الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الرَّجْعَةِ
وَالإِبَاحَةِ لِلزَّوْجِ الأَوَّلِ
3743-
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} الآيَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلاثًا فَنَسَخَ ذَلِكَ {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآيَةَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
3744-
وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ وَالرَّجُلُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ مَا شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهِيَ امْرَأَتُهُ إذَا ارْتَجَعَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ حَتَّى قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لا أُطَلِّقُكِ فَتَبِينِي مِنِّي، وَلا آوِيكِ أَبَدًا، قَالَتْ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أُطَلِّقُكِ، فَكُلَّمَا هَمَّتْ عِدَّتُكِ أَنْ تَنْقَضِيَ رَاجَعْتُكِ، فَذَهَبَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَسَكَتَتْ عَائِشَةُ حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْهُ، فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} قَالَتْ عَائِشَةُ: فَاسْتَأْنَفَ النَّاسُ الطَّلاقَ مُسْتَقْبَلًا مَنْ كَانَ طَلَّقَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
3745-
وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلاً وَذَكَر أَنَّهُ أَصَحُّ.
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَقَعُ بِهَا وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلاقِهَا وَلا عَلَى رَجِعَتِهَا، فَقَالَ: طَلَّقْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، وَرَاجَعْتَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، أَشْهِدْ عَلَى طَلاقِهَا وَعَلَى رَجْعَتِهَا وَلا تَعُدْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ وَلَمْ يَقُلْ: وَلا تَعُدْ.
3746-
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلاقِي، فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ
ابْنَ الزَّبِيرِ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هَدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ:«أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ؟ لا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
3747-
لَكِنْ لأَبِي دَاوُد مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الزَّوْجَيْنِ.
3748-
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْعُسَيْلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
3749-
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سُئِلَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا وَيَتَزَوَّجُهَا آخَرُ فَيُغْلِقُ الْبَابَ وَيُرْخِي السِّتْرَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، هَلْ تَحِلُّ لِلأَوَّلِ؟ قَالَ:«لا، حَتَّى يَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
3750-
وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ: قَالَ: «لا تَحِلُّ لِلأَوَّلِ حَتَّى يُجَامِعَهَا الآخَرُ» .
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَا يَكُونُ بِهِ الرَّجُلُ مُرَاجِعًا، فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: إذَا جَامَعَهَا فَقَدْ رَاجَعَهَا. وَمِثْلُهُ أَيْضًا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ: بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الرَّجْعَةَ. وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ كَالأَوْزَاعِيِّ وَزَادُوا: وَلَوْ لَمَسَهَا لِشَهْوَةٍ، أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا لِشَهْوَةٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لا تَكُونُ الرَّجْعَةُ إلا بِالْكَلامِ. وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الطَّلاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الإِمَامُ يَحْيَى، وَالظَّاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الأَوَّلُونَ، لأَنَّ الْعِدَّةَ مُدَّةُ خِيَارٍ، وَالاخْتِيَارُ يَصِحُّ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الضِّرَارِ فِي الرَّجْعَةِ لأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ} وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ فَاسِدٌ فَسَادًا يُرَادِفُ الْبُطْلانَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى:{إِنْ أَرَادُواْ إِصْلَاحاً} فَكُلُّ رَجْعَةٍ لا يُرَادُ بِهَا الإِصْلاحُ لَيْسَتْ بِرَجْعَةٍ شَرْعِيَّةٍ.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ بحَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الإِشْهَادِ عَلَى الرَّجْعَةِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى عَدَمِ وُجُوبه أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَمِنْ الأَدِلَّةِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الإِشْهَادِ فِي
الطَّلاقِ وَالرَّجْعَةُ قَرِينَتُهُ وَالْقَائِلُونَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ يَقُولُونَ بِالِاسْتِحْبَابِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَالَ الشَّارِحُ: وَاسْتُدِلَّ بحَدِيثِ عَائِشَةَ عَلَى أَنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ الثَّانِي لا يَكُونُ مُحَلِّلًا ارْتِجَاعَ الزَّوْجِ الأَوَّلِ لِلْمَرْأَةِ إلا إنْ كَانَ حَالَ وَطْئِهِ مُنْتَشِرًا، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ أَوْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ طِفْلًا لَمْ يَكْفِ عَلَى الأَصَحِّ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ.