المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بحث نفيس في كون الدعاء يرد القضاء - تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌السَّنَد

- ‌رِوَايَة المُصَنّف رَحْمَة الله للعدة

- ‌تحفة الذَّاكِرِينَ بعدة الْحصن الْحصين

- ‌تَرْجَمَة ابْن الْجَزرِي رحمه الله

- ‌خطْبَة ابْن الْجَزرِي رحمه الله

- ‌فِي‌‌ فضل الذّكروَالدُّعَاء وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وآداب ذَلِك

- ‌ فضل الذّكر

- ‌دُعَاء عمر بن عبد الْعَزِيز رحمه الله

- ‌فضل الذّكر على الصَّدَقَة

- ‌استشكال بعض أهل الْعلم لهَذَا الحَدِيث وَالْجَوَاب عَنهُ

- ‌أفضل الْأَعْمَال ذكر الله

- ‌استشكال بعض أهل الْعلم

- ‌تَفْضِيل الذّكر على الْجِهَاد

- ‌مثل الَّذِي يذكر الله وَالَّذِي لَا يذكرهُ كالحي وَالْمَيِّت

- ‌فضل الدُّعَاء

- ‌بحث نَفِيس فِي كَون الدُّعَاء يرد الْقَضَاء

- ‌فضل الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فِي آدَاب الذّكر

- ‌فصل فِي آدَاب الدُّعَاء

- ‌سيد الْمجَالِس قبالة الْقبْلَة

- ‌مسح الْوَجْه باليدين فِي الدُّعَاء

- ‌وَجه التوسل بالأنبياء بالصالحين

- ‌فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَأَحْوَالهَا وأماكنها وَمن يُسْتَجَاب لَهُ وَبِمَ يُسْتَجَاب وَاسم الله الْأَعْظَم وأسمائه الْحسنى وعلامة الاستجابة وَالْحَمْد عَلَيْهَا

- ‌فصل فِي أَوْقَات الْإِجَابَة وَأَحْوَالهَا

- ‌فصل فِي أَمَاكِن الْإِجَابَة وَهِي الْمَوَاضِع الْمُبَارَكَة

- ‌فصل الَّذين يُسْتَجَاب دعاؤهم وَبِمَ يُسْتَجَاب

- ‌فصل فِي بَيَان اسْم الله الْأَعْظَم

- ‌ مَا ورد فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم

- ‌اخْتلف فِي الِاسْم الْأَعْظَم على نَحْو أَرْبَعِينَ قولا

- ‌أرجح مَا ورد فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم

- ‌فصل فِي فضل أَسمَاء الله الْحسنى

- ‌فصل فِي عَلامَة استجابة الدُّعَاء

- ‌فِيمَا يُقَال فِي الصَّباح والمساء وَاللَّيْل وَالنَّهَار خُصُوصا وعموما وأحوال النّوم واليقظة

- ‌فصل فِي أذكار الصَّباح والمساء

- ‌فصل فِيمَا يُقَال فِي اللَّيْل وَالنَّهَار جَمِيعًا

- ‌فصل فِيمَا يُقَال فِي النَّهَار

- ‌فصل فِيمَا يقْرَأ فِي اللَّيْل

- ‌فصل فِي النّوم واليقظة

- ‌فصل فِي آدَاب الرُّؤْيَا

- ‌فِيمَا يتَعَلَّق بالطهور وَالْمَسْجِد وَالْأَذَان وَالْإِقَامَة وَالصَّلَاة الرَّاتِبَة وصلوات منصوصات

