المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في أوقات الإجابة وأحوالها - تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌السَّنَد

- ‌رِوَايَة المُصَنّف رَحْمَة الله للعدة

- ‌تحفة الذَّاكِرِينَ بعدة الْحصن الْحصين

- ‌تَرْجَمَة ابْن الْجَزرِي رحمه الله

- ‌خطْبَة ابْن الْجَزرِي رحمه الله

- ‌فِي‌‌ فضل الذّكروَالدُّعَاء وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وآداب ذَلِك

- ‌ فضل الذّكر

- ‌دُعَاء عمر بن عبد الْعَزِيز رحمه الله

- ‌فضل الذّكر على الصَّدَقَة

- ‌استشكال بعض أهل الْعلم لهَذَا الحَدِيث وَالْجَوَاب عَنهُ

- ‌أفضل الْأَعْمَال ذكر الله

- ‌استشكال بعض أهل الْعلم

- ‌تَفْضِيل الذّكر على الْجِهَاد

- ‌مثل الَّذِي يذكر الله وَالَّذِي لَا يذكرهُ كالحي وَالْمَيِّت

- ‌فضل الدُّعَاء

- ‌بحث نَفِيس فِي كَون الدُّعَاء يرد الْقَضَاء

- ‌فضل الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فِي آدَاب الذّكر

- ‌فصل فِي آدَاب الدُّعَاء

- ‌سيد الْمجَالِس قبالة الْقبْلَة

- ‌مسح الْوَجْه باليدين فِي الدُّعَاء

- ‌وَجه التوسل بالأنبياء بالصالحين

- ‌فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَأَحْوَالهَا وأماكنها وَمن يُسْتَجَاب لَهُ وَبِمَ يُسْتَجَاب وَاسم الله الْأَعْظَم وأسمائه الْحسنى وعلامة الاستجابة وَالْحَمْد عَلَيْهَا

- ‌فصل فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَأَحْوَالهَا

- ‌فصل فِي أَمَاكِن الْإِجَابَة وَهِي الْمَوَاضِع الْمُبَارَكَة

- ‌فصل الَّذين يُسْتَجَاب دعاؤهم وَبِمَ يُسْتَجَاب

- ‌فصل فِي بَيَان اسْم الله الْأَعْظَم

- ‌ مَا ورد فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم

- ‌اخْتلف فِي الِاسْم الْأَعْظَم على نَحْو أَرْبَعِينَ قولا

- ‌أرجح مَا ورد فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم

- ‌فصل فِي فضل أَسمَاء الله الْحسنى

- ‌فصل فِي عَلامَة استجابة الدُّعَاء

- ‌فِيمَا يُقَال فِي الصَّباح والمساء وَاللَّيْل وَالنَّهَار خُصُوصا وعموما وأحوال النّوم واليقظة

- ‌فصل فِي أذكار الصَّباح والمساء

- ‌فصل فِيمَا يُقَال فِي اللَّيْل وَالنَّهَار جَمِيعًا

- ‌فصل فِيمَا يُقَال فِي النَّهَار

- ‌فصل فِيمَا يقْرَأ فِي اللَّيْل

- ‌فصل فِي النّوم واليقظة

- ‌فصل فِي آدَاب الرُّؤْيَا

- ‌فِيمَا يتَعَلَّق بالطهور وَالْمَسْجِد وَالْأَذَان وَالْإِقَامَة وَالصَّلَاة الرَّاتِبَة وصلوات منصوصات

