الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ: «زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ» بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا دَالٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: هُوَ الرِّفْدِ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَنْسُوخًا لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَبِلَ هَدِيَّةَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَقِيلَ: إنَّمَا رَدَّهَا لِيَغِيظَهُ فَيَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى الإِسْلامِ وَقِيلَ: رَدَّهَا لأَنَّ لِلْهَدِيَّةِ مَوْضِعًا مِنْ الْقَلْبِ، وَلا يَجُوزُ أَنْ يَمِيلَ إلَيْهِ بِقَلْبِهِ، فَرَدَّهَا قَطْعًا لِسَبَبِ الْمِيلِ.
بَابُ الثَّوَابُ عَلَى الْهَدِيَّةِ وَالْهِبَةِ
3206-
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.
3207-
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا وَهَبَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هِبَةً فَأَثَابَهُ عَلَيْهَا، قَالَ:«رَضِيتَ» ؟ قَالَ: لا، فَزَادَهُ قَالَ:«أَرَضِيتَ» ؟ قَالَ: لا، فَزَادَهُ، قَالَ:«أَرَضِيتَ» ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَقَدْ هَمَمْت أَنْ لا أَتَّهِبَ هِبَةً إلا مِنْ قُرَشِيٍّ أَوْ أَنْصَارِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (وَيُثِيبُ عَلَيْهَا) أَيْ يُعْطِي الْمُهْدِي بَدَلَهَا، وَالْمُرَادُ بِالثَّوَابِ الْمُجَازَاةُ، وَأَقَلُّهُ مَا يُسَاوِي قِيمَةَ الْهَدِيَّةِ.
بَابُ التَّعْدِيلِ بَيْنَ الأَوْلادِ فِي الْعَطِيَّةِ وَالنَّهْيِ أَنْ يَرْجِعَ
أَحَدٌ فِي عَطِيَّتِهِ إلا الْوَالِدُ
3208-
عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ، اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ، اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
3209-
وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَتْ امْرَأَةُ بَشِيرٍ: انْحَلْ ابْنِي غُلامًا وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ ابْنَةَ فُلانٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلامِي، فَقَالَ:«لَهُ إخْوَةٌ» ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَكُلُّهُمْ أَعْطَيْت مِثْلَ مَا أَعْطَيْته» ؟ قَالَ: لا. قَالَ: «فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا وَإِنِّي لا أَشْهَدُ إلا عَلَى حَقٍّ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ.
3210-
وَقَالَ فِيهِ: «لا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ، إنَّ لِبَنِيك عَلَيْك مِنْ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ» .
3211-
وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي نَحَلْت ابْنِي هَذَا غُلامًا كَانَ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَكُلَّ وَلَدِك نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا» ؟ فَقَالَ: لا. فَقَالَ: «فَأَرْجِعْهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
3212-
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ قَالَ: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ أَبِي إلَيْهِ يُشْهِدُهُ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:«أَفَعَلْت هَذَا بِوَلَدِك كُلِّهِمْ» ؟ قَالَ: لا. فَقَالَ: «اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ» . فَرَجَعَ أَبِي فِي تِلْكَ الصَّدَقَةِ.
3213-
وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْعَطِيَّةِ لا بِلَفْظِ: الصَّدَقَةِ.
3214-
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
3215-
وَزَادَ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ» .
وَلأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ: قَالَ قَتَادَةُ: وَلا أَعْلَمُ الْقَيْءَ إلا حَرَامًا.
3216-
وَعَنْ طَاوُسٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ - رَفَعَاهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الْعَطِيَّةَ فَيَرْجِعَ فِيهَا إلا الْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الرَّجُلِ يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ أَكَلَ حَتَّى إذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ رَجَعَ فِي قَيْئِهِ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ» تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَوْجَبَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الأَوْلادِ فِي الْعَطِيَّةِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ.
قَوْلُهُ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ» إلى آخره قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ بَعْدَ أَنْ تُقْبَضَ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إلا هِبَةَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ: يُخَصُّ مِنْ عُمُومِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ وَهَبَ بِشَرْطِ الثَّوَابِ، وَمَنْ كَانَ وَالِدًا وَالْمَوْهُوبُ لَهُ وَلَدَهُ، وَالْهِبَةُ لَمْ تُقْبَضْ وَاَلَّتِي رَدَّهَا الْمِيرَاثُ إلَى الْوَاهِبِ لِثُبُوتِ الأخْبَارِ بِاسْتِثْنَاءِ كُلِّ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ كَالْغَنِيِّ يُثِيبُ الْفَقِيرَ