الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ يُقْتَلُ الشَّارِبُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ أَوْ لا؟ فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ لا يُقْتَلُ الشَّارِبُ وَأَنَّ الْقَتْلَ مَنْسُوخٌ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: فَمَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِعْل الْفَسَادَ وَلَمْ يَرْتَدِعِ الْحُدُودَ الْمُقَدَّرَةُ بَلْ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ الْفَسَادَ فَهُوَ كالصائل لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَيُقْتَلُ قِيلَ: وَيُمْكِنُ أن يَخْرُجُ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى هَذَا. انْتَهَى.
بَابُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ سُكْرٌ أَوْ رِيحُ خَمْرٍ وَلَمْ يَعْتَرِفْ
4113-
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقِتْ فِي الْخَمْرِ حَدًّا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَرِبَ رَجُلٌ فَسَكِرَ، فَلُقِيَ يَمِيلُ فِي الْفَجِّ، فَانْطُلِقَ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا حَاذَى بِدَارِ الْعَبَّاسِ انْفَلَتَ فَدَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ فَالْتَزَمَهُ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَضَحِكَ وَقَالَ:«أَفَعَلَهَا» ؟ وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِشَيْءٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ: هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ.
4114-
وَعَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنْت بِحِمْصَ، فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَاَللَّهِ لَقَرَأْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«أَحْسَنْت» . فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إذْ وَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ، فَقَالَ: أَتَشْرَبُ الْخَمْرَ وَتُكَذِّبُ بِالْكِتَابِ؟ فَضَرَبَهُ الْحَدَّ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قَوْلُهُ: (لَمْ يَقِتْ) مِنْ التَّوْقِيتِ أَيْ لَمْ يُقَدِّرْهُ بِقَدْرٍ وَلَا حَدَّهُ بِحَدٍّ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ قَالَ: إنَّ حَدَّ السُّكْرِ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَإِنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَعْزِيرٌ فَقَطْ. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الإِجْمَاعُ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى وُجُوبِهِ. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَدْ قِيلَ: إنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُشْرَعَ الْجَلْدُ ثُمَّ شُرِعَ الْجَلْدُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا لَمْ يُقِمْ الْحَدَّ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقِرَّ لَدَيْهِ وَلَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الشَّهَادَةُ عِنْدُهُ، وَعَلَى هَذَا بَوَّبَ الْمُصَنِّفُ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى شَخْصٍ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِ النَّاسِ لَهُ أَنَّهُ فَعَلَ مَا يُوجِبُهُ، وَلا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ السَّتْرِ وَأَوْلَوِيَّةِ مَا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَلَى مَا يُوجِبُهُ.