- ‌فصل الطّهُور

- ‌فصل فِي أذكار الْخُرُوج إِلَى الْمَسْجِد

- ‌فصل الْأَذَان

- ‌فصل فِيمَا يُقَال فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة

- ‌سُجُود التِّلَاوَة

- ‌مَا يُقَال بَين السَّجْدَتَيْنِ

- ‌التَّشَهُّد

- ‌صفة الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهِ

- ‌فضل التَّطَوُّع

- ‌فصل الصَّلَوَات المنصوصات

- ‌صَلَاة الطّواف

- ‌صَلَاة الْكَعْبَة

- ‌صَلَاة الإستخارة

- ‌صَلَاة الزواج

- ‌صَلَاة التَّوْبَة

- ‌صَلَاة الْآبِق والضياع

- ‌صَلَاة حفظ الْقُرْآن

- ‌صَلَاة الضّر وَالْحَاجة

- ‌صَلَاة التَّسْبِيح

- ‌صَلَاة الْقدوم من السّفر

- ‌فصل الزَّكَاة

- ‌فصل السّفر

- ‌فصل الْحَج

- ‌فصل الْجِهَاد

- ‌فصل النِّكَاح

- ‌فِيمَا يتَعَلَّق بالشخص من أُمُور مختلفات بإختلاف الْحَالَات

- ‌فصل فِي نَفسه

- ‌فصل المَال وَالرَّقِيق وَالْولد

- ‌فصل الرُّؤْيَة

- ‌فصل فِي بَيَان مَا يُقَال عِنْد سَماع صياح الديكة وَغَيرهَا

- ‌فصل فِي كَيْفيَّة السَّلَام ورده

- ‌فِيمَا يهم من عوارض وآفات فِي الْحَيَاة إِلَى الْمَمَات

- ‌دُعَاء الكرب والهم وَالْغَم والحزن

- ‌مَا يُقَال عِنْد الْفَزع

- ‌مَا يُقَال لهرب الشَّيَاطِين

- ‌مَا يَقُوله من خدرت رجله

- ‌مَا يُقَال عِنْد الْغَضَب

- ‌فصل فِيمَا يَقُوله حد اللِّسَان

- ‌مَا يُقَال إِذا ابْتُلِيَ بِالدّينِ

- ‌مَا يَقُول لمن أُصِيب بِعَين

- ‌مَا يُقَال للمصاب بلمة من الْجِنّ

- ‌مَا يُقَال للمعتوه

- ‌مَا يُقَال للديغ

- ‌مَا يُقَال للمحروق

- ‌مَا يَقُول من احْتبسَ بَوْله أَو بِهِ حَصَاة

- ‌مَا يُقَال لمن بِهِ قرحَة أَو جرح

- ‌مَا يَقُول من أَصَابَهُ رمد

- ‌مَا يَقُول من حصل لَهُ حمى

- ‌مَا يَقُول من اشْتَكَى ألما أَو شَيْئا فِي جسده

- ‌مَا يَقُول إِذا عَاد مَرِيضا

- ‌مَا يَقُول المحتضر

- ‌مَا يَقُوله من مَاتَ لَهُ ولد

- ‌مَا يُقَال فِي العزاء

- ‌كَيْفيَّة الصَّلَاة على الْمَيِّت

- ‌مَا يُقَال إِذا وَضعه فِي الْقَبْر

- ‌مَا يُقَال إِذا فرغ من الدّفن

- ‌مَا يُقَال إِذا زار الْقُبُور

- ‌فصل الذّكر

- ‌حَدِيث البطاقة

- ‌فصل الاسْتِغْفَار

- ‌فضل الْقُرْآن الْعَظِيم وسور مِنْهُ وآيات

- ‌فضل سُورَة الْفَاتِحَة

- ‌فضل سُورَة الْبَقَرَة

- ‌فضل الْبَقَرَة وَآل عمرَان

- ‌فضل آيَة الْكُرْسِيّ

- ‌فضل آخر سُورَة الْبَقَرَة

- ‌فضل سُورَة الْأَنْعَام

- ‌فضل سُورَة الْكَهْف

- ‌فضل سُورَة يس

- ‌فضل سُورَة الْفَتْح

- ‌فضل سُورَة الْملك

- ‌فضل سُورَة الزلزلة

- ‌فضل سُورَة الْكَافِرُونَ

- ‌فضل إِذا جَاءَ نصر الله

- ‌فضل قل هُوَ الله أحد

- ‌فضل سورتي الفلق وَالنَّاس

الفصل: ‌فصل في أوقات الإجابة وأحوالها

الْإِجَابَة من هَذَا فقد ثَبت عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ فِي دُعَاء الاسْتِسْقَاء عَاجلا غير رائث وَكَانَ الْأَحْسَن أَن يَقُول المُصَنّف وَلَا يستعجل فَيَقُول قد دَعَوْت فَلم يستجب لي لما فِي عِبَارَته من الْإِبْهَام

