الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَعْمَال والزكا النَّمَاء وَالْبركَة فَأفَاد كل ذَلِك أَن الذّكر أفضل عِنْد الله سبحانه وتعالى من جَمِيع الْأَعْمَال الَّتِي يعملها الْعباد وَأَنه أَكْثَرهَا نَمَاء وبركة وأرفعها دَرَجَة وَفِي هَذَا ترغيب عَظِيم فَإِنَّهُ يدْخل تَحت الْأَعْمَال كل عمل يعمله العَبْد كَائِنا مَا كَانَ (قَوْله وَخير لكم من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْفِضَّة) وَفِي نُسْخَة من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْوَرق وَفِي نُسْخَة الْجمع بَين الْفضة الْوَرق وَالْوَرق هِيَ الدَّرَاهِم المضروبة فعطفه على الْفضة من عطف الْخَاص على الْعَام وَعطف إِنْفَاق الذَّهَب وَالْفِضَّة على مَا تقدم من عُمُوم الْأَعْمَال مَعَ كَونه مندرجا تحتهَا يدل على فَضِيلَة زَائِدَة على سَائِر الْأَعْمَال كَمَا هُوَ النُّكْتَة الْمَذْكُورَة فِي عطف الْخَاص على الْعَام وَهَكَذَا قَوْله (وَخير لكم من أَن تلقوا الْعَدو) وَهَذَا من عطف الْخَاص على الْعَام لكَون الْجِهَاد من الْأَعْمَال الفاضلة وطبقته مُرْتَفعَة على كثير من الْأَعْمَال وَفِي تَخْصِيص هذَيْن العملين الفاضلين بِالذكر أَيْضا بعد تَعْمِيم جَمِيع الْأَعْمَال زِيَادَة تَأْكِيد لما دلّ عَلَيْهِ أَلا أنبئكم بِخَير أَعمالكُم وَمَا بعده من فَضِيلَة الذّكر على كل الْأَعْمَال ومبالغة فِي النداء بفضله عَلَيْهَا وَدفع لما يظنّ من أَن المُرَاد بِالْأَعْمَالِ هَاهُنَا غير مَا هُوَ متناه فِي الْفَضِيلَة وارتفاع الدرجَة وَهُوَ الْجِهَاد وَالصَّدَََقَة بِمَا هُوَ محبب إِلَى قُلُوب الْعباد فَوق كل نوع من أَنْوَاع المَال وَهُوَ الْمَذْهَب وَالْفِضَّة //
استشكال بعض أهل الْعلم
تَفْضِيل الذّكر على الْجِهَاد
وَقد اسْتشْكل بعض أهل الْعلم تَفْضِيل الذّكر على الصَّدَقَة وَقد قدمت فِي شرح الحَدِيث الْمُتَقَدّم على هَذَا طرفا من ذَلِك وَاسْتشْكل بَعضهم تَفْضِيل الذّكر على الْجِهَاد مَعَ وُرُود الْأَدِلَّة الصَّحِيحَة أَنه أفضل الْأَعْمَال وَقد جمع بعض أهل الْعلم بَين مَا ورد من الْأَحَادِيث الْمُشْتَملَة على تَفْضِيل بعض الْأَعْمَال على بعض آخر وَمَا ورد مِنْهَا مِمَّا يدل على تَفْضِيل الْبَعْض الْمفضل عَلَيْهِ بِأَن ذَلِك بِاعْتِبَار الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال فَمن كَانَ مطيقا للْجِهَاد قوي الْأَثر فِيهِ أفضل أَعماله الْجِهَاد وَمن كَانَ كثير المَال فأفضل أَعماله الصَّدَقَة وَمن كَانَ غير متصف بِأحد الصفتين المذكورتين فأفضل أَعماله الذّكر وَالصَّلَاة وَنَحْو ذَلِك وَلكنه
يدْفع هَذَا تصريحه صلى الله عليه وسلم بأفضلية الذّكر على الْجِهَاد نَفسه فِي هَذَا الحَدِيث وَفِي الْأَحَادِيث الْآخِرَة كَحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه عِنْد التِّرْمِذِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَي الْعباد أفضل دَرَجَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الذاكرون الله كثيرا قَالَ قلت يَا رَسُول الله وَمن الْغَازِي فِي سَبِيل الله قَالَ لَو ضرب بِسَيْفِهِ فِي الْكفَّار وَالْمُشْرِكين حَتَّى ينكسر ويختضب دَمًا لَكَانَ الذاكرون الله كثيرا أفضل مِنْهُ دَرَجَة قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث غَرِيب وكحديث عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا وَفِيه وَلَا شَيْء أنجى من عَذَاب الله من ذكر الله قَالُوا وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ وَلَو أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يتقطع أخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ من رِوَايَة سعيد بن سِنَان وَسَيَأْتِي قَرِيبا حَدِيث إِلَّا أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِع
وَمِمَّا يدل على أَن الذّكر أفضل من الصَّدَقَة مَا أخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن من حَدِيث ثَوْبَان قَالَ لما نزلت {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي بعض أَسْفَاره فَقَالَ بعض أَصْحَابه أنزلت فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة لَو علمنَا أَي المَال خير فَنَتَّخِذهُ فَقَالَ أفضله لِسَان ذَاكر وقلب شَاكر وَزَوْجَة مُؤمنَة تعينه على إيمَانه وَمِمَّا يدل على ذَلِك الحَدِيث الْآتِي فِي الرجل الَّذِي فِي حجره دَرَاهِم يقسمها وَآخر يذكر الله وَمِمَّا يدل على ذَلِك فِي الْجِهَاد وَالصَّدَََقَة وَغير ذَلِك مَا أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث معَاذ رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن رجلا سَأَلَهُ قَالَ أَي الْمُجَاهدين أعظم أجرا قَالَ أَكْثَرهم لله تبارك وتعالى ذكرا قَالَ فَأَي الصَّالِحين أعظم أجرا قَالَ أَكْثَرهم لله تبارك وتعالى ذكرا ثمَّ ذكر الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَالصَّدَََقَة كل ذَلِك وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول أَكْثَرهم لله تبارك وتعالى ذكرا فَقَالَ أَبُو بكر لعمر رضي الله عنهما يَا أَبَا حَفْص ذهب الذاكرون بِكُل خير فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أجل فَإِن قلت قد يرشد إِلَى الْجمع الْمَذْكُور مَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من عجز مِنْكُم عَن اللَّيْل أَن يكابده