المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحيوان المأمور بقتله في الحرم - الهداية في تخريج أحاديث البداية - جـ ٦

[أحمد بن الصديق الغماري]

فهرس الكتاب

- ‌13 - كتاب الجهاد

- ‌في معرفة حكم هذه الوظيفة

- ‌معرفة الذين يحاربون

- ‌فيما يجوز من النكاية بالعدو

- ‌شروط الحرب

- ‌العدد الذين لا يجوز الفرار عنه

- ‌هل تجوز المهادنة

- ‌لماذا يحارب أهل الكتاب والمشركون

- ‌حكم خمس الغنيمة

- ‌حكم أربعة الأخماس

- ‌حكم الأنفال

- ‌حكم ما وجد من أموال المسلمين عند الكفار

- ‌فيما افتتح المسلمون من الأرض عنوة

- ‌قسمة الفيء

- ‌الجزية وحكمها وقدرها وممن تؤخذ

- ‌14 - كتاب الأيمان

- ‌ضروب الأيمان المباحة وغير المباحة

- ‌الأيمان اللغوية والمنعقدة

- ‌الأيمان التي ترفعها الكفارة

- ‌شروط الاستثناء المؤثر في اليمين

- ‌الأيمان التي يؤثر فيها الاستثناء

- ‌الحنث موجباته وشروطه وأحكامه

- ‌رفع الحنث

- ‌متى ترفع كفارة الحنث

- ‌15 - كتاب النذور

- ‌فيما يلزم من النذور

- ‌معرفة الشيء الذي يلزم عنها

- ‌16 - كتاب الضحايا

- ‌الباب الأول: في حكم الضحايا، ومن المخاطب بها

- ‌الباب الثاني: أنواع الضحايا وصفاتها

- ‌الباب الثالث: في أحكام الذبح

- ‌الباب الرابع: في أحكام لحوم الضحايا

- ‌17 - كتاب الذبائح

- ‌الباب الأول: معرفة محل الذبح

- ‌الباب الثاني: في الذكاة

- ‌الباب الثالث: فيما تكون به الذكاة

- ‌الباب الرابع: في شروط الذكاة

- ‌الباب الخامس: فيمن تجوز تذكيته ومن لا تجوز

- ‌18 - كتاب الصيد

- ‌الباب الأول: حكم الصيد ومحله

- ‌الباب الثاني: فيما يكون به الصيد

- ‌الباب الثالث: الذكاة المختصة بالصيد

- ‌الباب الرابع: شروط القانص

- ‌19 - كتاب العقيقة

- ‌20 - كتاب الأطعمة والأشربة

- ‌المحرمات في حال الاختيار

- ‌السباع ذوات الأربع

- ‌ذوات الحافر الإنسي

- ‌الحيوان المأمور بقتله في الحرم

- ‌جواز الانتباذ في الأسقية

- ‌في انتباذ الخليطين

- ‌استعمال المحرمات في حال الإضرار

- ‌21 - كتاب النكاح

- ‌الباب الأول: في مقدمات النكاح

- ‌الباب الثاني: في صحة النكاح

- ‌الباب الثالث: موجبات الخيار في النكاح

- ‌الباب الرابع: في حقوق الزوجية

- ‌الباب الخامس: الأنكحة المنهي عنها والفاسدة وحكمها

الفصل: ‌الحيوان المأمور بقتله في الحرم

‌الحيوان المأمور بقتله في الحرم

حرَّمها البتة. وعند البيهقي "فلقيت سعيد بن جبير فذكرت ذلك له فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها البتَّة لأنها كانت تأكل العَذِرة".

1192 -

قوله: (وأما سبب اختلافهم في الخيل فمعارضة دليل الخطاب في هذه الآية لحديث جابر).

تقدم قبل حديث، وفي الباب عن غيره، وأشهرها حديث أسماء في الصحيحين وغيرهما قالت: "ذبحنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسًا ونحن بالمدينة

ص: 312

فأكلنا". زاد أحمد "نحن وأهل بيته".

1193 -

قوله: (وأما ما حكاه أبو حامد عن الشافعي في تحريمه الحيوان المنهي عن قتله كالخطاف والنحل زَعْمٌ فإني لست أدري أين وقعت الآثار الواردة في ذلك ولعها في غير الكتب المشهورة عندنا).