الْبَاب الثَّانِي

‌فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَأَحْوَالهَا وأماكنها وَمن يُسْتَجَاب لَهُ وَبِمَ يُسْتَجَاب وَاسم الله الْأَعْظَم وأسمائه الْحسنى وعلامة الاستجابة وَالْحَمْد عَلَيْهَا

‌فصل فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَأَحْوَالهَا

لَيْلَة الْقدر وَيَوْم عَرَفَة وَشهر رَمَضَان وَلَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة وَسَاعَة الْجُمُعَة

وَهِي مَا بَين أَن يجلس الإِمَام إِلَى أَن تقضى الصَّلَاة وَالْأَقْرَب أَنَّهَا عِنْد قِرَاءَة الْفَاتِحَة حَتَّى يُؤمن وجوف اللَّيْل وَنصفه الثَّانِي وَثلثه الأول وَثلثه الْأَخير وَوقت السحر وَعند النداء بِالصَّلَاةِ وَبَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَبَين الحيعلتين للمجيب المكروب مس وَعند الْإِقَامَة وَعند الصَّفّ فِي سَبِيل الله وَعند التحام الْحَرْب ودبر الصَّلَوَات المكتوبات وَفِي السُّجُود وَعند تِلَاوَة الْقُرْآن لَا سِيمَا الْخَتْم وَعند قَول الإِمَام وَلَا الضَّالّين وَعند شرب مَاء زَمْزَم (خَ. م) وصياح الديكة واجتماع الْمُسلمين وَفِي مجَالِس الذّكر وَعند تغميض الْمَيِّت (د. س. ت) وَعند نزُول الْغَيْث وَعند الزَّوَال فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء قَالَه الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان)

(قَوْله فصل فِي أَوْقَات الْإِجَابَة) أَقُول قد رمز المُصَنّف رحمه الله فِي كِتَابه الْحصن الْحصين فِي هَذَا الْفَصْل كَمَا فعل فِي الْفَصْل الأول وَقد ذكرنَا هُنَالك

ص: 64

عدم اعتمادنا على رموزه ورجوعنا إِلَى الْبَحْث لتِلْك الْعلَّة (قَوْله لَيْلَة الْقدر) أَقُول قد نطق الْكتاب الْعَزِيز بشرف تِلْكَ اللَّيْلَة قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا بِإِذن رَبهم من كل أَمر سَلام} وشرفها مُسْتَلْزم لقبُول دُعَاء الداعين فِيهَا وَلِهَذَا أَمرهم صلى الله عليه وسلم بالتماسها وحرض الصَّحَابَة على ذَلِك غَايَة التحريض وكرروا السُّؤَال عَنْهَا وتلاحوا فِي شَأْنهَا وَقد أخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رضي الله عنه أَن من قامها إِيمَانًا واحتسابا غفر الله لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا بِمَعْنَاهُ وَقد روى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم مَا يدل على أَن الدُّعَاء فِيهَا مجاب وأخرجوا من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا تَقول فِي لَيْلَة الْقدر اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فَاعْفُ عني

وَقد اخْتلف فِي تَعْيِينهَا على أَقْوَال كَثِيرَة زِيَادَة على أَرْبَعِينَ قولا وَقد اسْتَوْفَيْنَاهَا فِي شرحنا للمنتقي وَذكرت أدلتها ورجحت مَا هُوَ الرَّاجِح فَليرْجع إِلَيْهِ (قَوْله وَيَوْم عَرَفَة) أَقُول قد ثَبت مَا يدل على فَضِيلَة هَذَا الْيَوْم وشرفه حَتَّى كَانَ صَوْمه يكفر سنتَيْن وَورد فِي فَضله مَا هُوَ مَعْرُوف وَذَلِكَ يسْتَلْزم إِجَابَة دُعَاء الداعين فِيهِ وَقد روى التِّرْمِذِيّ مَا يدل على إِجَابَة دُعَاء الداعين فِيهِ وَهُوَ مَا أخرجه وَحسنه من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رضي الله عنهم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ خير الدُّعَاء يَوْم عَرَفَة (قَوْله وَشهر رَمَضَان) أَقُول قد ورد فِي شرفه وفضله من الْأَدِلَّة الثَّابِتَة فِي الْأُمَّهَات وَغَيرهَا مَا هُوَ مَعْرُوف وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم الصَّائِم حِين يفْطر وَفِي لفظ لبَعْضهِم حَتَّى يفْطر وَالْإِمَام الْعَادِل ودعوة الْمَظْلُوم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الله ابْن عَمْرو بن

