الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3344-
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ: إذَا كَانَ الْعَبْدُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ عَبْدًا وَرِثَ بِقَدْرِ الْحُرِّيَّةِ. كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْمُكَاتَبِ إذَا أَدَّى بَعْضَ مَالِ الْكِتَابَةِ؛ فَذَهَبَ أَبُو طَالِبٍ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ إلَى أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ صَارَ لِقَدْرِهِ حُكْمُ الْحُرِّيَّةِ فِيمَا يَتَبَعَّضُ مِنْ الأَحْكَامِ حَيًّا وَمَيِّتًا
كَالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْحَدِّ وَالأَرْشِ، وَفِيمَا لا يَتَبَعَّضُ كَالْقَوَدِ وَالرَّجْمِ وَالْوَطْءِ بِالْمِلْكِ لَهُ حُكْمُ الْعَبْدِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: أنَّهُ لا يَثْبُتُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الأَحْرَارِ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَبْدِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْحُرِّيَّةَ وَحَكَاهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالْعِتْرَةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ: أَنَّ الْمُكَاتَبَ لا يَعْتِقُ حَتَّى يُوَفِّيَ وَلَوْ سَلَّمَ الأَكْثَرَ وَاحْتَجُّوا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: «وَالْمُكَاتَبُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» . إِلَى أَنْ قَالَ: وَحَدِيثُ الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ. وله فِي الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَعْتِقُ بِنَفْسِ الْكِتَابَةِ وَرَجَّحَ بِأَنَّ حُكْمَ الْكِتَابَةِ حُكْمُ الْبَيْعِ، وَرَجَحَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ بِأَنَّهُ أَحْوَطُ، لأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لا يَزُولُ إلا بَعْدَ تَسْلِيمِ مَا قَدْ رَضِيَ بِهِ مِنْ الْمَالِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَالْحَدِيثُ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَرْجَحُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ امْتِنَاعِ الإِرْثِ بِاخْتِلافِ الدِّينِ
وَحُكْمِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ
3345-
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلا مُسْلِمًا وَالنَّسَائِيُّ.
3346-
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنْزِلُ غَدًا فِي دَارِكِ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ» ؟ وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ
هُوَ
وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْ جَعْفَرٌ وَلا عَلِيٌّ شَيْئًا لأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ أَخْرَجَاهُ.
3347-
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.
3348-
وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
3349-
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّ إلا أَنْ يَكُونَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
3350-
وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ مَوْقُوفًا عَلَى جَابِرٍ. وَقَالَ: مَوْقُوفٌ وَهُوَ مَحْفُوظٌ.
3351-
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى مَا قُسِمَ، وَكُلُّ قَسْمٍ أَدْرَكَهُ الإِسْلامُ فَإِنَّهُ عَلَى مَا قَسَمَ الإِسْلامُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ هُوَ بِاللَّفْظِ الأَوَّلِ فِي مُسْلِمٍ لا كَمَا زَعَمَ الْمُصَنِّفُ قَالَ الْحَافِظُ: وَأَغْرَبَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُنْتَقَى فَادَّعَى أَنَّ مُسْلِمًا لَمْ يُخْرِجْهُ، وَكَذَا ابْنُ الأَثِيرِ فِي الْجَامِعِ ادَّعَى أَنَّ النَّسَائِيّ لَمْ يُخْرِجْهُ إلى أَنَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ قَاضِيَةٌ بِأَنَّهُ لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْكَافِرِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَرْبِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَلا يُقْبَلُ التَّخْصِيصُ إلا بِدَلِيلٍ وَظَاهِرُ قَوْلُهُ: «لا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ» أَنَّهُ لا يَرِثُ أَهْلُ مِلَّةٍ كُفْرِيَّةٍ مِنْ أَهْلِ مِلَّةٍ كُفْرِيَّةٍ أُخْرَى، وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْهَادَوِيَّةُ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِحْدَى الْمِلَّتَيْنِ الإِسْلامُ وَبِالأُخْرَى الْكُفْرُ وَلا يَخْفَى بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ أَقْوَالٌ أُخَرُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَالْمُسْلِمُ يَرِثُ مِنْ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ بِخِلافِ الْعَكْسِ لِئَلا يَمْتَنِعُ قَرِيبِهِ مِنَ الإِسْلامِ، وَلَوُجُود نصرهم وَلا يَنْصُرُونَنَا. وَالْمُرْتَدُّ إِذَا قُتِلَ فِي رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ عَلَيْهَا فَمَا لَهُ لِوَارِثِهِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَلأَنَّ رِدَّتِهِ كَمَرَضِ مَوْتِهِ. وَالزِّنْدِيقِ مُنَافِقٌ يَرِثُ