قلت: هذا غريب جدًا بل هي في الكتب المشهورة التي ينقل منها ابن رشد بكثرة كسنن أبي داود والمحلى لابن حزم وأمثالهما فقد أخرج عبد الرزاق في

ص: 313

مصنفه وأحمد وأبو داود وابن ماجه والطحاوي في المشكل والبيهقي وغيرهم كابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النَّمْلَةِ والنَّحلة والهُدْهُد والصُّرَد". وفي لفظ للطحاوي والبيهقي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من الدواب لا يُقْتَلن النملة والنحلة والهدهد والصُّرد" صحّحه غير واحد، وقال البيهقي: هو أقوى ما ورد في الباب. ورواه البيهقي وأبو نعيم في

ص: 314

تاريخ أصبهان كلاهما من حديث علي بن بحر القطان أنبأنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد قال: سمعت أبي يذكر عن جدي "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قتل خمسة، عن النملة والنحلة والضفدع والصرد والهدهد. قال البيهقي: تفرد به عبد المهيمن بن عباس وهو ضعيف. ورواه الحسن بن سفيان في مسنده وأبو نعيم في الحلية من جهته ثم من حديث عباد بن كثير عن عثمان الأعرج عن الحسن عن عمران بن حصين وجابر بن عبد الله وأبي هريرة قالوا: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد والصُّرد، وأن يمحى اسم الله بالبصاق". قال أبو نعيم غريب من حديث الحسن عن الصحابة الثلاثة لم نكتبه إلا من حديث عباد بن كثير.

قلت: قد ورد من غير طريقة لكن من حديث أبي هريرة وحده من رواية سعيد بن المسيب عنه لا من رواية الحسن ولفظه، قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الصُّرَد والضِّفْدع والشملة والهدهد" رواه ابن ماجه من طريق إبراهيم بن الفضل عن

ص: 315

سعيد بن المسيب، وإبراهيم ضعيف أيضًا. وله طريق آخر عنه إلا أنه معلول فيما يزعم الدارقطني خرّجه الخطيب في ترجمة سهل بن يحيى من روايته عن ابن سبأ الحداد من روايته عن الحسن بن علي الحلواني حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي صالح عن أبي هريرة به بلفظ حديث ابن عباس السابق، ثم أسند عن الدارقطني أنه سئل عن هذا الحديث فقال:(رواه شيخ يعرف بسهل بن يحيى الحداد عن الحسن ابن علي الحلواني عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي صالح عن أبي هريرة ووهم فيه: إنما رواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس). وأما الخطاطيف فقد روى البيهقي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن معاوية أبي الحويرث المرادي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قتل الخطاطيف، وقال:"لا تقتلوا هذه العوذ، إنها تعوذ بكم من غيركم". قال البيهقي: ورواه إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبيه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخطاطيف عوذ البيوت" قال: وكلاهما منقطع، وقد روى حمزة النصيبي فيه حديثًا مسندًا إلا أنه كان يرمى بالوضع.

ص: 316

قلت: حديث إبراهيم بن طهمان رواه أبو داود في المراسيل من جهة ابن المبارك عن إبراهيم به، وحديث حمزة النصيبي رواه ابن عدي في الضعفاء من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن حمزة المذكور عن نافع عن ابن عمر قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الخفاش والخطاف فإِنهما كان يطفيان النار عن بيت المقدس حين احترق". ومن الغريب أن الرافعي ذكر في الشرح الكبير حديث نهى عن قتل الخفاش فلم يعرف الحافظ الذين خرجوه له سندًا ولا مخرجًا وخاتمتهم الحافظ فإِنه قال في التلخيص: (لم أجده مرفوعًا، لكن روى البيهقي من طريق حنظلة بن أبي سفيان عن القاسم عن عائشة قالت: كانت الأوزاغ يوم أحرق بيت المقدس تنفخ النار بأفواهها، والوطواط تطفيها بأجنحتها، قال البيهقي: هذا موقوف صحيح، قال الحافظ: وحكمه الرفع، لأنه يقال بغير توقيف، وما كانت عائشة ممن يأخذ عن أهل الكتاب، وقد روى البيهقي أيضًا من رواية زرارة بن أوفى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: لا تقتلوا الضفادع فإِن نقيقها تسبيح، ولا تقتلوا الخفاش، فإِنه لمّا خُرب بيت المقدس قال: يا رب سلطني على البحر حتى أغرقهم، فهو وإن كان سنده صحيحًا، لكن عبد الله بن عمرو كان يأخذ عن الإِسرائيليات).أ. هـ. وورد ذكر الخطاطيف أيضًا في حديث مرفوع أخرجه الأزدي وابن حبان في الضعفاء من حديث عمرو بن جميع عن

ص: 317

ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: "نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الخطاطيف وكان يأمر بقتل العنكبوت"، وقال الأزدي إنه مرفوع، وعمرو بن جميع كان كذابًا.