ص: 65

الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن للصَّائِم عِنْد فطره لدَعْوَة لَا ترد (قَوْله وَلَيْلَة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة وَسَاعَة الْجُمُعَة) أَقُول قد ثَبت فضل يَوْم الْجُمُعَة وشرفه على سَائِر الْأَيَّام وَهَكَذَا ليلته وتواترت النُّصُوص بِأَن فِي يَوْم الْجُمُعَة سَاعَة لَا يسْأَل العَبْد فِيهَا ربه شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي تَعْيِينهَا على أَكثر من أَرْبَعِينَ قولا قد أوضحناها فِي شرحنا للمنتقى وَذكرنَا أدلتها ورجحنا مَا هُوَ الرَّاجِح مِنْهَا فَليرْجع إِلَيْهِ وَقد روى التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم حَدِيثا فِي قبُول الدُّعَاء لَيْلَة الْجُمُعَة من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لعَلي بن أبي طَالب رضي الله عنه أَن فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَاعَة الدُّعَاء فِيهَا مستجاب وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْحَاكِم وروى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم حَدِيثا فِي قبُول الدُّعَاء يَوْم الْجُمُعَة من غير نظر إِلَى تِلْكَ السَّاعَة الَّتِي تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث بِقبُول الدُّعَاء فِيهَا (قَوْله وجوف اللَّيْل) أَقُول يدل على هَذَا مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه من حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قيل يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء يسمع قَالَ فِي جَوف اللَّيْل ودبر الصَّلَاة (قَوْله وَنصفه الثَّانِي وَثلثه الأول وَثلثه الْأَخير) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح من حَدِيث عَمْرو بن عبسة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول أقرب مَا يكون العَبْد من ربه فِي جَوف اللَّيْل الآخر فَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون مِمَّن يذكر الله فِي تِلْكَ السَّاعَة فَكُن وَأخرجه أَيْضا ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينزل رَبنَا كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الآخر فَيَقُول من يدعوني فأستجيب لَهُ من يسألني فَأعْطِيه من يستغفرني فَأغْفِر لَهُ وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَن الله سُبْحَانَهُ يُمْهل حَتَّى إِذا ذهب ثلث اللَّيْل الأول نزل إِلَى

ص: 66

سَمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول أَنا الْملك أَنا الْملك من الَّذِي يدعوني الحَدِيث وَأخرج مُسلم من حَدِيث جَابر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن فِي اللَّيْل لساعة لَا يُوَافِقهَا رجل مُسلم يسْأَل الله خيرا من أُمُور الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه وَذَلِكَ فِي كل لَيْلَة (قَوْله وَوقت السحر) أَقُول هَذَا جُزْء من أَجزَاء ثلث اللَّيْل الآخر وَقد تقدم فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا مَا يدل على قبُول الدُّعَاء فِيهِ (قَوْله وَعند النداء بِالصَّلَاةِ) أَقُول لما أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَأَبُو دَاوُد من حَدِيث سهل بن سعد رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثِنْتَانِ لَا يردان الدُّعَاء عِنْد النداء وَعند الْبَأْس حِين يلحم بَعضهم بَعْضًا وَزَاد أَبُو دَاوُد وَتَحْت الْمَطَر وَأخرجه ابْن حبَان وَالْحَاكِم وصححاه (قَوْله وَبَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة) أَقُول لما أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه من حَدِيث أنس رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يرد الدُّعَاء بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة قيل مَاذَا نقُول يَا رَسُول الله قَالَ سلو الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا (قَوْله وَبَين الحيعلتين للمجيب المكروب) أَقُول يُرِيد بالمجيب الَّذِي يَقُول كَمَا يَقُول الْمُؤَذّن فَإِنَّهُ كالمجيب لَهُ وَبِقَوْلِهِ المكروب من أَصَابَهُ كرب

