الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْيَمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلا يَعْرِفُونَهُ فَقَتَلُوهُ فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدِيَهُ فَتَصَدَّقَ حُذَيْفَةُ بِدِيَتِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
3993-
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ - الْيَمَانُ - شَيْخًا كَبِيرًا، فَرُفِعَ فِي الآطَامِ مَعَ النِّسَاءِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَخَرَجَ يَتَعَرَّضُ لِلشَّهَادَةِ فَجَاءَ مِنْ
نَاحِيَةِ الْمُشْرِكِينَ فَابْتَدَرَهُ الْمُسْلِمُونَ فَتَوَشَّقُوهُ بِأَسْيَافِهِمْ وَحُذَيْفَةُ يَقُولُ: أَبِي أَبِي فَلا يَسْمَعُونَهُ مِنْ شَغْلِ الْحَرْبِ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِدِيَتِهِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى الْحُكْم فِيمَنْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ فِي الْمَعْرَكَةِ وَهُوَ يَظُنّهُ كَافِرًا ثُمَّ انْكَشَفَ مُسْلِمًا. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: اخْتُلِفَ عَلَى عُمَرَ وَعَلِيٍّ هَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ لا؟ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ يُقَالُ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ: اُدْعُ عَلَى مَنْ شِئْتَ وَاحْلِفْ فَإِنْ حَلَفْتَ اسْتَحْقَقْتَ الدِّيَةَ وَإِنْ نَكَلْتَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى النَّفْيِ وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَرَوَى مُسَددٌ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيد بن مَذكور أَنَّ رَجُلاً زُحِمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَمَاتَ، فَوَدَاهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْأَلَةِ الزُّبْيَةِ وَالْقَتْلِ بِالسَّبَبِ
3994-
عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ فَانْتَهَيْنَا إلَى قَوْمٍ قَدْ بَنَوْا زُبْيَةً لِلأَسَدِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ يَتَدَافَعُونَ إذْ سَقَطَ رَجُلٌ فَتَعَلَّقَ بِآخَرَ، ثُمَّ تَعَلَّقَ الرَّجُلُ بِآخَرَ حَتَّى صَارُوا فِيهَا أَرْبَعَةً، فَجَرَحَهُمْ الأَسَدُ فَانْتَدَبَ لَهُ رَجُلٌ بِحَرْبَةٍ فَقَتَلَهُ وَمَاتُوا مِنْ جِرَاحَتِهِمْ كُلُّهُمْ، فَقَامَ أَوْلِيَاءُ الأَوَّلِ إلَى أَوْلِيَاءِ الآخِرِ فَأَخْرَجُوا السِّلاحَ لِيَقْتَتِلُوا، فَأَتَاهُمْ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى تَفِئَةِ ذَلِكَ، فَقَالَ: تُرِيدُونَ أَنْ تَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ؟ إنِّي أَقْضِي بَيْنَكُمْ قَضَاءً إنْ رَضِيتُمْ بِهِ فَهُوَ الْقَضَاءُ، وَإِلا حَجَرَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى تَأْتُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونَ هُوَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنَكُمْ، فَمَنْ عَدَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلا حَقَّ لَهُ، اجْمَعُوا مِنْ قَبَائِلِ الَّذِينَ حَضَرُوا الْبِئْرَ رُبُعَ الدِّيَةِ وَثُلُثَ الدِّيَةِ وَنِصْفَ الدِّيَةِ وَالدِّيَةَ كَامِلَةً فَلِلأَوَّلِ رُبُعُ الدِّيَةِ
لأَنَّهُ هَلَكَ مِنْ فَوْقِهِ ثَلاثَةٌ، وَلِلثَّانِي ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَلِلثَّالِثِ
نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلِلرَّابِعِ الدِّيَةُ كَامِلَةً فَأَبَوْا أَنْ يَرْضَوْا فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عِنْدَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - فَقَصُّوا عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَأَجَازَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
3995-
وَرَوَاهُ بِلَفْظٍ آخَرَ نَحْوِ هَذَا وَفِيهِ: وَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى قَبَائِلِ الَّذِينَ ازْدَحَمُوا.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ اللَّخْمِيِّ أَنَّ أَعْمَى كَانَ يُنْشِدُ فِي الْمَوْسِمِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَقُولُ:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَقِيتُ مُنْكَرَا
…
هَلْ يَعْقِلُ الأَعْمَى الصَّحِيحَ الْمُبْصِرَا
خَرَّا مَعًا كِلاهُمَا تَكَسَّرَا
وَذَلِكَ أَنَّ أَعْمَى كَانَ يَقُودُهُ بَصِيرٌ فَوَقَعَا فِي بِئْرٍ فَوَقَعَ الأَعْمَى عَلَى الْبَصِيرِ، فَمَاتَ الْبَصِيرُ، فَقَضَى عُمَرُ بِعَقْلِ الْبَصِيرِ عَلَى الأَعْمَى. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى أَهْلَ أَبْيَاتٍ فَاسْتَسْقَاهُمْ فَلَمْ يَسْقُوهُ حَتَّى مَاتَ فَأَغْرَمَهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه الدِّيَةَ. حَكَاهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْن مَنْصُورٍ وَقَالَ: أَقُولُ بِهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْقَضَاءِ الَّذِي قَضَى بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَرَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْمُتَجَاذِبِينَ فِي الْبِئْرِ تَكُونُ عَلَى الصِّفَة الْمَذْكُورَة إلى أن قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ كَانَ جَانِيًا عَلَى غَيْرِهِ خَطَأً فَمَا لَزِمَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَمَنْ كَانَ جَانِيًا عَمْدًا فَمِنْ مَالِهِ. انتهى.
