الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ
4099-
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجُلِدَ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ،
…
قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
4100-
وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَرْبَعِينَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4101-
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: جِيءَ بِالنُّعْمَانِ أَوْ ابْنِ النُّعْمَانِ شَارِبًا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَنْ يَضْرِبُوهُ فَكُنْت فِيمَنْ ضَرَبَهُ فَضَرَبْنَاهُ بِالنِّعَالِ وَالْجَرِيدِ.
4102-
وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ فِي عَهْدِ
…
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي إمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَصَدْرًا مِنْ إمْرَةِ عُمَرَ فَنَقُومُ إلَيْهِ فَنَضْرِبُهُ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا، وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ صَدْرًا مِنْ إمْرَةِ عُمَرَ فَجَلَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ، حَتَّى إذَا عَتَوْا فِيهَا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ. رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.
4103-
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، فَقَالَ:
…
«اضْرِبُوهُ» . فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللهُ. قَالَ: «لا تَقُولُوا هَكَذَا لا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
4104-
وَعَنْ حُصَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ: شَهِدْت عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أُتِيَ بِالْوَلِيدِ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكُمْ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلانِ أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّؤهَا، فَقَالَ عُثْمَانُ: إنَّهُ لَمْ
يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا، فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا
…
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ: أَمْسِكْ، ثُمَّ قَالَ: جَلَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِيهِ مِنْ الْفِقْهِ أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ وَأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى شَيْئَيْنِ إذَا آلَ مَعْنَاهُمَا إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ جُمَعًا جَائِزَةٌ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَالإِقْرَارِ بِهِ، أَوْ عَلَى الْقَتْلِ وَالْإِقْرَارِ بِهِ.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: مَا كُنْت لِأُقِيمَ حَدًّا عَلَى أَحَدٍ فَيَمُوتَ وَأَجِدَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا إلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسُنَّهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَهُوَ لِأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَةْ وَقَالا فِيهِ: لَمْ يَسُنَّ فِيهِ شَيْئًا إنَّمَا قُلْنَاهُ نَحْنُ.
قُلْت: وَمَعْنَى قوله: لَمْ يَسُنَّهُ يَعْنِي لَمْ يُقَدِّرْهُ وَيُوَقِّتْهُ بِلَفْظِهِ وَنُطْقِهِ.
4105-
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ عُمَرَ جَعَلَ بَدَلَ كُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ بْنِ الْخِيَارِ: أَنَّهُ قَالَ لِعُثْمَانَ: قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْوَلِيدِ، فَقَالَ: سَنَأْخُذُ مِنْهُ بِالْحَقِّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِدَهُ، فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ. مُخْتَصَر مِنْ الْبُخَارِيِّ. وَفِي رِوَايَةٍ لهُ: أَرْبَعِينَ.
وَيَتَوَجَّهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِمَا رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ - مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ - أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام جَلَدَ الْوَلِيدَ بِسَوْطٍ لَهُ طَرَفَانِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ.
4106-
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ نَشْوَانَ، فَقَالَ:
إنِّي لَمْ أَشْرَبْ خَمْرًا، إنَّمَا شَرِبْت زَبِيبًا وَتَمْرًا فِي دُبَّاءَةٍ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ فَنُهِزَ بِالْأَيْدِي وَخُفِقَ بِالنِّعَالِ، وَنَهَى عَنْ الدُّبَّاءِ، وَنَهَى عَنْ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ، يَعْنِي أَنْ يُخْلَطَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: إنِّي وَجَدْت مِنْ فُلَانٍ رِيحَ شَرَابٍ، فَزَعَمَ أَنَّهُ شَرِبَ الطِّلاءَ، وَإِنِّي سَائِلٌ عَمَّا شَرِبَ، فَإِنْ كَانَ مُسْكِرًا جَلَدْتُهُ، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الْحَدَّ تَامًّا. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَكَرَّمَ اللهُ وَجْهه فِي شُرْبِ الْخَمْرِ قَالَ: إنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ جَلْدَةً. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَمَالِكٌ بِمَعْنَاهُ.
وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِّ الْعَبْدِ فِي الْخَمْرِ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ فِي الْخَمْرِ وَأَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ جَلَدُوا عَبِيدَهُمْ نِصْفَ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ حَدِّ الشُّرْبِ، وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَرْبَعِينَ إجْمَاعًا قَالَ الشَّارِح: وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الِاقْتِصَارُ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ بَلْ جَلَدَ تَارَةً بِالْجَرِيدِ وَتَارَةً بِالنِّعَالِ وَتَارَةً بِهِمَا فَقَطْ وَتَارَةً بِهِمَا مَعَ الثِّيَابِ وَتَارَةً بِالأَيْدِي وَالنِّعَالِ. انْتَهَى.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَالصَحِيحٌ فِي حَدِّ الْخَمْر إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ الْمُوَافَقَةِ لمذَهَبَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الزِّيَادَةِ عَلَى الأَرْبَعِينَ إلَى الثَمَانِينَ لَيْسَتْ وَاجِبَةٌ عَلَى
الإِطْلَاقِ. بَلْ يَرْجِعُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادَ الْإِمَامِ كَمَا جوزنا لَهُ الاجْتِهَادِ فِي صفة الضَّرْبِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافُ وَالثِّيَاب. بِخِلافِ بَقِيَّةٌ الْحُدُودِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ رَجُلٌ بِحَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ لَمْ يَلْزَمْ الإِمَامُ وَلا نَائِبُهُ الأَرْشَ وَلا الْقِصَاصَ إلا حَدَّ الشُّرْبِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ إلى أن قَالَ: وَأَمَّا مَنْ مَاتَ بِتَعْزِيرٍ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ يَضْمَنُهُ الْإِمَامُ.