الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِيمَتُهُ عَلَى ثَلاثَةِ دَرَاهِمَ كَحِبَالِ السُّفُنِ، وَلَكِنَّ مَقَامَ الْمُبَالَغَةِ لا يُنَاسِبُ ذَلِكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا رضي الله عنه قَطَعَ فِي بَيْضَةِ حَدِيدٍ ثَمَنُهَا رُبُعُ دِينَارٍ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ اعْتِبَارِ الْحِرْزِ وَالْقَطْعِ فِيمَا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ
4076-
عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ، وَلا كَثَرٍ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.
4077-
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ:«مَنْ أَصَابَ مِنْهُ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد.
4078-
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: سَمِعْت رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةُ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحَرِيسَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِي مَرَاتِعِهَا قَالَ: «فِيهَا ثَمَنُهَا مَرَّتَيْنِ وَضَرْبُ نَكَالٍ، وَمَا أُخِذَ مِنْ عَطَنِهِ فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا بَلَغَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» . قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالثِّمَارُ وَمَا أُخِذَ مِنْهَا فِي أَكْمَامِهَا؟ قَالَ: «مَنْ أَخَذَ بِفَمِّهِ وَلَمْ يَتَّخِذْ خُبْنَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَمَنْ احْتَمَلَ فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ مَرَّتَيْنِ وَضَرْبُ نَكَالٍ، وَمَا أُخِذَ مِنْ أَجْرَانِهِ فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا بَلَغَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
4079-
وَلِابْنِ مَاجَةْ مَعْنَاهُ.
4080-
وَزَادَ النَّسَائِيّ فِي آخِرِهِ: «وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ» .
وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ سَارِقًا سَرَقَ أُتْرُجَّةً فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَأَمَرَ بِهَا عُثْمَانُ أَنْ تُقَوَّمَ فَقُوِّمَتْ ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ صَرْفِ اثْنَيْ عَشَرَ بِدِينَارٍ فَقَطَعَ عُثْمَانُ يَدَهُ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «وَلا كَثُرَ» بِفَتْحِ الْكَافِ والثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُوَا الْجُمَّار.
قَوْلُهُ «الْجَرِينُ» قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ التَّمْرِ وَهُوَ لَهُ كَالْبَيْدَرِ لِلْحِنْطَةِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ الْحَرِيسَةِ) قِيلَ: هِيَ الَّتِي تَرْعَى وَعَلَيْهَا حَرَسٌ. وَقِيلَ: هِيَ السَّيَّارَةُ الَّتِي يُدْرِكُهَا اللَّيْلُ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى مَأْوَاهَا. وَفِي الْقَامُوسِ: وَالْحَرِيسَةُ الْمَسْرُوقَةُ، وَجِدَارٌ مِنْ حِجَارَةٍ يُعْمَلُ لِلْغَنَمِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ: «فِيهَا ثَمَنُهَا مَرَّتَيْنِ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّأْدِيبِ بِالْمَالِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ. وَقَوْلُهُ: «وَضَرْبُ نَكَالٍ» فِيهِ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ عُقُوبَةِ الْمَالِ وَالْبَدَنِ.
قَوْلُهُ: (فِي أَكْمَامِهَا) جَمْعُ كِمٍّ بِكَسْرِ الْكَافِ: وَهُوَ وِعَاءُ الطَّلْعِ.
وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ رَافِعٍ عَلَى أَنَّهُ لا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ الثَّمَرَ وَالْكَثَرَ سَوَاءٌ كَانَا بَاقِيَيْنِ فِي مَنْبَتِهِمَا أَوْ قَدْ أُخِذَا مِنْهُ وَجُعِلا فِي غَيْرِهِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ: وَلا قَطْعَ فِي الطَّعَامِ وَلا فِيمَا أَصْلُهُ مُبَاحٌ كَالصَّيْدِ وَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ. وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا قَطْعَ فِي الثَّمَرِ وَالْكَثَرِ وَالطَّبَائِخِ وَالشِّوَاءِ
وَالْهَرَائِسِ إذَا لَمْ تُحْرَزْ، وَأَمَّا إذَا أُحْرِزَتْ وَجَبَ فِيهَا الْقَطْعُ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الْجُمْهُورِ. وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الأَكْثَرِ أَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ الْحِرْزُ. وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ الْقَطْعِ فِي الثَّمَرِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْرَزٍ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، فَإِنَّ فِيهِ:«إنَّ مَنْ أَصَابَ مِنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ بِفِيهِ وَلَمْ يَتَّخِذْ خُبْنَةً فَلا قَطْعَ عَلَيْهِ وَلا ضَمَانَ إنْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْحَاجَةِ، وَإِنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَانَ عَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُحْرَزَ فِي الْجَرِينِ قُطِعَ إذَا بَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ» . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِ أَيْضًا رِوَايَةُ النَّسَائِيّ وَأَحْمَدَ فِي سَارِقِ الْحَرِيسَةِ وَالثِّمَارِ. وَأَمَّا أَثَرُ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَطَعَ فِي أُتْرُجَّةٍ فَلا يُعَارِضُ مَا وَرَدَ فِي اعْتِبَارِ الْحِرْزِ؛ لأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِالْحِرْزِ فِيمَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الأُتْرُجَّةَ كَانَتْ قَدْ أُحْرِزَتْ وَهَكَذَا حَدِيثُ رَافِعٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلا كَثَرٍ مُطْلَقًا وَلَكِنَّهُ مُطْلَقٌ مُقَيَّدٌ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ الْمَذْكُورِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.