الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَعْلامِ النُّبُوَّةِ، لِإِخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا سَيَكُونُ مِنْ مُلْكِ الْمُسْلِمِينَ هَذِهِ الأقَالِيمَ وَوَضْعِهِمْ الْجِزْيَةَ وَالْخَرَاجَ، ثُمَّ بُطْلانِ ذَلِكَ. وَوَجْهُ اسْتِدْلالِ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَلِمَ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ يَضَعُونَ الْخَرَاجَ عَلَى الأرْضِ وَلَمْ يُرْشِدْهُمْ إلَى خِلافِ ذَلِكَ بَلْ قَرَّرَهُ وَحَكَاهُ لَهُمْ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ مَا جَاءَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ هَلْ هُوَ عَنْوَةٌ أَوْ صُلْحٌ
؟
4411-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ فَقَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ مَكَّةَ فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إحْدَى الْمُجَنَّبَتَيْنِ وَبَعَثَ خَالِدًا عَلَى الْمُجَنَّبَةِ الأخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَتِيبَتِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشَهَا، وَقَالُوا: نُقَدِّمُ هَؤُلاءِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَفَطِنَ فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» . قُلْت: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«اهْتِفْ لِي بِالأنْصَارِ وَلا يَأْتِينِي إِلا أَنْصَارِيٌّ» . فَهَتَفَ بِهِمْ فَجَاءُوا فَطَافُوا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «تَرَوْنَ إلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ» ؟ ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى: «اُحْصُدُوهُمْ حَصَدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَانْطَلَقْنَا فَمَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ مَا شَاءَ إِلا قَتَلَهُ، وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إلَيْنَا شَيْئًا، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ» . فَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَفِي يَدِهِ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ فَأَتَى فِي طَوَافِهِ عَلَى صَنَمٍ إلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَعْبُدُونَهُ، فَجَعَلَ يَطْعَنُ بِهِ فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ:{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} ثُمَّ أَتَى الصَّفَا فَعَلا حَيْثُ يَنْظُرُ إلَى الْبَيْتِ، فَرَفَعَ
يَدَهُ فَجَعَلَ يَذْكُرُ اللهَ بِمَا شَاءَ أَنْ يَذْكُرَهُ وَيَدْعُوَهُ وَالأنْصَارُ تَحْتَهُ، قَالَ: يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَجَاءَ الْوَحْيُ وَكَانَ إذَا جَاءَ لَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ يَرْفَعُ طَرَفَهُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُقْضَى، فَلَمَّا قُضِيَ الْوَحْيُ رَفَعَ
رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الأنْصَارِ أَقُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ» ؟ قَالُوا: قُلْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«فَمَا اسْمِي إذَنْ؟ كَلًّا إنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ فَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ» . فَأَقْبَلُوا إلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: وَاَللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلا الضِّنَّ بِرَسُولِ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«فَإِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذُرَانِكُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
4412-
وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: ذَهَبْت إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ، فَقَالَ:«مَنْ هَذِهِ» ؟ فَقُلْت: أَنَا أُمُّ هَانِئِ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ:«مَرْحَبًا يَا أُمَّ هَانِئٍ» . فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ - فُلانَ بْنَ هُبَيْرَةَ - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» . قَالَتْ: وَذَلِكَ ضُحًى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4413-
وَفِي لَفْظٍ لأحْمَدَ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَجَرْتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَحْمَائِي، فَأْدْخَلْتُهُمَا بَيْتًا وَأَغْلَقْتُ عَلَيْهِمَا بَابًا، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّي عَلِيٌّ، فَتَفَلَّتَ عَلَيْهِمَا بِالسَّيْفِ. وَذَكَرَتْ حَدِيثَ أَمَانِهِمَا.
4414-
وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ
يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ:«احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ خَطْمِ الْجَبلِ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ» . فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلاءِ الأنْصَارُ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا
…
أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ. ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ، وَهْىَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ،
فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: «وَمَا قَالَ» ؟ قَالَ: قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: «كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ» . قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ. قَالَ عُرْوَةُ: وَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ؟ قَالَ: نعم. وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ كدي. رواه البخاري.
4415-
وَعَنْ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَسَمَّاهُمْ. رواه النسائي وأبو داود.
4416-
وَعَنْ أُبَيِّ بن كَعْب قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُد قُتِلَ مِنَ الأنْصَارِ سِتُّونَ رَجُلاً. وَمِن الْمُهَاجِرِينَ سِتَّة فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَئِنْ كَانَ لَنَا يَوْمٌ مِثْلَ هَذَا مِنَ الْمُشرِكِينَ لنربين عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ قَالَ رَجُلٌ لا يعرف: لا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمِنَ الأسْوَدُ
وَالأبْيَضُ إِلا فُلانًا وَفُلانًا نَاس سَمَّاهُمْ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «نَصْبِرْ وَلا نُعَاقبْ» . رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بن أَحْمَدْ فِي الْمُسْنَدْ.
4417، 4418- وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةُ وَأَبِي شُرَيْح إِلا أَنَّ فِيهِمَا:«وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةٌ مِنْ نَهَار» .
وَأَكْثَرُ هَذِهِ الأحَأدِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَتْحَ عُنْوَةْ.
4419-
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَلا تَبْنِي لَنَا بَيْتًا بِمِنَى يَظلك؟ قَالَ: «لا منى مناخ لِمَنْ سَبَق» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلا النِّسَائِي. وَقَالَ التِّرْمِذيُّ: حَدِيث حسنْ.
4420-
وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ نَضْلَةَ قَالَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَا تُدْعَى رِبَاعُ مَكَّةَ إِلا السَّوَائِبَ مَنِ احْتَاجَ سَكَنَ وَمَنِ اسْتَغْنَى أَسْكَنَ. رَوَاهُ ابن ماجة.