الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ. وَقَدْ رُوِيَ جَوَازُ خُرُوجِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِلْعُذْرِ عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ عُمَرُ، أَخْرَجَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَهَا بَيَاضَ يَوْمِهَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ابْنَةٌ تَعْتَدُّ مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا فَكَانَتْ تَأْتِيهِمْ بِالنَّهَارِ فَتُحَدِّثُ
…
إلَيْهِمْ، فَإِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ أَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى بَيْتِهَا. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ جَوَّزَ لِلْمُسَافِرَةِ الِانْتِقَالَ. إلى أن قَالَ: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لا تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَفِظْت عَمَّنْ أَرْضَى بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ نَفَقَةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَكِسْوَتَهَا حَوْلًا مَنْسُوخَتَانِ بِآيَةِ الْمِيرَاثِ. وَقَالَ أَيْضًا: الاخْتِيَارُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ أَنْ يُسَكِّنُوهَا لأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اُمْكُثِي فِي بَيْتِكِ» وَقَدْ ذَكَرَتْ أَنَّهُ لا بَيْتَ لِزَوْجِهَا، يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ سُكْنَاهَا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا إذَا كَانَ لَهُ بَيْتٌ بِالطَّرِيقِ الأَوْلَى. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ مَا جَاءَ فِي نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ وَسُكْنَاهَا
3823-
عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا قَالَ: «لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
3824-
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا قَالَتْ: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلاثًا فَلَمْ يَجْعَلْ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُكْنَى وَلا نَفَقَةً. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا الْبُخَارِيَّ.
3825-
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ: طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلاثًا، فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَعْتَدَّ فِي أَهْلِي. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
3826-
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ: أَلَمْ تَرَيْ إلَى فُلانَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ، فَخَرَجَتْ، فَقَالَ: بِئْسَمَا صَنَعَتْ. فَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِي إلَى قَوْلِ فَاطِمَةَ؟ فَقَالَتْ: أَمَا إنَّهُ لا خَيْرَ لَهَا فِي ذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
3827-
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عَائِشَةَ عَابَتْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْعَيْبِ وَقَالَتْ: إنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَان وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.
3828-
وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلاثًا وَأَخَافُ أَنْ يَقْتَحِمَ عَلَيَّ، فَأَمَرَهَا فَتَحَوَّلَتْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
3829-
وَعَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ
…
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةً، فَأَخَذَ الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ كَفًّا مِنْ حَصًى فَحَصَبَهُ بِهِ وَقَالَ: وَيْلَكَ تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا؟ قَالَ عُمَرُ: لا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لا نَدْرِي لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
3830-
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةُ قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ إلَى فَاطِمَةَ، فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ أَبِي حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَّرَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - يَعْنِي عَلَى بَعْضِ الْيَمَنِ - فَخَرَجَ مَعَهُ زَوْجُهَا، فَبَعَثَ إلَيْهَا بِتَطْلِيقَةٍ كَانَتْ بَقِيَتْ لَهَا، وَأَمَرَ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ أَنْ يُنْفِقَا عَلَيْهَا، فَقَالا: لا وَاَللَّهِ مَا لَهَا نَفَقَةٌ إلا أَنْ تَكُونَ
حَامِلًا، فَأَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«لا نَفَقَةَ لَك إلا أَنْ تَكُونِي حَامِلاً» . وَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ فَأَذِنَ لَهَا. فَقَالَتْ: أَيْنَ أَنْتَقِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ:
…
«عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» . وَكَانَ أَعْمَى تَضَعُ ثِيَابَهَا عِنْدَهُ وَلا يُبْصِرُهَا، فَلَمْ تَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى مَضَتْ عِدَّتُهَا، فَأَنْكَحَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُسَامَةَ، فَرَجَعَ قَبِيصَةُ إلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ مَرْوَانُ: لَمْ نَسْمَعْ هَذَا الْحَدِيثَ إلا مِنْ امْرَأَةٍ، فَسَنَأْخُذُ بِالْعِصْمَةِ الَّتِي وَجَدْنَا النَّاسَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ حِينَ بَلَغَهَا ذَلِكَ: بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ، حَتَّى قَالَ:{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} ، فَأَيُّ أَمْرٍ يَحْدُثُ بَعْدَ الثَّلاثِ؟ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُطَلَّقَةَ بَائِنًا لا تَسْتَحِقُّ عَلَى زَوْجِهَا شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد وَأَتْبَاعُهُمْ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