الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ العلامة شهاب الدين ابن نشوان
أحمد بن (1) محمد بن نشوان بن محمد بن نشوان بن محمد بن أحمد أبو العباس الحواري ثم الدمشقي الإمام العالم العلَّامة أقضى القضاة شهاب الدين مفتي المسلمين رحلة الطالبين، مولده في سنة سبع وخمسين وسبع مائة بتقديم السين.
قدم إلى دمشق وتفقه على الشيخ شهاب الدين الزُّهري ولزمه وعلى غيره من مشايخ العصر وبرع وانتهى في الشامية البرّانية سنة خمس وثمانين وظهر فضله وأذن له شيخه الزهري بالإفتاء في جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين ونزل له الشيخ شهاب الدين ابن حجي عن إعادة الشامية البرانية سنة اثنين وثمان مائة وباشرها إلى حين موته، وجلس للإشغال بالجامع وانتفع به الطلبة وقصد بالفتاوى، وكان يكتب عليها كتابة حسنة ودرس في آخر عمره بالعذراوية وكان عاقلًا ذكياً يتكلم في العلم بتَوءُدَة وسُكون وعنده إنصاف وله محاضرة حسنة.
قلت: وكان من أخصّ الناس بصحبة الوالد ورفيقه في الطلب بل أخصّهم ولكل واحد من صاحبه المحبة والصدق والملازمة، وكان هو كثير التردد إلى الوالد وبينهما اتحاد كثير معروف عند أهل الشام، وكانا عضدا ولد شيخهما القاضي تاج الدين -رحمهم الله تعالى- وقد تقدم في ترجمة الوالد أنه كان سبب توليته لقضاء الشام.
ولما قدم الشيخ شهاب الدين ابن نشوان ولزم الزّهري أمره بإقراء ولديه تاج الدين وجمال الدين وبحث على أبيهما وحضر غالب دروسه، ولم
(1) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 4/ 18 (722)، إنباء الغمر لابن حجر 6/ 20، الضوء اللامع للسخاوي 2/ 210 (567)، الدارس في أخبار المدارس للنعيمي 1/ 242، شذرات الذهب لابن العماد 9/ 123.
يكن له محفوظ لكن له تصرُّف وذكاء فمهر وساد ودرّس وأفتى وتصدّى لإقراء الطلبة، وصار من أعيان الشافعية بل من مشايخهم بعد الفتنة.
واشتهر صيته وباشر الإِشغال بقلب وإقبال وقُصد بالفتاوى من الأقطار وكان مشهوراً حسن التقرير له في الأصول يد طُولى أخذه عن شيخه بالسماع والملازمة كما تقدم، وقرأ عليه أيضاً، وناب في الحكم عن القاضي شمس الدين الأخنائي فمن بعده، وكان مع ممارسته للدمشقين يغلب عليه لغة بلده وفي عبارته القاف بالكاف كعادة الحوارنة، وكان يقول الشعر فمنه:
واخجلتي وفضيحتي في موقف
…
صعب المسالك والخلائق تعرض
وتوقعي لمهدِدٍ لي قائِل
…
أصحيفة سودا وشعرك أبيض
ومنه أيضاً:
قوم أنابوا إلى الدنيا وزينتها
…
وعمّروا رغبة فيها أماكنهم
ودمرتهم فلم تبق لهم مهجعا
…
فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم
ومنه ما أنشده لنفسه في حال ضعفه لأنه مكث مدة بمرض الاستسقاء:
يا رب قد تعب العُوّاد بي ورجوا
…
من سترك الواسع المسبول عافيتي
وإنني أرتجي ما قد رجوه فإن
…
وافا وإلا فَجُد لي عند خاتمتي
واستمر به ذلك الضعف إلى أن توفي في جمادى الأولى سنة تسع عشرة وثمان مائة، ودفن بمقبرة الصوفية عند شيخه الزهري، ولم يحج وخلف تركة جيدة -رحمه الله تعالى-.
واجتمعت به مرات، وكان يمزح معي وأنا صغير ويغريه على ذلك الوالد -رحمهما الله تعالى-.
* * *