الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ الدُّخُولِ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ الَّذِي يَنْتَهِي بِالْجَاهِلِ وَالْجَائِرِ إلَى النَّارِ.
قَوْلُهُ: «أَرَاك ضَعِيفًا» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ ضَعِيفًا لا يَصْلُحُ لِتَوَلِّي الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
قَوْلُهُ: «لا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ» إلَى آخِرُهُ فِيهِ إرْشَادٌ لِلْعِبَادِ إلَى تَرْكِ تَحَمُّلِ أَعْبَاءِ الإِمَارَةِ مَعَ الضَّعْفِ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهَا مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ.
بَابُ تَعْلِيقِ الْوِلايَةِ بِالشَّرْطِ
4962-
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَقَالَ: «إنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
4963-
وَلأحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ نَحْوُهُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ رحمه الله بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ الْوِلايَاتِ بِالشَّرْطِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَلا أَعْرِفُ الآنَ دَلِيلاً يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ تَعْلِيقِ الْوِلايَةِ بِالشَّرْطِ، فَلَعَلَّ خِلافَ مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ مُسْتَنِدٌ إلَى قَاعِدَةٍ فِقْهِيَّةٍ كَمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ.
بَابُ نَهْيِ الْحَاكِمِ عَنْ الرِّشْوَةِ
وَاِتِّخَاذِ حَاجِبٍ لِبَابِهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ
4964-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي فِي الْحُكْمِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.
4965-
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
4966-
وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ، يَعْنِي الَّذِي يَمْشِي بَيْنَهُمَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4967-
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ
إمَامٍ أَوْ وَالٍ يَغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْخَلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ إِلا أَغْلَقَ اللهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَالَ ابْنُ رَسْلانَ: وَيَدْخُلُ فِي إطْلاقِ الرِّشْوَةِ، الرِّشْوَةِ لِلْحَاكِمِ وَالْعَامِلِ عَلَى أَخْذِ الصَّدَقَاتِ وَهِيَ حَرَامٌ بِالإِجْمَاعِ. وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: الْقَاضِي إذَا أَخَذَ الْهَدِيَّةَ فَقَدْ أَكَلَ السُّحْتَ، وَإِذَا أَخَذَ الرِّشْوَةَ بَلَغَتْ بِهِ الْكُفْرَ. قَالَ الشَّارِحُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْهَدَايَا الَّتِي تُهْدَى لِلْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ هِيَ نَوْعٌ مِنْ الرِّشْوَةِ؛ لأنَّ الْمُهْدِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا لِلإِهْدَاءِ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ وِلايَتِهِ لا يُهْدِي إلَيْهِ إِلا لِغَرَضٍ، وَهُوَ إمَّا التَّقَوِّي بِهِ عَلَى بَاطِلِهِ، أَوْ التَّوَصُّلُ لِهَدِيَّتِهِ لَهُ إلَى حَقِّهِ، وَالْكُلُّ حَرَامٌ وَأَقَلُّ الأحْوَالِ أَنْ يَكُونَ طَالِبًا لِقُرْبِهِ مِنْ الْحَاكِمِ وَتَعْظِيمِهِ وَنُفُوذِ كَلامِهِ، وَلا غَرَضَ لَهُ بِذَلِكَ إِلا الاسْتِطَالَةَ عَلَى خُصُومِهِ أَوْ الأمْنَ مِنْ مُطَالَبَتِهِمْ لَهُ فَيَحْتَشِمُهُ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْهِ وَيَخَافُهُ مَنْ لا يَخَافُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الأغْرَاضُ كُلُّهَا تَئُولُ إلَى مَا آلَتْ إلَيْهِ الرِّشْوَةُ. فَلْيَحْذَرْ الْحَاكِمُ الْمُتَحَفِّظُ لِدِينِهِ الْمُسْتَعِدُّ لِلْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ مِنْ قَبُولِ هَدَايَا مَنْ أَهْدَى إلَيْهِ بَعْدَ تَوَلِّيهِ لِلْقَضَاءِ، فَإِنَّ لِلإِحْسَانِ تَأْثِيرًا فِي طَبْعِ الإِنْسَانِ، وَالْقُلُوبُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهَا، فَرُبَّمَا مَالَتْ نَفْسُهُ وهو لا يَشْعُرُ بِذَلِكَ. انْتَهَى مُلَخْصًا.
قَوْلُهُ: «وَالْخَلَّةُ» فِي النِّهَايَةِ: الْخَلَّةُ بِالْفَتْحِ: الْحَاجَةُ وَالْفَقْرُ فَيَكُونُ الْعَطْفُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يَحِلُّ احْتِجَابُ أُولِي الأمْرِ عَنْ أَهْلِ الْحَاجَاتِ، إلَى أن قال: وَمِنْ الْعَدْلِ وَالتَّثَبُّتِ فِي الْحُكْمِ أَنْ لا يُدْخِلَ الْحَاكِمُ جَمِيعَ مَنْ كَانَ بِبَابِهِ مِنْ الْمُتَخَاصِمِينَ إلَى مَجْلِسِ حُكْمِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً إذَا كَانُوا جَمْعًا كَثِيرًا، بَلْ يَجْعَلُ بِبَابِهِ مَنْ يُرَقِّمُ الْوَاصِلِينَ مِنْ الْخُصُومِ الأوَّلَ فَالأوَّلَ، ثُمَّ يَدْعُوهُمْ إلَى مَجْلِسِ حُكْمِهِ كُلَّ خَصْمَيْنِ عَلَى حِدَةٍ. انْتَهَى مُلَخْصًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الأسْبَقِ فَالأسْبَقِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى الْمُقِيمِ، وَلاسِيَّمَا إنْ خَشِيَ
فَوَاتَ الرُّفْقَةِ، وَأَنَّ مَنْ اتَّخَذَ بَوَّابًا أَوْ حَاجِبًا أَنْ يَتَّخِذَهُ أَمِينًا ثِقَةً عَفِيفًا عَارِفًا حَسَنَ الأخْلاقِ عَارِفًا بِمَقَادِيرِ النَّاسِ. انْتَهَى والله الْمُوَفِق.