يعتبر بتصحيحه. وفي الباب عن ابن عباس وعدي بن حاتم وأبي سلمة مرسلًا وكلّها ضعيفة وهي عند الدّارقطني والبيهقي وابن حزم.
1097 -
حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا قائمًا في الشمس فقال: "ما بال هذا؟ قالوا: نذر أن لا يتكلّم ولا يستظلّ ولا يجلس ويصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مروه
فليتكلّم وليجلس وليتمّ صومه".
البخاري وأبو داود وابن ماجه وابن الجارود والدارقطني
والبيهقي من حديث ابن عباس قال: بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إذ هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نَذَرَ أن يَقُوَمَ ولا يَقْعُدَ ولا يَسْتَظِلَّ ولا يتكلَّمَ وَيَصُومَ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. . . وذكره .. ورواه مالك في الموطأ عن حُمَيْد بن قيس وثور بن يزيد الدِّيلىّ أنهما أخبراه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلًا فذكره ثمّ قال مالك ولم أسمع أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفّارة وَقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم ما كان لله طاعة ويترك ما كان معصية. وهذا هو المعنى الذي عزاه ابن رشد للمالكية وانتقده.
1908 -
قوله: (وفي كتاب مسلم أن ذلك كان في شربة عسل).
يعني بسبب نزول قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآية.
قلت: بل هو متّفق عليه خرجه أيضًا البخاري كلاهما من حديث عائشة:
"أَنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كان يَمْكُثُ عند زينب بنت جحش ويشرب عسلًا فتواطأتُ أنا وحفصة أنّ أيّتَنا دَخَلَ عليها النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فلتقل له إنى أجد منك ريحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مغافير فدخل على إحداهما النّبي صلى الله عليه وسلم فقالت ذلك له فقال: لا بل شربتُ عَسَلًا عند زينب بنت جحش ولن أعود له فنزلت: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} الآية.
1099 -
قوله: (وفيه يعني صحيح مسلم عن ابن عباس أنّه قال: إذا حَرَّم الرَجل عليه امرأته فهو يمين يكفّرها. وقال لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنة).
قلت: بل هو أيضًا متفق عليه خرّجاه معًا من حديث هشام الدّستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: في الحرام يمين تكفّر. وقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. لفظ البخاري ومسلم معًا ثمّ رواه مسلم باللّفظ الذي ذكره ابن رشد.