الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3075-
وَمُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ: حَجَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ لِبَنِي بَيَاضَةَ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْرَهُ وَكَلَّمَ سَيِّدَهُ فَخَفَّفَ عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِهِ وَلَوْ كَانَ سُحْتًا لَمْ يُعْطِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ كَسْبِ الْحَجَّامِ وَهُوَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ كَمَا فِي الْبَحْرِ؛ لأَنَّ النَّهْيَ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ، وَالْخَبِيثُ حَرَامٌ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا تَسْمِيَةُ ذَلِكَ سُحْتًا كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ الْعِتْرَةِ وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنَّهُ حَلالٌ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ؛ لأَنَّ فِي كَسْبِ الْحَجَّامِ دَنَاءَةً وَاَللَّهُ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأُمُورِ، وَلأَنَّ الْحِجَامَةَ مِنْ الأَشْيَاءِ الَّتِي تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ لِلإِعَانَةِ لَهُ عِنْدَ الاحْتِيَاجِ إلَيْهَا وَيُؤَيِّدُ هَذَا إذْنُهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ أُجْرَةِ الْحِجَامَةِ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهَا نَاضِحَهُ وَرَقِيقَهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ سُحْتًا) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: (وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهَةً لَمْ يُعْطِهِ) يَعْنِي: كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا (وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ) وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي الْجَوَازِ. انتهى.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَإذَا كان الرجل مُحْتَاجًا إلَى هذا الْكَسْبَ لَيْسَ لَهُ مَا يُغْنِيه عَنْهُ إِلا الْمَسْأَلَة للنَّاسَ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كَسْبٌ فِيهِ دَنَاءَةٌ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسَ. انْتَهَى.
بَابُ مَا جَاءَ فِي الأُجْرَةِ عَلَى الْقُرَبِ
3076-
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلا تَغْلُوا فِيهِ وَلا تَجْفُوا عَنْهُ وَلا تَأْكُلُوا بِهِ وَلا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
3077-
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.
3078-
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: عَلَّمْت رَجُلًا الْقُرْآنَ فَأَهْدَى لِي
قَوْسًا، فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«إنْ أَخَذْتَهَا أَخَذْت قَوْسًا مِنْ نَارٍ فَرَدَدْتهَا» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ.
3079-
وَلأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَةْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ.
3080-
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: «لا تَتَّخِذْ مُؤَذِّنًا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا» .
3081-
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، فَإِنَّ
فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إلَى أَصْحَابِهِ فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْت عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
3082-
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ. فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُمْ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ بَعْضُ شَيْءٍ، فَأَتَوْهُمْ فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنِّي وَاَللَّهِ لَأَرْقِي وَلَكِنْ وَاَللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ غَنَمٍ، فَانْطَلَقَ يَتْفُلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفُوهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْتَسِمُوا، فَقَالَ: الَّذِي رَقَى، لا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ فَنَنْظُرَ الَّذِي يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:«وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ» . ثُمَّ قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُمْ اقْتَسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا» . وَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ
إلا النَّسَائِيّ وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ أَتَمُّ.
3083-
وَعَنْ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَقْبَلَ رَاجِعًا مِنْ عِنْدِهِ، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ عِنْدَهُمْ رَجُلٌ مَجْنُونٌ مُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ أَهْلُهُ: إنَّا قَدْ حُدِّثْنَا أَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا قَدْ جَاءَ بِخَيْرٍ، فَهَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تُدَاوِيهِ؟ قَالَ:
فَرَقَيْتَهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ فَبَرَأَ، فَأَعْطَوْنِي مِائَتَيْ شَاةٍ، فَأَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:«خُذْهَا فَلَعَمْرِي مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ فَقَدْ أَكَلْت بِرُقْيَةِ حَقٍّ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
3084-
وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ امْرَأَةً رَجُلًا عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا سُورًا مِنْ الْقُرْآنِ.
وَمَنْ ذَهَبَ إلَى الرُّخْصَةِ لِهَذِهِ الأَحَادِيثِ حَمَلَ حَدِيثَ أُبَيٍّ وَعُبَادَةُ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيمَ كَانَ قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِمَا وَحَمَلَ فِيمَا سِوَاهُمَا مِنْ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَلَى النَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ قَالَ: إنَّهَا لا تَحِلُّ الأُجْرَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا تَحِلُّ الأُجْرَةُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ. انتهى.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَالاسْتِئْجَارُ عَلَى مُجَرَّدِ التِّلاوَةِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الاسْتِئْجَار عَلَى التَّعْلِيمِ، وَلا بَأْس بِجَوَازِ أَخْذِ الأُجْرَة عَلَى الرُّقْيَةِ. انْتَهَى.
قَالَ الشَّارِحُ: قَوْلُهُ: (يَتْفُلُ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا: وَهُوَ نَفْخٌ مَعَهُ قَلِيلُ بُزَاقٍ: قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: مَحَلُّ التَّفْلِ فِي الرُّقْيَةِ يَكُونُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ لِتَحْصُلَ بَرَكَةُ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَوَارِحِ الَّتِي يَمُرُّ عَلَيْهَا الرِّيقُ.
قَوْلُهُ: (وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللامِ: أَيْ: عِلَّةٌ، وَسُمِّيَتْ الْعِلَّةُ قَلَبَةً؛ لأَنَّ الَّذِي تُصِيبُهُ يُقَلَّبُ مِنْ جَنْبٍ إلَى جَنْبٍ، وَفِي الْحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الرُّقْيَةِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَا كَانَ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ وَكَذَا غَيْرُ الْمَأْثُورِ مِمَّا لا يُخَالِفُ مَا فِي الْمَأْثُورِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَشْرُوعِيَّةُ
الضِّيَافَةِ