الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ
بَابُ افْتِقَارِهَا إلَى الْقَبُولِ وَالْقَبْضِ وَأَنَّهُ عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ
3192-
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْ دُعِيت إلَى كُرَاعٍ أَوْ ذِرَاعٍ لَأَجَبْت، وَلَوْ أُهْدِيَ إلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْت» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
3193-
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أُهْدِيَ إلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْت، وَلَوْ دُعِيت عَلَيْهِ لَأَجَبْت» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
3194-
وَعَنْ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ جَاءَهُ مِنْ أَخِيهِ مَعْرُوفٌ مِنْ غَيْرِ إشْرَافٍ وَلا مَسْأَلَةٍ فَلْيَقْبَلْهُ وَلا يَرُدَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إلَيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
3195-
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: كَانَتْ أُخْتِي رُبَّمَا تَبْعَثُنِي بِالشَّيْءِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُطْرِفُهُ إيَّاهُ فَيَقْبَلُهُ مِنِّي.
3196-
وَفِي لَفْظٍ كَانَتْ تَبْعَثُنِي إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْهَدِيَّةِ فَيَقْبَلُهَا. رَوَاهُمَا أَحْمَدُ.
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ الْهَدِيَّةِ بِرِسَالَةِ الصَّبِيِّ؛ لأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ كَانَ كَذَلِكَ مُدَّةَ حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
3197-
وَعَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّ
سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: «إنِّي قَدْ أَهْدَيْت إلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ، وَلا أَرَى النَّجَاشِيَّ إلا قَدْ مَاتَ، وَلا أَرَى هَدِيَّتِي إلا مَرْدُودَةً، فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ» . قَالَتْ: وَكَانَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرُدَّتْ عَلَيْهِ هَدِيَّتُهُ فَأَعْطَى كُلَّ
امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةَ مِسْكٍ، وَأَعْطَى أُمَّ سَلَمَةَ بَقِيَّةَ الْمِسْكِ وَالْحُلَّةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
3198-
وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ، فَقَالَ:«انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ» . وَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي فَإِنِّي فَادَيْت نَفْسِي وَعَقِيلًا، قَالَ:«خُذْ» . فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: مُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إلَيَّ؟ قَالَ «لا» . قَالَ: ارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَيَّ؟ قَالَ: «لا» . فَنَثَرَ مِنْهُ ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ، قَالَ: مُرْ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عَلَيَّ، قَالَ:«لا» . قَالَ: ارْفَعْهُ عَلَيَّ أَنْتَ، قَالَ:«لا» . فَنَثَرَ مِنْهُ ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّفْضِيلِ فِي ذَوِي الْقُرْبَى وَغَيْرِهِمْ وَتَرْكِ تَخْمِيسِ الْفَيْءِ، وَأَنَّهُ مَتَى كَانَ فِي الْغَنِيمَةِ ذُو رَحِمٍ لِبَعْضِ الْغَانِمِينَ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ.
3199-
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه كَانَ نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: يَا بُنَيَّةُ إنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا، وَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِهِ وَاحْتَرَثْتِهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «فَلْيَقْبَلْهُ» فِيهِ الأَمْرُ بِقَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الأَخِ فِي الدِّينِ لأَخِيهِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الرَّدِّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ جَلْبِ الْوَحْشَةِ وَتَنَافُرِ الْخَوَاطِرِ، فَإِنَّ التَّهَادِيَ مِنْ الأَسْبَابِ الْمُورِثَةِ لِلْمَحَبَّةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«تَهَادَوْا تَحَابُّوا» .
قَوْلُهُ: «فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إلَيْهِ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الأَشْيَاءَ الْوَاصِلَةَ إلَى الْعِبَادِ عَلَى أَيْدِي بَعْضِهِمْ هِيَ مِنْ الأَرْزَاقِ الإِلَهِيَّةِ لِمَنْ وَصَلَتْ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا