الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ
3022-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
3023-
وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كُنْت شَرِيكِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكُنْت خَيْرَ شَرِيكٍ لا تُدَارِينِي وَلا تُمَارِينِي. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.
3024-
وَلَفْظُهُ: كُنْت شَرِيكِي فَنِعْمَ الشَّرِيكُ، كُنْت لا تُدَارِي وَلا تُمَارِي.
3025-
وَعَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ كَانَا شَرِيكَيْنِ فَاشْتَرَيَا فِضَّةً بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُمَا أَنَّ مَا كَانَ بِنَقْدٍ فَأَجِيزُوهُ، وَمَا كَانَ بِنَسِيئَةٍ فَرُدُّوهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ بِمَعْنَاهُ.
3026-
وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اشْتَرَكْت أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ، وَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَةْ.
وَهُوَ حُجَّةٌ فِي شَرِكَةِ الأَبْدَانِ وَتَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ.
3027-
وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: إنْ كَانَ أَحَدُنَا فِي زَمَنِ
…
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَأْخُذُ نِضْوَ أَخِيهِ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ مِمَّا يَغْنَمُ وَلَنَا النِّصْفَ، وَإِنْ كَانَ
أَحَدُنَا لَيَطِيرُ لَهُ النَّصْلُ وَالرِّيشُ وَلِلآخَرِ الْقِدْحُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَشْتَرِطُ عَلَى الرَّجُلِ إذَا أَعْطَاهُ مَالًا مُقَارَضَةً يَضْرِبُ لَهُ بِهِ أَنْ لا تَجْعَلَ مَالِي فِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ، وَلا
تَحْمِلَهُ فِي بَحْرٍ، وَلا تَنْزِلَ بِهِ بَطْنَ مَسِيلٍ، فَإِنْ فَعَلْت شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ ضَمِنْت مَالِي رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ» . الْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ جل جلاله يَضَعُ، الْبَرَكَةَ لِلشَّرِيكَيْنِ فِي مَالِهِمَا مَعَ عَدَمِ الْخِيَانَةِ وَيَمُدُّهُمَا بِالرِّعَايَةِ وَالْمَعُونَةِ، وَيَتَوَلَّى الْحِفْظَ لِمَالِهِمَا.
قَوْلُهُ: «خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا» أَيْ: نَزَعْت الْبَرَكَةَ مِنْ الْمَالِ، زَادَ رَزِينٌ:«وَجَاءَ الشَّيْطَانُ» . وَرِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيّ: «فَإِذَا خَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ رَفَعَهَا عَنْهُمَا» . يَعْنِي: الْبَرَكَةَ.
قَوْلُهُ: (لا تُدَارِينِي وَلا تُمَارِينِي) أَيْ: لا تُمَانِعُنِي وَلا تُحَاوِرُنِي، وَفِي لَفْظٍ لأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَةْ (أَنَّ السَّائِبَ الْمَخْزُومِيَّ كَانَ شَرِيكَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْبِعْثَةِ، فَجَاءَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِأَخِي وَشَرِيكِي لا تُدَارِي وَلا تُمَارِي) وَفِي لَفْظٍ: (أَنَّ السَّائِبَ قَالَ: أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عَلَيَّ وَيَذْكُرُونَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِهِ» . فَقُلْت: صَدَقْت بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي كُنْت شَرِيكِي فَنِعْمَ الشَّرِيكُ لا تُدَارِي وَلا تُمَارِي) . وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ وَالرِّفْقِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا وَفِيهِ جَوَازُ السُّكُوتِ مِنْ الْمَمْدُوحِ عِنْدَ سَمَاعِ مَنْ يَمْدَحُهُ بِالْحَقِّ.
قَوْلُهُ: «مَا كَانَ بِنَقْدٍ فَأَجِيزُوهُ» قَالَ الشَّارِحُ: لَفْظُ الْبُخَارِيِّ: «مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَرُدُّوهُ» وَالْحَدِيثُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَيَصِحُّ الصَّحِيحُ مِنْهَا وَيَبْطُلُ مَا لا يَصِحُّ وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا عَقَدَا عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْهِجْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نَتَبَايَعُ هَذَا الْبَيْعَ فَقَالَ: «مَا
كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَلا يَصْلُحُ» وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الشَّرِكَةِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَهُوَ إجْمَاعٌ، لَكِنْ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ
نَقْدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلَ نَقْدِ صَاحِبِهِ ثُمَّ يَخْلِطَا ذَلِكَ حَتَّى لا يَتَمَيَّزَ ثُمَّ يَتَصَرَّفَا جَمِيعًا، إلا أَنْ يُقِيمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ مَقَامَ نَفْسِهِ وَقَدْ حَكَى أَيْضًا ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا: إذَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالدَّرَاهِمُ مِنْ الآخَرِ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَالْكُوفِيُّونَ إلا الثَّوْرِيَّ، وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي غَيْرِ النَّقْدَيْنِ؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى الصِّحَّةِ فِي كُلِّ مَا يُتَمَلَّكُ، إلى أن قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الأَصْلَ الْجَوَازُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الأَمْوَالِ، فَلا تُقْبَلُ دَعْوَى الاخْتِصَاصِ بِالْبَعْضِ إلا بِدَلِيلٍ.
قَوْلُهُ: (اشْتَرَكْت أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ) قَالَ الشَّارِحُ: اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَلَى جَوَازِ شَرِكَةِ الأَبْدَانِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَ الْعَامِلانِ فِيمَا يَعْمَلانِهِ فَيُوَكِّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَعْمَلَ عَنْهُ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَيُعَيِّنَانِ الصَّفَةَ، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ إلَى الآخَرِ رَاحِلَتَهُ فِي الْجِهَادِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْغَنِيمَةُ بَيْنَهُمَا.
قَوْلُهُ: (إنَّهُ يَشْتَرِطُ عَلَى الرَّجُلِ إذَا أَعْطَاهُ مَالًا مُقَارَضَةً) إلى آخره، وَفِي تَجْوِيزِ الْمُضَارَبَةِ آثَارٌ: مِنْهَا عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْمُضَارَبَةِ الْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ وَالرِّبْحُ عَلَى مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَعْطَى زَيْدَ بْنَ خَلِيدَةَ مَالاً مُقَارَضَةً، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ أَنَّهُ كَانَ إذَا دَفَعَ مَالًا مُضَارَبَةً فَذَكَرَ قِصَّةً، وَفِيهَا أَنَّهُ رَفَعَ الشَّرْطَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَجَازَهُ وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أُعْطِيَ مَالَ يَتِيمٍ مُضَارَبَةً إلى أن قَالَ: فَهَذِهِ الآثَارُ
تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُضَارَبَةَ كَانَ الصَّحَابَةُ يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى الْجَوَازِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ لا تَجْعَلَ مَالِي فِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ) أَيْ: لا تَشْتَرِيَ بِهِ الْحَيَوَانَاتِ، وَإِنَّمَا نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ؛ لأَنَّ مَا كَانَ لَهُ رُوحٌ عُرْضَةٌ لِلْهَلاكِ بِطُرُوءِ الْمَوْتِ عَلَيْهِ.