الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان يتردد إليه مشايخ البلد كالزهري والصلخدي وغيرهما من علماء عصره، وكذلك نوّاب البلد ويمتثلون أمره.
وحجّ غير مرة وعظم قدره عند الظاهر وكان يكاتبه ويأمره بما فيه نفع للمسلمين، وكان الظاهر في سنة ست وتسعين اجتمع به بمنزله بالقدس. . . . وأعطاه مالًا فأبى أن يقبله، وكان في آخر عمره يذهب إلى بيت المقدس مدة ثم يرجع إلى خلوته بدمشق.
توفي في بيت المقدس في شوال سنة سبع وتسعين وسبع مائة بتقديم السين، ودفن بمقبرة ماملا عن ثلاث وستين سنة، وزرته في رحلتي مع ولده سيدي عبد الملك أعاد الله علينا من بركته.
وله مصنفات كثيرة في علم التصوف وغيره لكنها صغيرة الحجم ومجاميع حسنة وأصحابه كثيرون أذن لعشرة منهم وقد تقدم ذكرهم في ترجمة صاحبه الشيخ أحمد خطيب حجيرا في أواخر الأحمدين فليعلم.
* * *
الشيخ العلامة برهان الدين الأبناسي
إبراهيم (1) بن موسى بن أيوب أبو محمد وأبو إسحاق الإِمام العلامة ذو الفنون برهان الدين الأبناسي المصري، ولد بأبناس من أعمال القاهرة سنة خمس وعشرين وسبعمائة كذا نقل عن خطه.
وقدم القاهرة وله بضع وعشرون سنة وأخذ عن الشيخين ولي الدين
(1) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 4/ 5 (711)، درر العقود الفريدة 1/ 79 (23)، إنباء الغمر لابن حجر 4/ 144، الضوء اللامع للسخاوي 1/ 172، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 437، شذرات الذهب لابن العماد 9/ 12، الأعلام للزركلي 1/ 75، معجم المؤلفين - كحالة 1/ 117.
المنفلوطي وجمال الدين الأسنوي وغيرهما، وتخرّج في الحديث بمغلطاي وسمع من الوادي آشي وأبي الفتح الميدومي وأبي نعيم الأسعردي وغيرهم، وسمع بدمشق من ابن أميلة وبالحجاز من الشيخ خليل المكيّ واليافعي.
وحدّث واشتغل كثيراً وولي مشيخة خانقاه سعيد السعدا ثم تركها، ودرّس بمدرسة السلطان حسن نيابة عن ولد شيخه، ودرّس أيضاً بالجامع الأزهر بالآثار النبوية.
قال شيخنا الحافظ ابن حجر -أمتع الله ببقائه: مهر في الفقه والأصول والعربية وشغل فيها وبنى زاوية بالمقياس ظاهر القاهرة وأقام بها يحسن إلى الطلبة، ويجمعهم على التفقه ويرتب لهم ما يأكلون ويسعى لهم في الرزق فصار أكثر الطلبة بالقاهرة من تلامذته، وتخرّج به منهم خلق كثير، وكان حسن التعليم لين الجانب متواضعاً بشوشاً متعبداً متقشفاً مطرح التكلف.
وقد عين مرة للقضاء فتوارى وذكر أنه فتح المصحف فخرج {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} (1).
وقال المؤرخ ناصر الدين ابن الفرات: كان شيخ الديار المصرية مربياً للطلبة وله مصنفات في الحديث والفقه والأصول والعربية وحجّ وجاور مرات.
توفي راجعاً من الحج ودفن يوم عاشوراء سنة اثنين وثمان مائة ورثاه صديقه الحافظ زين الدين العراقي بقصيدة دالية طويلة وأثنى عليه كثيراً -رحمه الله تعالى- وقبره بعيون القصب المنزلة المعروفة بدرب المصري.
قلت: وكان يحضر مع الشيخ في بعض المجالس ويباحثه والشيخ يحترمه ويعامله معاملة الأقران ويرجحه على ابن الملقن في التصرف في العلوم، وكان من الأئمة وتخرّج عليه جماعة من الأئمة منهم شيخنا العلامة محيي الدين المصري وكان كثير التعظيم والإجلال له.
(1) سورة يوسف، الآية:33.