1194 -

حديث مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البِتْع، وهو نبيذ العسل، فقال: كُلُّ شَرَابٍ أسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ". قال ابن رشد: خرجه البخاري وقال يحيى بن معين: هذا أصح حديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم المسكر.

قلت أخرجه أحمد والجماعة الستة كلهم وآخرون وفي الباب عن جماعة

ص: 318

يأتي ذكرهم.

1195 -

حديث ابن عمر: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام". قال ابن رشد انفرد بتصحيحه مسلم.

قلت أخرجه أيضًا الطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي وابن الجارود والدارقطني بلفظ "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام" ولم يقل "وكل خمر حرام" إلا مسلم وابن ماجة وابن

ص: 319

الجارود والدارقطني في رواية لهم شك الراوي في رفعها إلا ابن ماجه والدارقطني فوقعت عندهما بدون شك. أيضًا وعند أبي داود من حديث ابن عباس مرفوعًا "كل مُخَمِّرٍ خمرٌ وكل مسكر حرام" الحديث.

1196 -

حديث جابر: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" قال ابن رشد خرجه الترمذي وأبو داود والنسائي.

قلت لم يخرجه النسائي في السنن الصغير الذي هو أحد الكتب الستة في اصطلاح المتأخرين الحارث بعد المؤلف بقليل وقد أخرجه أيضًا أحمد وابن

ص: 320

ماجه وابن الجارود والطحاوي والبيهقي وصححه ابن حبان وغيره وقال الترمذي: حسن غريب. وفي الباب عن علي وعائشة وابن عمرو وعبد الله بن عمرو بن العاص وخَوَّات بن جبير وزيد بن ثابت.

فحديث علي رواه الدارقطني والبيهقي من وجهين ضعيفين وحديث عائشة رواه أبو داود والترمذي والدولابي في الكنى وابن الجارود والطحاوي والدارقطني والبيهقي من طرق عنها بألفاظ منهما: "ما أسكر منه الفَرَق فَمِلْءُ

ص: 321

الكف منه حرامٌ" وفي لفظ "فالجرعة منه حرام" وفي لفظ "فالحسوة منه حرام".

وحديث ابن عمرو رواه أحمد وابن ماجه والبزار والبيهقي من أوجه عنه بلفظ الترجمة.

وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني والبيهقي.

وحديث خوَّات بن جبير رواه ابن السكن وابن قانع وابن شاهين في الصحابة والطبراني في الأوسط والحاكم في الصحابة من المستدرك، والدارقطني

ص: 322

والضياء المقدسي في المختارة، وسكت عليه الحاكم والذهبي وضعفه العقيلي الذي أخرجه أيضًا في الضعفاء في ترجمة عبد الله بن إسحاق الهاشمي وقال (له أحاديث لا يتابع منها على شيء) كذا قال، مع أن الأمر في هذا الحديث بخلاف ما قال.

وحديث زيد بن ثابت رواه الطبراني في الأوسط والكبير بسند ضعيف.

1197 -

حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخَمْرُ من هَاتين الشَّجَرتَيْن النَّخَلَةِ والعِنَبَةِ".

أبو داود الطيالسي وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود

ص: 323

والترمذي والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي.

1198 -

حديث ابن عمر: "إنَّ من العِنب خَمرًا، وإنَّ من العَسَل خَمرًا، ومن الزَّبِيبِ خَمرًا، ومِنَ الحِنْطَةِ خَمرًا وأنا أنهاكُم عن كُل مُسْكرٍ".

