الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرنسيين ساعة الاحتلال، لأنه كان يعرف أنه لا الطريقة القادرية ولا الدرقاوية ولا التجانية ولا غيرها كانت تقف معه. كما أن القادرية قد اندمجت غداة الاحتلال في تيار الحركة الوطنية مستعملة نفوذها الروحي للدعوة إلى الجهاد ضد الفرنسيين (1).
9 -
الطريقة الطيبية في الجزائر:
ولدت الطريقة الطيبية في وزان بالمغرب الأقصى. وكان مؤسسها هو الشيخ عبد الله الشريف المتوفي سة 1089. وقد ولد الشيخ في قبيلة بني عروس في جبل علام بالمغرب. وبعد الدراسة في تطوان قصد فاس وتتلمذ على علماء القرويين وانتهى به الأمر إلى أن أسس زاويته بعد تجوال وتأمل وبحث. وكان الشيخ يحتقر شهوات الدنيا، وبدأ حياته فقيرا حتى أنه حين تزوج لم يجد ما يدفعه مهرا إلى أن جاءه المهر عن طريق الكرامة الصوفية. ولكن الزاوية توسعت في عهده حتى أنها كانت تطعم، على ما يقال، أربعة عشر ألف نسمة. وقد تولى الزاوية من بعده أبناؤه وأحفاده، فتولاها ابنه محمد بن عبد الله الشريف، وتوسعت في عهده وأصبح لها فروع ومقدمون في المغرب والجزائر. وجاء بعده ابنه الثاني ثم أخوه الطيب الذي ظل على الزاوية من سنة 1127 إلى 1181. وفي عهد هذا الأخير (الشيخ الطيب) ازدهرت الزاوية ازدهارا عظيما. ومنذ ذلك الحين أصبحت تعرف (بالطيبية) رغم أن تأسيسها يعود إلى عهد الشيخ عبد الله الشريف كما عرفنا. وتتابع الأحفاد على الزاوية فتولاها الشيخ أحمد من 1181 إلى 1195 ثم الشيخ علي من ذلك الحين إلى سنة 1226، وهكذا.
لقد كانت الطيبية أيضا تستمد أصولها من الطريقة الشاذلية، وهي تعتبر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أساس الذكر حتى أن الورد الذي لقنه الشيخ عبد الله الشريف لأتباعه كان يتمثل في تكرير الصلاة على النبي أربعا وعشرين ومائة وألف مرة كل يوم وليلة. وكان نشاط الزاوية يقوم على العناية بالفقراء
(1) عن دور الطريقة القادرية أثناء الاحتلال الفرنسي انظر الأجزاء اللاحقة.
والغرباء واليتامى والأرامل. والظاهر أن نشاطها في ميدان التعليم كان قليلا على الأقل في الجزائر.
والغالب أن تكون تعاليم الطريقة الطيبية قد جاءت إلى الجزائر أثناء عهد عبد الله الشريف، رغم أننا لا نملك دليلا واضحا على ذلك. فقد كان علماء الجزائر والمغرب يتبادلون الزيارات خلال هذا العهد. ففي أواخر القرن الحادي عشر جاء ابن زاكور كما عرفنا. وفي النصف الأول من القرن الثاني عشر ذهب ابن حمادوش إلى المغرب مرتين، ونعرف من رحلته الثانية أنه قد أقام بتطوان ودرس بها وزار ضريح الشيخ علي الريف عدة مرات. كما تردد على الجزائر أحمد الورززي. وهو أيضا من علماء تطوان كما عرفنا، ولعل تعاليم الطيبية قد تسربت إلى غرب الجزائر عن طريق (الفقراء) منذ ذلك العهد أيضا، ولا سيما في المناطق الجبلية والونشريس والظهرة وبعض المدن مثل مستغانم (1).
ومهما كان الأمر فقد دخلت تعاليمها الجزائر في العهود التالية. فنحن نعرف أنه في عهد الشيخ علي (1195 - 1226) جاء إلى الزاوية بوزان طالبان من مستغانم واشتكيا إلى الشيخ من كثرة الديون التي كانت عليهما فقضى الشيخ حاجتهما وعادا من حيث أتيا. كما أننا نعرف أنه أصبح في وهران مقدم للطريقة الطيبية، وهو الحاج التهامي بن عمر. ولم يكن بعض بايات الغرب يرتاحون لنشاطه فسجنوه مرة، وكانوا يضيقون عليه الخناق. ورغم أن الطريقة الطيبية لم تقم ضد الترك في الجزائر بثورة شبيهة بثورة الطريقة الدرقاوية ضدهم فإنها كانت تثير مخاوفهم لعلاقتها السياسية بالمغرب، سيما وأن السلطان سليمان نفسه كان من أتباعه (2).
(1) وجدنا في الوثائق أن باي الغرب الجزائري، قد أوقف سنة 1173 على الزاوية الطيبية بتلمسان دارا اشتراها لها بستين مثقالا ذهبيا. انظر الفصل الثالث من هذا الجزء. وهذا يدل على تمكن ونشاط هذه الطريقة في ذلك الحين.
(2)
تقوم مصادر الطريقة الطيبية على عملين أساسيين هما: (تحفة الأخوان بمبادئ مناقب شرفاء وزان) تأليف حمدون بن محمد الفاسي، و (الكوكب الأسعد في =