- ‌فصل الطّهُور

- ‌فصل فِي أذكار الْخُرُوج إِلَى الْمَسْجِد

- ‌فصل الْأَذَان

- ‌فصل فِيمَا يُقَال فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة

- ‌سُجُود التِّلَاوَة

- ‌مَا يُقَال بَين السَّجْدَتَيْنِ

- ‌التَّشَهُّد

- ‌صفة الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهِ

- ‌فضل التَّطَوُّع

- ‌فصل الصَّلَوَات المنصوصات

- ‌صَلَاة الطّواف

- ‌صَلَاة الْكَعْبَة

- ‌صَلَاة الإستخارة

- ‌صَلَاة الزواج

- ‌صَلَاة التَّوْبَة

- ‌صَلَاة الْآبِق والضياع

- ‌صَلَاة حفظ الْقُرْآن

- ‌صَلَاة الضّر وَالْحَاجة

- ‌صَلَاة التَّسْبِيح

- ‌صَلَاة الْقدوم من السّفر

- ‌فصل الزَّكَاة

- ‌فصل السّفر

- ‌فصل الْحَج

- ‌فصل الْجِهَاد

- ‌فصل النِّكَاح

- ‌فِيمَا يتَعَلَّق بالشخص من أُمُور مختلفات بإختلاف الْحَالَات

- ‌فصل فِي نَفسه

- ‌فصل المَال وَالرَّقِيق وَالْولد

- ‌فصل الرُّؤْيَة

- ‌فصل فِي بَيَان مَا يُقَال عِنْد سَماع صياح الديكة وَغَيرهَا

- ‌فصل فِي كَيْفيَّة السَّلَام ورده

- ‌فِيمَا يهم من عوارض وآفات فِي الْحَيَاة إِلَى الْمَمَات

- ‌دُعَاء الكرب والهم وَالْغَم والحزن

- ‌مَا يُقَال عِنْد الْفَزع

- ‌مَا يُقَال لهرب الشَّيَاطِين

- ‌مَا يَقُوله من خدرت رجله

- ‌مَا يُقَال عِنْد الْغَضَب

- ‌فصل فِيمَا يَقُوله حد اللِّسَان

- ‌مَا يُقَال إِذا ابْتُلِيَ بِالدّينِ

- ‌مَا يَقُول لمن أُصِيب بِعَين

- ‌مَا يُقَال للمصاب بلمة من الْجِنّ

- ‌مَا يُقَال للمعتوه

- ‌مَا يُقَال للديغ

- ‌مَا يُقَال للمحروق

- ‌مَا يَقُول من احْتبسَ بَوْله أَو بِهِ حَصَاة

- ‌مَا يُقَال لمن بِهِ قرحَة أَو جرح

- ‌مَا يَقُول من أَصَابَهُ رمد

- ‌مَا يَقُول من حصل لَهُ حمى

- ‌مَا يَقُول من اشْتَكَى ألما أَو شَيْئا فِي جسده

- ‌مَا يَقُول إِذا عَاد مَرِيضا

- ‌مَا يَقُول المحتضر

- ‌مَا يَقُوله من مَاتَ لَهُ ولد

- ‌مَا يُقَال فِي العزاء

- ‌كَيْفيَّة الصَّلَاة على الْمَيِّت

- ‌مَا يُقَال إِذا وَضعه فِي الْقَبْر

- ‌مَا يُقَال إِذا فرغ من الدّفن

- ‌مَا يُقَال إِذا زار الْقُبُور

- ‌فصل الذّكر

- ‌حَدِيث البطاقة

- ‌فصل الاسْتِغْفَار

- ‌فضل الْقُرْآن الْعَظِيم وسور مِنْهُ وآيات

- ‌فضل سُورَة الْفَاتِحَة

- ‌فضل سُورَة الْبَقَرَة

- ‌فضل الْبَقَرَة وَآل عمرَان

- ‌فضل آيَة الْكُرْسِيّ

- ‌فضل آخر سُورَة الْبَقَرَة

- ‌فضل سُورَة الْأَنْعَام

- ‌فضل سُورَة الْكَهْف

- ‌فضل سُورَة يس

- ‌فضل سُورَة الْفَتْح

- ‌فضل سُورَة الْملك

- ‌فضل سُورَة الزلزلة

- ‌فضل سُورَة الْكَافِرُونَ

- ‌فضل إِذا جَاءَ نصر الله

- ‌فضل قل هُوَ الله أحد

- ‌فضل سورتي الفلق وَالنَّاس

الفصل: ‌بحث نفيس في كون الدعاء يرد القضاء