الطحاوي في معاني الآثار من طريق ابن لهيعة عن أبي النضر عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من العنب خمرًا وأنهاكم عن كل مسكر" هكذا رواه مختصرًا، وهو غريب من حديث ابن عمر، والمعروف باللفظ الذي ذكره ابن رشد من حديث النعمان بن بشير أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن

ص: 324

ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي واستغربه الترمذي لأنه من رواية إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عن النعمان وإبراهيم فيه مقال، لكنه عند الدارقطني من أوجه أخرى عن الشعبي من رواية مجالد، ومن رواية سلمة بن كهيل، ومن رواية أبي إسحاق، ومن رواية أبي حريز، ومن رواية السري بن إسماعيل، كلهم تابعوا إبراهيم بن مهاجر في روايته عن الشعبي، ومن طريق السري خرجه الحاكم وصححه وتعقب.

1199 -

حديث أبي عون الثقفي عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حُرمّتُ الخَمْرُ لِعَيْنِها، والسكر من غيرها". قال ابن رشد وضعَّفه أهل الحجاز لأن بعض رواته روى "والمُسْكِرُ من غيرها".

قلت: وليس ضعفه لذلك فقط: بل لأنه موقوف على ابن عباس من كلامه، ومن

ص: 325

رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد وهم، وذلك أن الحديث رواه مسعر وعباس بن ذريح عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي به موقوفًا على ابن عباس، هكذا رواه عن مِسْعَر شعبة، وسفيان الثوري، وأبو نعيم الفضل بن دكين وخلاد بن يحيى وجعفر بن عون وإبراهيم بن عيينة، وهكذا رواه موقوفًا أيضًا عباس العامري وابن شَبْرَمة عن عبد الله بن شداد بن الهاد شيخ أبي عوانة فيه، وهكذا رواه عكرمة وعون بن أبي جحيفة عن ابن عباس موقوفًا أيضًا، وخالفهم سفيان بن عيينة فيما قيل عنه فرفعه وهو وهم بلا شك منه، أو ممن قال ذلك عنه، فرواية عباس بن ذَريح عن أبي عون خرجها النسائي ورواية شُعْبَةُ عن مِسْعَر خرجها النسائي والبزار والدارقطني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي. ورواية سفيان خرجها البزار. ورواية أبي نعيم الفضل بن دكين خرجها الطحاوي في معاني الآثار، وقاسم بن أصبغ في المصنف: ومن جهته أورده ابن حزم في المحلى، وخرجها أيضًا أبو نعيم في الحلية. ورواية خلاد بن يحيي

ص: 326

خرجها أبو نعيم في الحلية أيضًا. ورواية جعفر بن عون خرجها البيهقي. ورواية إبراهيم بن عيينة ذكرها أبو نعيم. ورواية عباس العامري عن عبد الله بن شداد ذكرها الدارقطني، تبعه البيهقي. ورواية ابن شبرمة عن عبد الله بن شداد خرجها النسائي والبزار. ورواية عكرمة عن ابن عباس خرجها ابن جرير في تهذيب الآثار. ورواية عون بن أبي جحفة رواها أبو حنيفة في مسنده على ما نقله المارديني في الجوهر النقي، وقد رواه ابن عقدة في مسند أبي حنيفة، وكذلك طلحة بن محمد من طريق محمد بن صبيح عن أبي حنيفة به مرفوعًا، ومحمد بن صبيح هو ابن السماك الواعظ لم يكن الحديث من صناعته. فكان يرفع الموقوفات، ولذلك قالوا فيه ليس بشيء في الحديث على أن طلحة بن محمد قال: المحفوظ فيه عن أبي حنيفة عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس. ثم خرجه كذلك موقوفًا على الصواب من رواية هوذة بن خليفة، ومن رواية مصعب بن المقدام كلاهما

ص: 327

عن أبي حنيفة، ورواه ابن عقدة عن أحمد بن محمد بن يحيى الجبائي عن أبيه، وحماد بن أبي حنيفة عن أبي حنيفة. ومسعر، وعبد الله بن عياش كلهم عن أبي عون به مرفوعًا. وهذا كذب ورواته مجاهيل لا يقبل قولهم في معارضة الثقات الذين أوقفوه عن مسعر وأبي حنيفة. وأما اختلافهم في السكر والمسكر، فإِن النسائي خرجه من طريق عبد الوارث قال: سمعت ابن شبرمة يذكره عن عبد الله بن شداد ابن الهاد عن ابن عباس قال: حرمت الخمر قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب، ثم قال النسائي: لم يسمعه ابن شبرمه من عبد الله بن شداد. ثم أخرجه من طريق هشيم عن ابن شبرمة قال حدثني الثقة عن عبد الله بن شداد به مثله.