وَفِيه إِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي ذَلِك وَهُوَ مَا أخرجه الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد من حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا نَادَى الْمُنَادِي فتحت أَبْوَاب السَّمَاء واستجيب الدُّعَاء فَمن نزل بِهِ كرب أَو شدَّة فليتحين الْمُنَادِي فَإِذا كبر كبر وَإِذا تشهد تشهد وَإِذا قَالَ حَيّ على الصَّلَاة قَالَ حَيّ على الصَّلَاة وَإِذا قَالَ حَيّ على الْفَلاح قَالَ حَيّ على الْفَلاح ثمَّ يَقُول اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة الصادقة المستجاب لَهَا دَعْوَة الْحق وَكلمَة التَّقْوَى أحينا عَلَيْهَا وأمتنا عَلَيْهَا واجعلنا من خِيَار أَهلهَا أَحيَاء وأمواتا ثمَّ يسْأَل الله حَاجته وَفِي

ص: 67

إِسْنَاده عفير بن معدان قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَهُوَ واه وَلَا يخفاك أَن هَذَا الدُّعَاء فِي هَذَا الحَدِيث مُصَرح بِأَنَّهُ بعد الحيعلتين فَقَوْل المُصَنّف وَبَين الحيعلتين غير صَوَاب (قَوْله وَعند الْإِقَامَة) أَقُول وَلَعَلَّ الْوَجْه فِي ذَلِك أَن الْإِقَامَة هِيَ نِدَاء إِلَى الصَّلَاة كالأذان وَقد تقدم مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء مُطلقًا عِنْد النداء وَيدل على خُصُوصِيَّة الْإِقَامَة مَا أخرجه أَحْمد من حَدِيث جَابر رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ فتحت أَبْوَاب السَّمَاء واستجيب الدُّعَاء وَفِي إِسْنَاده ابْن لَهِيعَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث سهل بن سعد رضي الله عنه بِلَفْظ ساعتان لَا ترد على دَاع دَعوته حِين تُقَام الصَّلَاة وَفِي الصَّفّ وَلَفظ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من هَذَا الحَدِيث عِنْد حُضُور الصَّلَاة وَقَوله فِيمَا تقدم قَرِيبا فِي الشَّرْح إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ المُرَاد بالتثويب الْإِقَامَة وَكَذَلِكَ قَوْله فِي الحَدِيث الآخر حِين تُقَام الصَّلَاة وَعند حُضُور الصَّلَاة (قَوْله وَعند الصَّفّ فِي سَبِيل الله) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه ساعتان تفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَقل دَاع ترد عَلَيْهِ دَعوته حَضْرَة النداء للصَّلَاة والصف فِي سَبِيل الله