(لَا يُغني حذر من قدر وَالدُّعَاء ينفع مِمَّا نزل وَمِمَّا لم ينزل وَإِن الْبلَاء لينزل فيتلقاه الدعا فيعتلجان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)(مس. ز) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالْبَزَّار كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثهَا الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والخطيب وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَتعقبه الذَّهَبِيّ وَابْن حجر فِي التَّلْخِيص بَان زَكَرِيَّا بن مَنْصُور أحد رِجَاله وَهُوَ مجمع على ضعفه وَقَالَ فِي الْمِيزَان ضعفه ابْن معِين ووهاه أَبُو زرْعَة وَقَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ حَدِيث لَا يَصح وَقَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى بِنَحْوِهِ وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الأسط وَرِجَال أَحْمد وَأبي يعلى وَأحد أسنادي الْبَزَّار رِجَاله رجال الصَّحِيح غير عَليّ بن عَليّ الرِّفَاعِي وَهُوَ ثِقَة (قَوْله لَا يُغني حذر من قدر) فِيهِ دَلِيل أَن الحذر لَا يُغني عَن صَاحبه شَيْئا من الْقدر الْمَكْتُوب عَلَيْهِ وَلكنه ينفع من ذَلِك الدُّعَاء وَلذَلِك عقبه صلى الله عليه وسلم بقوله وَالدُّعَاء ينفع مِمَّا نزل وَمِمَّا لم ينزل وأكد ذَلِك بقوله أَن الْبلَاء لينزل فيتلقاه الدُّعَاء فيعتلجان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمعنى يعتلجان يتصارعان ويتدافعان

‌بحث نَفِيس فِي كَون الدُّعَاء يرد الْقَضَاء

وَالْحَاصِل أَن الدُّعَاء من قدر الله عز وجل فقد يقْضِي بِشَيْء على عَبده قَضَاء مُقَيّدا بِأَن لَا يَدعُوهُ فَإِن دَعَاهُ إندفع عَنهُ وَتَحْقِيق الْبَحْث عَن هَذَا يرجع إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ فِي شرح الحَدِيث الَّذِي قبله وَفِي الرسَالَة الَّتِي أَشَرنَا إِلَيْهَا مَا يدْفع الْإِشْكَال

(لَيْسَ شَيْء أكْرم على الله من الدُّعَاء)(ت. حب) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها وَقد أخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند وَالْبُخَارِيّ

ص: 35

فِي التَّارِيخ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَقَالَ ابْن حبَان حَدِيث صَحِيح وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَإِنَّمَا لم يُصَحِّحهُ لِأَن فِي إِسْنَاده عِنْده عمرَان الْقطَّان ضعفه النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد وَمَشاهُ أَحْمد وَقَالَ ابْن الْقطَّان رُوَاته كلهم ثِقَات إِلَّا عمرَان وَفِيه خلاف (قَوْله لَيْسَ شَيْء أكْرم على الله من الدُّعَاء) قيل وَجه ذَلِك أَنه يدل على قدرَة الله تَعَالَى وَعجز الدَّاعِي وَالْأولَى أَن يُقَال أَن الدُّعَاء لما كَانَ هُوَ الْعِبَادَة وَكَانَ مخ الْعِبَادَة كَمَا تقدم كَانَ أكْرم على الله من هَذِه الْحَيْثِيَّة لِأَن الْعِبَادَة هِيَ الَّتِي خلق الله سُبْحَانَهُ الْخلق لَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} قَالَ الطَّيِّبِيّ وَلَا مُنَافَاة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين قَوْله تَعَالَى {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} لِأَن كل شَيْء شرف فِي بَابه فَإِنَّهُ يُوصف بِالْكَرمِ قَالَ تَعَالَى {وأنبتنا فِيهَا من كل زوج بهيج} أَي كريم //

