الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إمَّا أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ أَوْ يَعْفُوَ فَإِنْ أَرَادَ رَابِعَةً فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.
3905-
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ الدِّيَةُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} الآيَةُ {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} قَالَ: فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ فِي الْعَمْدِ الدِّيَةَ. وَالِاتِّبَاعُ بِالْمَعْرُوفِ يَتْبَعُ الطَّالِبُ بِمَعْرُوفٍ وَيُؤَدِّي إلَيْهِ الْمَطْلُوبُ بِإِحْسَانٍ {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} فِيمَا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قَوْلُهُ: «وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ» ظَاهِرُهُ أَنَّ الرِّدَّةَ مِنْ مُوجِبَاتِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ كَانَتْ، وَالْمُرَادُ بِمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ: مُفَارَقَةُ جَمَاعَةِ الإِسْلامِ، وَلا يَكُونُ ذَلِكَ إلا بِالْكُفْرِ لا بِالْبَغْيِ وَالِابْتِدَاعِ وَنَحْوِهِمَا.
قَوْلُهُ: «بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إمَّا أَنْ يَفْتَدِيَ وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلَ» ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِيَارَ إلَى الأَهْلِ الَّذِينَ هُمْ الْوَارِثُونَ لِلْقَتِيلِ سَوَاءً كَانُوا يَرِثُونَهُ بِسَبَبٍ أَوْ نَسَبٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْعِتْرَةِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ: يَخْتَصّ بِالْعَصَبَةِ إذْ شُرِعَ لِنَفْيِ الْعَارِ كَوِلايَةِ النِّكَاحِ، فَإِنْ عَفَوْا فَالدِّيَةُ كَالتَّرِكَةِ.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَلا يَصِحُّ الْعَفْو فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ لِتَعَذُّرِ الاحْتِرَاز مِنْهُ كَالْقَتْلِ فِي الْمُحَارَبَةِ، وَولايَةِ الْقَصَاصِ وَالْعَفْو عَنْهُ لَيْسَتْ عَامَّة لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ، بَلْ تَخْتَصُّ بِالْعُصْبَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَتَخْرٌجٌ رِوَايَة أَحْمَدٍ. انْتَهَى.
بَابُ مَا جَاءَ لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ
وَالتَّشْدِيدُ فِي قَتْلِ الذِّمِّيّ وَمَا جَاءَ فِي الْحُرِّ بِالْعَبْدِ
3906-
عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنْ الْوَحْيِ مَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: لا وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إلا فَهْمًا يُعْطِيهِ
اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قُلْتُ: وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الأَسِيرِ وَأَنْ لا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ. رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.
3907-
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ أَلا لا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
وَهُوَ حُجَّةٌ فِي أَخْذِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ.
3908-
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنْ لا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيُّ.
3909-
وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
3910-
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَةْ.
3911-
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلا مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً لَهَا ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَقَدْ أَخْفَرَ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلا يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَة أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
3912-
وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ وَمَنْ جَدَعَ عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
3913-
وَفِي رِوَايَةٍ لأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: «وَمَنْ خَصَى عَبْدَهُ خَصَيْنَاهُ» . قَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ وَأَخَذَ بِحَدِيثِهِ: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ» . وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لا يُقْتَلُ السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ وَتَأَوَّلُوا الْخَبَرَ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَنْ كَانَ عَبْدُهُ لِئَلا يُتَوَهَّمَ تَقَدُّمُ الْمِلْكِ مَانِعًا.
3914-
وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ عَبْدَهُ مُتَعَمِّدًا
فَجَلَدَهُ
…
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَفَاهُ سَنَةً وَمَحَا سَهْمَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُقِدْهُ بِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً.
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ فِيهِ ضَعْفٌ إلا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: مَا رَوَى عَنْ الشَّامِيِّينَ صَحِيحٌ. وَمَا رَوَى عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قَوْلُهُ: «وَأَنْ لا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ لا يُقَادُ بِالْكَافِرِ، أَمَّا الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ فَذَلِكَ إجْمَاعٌ وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ لِصِدْقِ اسْمِ الْكَافِرِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» أَيْ تَتَسَاوَى فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فِي الدَّمِ بِخِلافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةِ.
قَوْلُهُ: «وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» يَعْنِي إذَا أَمَّنَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا كَانَ أَمَانُهُ أَمَانًا مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُ امْرَأَةً بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا.
قَوْلُهُ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» قَالَ الشَّارِحُ: وَهَا كِنَايَة عَنْ عَدَمِ دُخُولِهَا، وَالْحَدِيثَانِ اشْتَمَلا عَلَى تَشْدِيدِ الْوَعِيدِ عَلَى قَاتِلِ الْمُعَاهَدِ. إلى أن قال: وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ. وَحَكَى صَاحِبُ
الْبَحْرِ الإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لا يُقْتَلُ السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ إلا عَنْ النَّخَعِيّ. وَهَكَذَا حَكَى الْخِلافَ عَنْ النَّخَعِيّ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ التِّرْمِذِيُّ، وَأَمَّا قَتْلُ الْحُرِّ بِعَبْدِ غَيْرِهِ فَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قِصَاصٌ لا فِي النَّفْسِ وَلا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا قَتَلَ عَبْدَهُ لا يُقْتَلُ بِهِ، وَإِذَا قَتَلَ عَبْدَ غَيْرِهِ قُتِلَ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. انْتَهَى.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَلا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيّ إِلا أَنْ يَقْتُلَهُ غِيلَة لأَخْذِ مَالِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي الْعَبْدِ نُصُوصٌ صَحِيَحةٌ صَرِيحَةٌ كَمَا فِي الذِّمِّيّ بَلْ أَجْوَدُ مَا رُوِيَ: «مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