الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَلا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي كُنْيَتِهِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَتَأَذَّى بِهِ الإِنْسَانُ مِمَّا لَمْ يَرِد بِمَشْرُوعِيَّتِهِ كِتَابٌ وَلا سُنَّةٌ - كَالْمَشْيِ حَافِيًا وَالْجُلُوسِ فِي الشَّمْسِ - لَيْسَ مِنْ طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فَلا يَنْعَقِدُ النَّذْرُ بِهِ، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَبَا إسْرَائِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لا يَشُقُّ عَلَيْهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي قِصَّةِ أَبِي إسْرَائِيلَ أَعْظَمُ حُجَّةً لِلْجُمْهُورِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ نَذَرَ مَعْصِيَةً أَوْ مَا لا طَاعَةَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: «لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ بِمَا لا يَمْلِكُ لا يُنَفَّذُ نَذْرَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ نَذَرَ بِمَعْصِيَةٍ كَمَا فِي بَقِيَّةِ أَحَادِيثِ الْبَابِ. وَاخْتُلِفَ فِي النَّذْرِ بِمَعْصِيَةٍ هَلْ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ أَمْ لا؟ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لا. وَعَنْ أَحْمَدَ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ: نَعَمْ وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابٌ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ وَلا يُطِيقُهُ
4905-
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ - إذَا لَمْ يُسَمَّ -كَفَّارَةُ يَمِينٍ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
4906-
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا وَلَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
4907-
وَابْنُ مَاجَةْ وَزَادَ: «وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ فَلْيَفِ بِهِ» .
4908-
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ فَقَالَ: «مَا هَذَا» ؟ قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ. قَالَ: «إنَّ اللهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ» . وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا ابْنَ مَاجَةْ.
4909-
وَلِلنَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةٍ: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللهِ.
4910-
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللهِ
فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَيْتُهُ فَقَالَ: «لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4911-
وَلِمُسْلِمٍ فِيهِ: حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ.
4912-
وَفِي رِوَايَةٍ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ
…
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ مَشْيِهَا لِتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4913-
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«إنَّ اللهَ لا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، مُرْهَا فَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَرْكَبْ وَلْتَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.
4914-
وَعَنْ كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَقَالَ:«إنَّ اللهَ لا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِك شَيْئًا، لِتَخْرُجْ رَاكِبَةً وَلْتُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
4915-
وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْبَيْتِ وَشَكَا إلَيْهِ ضَعْفَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْ نَذْرِ أُخْتِكِ فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4916-
وَفِي لَفْظٍ: إنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْبَيْتِ وَإِنَّهَا لا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «لَمْ يُسَمَّ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ إنَّمَا تَجِبُ فِيمَا كَانَ مِنْ النُّذُورِ غَيْرَ مُسَمَّى.
قَوْلُهُ: «وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْذُورُ بِهِ طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً أَوْ مُبَاحًا إذَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ.
قَوْلُهُ: «لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ» فِيهِ أَنَّ النَّذْرَ بِالْمَشْيِ وَلَوْ إلَى مَكَانِ الْمَشْيِ إلَيْهِ طَاعَةٌ فَإِنَّهُ لا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ بَلْ يَجُوزُ الرُّكُوبُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِنَّمَا أَمَرَ