(من لم يسْأَل الله يغْضب عَلَيْهِ (ت) من لم يدع الله غضب عَلَيْهِ (مص)) // الحَدِيث أخرجه بِاللَّفْظِ الأول التِّرْمِذِيّ وَالثَّانِي ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَكِلَاهُمَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه وَأخرج اللَّفْظ الأول الْحَاكِم وَأخرج أَيْضا اللَّفْظ الثَّانِي الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَتَصْحِيح أحد اللَّفْظَيْنِ تَصْحِيح للْآخر لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد وَمن حَدِيث صَحَابِيّ وَاحِد

وَفِيهِمَا دَلِيل على أَن الدُّعَاء من العَبْد لرَبه من أهم الْوَاجِبَات وَأعظم المفروضات لِأَن تجنب مَا يغْضب الله مِنْهُ لَا خلاف فِي وُجُوبه وَقد انْضَمَّ إِلَى هَذَا الْأَوَامِر القرآنية وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} وَقَوله {واسألوا الله من فَضله} وَقد قدمنَا أَن قَوْله سُبْحَانَهُ {إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي سيدخلون جَهَنَّم داخرين} يدل على أَن ترك دُعَاء العَبْد لرَبه من الإستكبار وتجنب ذَلِك وَاجِب لَا شكّ فِيهِ وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك قَوْله عز وجل {أم من يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ ويكشف السوء} فَإِن هَذَا الِاسْتِفْهَام هُوَ للتقريع والتوبيخ لمن ترك دُعَاء ربه وَمن هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذا سَأَلَك عبَادي}

ص: 36

عني فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان) فَإِن هَذَا التَّعْلِيل بِالْقربِ ثمَّ الْوَعْد بعده بالإجابة يقطع كل معذرة وَيدْفَع كل تعلة //

(لَا تعجزوا فِي الدُّعَاء فَإِنَّهُ لن يهْلك مَعَ الدُّعَاء أحد (حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث أنس رضي الله عنه وَقد أخرجه أَيْضا من حَدِيثه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك والضياء فِي المختارة فَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَة أَئِمَّة صححوا الحَدِيث ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد والضياء فِي المختارة وَمَا ذكره فِيهَا فَهُوَ صَحِيح عِنْده وَإِذا عرفت هَذَا فَلَا وَجه لتعقب الذَّهَبِيّ للْحَاكِم فِي تَصْحِيحه لِأَن غَايَة مَا قَالَه أَن فِي إِسْنَاده عمر بن مُحَمَّد الْأَسْلَمِيّ وَأَنه لَا يعرفهُ وَعدم مَعْرفَته لَهُ لَا تَسْتَلْزِم عدم معرفَة غَيره لَهُ

نعم قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان حاكيا عَن أبي حَاتِم أَنه مَجْهُول وَهَذَا قَادِح صَحِيح وَلِهَذَا قَالَ ابْن حجر فِي لِسَان الْمِيزَان وَقد تساهل الْحَاكِم فِي تَصْحِيحه وَلَكِن لَا يخفاك أَن تَصْحِيح ابْن حبَان والضياء يَكْفِي وَلَا يحْتَاج مَعَه إِلَى غَيره وعَلى تَقْدِير ان فِي إسنادهما هَذَا الرجل الَّذِي قيل أَنه مَجْهُول فمعلوم أَنَّهُمَا لَا يصححان الحَدِيث الْمَرْوِيّ من طَرِيقه إِلَّا وَقد عرفاه وَعرفا صِحَة مَا رَوَاهُ وَمن علم حجَّة على من لم يعلم وليسا مِمَّن يظنّ بِهِ التساهل فِي التَّصْحِيح (قَوْله لَا تعجزو الخ) فِيهِ النَّهْي عَن أَن يعجز الْإِنْسَان عَن دُعَاء ربه فَإِن ضَرَر ذَلِك لَاحق بِهِ وعائد عَلَيْهِ وَمَا أحسن مَا علل بِهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا النَّهْي بقوله فَإِنَّهُ لن يهْلك مَعَ الدُّعَاء أحد فَإِن هَذِه المزية يَهْتَز لَهَا كل طَالب للخير وينشط بِسَبَبِهَا كل عَارِف بمعاني الْكَلَام وَلَا سِيمَا مَعَ مَا مر إِن الدُّعَاء يرد الْقَضَاء وَيدْفَع الْقدر //