قَالَ فِي الْمُغْنِي: إِذَا سَقَطَ رَجُلٌّ فِي بِئْرٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ آخَر فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانَهُ لأَنَّهُ قَتَلَهُ فَضَمِنَهُ كَمَا لَوْ رَمَى عَلَيْهِ حَجَرًا، ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا رَمَى نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لا يَقْتُلُ غَالِبًا فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ وَقَعَ خَطَأ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُخَفَّفَةٌ، وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي بِوُقُوعِهِ عَلَى
الأَوْلُ فَدَمُهُ هَدَرٌ لأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ. وَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ بن رَبَّاحٍ اللَّخَمِيّ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَقُودُ أَعْمَى فَوَقَعَ فِي بِئْرٍ خَرَّ الْبَصِيرِ وَوَقَعَ الأَعْمَى فَوْقَ الْبَصِيرِ
فَقَتَلَهُ. فَقَضَى عُمَر بِعَقْلِ الْبَصِيرِ عَلَى الأَعْمَى. وَهَذَا قَوْلُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَشريح وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاقِ. وَلَوْ قَالَ قَائِلٍ: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى ضَمَانُ الْبَصِيرِ لإِنَّهُ الَّذي قَادَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَا فِيهِ، وَكَانَ سَبَبُ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ. وَلِذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ قَصْدًا لَمْ يَضْمَنْهُ بِغَيْرِ خِلافٍ وَكَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الأَعْمَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُ بِقْصَدْهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، إِلا أَنْ يَكُونَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فَلا تَجُوزُ مُخَالَفَةِ الإِجْمَاعِ، وَيُحْتَمْل أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ عَلَى الْقَائِدِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الأَعْمَى فَلَمْ يضمن مَا تَلَفَ بِهِ كَمَا لَوْ حَفَرَ لَهُ بِئْرًا فِي دَارِهِ بِإِذْنِهِ فَتَلَفَ بِهَا، الثَّانِي أَنَّهُ فعل مَنْدوب إِلَيْهِ مَأْمُور بِهِ فَأَشْبَه مَا لَوْ حَفَر بِئْرًا فِي سَابلة يَنْتَفِعُ بِها الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُ لا يَضْمَنُ مَا تَلَفَ بِهَا.
فَصْلٌ: فَإِنْ سَقَطَ رَجُلٌ فِي بِئْرٍ فَتَعَلَّقَ بِآخَر فَوَقَعَا مَعًا فَدَمُّ الأَوَّلِ هَدَرٌ لأَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَة الثَّانِي إِنْ مَاتَ لأَنَّهُ قَتَلَهُ بِجَذْبَتِهِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ الثَّانِي بِثَالِثٍ فَمَاتُوا جَمِيعًا فَلا شَيْء عَلَى الثَّالِثِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي دِيَتِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لأَنَّهُ جَذَبَهُ وَبَاشَرَهُ بِالْجَذْبِ، وَالْمُبَاشَرَة تَقْطَعُ حُكْمُ السَّبَبِ كَالْحَافِرِ مَعَ الدَّافِعِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَصْلٌ: وَإِنْ هَلَكُوا بِأَمْرٍ فِي الْبِئْرِ مِثْل أَسَد كَانَ فِيهِ وَكَانَ الأَوَّلُ جَذَبَ الثَّانِي وَالثَّانِي جَذَبَ الثَّالِثَ وَالثَّالِثُ جَذَبَ الرَّابِعَ فَقَتَلَهُمْ الأَسَدُ فَلا شَيْءٍ عَلى الرَّابِعِ وَدِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الثَّالِثِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الثَّانِي عَلَى عَوَاقِلِ الثَّلاثَةِ أَثْلاثًا وَدَمُّ الأَوَّلِ هَدَرٌ وَعَلَى عَاقِلَتِه دِيَةُ الثَّانِي، وَأَمَّا دِيَةُ الثَّالِثُ فَعَلَى الثَّانِي فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَفِي الآخَرِ عَلَى الأَوَّلِ وَالثَّانِي نَصْفَيْنِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى مَسْأَلَةُ الزّبية. وَقَدْ رَوَى حَنَشُ الصَّنْعَانِي أَنْ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ
الْيَمَنِ حَفَرُوا زبية لِلأّسَدِ. فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى رَأْسِهَا فَهَوَى فِيهَا وَاحِِدٌ فَجَذَبَ ثَانِيًا، فَجَذَبَ الثَّانِي الثَّالِثَ ثُمَّ جَذَبَ الثَّالِثُ رَابِعًا فَقَتَلَهُمْ الأَسَدُ. فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقَالَ: لِلأَوَّلِ رُبْعُ الدِّيَةِ لأَنَّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ ثَلاثَةٌ، وّلِلثَّانِي ثُلْثُ الدِّيَةِ لأَنَّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ اثْنَان، وَلِلثَّالِثِ نَصْفُ الدِّيَة لأَنَّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ وَاحِدٌ، وَلِلرَّابِعِ كَمَال الدِّيَةِ. وَقَالَ: فَإِنِّي أَجْعَلُ الدِّيَةَ عَلَى مَنْ حَضَرَ رَأْسَ الْبِئْرِ، فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«هُوَ كَمَا قَالَ» . رَوَاهُ سَعِيدٌ بن مَنْصُورٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عوانَة وَأَبُو الأَحْوَصِ عَنْ سماك بن حَرْب عَنْ حَنَشٍ بِنَحْوِ هَذَا الَمَعْنَى. قَالَ أَبُو