الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال بعضهم: وبعد وفاة الشيخ شهاب الدين ابن حجي نزل له القاضي نجم الدين عن تدريس الظّاهرية البرّانية، ولما توفي الشيخ شهاب الدين ابن نشوان ساعده القاضي نجم الدين على القاضي تاج الدين الزهري حتى نزل له عن تدريس العذراوية، ولما ولي القاضي نجم الدين الشامية البرّانية بعد وفاة مدرسها القاضي تاج الدين، نزل له عن نصف تدريس الركنية ولابن خطيب عذرا عن الآخر، فتوفي الشيخ برهان الدّين الخطيب عاجلًا فأُضيف إليه النّصف الآخر.
وكان المذكور فاضلًا في الفقه يستحضر كثيراً من كلام الرافعي ويحفظ عليه إشكالات وأسئلة حسنة ويعرف المختصر معرفة جيدة والألفيّة معرفة تامّة ويحفظ كثيراً من تواريخ المتأخرين وله يدٌ طولى في النّظم والنّثر.
وكان منجمعاً عن الناس ولا يكتب على الفتاوى إلا قليلًا وبحثه أحسن من تقريره، وكان كثير التلاوة حسن الصّلاة مقتصداً في ملبسه وغيره، شريف النّفس مليح المحاضرة، ولم يكن فيه ما يعاب به إلا أنه كان يطلق لسانه في النّاس ويأتي في ذلك بعبارات غريبة.
توفي في عشرين الحجّة الحرام سنة تسع وعشرين وثمان مائة في منصرفه من الحج قافلّا بوادي بني سالم وحمل إلى المدينة الشريفة فدفن بالبقيع رحمه الله تعالى وعفا عنه بمنّه وكرمه.
* * *
شيخنا الشيخ علاء الدّين ابن الصَّيْرَفِيّ
علي بن (1) عثمان بن عمر بن صالح الدمشقي المشهور بابن الصّيرفي،
(1) الضوء اللامع للسخاوي 5/ 259 (869)، شذرات الذهب 9/ 366 معجم المؤلفين - كحالة 7/ 147.
نسبة إلى أبيه الشيخ عثمان كان صيرفياً قبل الفتنة بمحلة الفسقار داخل باب الجابية من دمشق.
هو شيخنا الإمام العلامة الحافظ الواعظ المفسر النحوي الأصولي المتكلم القدوة علاء الدين أبو الحسن مفتي المسلمين رحلة الطالبين بركة المسلمين، مولده كما أخبرني به سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة تقريباً.
حفظ القرآن العظيم ثم التنبيه وغيره من المحفوظات واشتغل على مشايخ عصره ولازم والدي وأتقن عليه الأصول والفروع وقرأ في الفقه على بلديه الفقيه شرف الدين وحضر عند غيرهما وجُلُّ اشتغاله على والدي كما تقدم.
وتميَّز على أقرانه ومهر في الفنون وحفظ الجمع بين الصحيحين قبل الفتنة، وعرضه على مشايخ العصر، أخبرني بذلك شيخنا العلامة شمس الدّين الكفيري وغيره.
وصار في الحفظ واحد عصره ووعظ الناس سنين متطاولة من الفتنة وهلم جراً، وانتفع عليه الخاصّ والعام.
ووصفه بالحفظ والمهارة مشايخه الأعلام منهم الوالد وابن نشوان، وبلغني عن الشيخ شهاب الدّين ابن حجّي كما نقله لي عنه الشّيخ علاء الدين ابن السلماني المتقدم ترجمته أنه قال: إذا كان عندي ابن الصّيرفي كان البخاريّ ومسلم عندي.
وناهيك بذلك في ذلك الوقت وغالب ظني في هذا الزمان أنه يأتي على غالب الروضة وأصلها، وأما صحيح البخاري فقد ضبطت عليه منه مجلدة على الغائب في وعظه حال قراءتي عليه من نحو خمسة عشر سنة، وبلغني أنه اليوم يستظهره برمته.
ولما كنت أقرأ عليه في الأصول والفروع كان يأتي على الأصفهاني بحروفه والقوت للأذرعي.
وبالجملة: فهو أعجوبة زمانه في الحفظ ونادرة عصره وأوانه.
ورحل إلى القاهرة فحضر الشيخ وكان يصفه بالفضل من ذلك الزمان وهو في سن الشّباب، وأخذ عن العراقي وبحث عليه غالب منظومته