(من سره أَن يستجيب الله لَهُ عِنْد الشدائد وَالْكرب فليكثر الدُّعَاء فِي الرخَاء (ت)) // الحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي

ص: 37

هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد أَن أخرجه حَدِيث غَرِيب وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم من حَدِيثه فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَأخرجه الْحَاكِم أَيْضا فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث سلمَان رضي الله عنه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد (قَوْله وَالْكرب) بِضَم الْكَاف وَفتح الرَّاء جمع كربَة وَهِي مَا يَأْخُذ النَّفس من الْغم (قَوْله فليكثر الدُّعَاء فِي الرخَاء) أَي فِي حَال الصِّحَّة والرفاهية والأمن من المخاوف والسلامه من المحن قَالَ الْحلَبِي المُرَاد بِهَذَا الدُّعَاء فِي الرخَاء هُوَ دُعَاء الشِّفَاء وَالشُّكْر وَالِاعْتِرَاف بالمنن وسؤال التَّوْفِيق والمعونة والتأييد وَالِاسْتِغْفَار لعوارض التَّقْصِير فَإِن العَبْد وَإِن أجتهد لم يعرف مَا عَلَيْهِ من حُقُوق بِاللَّه بِتَمَامِهَا وَمن غفل عَن ذَلِك فَلَا حَظّ لَهُ وَكَانَ مِمَّن صدق عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَإِذا ركبُوا فِي الْفلك دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر إِذا هم يشركُونَ} انْتهى وَالْأولَى أَن يُقَال كَانَ مِمَّن صدق عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذا مس الْإِنْسَان ضرّ دَعَا ربه منيبا إِلَيْهِ ثمَّ إِذا خوله نعْمَة مِنْهُ نسي مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ من قبل} الْآيَة وَقَوله تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى {وَإِذا أنعمنا على الْإِنْسَان أعرض ونأى بجانبه وَإِذا مَسّه الشَّرّ فذو دُعَاء عريض} وَقَوله تَعَالَى {وَإِذا مس الْإِنْسَان الضّر دَعَانَا لجنبه أَو قَاعِدا أَو قَائِما فَلَمَّا كشفنا عَنهُ ضره مر كَأَن لم يدعنا إِلَى ضرّ مَسّه} //

(الدُّعَاء سلَاح الْمُؤمن وعماد الدّين وَنور السَّمَوَات وَالْأَرْض (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرجه أَبُو يعلى من حَدِيث عَليّ رضي الله عنه بِهَذَا اللَّفْظ وَأخرج أَبُو يعلى من حَدِيث جَابر رضي الله عنه قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَلا أدلكم على مَا ينجيكم من عَدوكُمْ ويدر لكم أرزاقكم تدعون الله فِي ليلكم ونهاركم فَإِن الدُّعَاء سلَاح الْمُؤمن (قَوْله الدُّعَاء سلَاح الْمُؤمن) فِيهِ تَشْبِيه الدُّعَاء بِالسِّلَاحِ الَّذِي يُقَاتل بِهِ صَاحبه الْعَدو فَإِن هَذَا الدَّاعِي كَأَنَّهُ بِالدُّعَاءِ يُقَاتل مَا يعتوره من المصائب وَمَا يخشاه من سوء العواقب وَمَا أفخم الحكم على الدُّعَاء بِأَنَّهُ عماد الدّين وَبِأَنَّهُ نور

ص: 38