قلت الذي حدثه به عن عبد الله بن شداد هو عمار الذهبي كذلك خرجه البزار من طريق أبي سفيان الحميري ثنا هشيم عن ابن شبرمة عن عمار الدهني عن عبد الله بن شداد به. ثم أخرجه النسائي من طريق شُعبة عن مِسْعَر عن أبي عَوْن بلفظ "حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها، والمُسْكِرُ من كل شراب" بزيادة الميم في المسكر. ومن طريق شريك عن عباس بن ذَريح عن أبي عون بلفظ "حرمت الخمر قليلها وكثيرها وما أسكر من كل شراب" ثم قال النسائي (وهذا أولى بالصواب من

ص: 328

حديث ابن شبرمة وهشيم بن بشير كان يدلس وليس في حديثه ذكر السماع من ابن شبرمة ورواية أبي عون أشبه بما رواه الثقات عن ابن عباس) ثم أسند عنه من طرق ما معناه كل مسكر حرام. وأخرج الدارقطني رواية شعبة عن مسعر من طريق موسى بن هارون الحافظ عن أحمد بن حنبل عن محمد بن جعفر عن شعبة به: بلفظ "إنما حرمت الخمر والمسكر من شراب"، وقال موسى بن هارون: وحدثنا بعض أصحابنا عن إسماعيل ابن بنت السدي عن شريك عن عباس العامري عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس مثله سواء: المسكر من كل شراب، قال موسى: وهذا الصواب عن ابن عباس، لأنه قد روي يعني ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم "كل مسكر حرام" وروى عنه طاوس وعطاء ومجاهد:"ما أسكر كثيره، فقليله حرام" ورواه عنه قيس بن جبير، وكذلك فتيا ابن عباس في المسكر ثم أسند ذلك عنه. وفي الباب عن علي مرفوعًا بلفظ "والسكر من كل شراب" خرجه ابن عدي وهو حديث موضوع.

1200 -

حديث شريك عن سماك بن حرب بإِسناده عن أبي بردة بن نيار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني كنت نهَيتُكُم عن الشَّراب في الأوعية فاشربوا فيما بَدَا لَكُم ولا تَسْكَرُوا". قال ابن رشد: خرجه الطحاوي.

قلت هو كذلك وأخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي والنسائي والدارقطني

ص: 329

والبيهقي من حديث أبي الأحوص عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة بن نيار به. وله عندهم ألفاظ منها للنسائي "اشربوا في الظروف ولا تسكروا" ثم قال: (هذا حديث منكر غلط فيه أبو الأحوص سلام بن سليم لا نعلم أن أحدًا تابعه عليه من أصحاب سماك بن حرب، وسماك ليس بالقوي وكان يقبل التلقين. قال أحمد بن حنبل: كان أبو الأحوص يخطئ في هذا الحديث. خالفه شريك في إسناده. ولفظه. ثم رواه النسائي من طريق شريك عن سماك عن ابن بريدة عن أبيه مرفوعًا "نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت". وخالفه أبو عوانة فرواه عن سماك عن قرصَافَة امرأة منهم عن عائشة قالت: "اشربوا ولا تسكروا" قال النسائي: وهذا أيضًا غير ثابت وقرصافة هذه لا ندري من هي والمشهور عن عائشة خلاف ما روت عنها قرصافة). ثم خرجه بلفظ آخر بعيد عن هذا المعنى. وقال الدارقطني: (وهم فيه أبو الأحوص في إسناده ومتنه وقال غيره: عن سماك عن القاسم عن ابن بريدة عن أبيه: "ولا تشربوا مسكرًا" ثم أخرجه كذلك من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري عن محمد بن جابر عن سماك ثم قال وهذا هو الصواب) وذكر ابن أبي حاتم في العلل أنه سأل أبا زرعة عن حديث أبي الأحوص هذا فقال أبو زرعة (وهم فيه أبو الأحوص قلب من الإِسناد موضعًا وصحف في موضع. أما القلب فقوله عن أبي بردة أراد عن ابن بردة، ثم احتاج أن يقول ابن بريدة عن أبيه فقلب الإِسناد بأسره، وأفحش في الخطأ وأفحش من ذلك وأشنع تصحيفه في متنه "اشربوا في الظروف ولا تسكروا". وقد روى هذا الحديث عن ابن

