الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العثمانية في الجزائر هذه الزاوية التي اتسعت شهرتها لكونها في عاصمة الدولة ولكون الثعالبي نفسه من أبناء المنطقة. وهكذا أصبحت عبارة (الثعالبية) تدل على مدرسة في الزهد والورع والميل نحو العزلة والتصوف والعناية بعلوم الآخرة والهروب من الدنيا وأوضارها.
ومن تلاميذ الثعالبي الذين ساروا على نهجه واقتفوا أثره أحمد بن عبد الله الجزائري (1) وقد جاءت شهرة الجزائري عن طريق قصيدته في التوحيد المعروفة بالمنظومة الجزائرية والتي تسمى أحيانا (الجزائرية) فقط، وهي التي تداول عليها أكثر من واحد يحللها ويشرحها ويثني على صاحبها رغم أنه نظمها عندما كان في مقتبل العمر. ومن الذين شرحوها شرحا مطولا أثناء حياة صاحبها الشيخ محمد السنوسي الذي اشتهر في وقته بالتعمق في العقائد (2). فقد أرسلها الناظم بنفسه إلى السنوسي وطلب منه شرحها. والمنظومة لامية وهي تبدأ هكذا:
الحمد لله وهو الواحد الأزلي
…
سبحانه جل عن شبه وعن مثل
أما الطريق الثاني الذي اشتهر به أحمد الجزائري فهو إقامة زاوية باسمه في مدينة الجزائر وعناية السلطة العثمانية أيضا بها. فقد أصبحت زاويته مدفنا لعدد من مشاهير علماء مدينة الجزائر نذكر منهم سعيد قدورة وأحمد زروق بن عمار ومحمد بن بلقاسم بن إسماعيل المطماطي الذين تولوا جميعا وظيفة الإفتاء. ويمكن أن نضيف إلى مصادر شهرة الجزائري كونه من تلاميذ الثعالبي، وهو الذي رثى شيخه بالقصيدة العينية التي أشرنا إليها. ولمكانة الجزائري في عصره وفي الجيل اللاحق له كان أيضا يلقب (بالقطب) وهو لقب صوفي لا يناله إلا من تدرج في مدارج الطريقة وشهد له الناس بالصلاح.
3 -
ابن زكري:
ومن الذين وضعوا أيضا منظومة في علم الكلام أحمد بن زكري
(1) توفي سنة 898 بمدينة الجزائر.
(2)
يقع شرح السنوسي في 241 ورقة، انظر الخزانة العامة بالرباط د 1676.
التلمساني (1). وقد سمى منظومته (المراصد) لأنه قسمها إلى أربعة مراصد وخاتمة. ويبدو أنها نظم عادي رغم مكانة ناظمها كأستاذ صاحب شهرة واسعة. وقد جاء فيها ما يلي:
وهكذا الجوهر والمقدار
…
والشكل والظلمة والأنوار
وقال قوم ما هنا تفصيل
…
فللوجود بهما شمول
فكل موجود به تعلقا
…
لكن بأمر زائد افترقا
والنسخة التي اطلعنا عليها مبتورة من الأول ولذلك لم نعرف ديباجة المؤلف فيها ولم نعرف أيضا ماذا تناول في المرصد الأول والثاني. أما المرصد الثالث فهو (في أفعاله تعالى) والرابع (في الرسالة وما أخبرت به)(2). أما صاحب (البستان) فقد سمى هذه المنظومة بالمنظومة الكبرى وقال إنها تقع في أكثر من ألف وخمسمائة بيت. وقد ذكر له في ترجمته عددا آخر من المؤلفات لا تخرج عن الفقه وأصوله والفتاوى وعلم الكلام (3). ويبدو أن ابن زكري كان مستقل الرأي بين معاصريه فقد ذكر له ابن مريم بعض المواقف التي تدل على ذلك، ومنها أنه كان يرد على محمد السنوسي بعض آرائه كما كان هذا يرد عليه. فإذا عرفنا أن السنوسي كان إماما معترفا له بالعلم والورع أدركنا أن ابن زكري لم يكن يقلد الناس في هذا الاعتراف. ولعل هذه العلاقة بين الرجلين هي التي منعت محمد السنوسي من وضع شرح على (المراصد) شبيه بالشرح الذي وضعه على منظومة الحوضي ومنظومة الجزائري وغيرهما.
(1) ترجمته في (البستان) 38 - 41. وبناء عليه فإن ابن زكرى قد توفي سنة 899 أو 900 وله جامع في تلمسان يعرف بجامع ابن زكرى، وقد وقفت عليه وقفية كبيرة سنة 1154، ولابن زكرى عدة مؤلفات مذكورة في ترجمته. انظر أيضا (دوحة الناشر) لابن عسكر الترجمة الفرنسية، 205. ولابن زكرى رجز سماه (محصل المقاصد) شرجه الورتلاني سنشير إليه في الفصل الثاني من الجزء الثاني، ولا ندري إن كانت (منظومة المراصد) هي نفسها (محصل المقاصد) أو هما عملان مختلفان.
(2)
الخزانة العامة بالرباط ك 3287. وهي في 25 صفحة.
(3)
(البستان)41.