الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا جَاءَ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفِ بِجِنْسِهِ
3151-
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَهْدَتْ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِ طَعَامًا فِي قَصْعَةٍ، فَضَرَبَتْ عَائِشَةُ الْقَصْعَةَ بِيَدِهَا فَأَلْقَتْ مَا فِيهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«طَعَامٌ بِطَعَامٍ وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
3152-
وَهُوَ بِمَعْنَاهُ لِسَائِرِ الْجَمَاعَةِ إلا مُسْلِمًا.
3153-
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْت صَانِعَةً طَعَامًا مِثْلَ صَفِيَّةَ، أَهْدَتْ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَاءً مِنْ طَعَامٍ، فَمَا مَلَكْت نَفْسِي أَنْ كَسَرْتُهُ،
فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَتُهُ؟ فقَالَ: «إنَاءٌ كَإِنَاءٍ وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «إنَاءٌ بِإِنَاءٍ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقِيَمِيَّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَلا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إلا عِنْدَ عَدَمِ الْمِثْلِ إلى أن قَالَ، وَلا خِلافَ فِي أَنَّ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ. انتهى.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَيُضْمَنُ الْمَغْصُوب بِمِثْلِهِ مُكَيَّلاً أَوْ مَوْزُونًا أَوْ غَيْرِهِمَا حَيْثُ أمكنَ، وَإِلا فَالْقِيمَة، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَنْد أَبِي مُوسَى وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَإِذَا تَغَيَّرَ السِّعْر وَفُقِدَ الْمِثْلِ فَيَنْتَقَلَ إِلَى الْقِيمَةِ وَقْتَ الْغَصْبِ وَهُوَ أَرْجَحَ الأَقْوَالِ. انْتَهَى.
بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ
3154-
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» .
3155-
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الرِّجْلُ جُبَارٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
3156-
وَعَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةُ أَنَّ نَاقَةَ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظُهَا بِالنَّهَارِ، وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.
3157-
وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَقَفَ دَابَّةً فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ، فَأَوْطَأَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَهُوَ ضَامِنٌ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَهَذَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِيمَا إذَا وَقَفَهَا فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ أَوْ حَيْثُ يَضُرُّ الْمَارَّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «جُبَارٌ» بِضَمِّ الْجِيمِ، أَيْ: هَدَرٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ جِنَايَةَ الْبَهَائِمِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا وَلَمْ تَكُنْ عَقُورًا وَلا فَرَّطَ مَالِكُهَا فِي حِفْظِهَا حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحِفْظُ وَذَلِكَ فِي اللَّيْلِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةُ، وَكَذَلِكَ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَطُرُقِهِمْ وَمَجَامِعِهِمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ.
قَوْلُهُ: «الرِّجْلُ» بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، يَعْنِي: أَنَّهُ لا ضَمَانَ فِيمَا جَنَتْهُ الدَّابَّةُ بِرِجْلِهَا، وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ بِسَبَبٍ مِنْ مَالِكِهَا كَتَوْقِيفِهَا فِي الأَسْوَاقِ وَالطُّرُقِ وَالْمَجَامِعِ وَطَرْدِهَا فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ النُّعْمَانِ، وَبِشَرْطِ أَنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ فِي الأَوْقَاتِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ حِفْظُهَا فِيهَا كَاللَّيْلِ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَقَالُ وَلَكِنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«جَرْحُهَا جُبَارٌ» فَإِنَّ عُمُومَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ جِنَايَتِهَا بِرِجْلِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: «ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا» أَيْ: مَضْمُونٌ عَلَى أَهْلِهَا وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ «وَإِنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ» . انتهى.
وقَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَمَنْ أَمَرَ رَجُلاً بِإِمْسَاكِ دَابَّة ضَارِيَة فَجَنَتْ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ إِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا، وَيَضْمَنُ جِنَايَة وَلَدَ الدَّابَةِ إِنْ فَرَّطَ نَحْوَ أَنْ يَعْرِفَه شمُوسًا، وَالدَّابَة إِذَا أَرْسَلَهَا صَاحِبَهَا بِالليلِ كَانَ مُفَرِّطًا فَهُوَ كَمَا إِذَا أَرْسَلَهَا قُرْب زَرْع وَلَوْ كَاَنَ مَعَهَا رَاكبًا أَوْ قَائِدًا أَوْ سَائِقًا فَمَا أَفْسَدَتْ بِفَمِهَا أَوْ يَدِهَا فَهُوَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ تَفْرِيطٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدٍ. انْتَهَى.