الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الظِّهَارِ
3753-
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ: كُنْتُ امْرَأً قَدْ أُوتِيتُ مِنْ جِمَاعِ النِّسَاءِ مَا لَمْ يُؤْتَ غَيْرِي، فَلَمَّا دَخَلَ رَمَضَانُ ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ رَمَضَانُ فَرَقًا مِنْ أَنْ أُصِيبَ فِي لَيْلَتِي شَيْئًا فَأَتَتَايَعَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنْ يُدْرِكَنِي النَّهَارُ وَأَنَا لا أَقْدِرُ أَنْ أَنْزِعَ، فَبَيْنَا هِيَ تَخْدُمُنِي مِنْ اللَّيْلِ إذْ تَكَشَّفَ إلَيَّ مِنْهَا شَيْءٌ، فَوَثَبْتُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْت عَلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمْ خَبَرِي وَقُلْت لَهُمْ: انْطَلِقُوا مَعِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُخْبِرَهُ بِأَمْرِي، فَقَالُوا: وَاَللَّهِ لا نَفْعَلُ نَتَخَوَّفُ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا قُرْآنٌ أَوْ يَقُولَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَةً يَبْقَى عَلَيْنَا عَارُهَا، وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ وَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، فَقَالَ لِي:«أَنْتَ بِذَاكَ» ؟ فَقُلْت: أَنَا بِذَاكَ، فَقَالَ:«أَنْتَ بِذَاكَ» ؟ قُلْت: أَنَا بِذَاكَ، فَقَالَ:«أَنْتَ بِذَاكَ» ؟ قُلْت: نَعَمْ هَا أَنَا ذَا فَامْضِ فِي حُكْمِ اللَّهِ عز وجل فَأَنَا صَابِرٌ. قَالَ: «أَعْتِقْ رَقَبَةً» . فَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي بِيَدِي وَقُلْت: لا وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَصْبَحْتُ أَمْلِكُ غَيْرَهَا، قَالَ:«فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» . قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إلا فِي الصَّوْمِ؟ قَالَ: «فَتَصَدَّقْ» . قَالَ: قُلْت: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا لَيْلَتَنَا وَحْشًا مَا لَنَا عَشَاءٌ، قَالَ:«اذْهَبْ إلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَقُلْ لَهُ فَلْيَدْفَعْهَا إلَيْكَ فَأَطْعِمْ عَنْكَ مِنْهَا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا، ثُمَّ اسْتَعِنْ بِسَائِرِهِ عَلَيْكَ وَعَلَى عِيَالِكَ» . قَالَ: فَرَجَعْتُ إلَى قَوْمِي فَقُلْت: وَجَدْتُ عِنْدَكُمْ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّعَةَ وَالْبَرَكَةَ، وَقَدْ أَمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ فَادْفَعُوهَا إلَيَّ، فَدَفَعُوهَا إلَيَّ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
3754-
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُظَاهِرِ يُوَاقِعُ قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ، قَالَ:«كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيُّ.
3755-
وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ مِكْتَلًا فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا، فَقَالَ: «أَطْعِمْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَذَلِكَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ
…
مُدٌّ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مَعْنَاهُ.
3756-
وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ أُكَفِّرَ، قَالَ:«مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ» ؟ قَالَ: رَأَيْت خَلْخَالَهَا فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ، قَالَ:«فَلا تَقْرَبْهَا حَتَّى تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَهُوَ حُجَّةٌ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ بِالإِطْعَامِ وَغَيْرِهِ.
3757-
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلاً وَقَالَ فِيهِ: «فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تَقْضِيَ مَا عَلَيْكَ» . وَهُوَ حُجَّةٌ فِي ثُبُوتِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فِي الذِّمَّةِ.
3758-
وَعَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ قَالَتْ: ظَاهَرَ مِنِّي أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ، فَجِئْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَشْكُو إلَيْهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُجَادِلُنِي فِيهِ وَيَقُولُ:«اتَّقِي اللَّهَ فَإِنَّهُ ابْنُ عَمِّك» . فَمَا بَرِحَ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إلَى الْفَرْضِ فَقَالَ: «يُعْتِقُ رَقَبَةً» . قَالَتْ: لا يَجِدُ، قَالَ:«فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» . قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ، قَالَ:«فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا» . قَالَتْ: مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ، قَالَ:«فَإِنِّي سَأُعِينه بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ» . قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ، قَالَ: «قَدْ أَحْسَنْت اذْهَبِي فَأَطْعِمِي بِهِمَا
عَنْهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَارْجِعِي إلَى ابْنِ عَمِّك» . وَالْعَرَقُ سِتُّونَ صَاعًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
3759-
وَلأَحْمَدَ مَعْنَاهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ الْعَرَقِ وَقَالَ فِيهِ: «فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ» .
3760-
وَلأَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: وَالْعَرَقُ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلاثِينَ صَاعًا. وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ.
3761-
وَلَهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَوْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. وَهَذَا مُرْسَلٌ. قَالَ أَبُو دَاوُد: عَطَاءٌ لَمْ يُدْرِكْ أَوْسًا.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (ظَاهَرْتُ مِنْ امْرَأَتِي) الظِّهَارُ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الظِّهَارَ مُخْتَصُّ بِالأُمِّ كَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ. فَلَوْ قَالَ: كَظَهْرِ أُخْتِي، مَثَلًا لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ظِهَارٌ وَحَكَي فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرِ وَالإِمَامِ يَحْيَى وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ يُقَاسُ الْمَحَارِمُ عَلَى الأُمِّ وَلَوْ مِنْ رَضَاعٍ، إذْ الْعِلَّةُ التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ.
قَوْلُهُ: «سِتِّينَ مِسْكِينًا» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجْزِئ مَنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصِّيَامِ لِعِلَّةِ أَنْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا. وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْبَابِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْهَادَوِيَّةُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ، فَقَالُوا: الْوَاجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا: إنَّ الْوَاجِبَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ، وَتَمَسَّكُوا بِالرِّوَايَاتِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْعَرَقِ وَتَقْدِيرُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا. وَظَاهِرُ
الْحَدِيثِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لا تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِهَا لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعَانَهُ بِمَا يُكَفِّرُ بِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى السُّقُوطِ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى التَّفْصِيلِ فَقَالُوا: تَسْقُطُ كَفَّارَةُ صَوْمِ رَمَضَانَ لا غَيْرُهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ.
قَوْلُهُ: (وَالْعَرَقُ سِتُّونَ صَاعًا) هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَفَرَّدَ بِهَا مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ الذَّهَبِيُّ: لا يُعْرَفُ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَفِيهَا أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ عَنْعَنَ، وَالْمَشْهُورُ عُرْفًا أَنَّ الْعَرَقَ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشْرَ صَاعًا كَمَا رَوَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ نَفْسِهِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.