ص: 330

بريدة عن أبيه أبو سنان ضرارًا ابن مرة، وزبيد اليامي عن محارب بن دثار، وسماك بن حرب، والمغيرة بن سبيع، وعلقمة بن مرثد، والزبير بن عدي، وعطاء الخرساني، وسلمة بن كهيل عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم "نهيتكم عن زيارة القبور: فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فامسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية، ولا تشربوا مسكرًا" وفي حديث بعضهم:"واجتنبوا كل مسكر، ولم يقل أحد منهم: ولا تسكروا، فقد بان وهم حديث أبي الأحوص، ومن اتفاق هؤلاء المسمين على ما ذكرنا من خلافه، قال أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث أبي الأحوص خطأ في الإسناد، والكلام، فأما الإِسناد، فإِن شريكًا وأيوب ومحمدًا ابني جابر رووه عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما رواه الناس: "فانتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكرًا" قال أبو زرعة: كذا أقول، وهذا خطأ، والصحيح حديث ابن بريدة عن أبيه).

1201 -

قوله: (ورووا عن ابن مسعود أنه قال: شهدت تحريم النبيذ كما شهدتم، ثم شهدت تحليله فحفظت ونسيتم).

لم أره بهذا اللفظ. وعند ابن ماجه والطحاوي وابن حبان عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نهيتكم عن نَبيذ الأَوعيَةِ ألا وإنَّ وعاءً لا يُحَرِّمُ شيئًا. وكل مُسْكِرٍ حَرَامٌ" فإن كان المراد من النبيذ في الآثر الذي ذكره ابن رشد الانتباذ فهذا معناه، وهو الواقع إن شاء الله، وإن كان المراد المشروب نفسه فهو غريب.

ص: 331

1202 -

حديث أبي موسى قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ومعاذًا إلى اليمن، فقلنا: يا رسول الله إن بها شرابين يصنعان من البر والشعير: أحدهما يقال له المِزْرُ والآخر يقال له البِتْعُ فما نشرب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اشربا ولا تسكرا": قال ابن رشد خرجه الطحاوي.

قلت هو كذلك والحديث متفق عليه وخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو

ص: 332

داود والنسائي والبيهقي وجماعة بألفاظ متعددة ليس في شيء منها "اشربا ولا تسكرا" بل في بعضها "ولا تشربا مسكرًا"، وكذلك خرجه. الطحاوي أيضًا ومشى على أنه لا فرق بين اللفظين. وفي لفظ في الصحيح، واللفظ لمسلم "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام" وفي لفظ له "نهي عن كل مسكر أسكر عن الصلاة". وعند أبي داود فقال: "أخبر قومك أن كل مسكر حرام". ورواية الطحاوي رواها عن علي بن معبد عن يونس عن شريك عن أبي إسحاق عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه فوقع الوهم في تلك اللفظة من علي بن معبد أو شيخه، حيث رواه أحدهما بالمعنى، وظن أن معنى قوله: "ولا تشربا مسكرًا" هو "ولا تسكرا" فحدث به كذلك، وإنما لم أحكم بالوهم فيها على شريك مع أنه معروف بذلك لأن

ص: 333

الطحاوي رواه بعد هذا عن أبي بكرة عن عبد الله بن رجاء عن شريك به "ولا تشربا مسكرًا" على الصواب فبرئ شريك من عهدة الوهم فيه.

1203 -

حديث "كُلُّ مُسْكرٍ حرام".

تقدم بعض طرقه وهو حديث تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية نحو ثلاثين صحابيًا جلها بالأسانيد الصحيحة والحسنة، كما أنه ورد عن بعضهم من طرق متعددة تفيد القطع بثبوته عنه أيضًا.

ص: 334

1204 -

حديث: "ما أسكر كثيره فقليله حرام".

تقدم.

1205 -

حديث: "فانْتَبِذُوا وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ".

تقدم في حديث أبي بردة ابن نيار، وحديث ابن مسعود. والمشهور في هذا المعنى حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم:"كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء، غير أن لا تشربوا مسكرًا". وفي لفظ "نهيتكم" عن الظرُوف وإن ظَرفًا لا يحل شيئًا ولا يحرمه، وكل مُسْكر حرامٌ، رواه أحمد ومسلم والترمذي

ص: 335