الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَيَّبُوا وَأَذِنُوا، فَهَذَا الَّذِي بَلَغْنَا عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
4393-
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّبْيِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا وَكَانَتْ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَّاحَةً، فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي جَوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ وَقَدْ أَصَابَنِي مِنْ الْبَلاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَجِئْتُك أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِي، قَالَ:«فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ» ؟ قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَقْضِي كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكَ» . قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«قَدْ فَعَلْتُ» . قَالَتْ: وَخَرَجَ الْخَبَرُ إلَى النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ جَوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، فَقَالَ النَّاسُ أَصْهَارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ، قَالَتْ: فَلَقَدْ أَعْتَقَ بِتَزْوِيجِهِ إيَّاهَا مِائَةَ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ وَقَالَ: لا أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ: لَيْسَ عَلَى عَرَبِيٍّ مِلْكٌ، قَدْ سَبَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْعَرَبَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ حِينَ سَبَى بَنِي نَاجِيَةَ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لا يُقْبَلُ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ إِلا الإِسْلامُ أَوْ السَّيْفُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الآيَةَ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ قَتْلِ الْجَاسُوسِ إذَا كَانَ مُسْتَأْمَنًا أَوْ ذِمِّيًّا
4394-
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَيْنٌ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْسَلَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اُطْلُبُوهُ فَاقْتُلُوهُ» . فَسَبَقْتُهُمْ إلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ، فَنَفَّلَنِي سَلَبَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
4395-
وَعَنْ فُرَاتِ بْنِ حَيَّانَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِهِ، وَكَانَ ذِمِّيًّا، وَكَانَ
عَيْنًا لأبِي سُفْيَانَ وَحَلِيفًا لِرَجُلٍ مِنْ الأنْصَارِ، فَمَرَّ بِحَلْقَةٍ مِنْ الأنْصَارِ فَقَالَ: إنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّهُ يَقُولُ إنَّهُ مُسْلِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ مِنْكُمْ رِجَالًا نَكِلُهُمْ إلَى إيمَانِهِمْ، مِنْهُمْ فُرَاتُ بْنُ حَيَّانَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَتَرْجَمَهُ بِحُكْمِ الْجَاسُوسِ الذِّمِّيِّ.
4396-
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ بْنَ الأسْوَدِ فقَالَ: «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا» . فَانْطَلَقْنَا تَتَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إلَى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ، أَوْ لَتُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إلَى نَاسٍ
…
مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ
…
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا حَاطِبُ مَا هَذَا» ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلا ارْتِدَادًا وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ
صَدَقَكُمْ» . فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ:«إنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَيْنٌ) فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ قَتْلُ الْجَاسُوسِ الْحَرْبِيِّ الْكَافِرِ وَهُوَ بِاتِّفَاقٍ. قَالَ الشَّارِح: وَحَدِيثُ فُرَاتٍ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْجَاسُوسِ الذِّمِّيِّ.
قَوْلُهُ: «إنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا» ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَرْكِ قَتْلِهِ كَوْنُهُ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، وَلَوْلا ذَلِكَ لَكَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْقَتْلِ فَفِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يُقْتَلُ الْجَاسُوسُ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.