ص: 68

وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ مَرْفُوعا (قَوْله وَعند التحام الْحَرْب) أَقُول يدل على ذَلِك حَدِيث سهل بن سعد الْمُتَقَدّم بِلَفْظ وَعند الْبَأْس حِين يلحم بَعضهم بَعْضًا (قَوْله ودبر الصَّلَوَات المكتوبات) أَقُول قد ورد الْإِرْشَاد إِلَى الْأَذْكَار فِي دبر الصَّلَوَات وَهِي مُشْتَمِلَة على ترغيب عَظِيم وفيهَا أَن الذاكر يقوم مغفورا لَهُ وفيهَا أَنَّهَا تحل لَهُ الشَّفَاعَة وفيهَا أَنه يكون فِي ذمَّة الله عز وجل إِلَى الصَّلَاة الْأُخْرَى وفيهَا أَنَّهَا لَو كَانَت خطاياه مثل زبد الْبَحْر لمحتهن وَغير ذَلِك من الترغيبات وكل ذَلِك يدل على شرف هَذَا الْوَقْت وَقبُول الدُّعَاء فِيهِ وَقد ورد حَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ أَن دبر الصَّلَاة من الْأَوْقَات الَّتِي تجاب فها الدَّعْوَات وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه قَالَ قيل يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء اسْمَع قَالَ جَوف اللَّيْل الْأَخير ودبر الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن (قَوْله وَفِي السُّجُود) أَقُول يدل على ذَلِك حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَنهُ صلى الله عليه وسلم أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد فَأَكْثرُوا الدُّعَاء أخرجه مُسلم وَغَيره (قَوْله وَعند تِلَاوَة الْقُرْآن لَا سِيمَا الْخَتْم) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن أَنه مر على قَارِئ يقْرَأ ثمَّ يسْأَل فَاسْتَرْجع ثمَّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول من قَرَأَ الْقُرْآن فليسأل الله بِهِ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقوام يقرءُون الْقُرْآن يسْأَلُون بِهِ النَّاس وَأخرج الطَّبَرَانِيّ مَا يدل على مَشْرُوعِيَّة الدُّعَاء عِنْد ختم الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد إِذا ختم الْقُرْآن نزلت الرَّحْمَة (قَوْله وَعند قَول الإِمَام وَلَا الضَّالّين) أَقُول يدل على ذَلِك مَا ثَبت فِي مُسلم وَغَيره بِلَفْظ إِذا قَالَ الإِمَام غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين فَقولُوا آمين يحبكم الله وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا فَإِنَّهُ من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَفِي الْمُوَطَّأ أَنه

ص: 69

يَقُول رب اغْفِر لي آمين (قَوْله وَعند شرب مَاء زَمْزَم) أَقُول يدل على ذَلِك مَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ إِن شربته تستشفى بِهِ شفاك الله وَإِن شربته لشبعك أشبعك الله وَإِن شربته لقطع ظمئك قطعه الله وَهُوَ هزمة جِبْرِيل وسقيا اسماعيل وَزَاد الْحَاكِم وَإِن شربته مستعيذا أَعَاذَك الله قَالَ وَكَانَ ابْن عَبَّاس إِذا شرب مَاء زَمْزَم قَالَ اللَّهُمَّ أَنِّي أَسأَلك علما نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وشفاء من كل دَاء قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه صَحِيح الْإِسْنَاد إِذا سلم من الْجَارُود مَعْنَاهُ مُحَمَّد بن حبيب قَالَ الْمُنْذِرِيّ سلم مِنْهُ فَإِنَّهُ صَدُوق قَالَه الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ وَغَيره وَلَكِن الرَّاوِي عَنهُ مُحَمَّد بن هِشَام الْمروزِي لَا أعرفهُ وروى الدَّارَقُطْنِيّ دُعَاء ابْن عَبَّاس مُفردا من رِوَايَة حَفْص بن عمر الْعَدنِي (قَوْله وصياح الديكة) أَقُول يدل عَلَيْهِ مَا ورد فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا سَمِعْتُمْ صياح الديكه فاسألوا الله من فَضله فَإِنَّهَا رَأَتْ ملكا وَإِذا سَمِعْتُمْ نهيق الْحمار فتعوذوا بِاللَّه فَإِنَّهُ رأى شَيْطَانا (قَوْله واجتماع الْمُسلمين وَفِي مجَالِس الذّكر أَقُول المُرَاد باجتماع الْمُسلمين فِي مجَالِس الذّكر فَإِنَّهَا قد وَردت بذلك الْأَدِلَّة الصَّحِيحَة وَمن ذَلِك مَا أخرجه مُسلم وَغير من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه وَأبي سعيد رضي الله عنه أَنَّهُمَا شَهدا على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَا يقْعد قوم يذكرُونَ الله إِلَّا حفتهم الْمَلَائِكَة وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة وَنزلت عَلَيْهِم السكينَة وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ من الحَدِيث الطَّوِيل وَفِيه أَن الله يَقُول لملائكته اشْهَدُوا أَنِّي قد غفرت لَهُم فَيَقُول ملك من الْمَلَائِكَة فيهم فلَان لَيْسَ فيهم إِنَّمَا جَاءَ لحَاجَة قَالَ هم الْقَوْم لَا يشقى بهم جليسهم

ص: 70