الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ورد في ترغيب القضاء: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ» إلى أن قال: وَلَكِنَّ هَذِهِ التَّرْغِيبَاتِ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ الْقَاضِي الْعَادِلِ الَّذِي لَمْ يَسْأَل الْقَضَاءَ وَلا اسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِالشُّفَعَاءِ، وَكَانَ لَدَيْهِ مِنْ الْعِلْمِ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مَا يَعْرِفُ بِهِ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ. إلى أن قَالَ: وَقَدْ كَثُرَ التَّتَابُعُ مِنْ الْجَهَلَةِ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ الشَّرِيفِ وَاشْتَرَوْهُ بِالأمْوَالِ مِمَّنْ هُوَ أَجْهَلُ مِنْهُمْ حَتَّى عَمَّتْ الْبَلْوَى.
قَوْلُهُ: «وَيْلٌ لِلْعُرَفَاءِ» جَمْعُ عَرِيفٍ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَهُوَ الْقَيِّمُ بِأُمُورِ الْقَبِيلَةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ النَّاسِ، يَلِيَ أُمُورَهُمْ وَيَتَعَرَّفُ الأمِيرُ مِنْهُ أَحْوَالَهُمْ. وَسَبَبُ الْوَعِيدِ لَهَذِهِ الطَّوَائِفِ الثَّلاثِ - وَهُمْ الأمَرَاءُ وَالْعُرَفَاءُ وَالأمَنَاءُ - أَنَّهُمْ يَقْبَلُونَ وَيُطَاعُونَ فِيمَا يَأْتُونَ بِهِ فَإِذَا جَارُوا عَلَى الرَّعَايَا جَارُوا وَهُمْ قَادِرُونَ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَشْدِيدِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِمْ؛ لأنَّ حَقَّ شُكْرِ النِّعْمَةِ الَّتِي امْتَازُوا بِهَا عَلَى غَيْرِهِمْ أَنْ يَعْدِلُوا وَيَسْتَعْمِلُوا الشَّفَقَةَ وَالرَّأْفَةَ. انْتَهَى مُلَخْصًا.
بَابُ الْمَنْعِ مِنْ وِلايَةِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ لا يُحْسِنُ الْقَضَاءَ
أَوْ يَضْعُفُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ
4953-
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
4954-
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4955-
وَعَنْ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي
…
الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ وَجَارَ فِي حُكْمِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ وَأَبُو دَاوُد.
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْقَاضِي رَجُلاً.
4956-
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَفْتَى بِفُتْيَا غَيْرِ ثَبْتٍ
فَإِنَّمَا إثْمُهُ عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةْ.
4957-
وَفِي لَفْظٍ: «مَنْ أَفْتَى بِفَتْوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إثْمُ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
4958-
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ إنِّي أَرَاك ضَعِيفًا، وَإِنِّي أُحِبُّ إلَيْكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ» .
4959-
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبَيَّ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ إنَّك ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا
يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا» . رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
4960-
وَعَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ الأحْمَسِيَّةِ أَنَّهَا سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
…
«اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ اللهِ عز وجل» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا الْبُخَارِيَّ وَأَبَا دَاوُد.
4961 -
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.
وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ وِلايَةِ الْحُكْمِ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ عَبْدًا.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ» إلَى آخره فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْوِلايَاتِ وَلا يَحِلُّ لِقَوْمٍ تَوْلِيَتُهَا لأنَّ تَجَنُّبَ الأمْرِ الْمُوجِبِ لِعَدَمِ الْفَلاحِ وَاجِبٌ.
قَوْلُهُ: «وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ قَاضِيًا، قَالَ فِي الْبَحْرِ: إجْمَاعًا وَأَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم بِالتَّعَوُّذِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ لَعَلَّهُ لِمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ، مِنْهَا قَتْلُ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه وَوَقْعَةُ الْحَرَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَقَعَ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ.
قَوْلُهُ: «الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ» إلَى آخِرُه فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَعْظَمُ وَازِعٍ لِلْجَهَلَةِ