الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الأَمْرُ بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ، وَالإِذْنِ بِكَشْفِ مَا لا بُدَّ مِنْهُ لِلزَّوْجَاتِ وَالْمَمْلُوكَاتِ حَالَ الْجِمَاعِ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ
3631-
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
3632-
وَلِمُسْلِمٍ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَنَا.
3633-
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمَتُنَا وَسَانِيَتُنَا فِي النَّخْلِ وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا وَأَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ، فَقَالَ:«اعْزِلْ عَنْهَا إنْ شِئْت فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.
3634-
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ - فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ، فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَا عَلَيْكُمْ أَلا تَفْعَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ كَتَبَ مَا هُوَ خَالِقٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
3635-
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَتْ الْيَهُودُ: الْعَزْلُ الْمَوْؤودَةُ الصُّغْرَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«كَذَبَتْ يَهُودُ، إنَّ اللَّهَ عز وجل لَوْ أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَصْرِفَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
3636-
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَزْلِ: «أَنْتَ تَخْلُقُهُ، أَنْتَ تَرْزُقُهُ؟ أَقِرَّهُ قَرَارَهُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ الْقَدَرُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
3637-
وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي، أَعْزِلُ عَنْ امْرَأَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:«لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ» ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَوْلادِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَ ضَارًّا أضر فَارِسَ وَالرُّومَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
3638-
وَعَنْ جُذَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ الأَسَدِيَّةِ قَالَتْ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُنَاسٍ وَهُوَ يَقُولُ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ، فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلادَهُمْ، فَلا يَضُرُّ أَوْلادَهُمْ شَيْئًا» . ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ الْعَزْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ وَهِيَ {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ} » . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
3639-
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْزَلَ عَنْ الْحُرَّةِ إلا بِإِذْنِهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةْ وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَلِكَ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (كُنَّا نَعْزِلُ) الْعَزْلُ: النَّزْعُ بَعْدَ الإِيلاجِ لَيَنْزِلَ خَارِجَ الْفَرْجِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي حُكْمِ الْعَزْلِ، فَحُكِيَ فِي الْفَتْحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ قَالَ: لا خِلافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لا يُعْزَلُ عَنْ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ إلا بِإِذْنِهَا؛ لأَنَّ الْجِمَاعَ مِنْ حَقِّهَا وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَيْسَ الْجِمَاعُ الْمَعْرُوفُ إلا مَا لا يَلْحَقُهُ عَزْلٌ.
قَوْلُهُ: «كَذَبَتْ يَهُودُ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَزْلِ وَلَكِنَّهُ يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا فِي حَدِيثِ جُذَامَةَ مِنْ تَصْرِيحِهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ، فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهما، فَحُمِلَ هَذَا عَلَى التَّنْزِيهِ، إلى أن قَالَ: وَجَمَعَ ابْنُ الْقَيِّمِ فَقَالَ: الَّذِي كَذَبَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم الْيَهُودُ هُوَ زَعْمُهُمْ أَنَّ الْعَزْلَ لا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ الْحَمْلُ أَصْلاً وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ قَطْعِ النَّسْلِ بِالْوَأْدِ فَأَكْذَبَهُمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لا يَمْنَعُ الْحَمْلَ إذَا شَاءَ
اللَّهُ خَلْقَهُ، وَإِذَا لَمْ يُرِدْ خَلْقَهُ لَمْ يَكُنْ وَأْدًا حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ وَأْدًا خَفِيًّا فِي حَدِيثِ جُذَامَةَ لأَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يَعْزِلُ هَرَبًا مِنْ الْحَمْلِ فَأَجْرَى قَصْدَهُ لِذَلِكَ مُجْرَى الْوَأْدِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَأْدَ. ظَاهِرٌ بِالْمُبَاشَرَةِ اجْتَمَعَ فِيهِ الْقَصْدُ وَالْفِعْلُ، وَالْعَزْلُ يَتَعَلَّقُ بِالْقَصْدِ فَقَطْ، فَلِذَلِكَ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ خَفِيًّا وَهَذَا الْجَمْعُ قَوِيٌّ، وَقَدْ ضُعِّفَ أَيْضًا حَدِيثُ جُذَامَةَ، أَعْنِي الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي آخِرِهِ.
قَوْلُهُ: «أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ» بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعٌ.