الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ ضَعِيفا فمرادهم أرجحه وَأقله ضعفا
وَالْحَاصِل أَن صَلَاة التَّسْبِيح وَردت من طَرِيق عبد الله ابْن عَبَّاس وأخيه الْفضل وأبيهما الْعَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَأبي رَافع وَعلي بن أبي طَالب وأخيه جَعْفَر وَأم سَلمَة وَرجل من الْأَنْصَار رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَقد صحّح هَذَا الحَدِيث أَو حسنه جمَاعَة من الْحفاظ مِنْهُم من تقدم ذكره وَمِنْهُم ابْن مَنْدَه والخطيب وَابْن الصّلاح والسبكي والحافظ العلائي قَالَ السُّبْكِيّ صَلَاة التَّسْبِيح من مهمات مسَائِل الدّين وَلَا تغتر بِمَا فهم من النَّوَوِيّ فِي الاذكار من ردهَا فَإِنَّهُ اقْتصر على رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَرَأى قَول الْعقيلِيّ لَيْسَ فِيهَا حَدِيث يثبت صَحِيح وَلَا حسن وَالظَّن بِهِ لَو استحضر تَرْجِيح أبي دَاوُد لحديثها وَتَصْحِيح ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم لما قَالَ ذَلِك
وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام على صَلَاة التَّسْبِيح فِي كتَابنَا فِي الموضوعات الَّذِي سميناه الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَلَا شكّ وَلَا ريب أَن هَذِه الصَّلَاة فِي صفتهَا وهيئتها نَكَارَة شَدِيدَة مُخَالفَة لما جرت عَلَيْهِ التعليمات النَّبَوِيَّة والذوق يشْهد وَالْقلب يصدق وَعِنْدِي أَن ابْن الْجَوْزِيّ قد أصَاب بِذكرِهِ لهَذَا الحَدِيث فِي الموضوعات وَمَا أحسن مَا قَالَ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابه اللآلئ الَّذِي جعله على مَوْضُوعَات ابْن الْجَوْزِيّ بعد ذكره لطرق هَذِه الحَدِيث وَالْحق أَن طرقه كلهَا ضَعِيفَة وَأَن حَدِيث ابْن عَبَّاس يقرب من الْحسن إِلَّا أَنه شَاذ لشدَّة الفردية فِيهِ وَعدم المتابع وَالشَّاهِد من وَجه مُعْتَبر وَمُخَالفَة هيئتها لهيئة بَاقِي الصَّلَوَات
صَلَاة الْقدوم من السّفر
(وَصَلَاة الْقدوم من السّفر رَكْعَتَانِ فِي الْمَسْجِد مُتَّفق عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ صَلَاة الْفَتْح وَهِي ثَمَان رَكْعَات وَثمّ صلوَات وَردت منصوصات عَلَيْهَا غير أَن أسانيدها ضَعِيفَة النّصْف من شعْبَان وَصَلَاة الْقدر من رَمَضَان فَلَا تصح
وسندها مَوْضُوع بَاطِل وَصَلَاة الْكِفَايَة جربت وَلَا أعلمها وَردت عَنهُ صلى الله عليه وسلم وَالسُّجُود بعد الْوتر مَوْضُوع وَلكنه صَحَّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ يُصَلِّي بعده رَكْعَتَيْنِ جَالِسا) // قَوْله وَصَلَاة الْقدوم من السّفر رَكْعَتَانِ فِي الْمَسْجِد مُتَّفق عَلَيْهَا) أَقُول هُوَ ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سفر فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة قَالَ لي ادخل الْمَسْجِد فصل رَكْعَتَيْنِ وَثَبت أَيْضا أَنه صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا قدم من سفر دخل الْمَسْجِد فصلى رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يجلس (قَوْله وَكَذَلِكَ صَلَاة الْفَتْح) أَقُول هِيَ مَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا من حَدِيث أم هَانِيء قَالَت إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل بَيتهَا يَوْم فتح مَكَّة فاغتسل وَصلى ثَمَان رَكْعَات فَلم أر صَلَاة قطّ أخف مِنْهَا غير أَنه يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود (قَوْله كَصَلَاة السّفر) أَقُول أَي الصَّلَاة عِنْد إِرَادَة الْخُرُوج إِلَى السّفر لَا عِنْد الْقدوم مِنْهُ فَالْحَدِيث بذلك ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا كَمَا تقدم وَهَذِه الصَّلَاة عِنْد إِرَادَة السّفر أخرجهَا الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث ابْن مَسْعُود رضي الله عنهما قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أخرج إِلَى الْبَحْرين فِي تِجَارَة فَقَالَ صلى الله عليه وسلم قُم صل رَكْعَتَيْنِ قَالَ فِي مجمع الزَّوَائِد وَرِجَاله موثقون وَبِهَذَا يعرف أَن حَدِيث صَلَاة السّفر لم يكن إِسْنَاده ضَعِيفا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَيُمكن أَن يُرَاد بِصَلَاة السّفر صَلَاة الْمُسَافِر نَفسه عِنْد قدومه فِي الْبَيْت لَا فِي الْمَسْجِد وَقد أخرج ذَلِك الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث فضَالة بن عبيد قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا نزل منزلا فِي سفر أَو دخل بَيته لم يجلس حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَفِي إِسْنَاده الْوَاقِدِيّ وَقد ضعفه الْجُمْهُور وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا قدم من سفر صلى رَكْعَتَيْنِ وَفِي إِسْنَاده الْحَارِث الْأَعْوَر وَهُوَ ضَعِيف وَيُمكن أَن يُرِيد المُصَنّف بِمَا أخرجه الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْمطعم بن الْمِقْدَاد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا خلف أحد عِنْد أَهله أفضل من رَكْعَتَيْنِ يركعهما عِنْدهم حِين يُرِيد سفرا وَقد ذكر
النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار صفة هَذِه الصَّلَاة بعد ذكره لهَذَا الحَدِيث (قَوْله وَصَلَاة الْغَفْلَة)
أَقُول صَلَاة الْغَفْلَة هَذِه لم نجدها مَذْكُورَة فِي الْكتب الْمُدَوَّنَة فِي الموضوعات فلعلها صَلَاة اشتهرت فِي عهد المُصَنّف جَاءَ بهَا بعض الْكَذَّابين من الْعَوام (قَوْله وَأما صَلَاة الرغائب أول خَمِيس فِي رَجَب) أَقُول هَذِه الصَّلَاة مكذوبة مَوْضُوعَة وَقد روى الْوَاضِع لَهَا حَدِيثا طَويلا وَأَنه يُصَلِّي فِي أول خَمِيس من رَجَب فِي اللَّيْلَة الَّتِي بعده وَهِي لَيْلَة الْجُمُعَة بَين العشاءين اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة يقْرَأ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْكتاب و {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} ثَلَاثًا و {قل هُوَ الله أحد} اثْنَتَيْ عشرَة مرّة يفصل بَين كل رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَة وَقد سقنا مَا قيل فِي ذَلِك فِي الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَقد اتّفق الْحفاظ أَنَّهَا مَوْضُوعَة كَمَا قَالَ الْمجد صَاحب الْقَامُوس فِي مُخْتَصره الَّذِي أَلفه فِي الموضوعات وَكَذَا قَالَ الْمَقْدِسِي وَهِي أبطل من أَن يتَكَلَّم فِي بُطْلَانهَا وَلَكِن لما وَقع من الْخَطِيب وَابْن الصّلاح كَلَام فِي شَأْنهَا اقْتضى ذَلِك بَيَان بُطْلَانهَا وَقد رد عَلَيْهِمَا من فِي عصرهما كعز الدّين بن عبد السَّلَام رحمه الله وَغَيره من الْحفاظ وَجمع ابْن حجر الهيثمي كتابا سَمَّاهُ الْإِيضَاح وَالْبَيَان لما جَاءَ فِي صَلَاة الرغائب وَلَيْلَة النّصْف من شعْبَان وَقد وقفنا على هَذَا الْكتاب وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء يُفِيد ثُبُوت صَلَاة الرغائب وَلَا ثُبُوت صَلَاة لَيْلَة النّصْف من شعْبَان وَأما مُجَرّد ثُبُوت وُرُود مَا يدل على فَضِيلَة الْوَقْت فَلَا مُلَازمَة بَينه وَبَين مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة فِيهِ (قَوْله وَصَلَاة لَيْلَة النّصْف من شعْبَان) أَقُول هَذَا حَدِيث مَوْضُوع مَكْذُوب فِيهِ على من صلى مائَة رَكْعَة فِي لَيْلَة النّصْف ن شعْبَان يقْرَأ فِي كل رَكْعَة بِفَاتِحَة الْكتاب و {قل هُوَ الله أحد} عشر مَرَّات إِلَّا قضى الله لَهُ حَاجَة وَفِي أَلْفَاظه المصرحة بِثَوَاب من يفعل ذَلِك مَا يشْعر أعظم إِشْعَار وَيدل أبلغ دلَالَة على أَنه مَكْذُوب قَالَ الْمجد فِي الْمُخْتَصر حَدِيث صَلَاة لَيْلَة النّصْف من شعْبَان بَاطِل وَهَكَذَا قَالَ غَيره من أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن وَقد أطلنا الْكَلَام فِي
كتَابنَا الْمَذْكُور سَابِقًا وَقد روى ابْن مَاجَه فِي سنَنه التَّرْغِيب فِي قِيَامهَا من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا كَانَ لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَقومُوا لَيْلهَا وصوموا نَهَارهَا فَإِن الله ينزل فِيهَا إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول أَلا من مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ أَلا من مسترزق فأرزقه أَلا من مبتلي فأعافيه أَلا كَذَا أَلا كَذَا حَتَّى يطلع الْفجْر وَهُوَ مَعَ كَونه لَا يدل على مَا هُوَ مَطْلُوب فِيهَا بذلك الْعدَد هُوَ أَيْضا ضَعِيف الْإِسْنَاد وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي مُوسَى رضي الله عنه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الله ليطلع فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَيغْفر لجَمِيع خلقه وَأخرجه أَيْضا أَحْمد فِي الْمسند من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنهما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَهَا أَتَدْرِينَ مَا فِي هَذِه اللَّيْلَة يَعْنِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان قَالَت مَا فِيهَا يَا رَسُول الله قَالَ فِيهَا أَنه يكْتب كل مَوْلُود من بني آدم فِي هَذِه السّنة وفيهَا يكْتب كل هَالك من بني آدم فِي هَذِه السّنة وفيهَا ترفع أَعْمَالهم وفيهَا تنزل أَرْزَاقهم (قَوْله وَصَلَاة الْقدر من رَمَضَان) قلت لَعَلَّه يُرِيد مَا أخرجه ابْن مَاجَه بِلَفْظ من أَحْيَا لَيْلَة الْقدر لم يمت قلبه قَالَ الْمجد فِي الْمُخْتَصر فِيهِ ضعف (قَوْله وَصَلَاة الْكِفَايَة) أَقُول هُوَ حَدِيث مَوْضُوع وصفتها رَكْعَتَانِ فِي كل رَكْعَة الْفَاتِحَة وَقل هُوَ الله أحد خمس مَرَّات وَالْقدر خمس مَرَّات ثمَّ يَقُول فِي آخِره يَا شَدِيد القوى يَا شَدِيد الْمحَال يَا ذَا الْقُوَّة والجلال يَا ذَا الْعِزَّة وَالسُّلْطَان أذللت جَمِيع مخلوقاتك اكْفِنِي مَا أَخَاف وَأحذر يَقُولهَا ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يتَشَهَّد وَيسلم وَهُوَ حَدِيث مَكْذُوب والتجريب لَا يدل على صِحَّته كَمَا قدمنَا (قَوْله وَالسُّجُود بعد الْوتر مَوْضُوع)
أَقُول قَالَ النَّسَائِيّ بَاب قدر السَّجْدَة بعد الْوتر ثمَّ ذكر حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِحْدَى عشرَة رَكْعَة فِيمَا بَين أَن يفرغ من صَلَاة الْعشَاء إِلَى صَلَاة الْفجْر سوى رَكْعَتي الْفجْر وَيسْجد قدر مَا يقْرَأ أحدكُم خمسين آيَة فَهَذَا يدل على أَنَّهَا
سَجْدَة مُنْفَرِدَة بعد الْوتر كَمَا فهم النَّسَائِيّ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ فالعجب من المُصَنّف رحمه الله كَيفَ يخفى عَلَيْهِ ذَلِك وَهُوَ فِي هَذَا الْكتاب الَّذِي هُوَ أحد الْأُمَّهَات السِّت الَّتِي هِيَ دواوين الْإِسْلَام (قَوْله وَلكنه صَحَّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ يُصَلِّي بعده رَكْعَتَيْنِ جَالِسا) أَقُول هَذَا صَحِيح وَقد قدمْنَاهُ فَلَا نعيده وَقد ذكرنَا جَمِيع الصَّلَوَات الْمَوْضُوعَة فِي كتَابنَا فِي الموضوعات فَمن أَرَادَ الْوُقُوف على ذَلِك فَليرْجع إِلَيْهِ //
الْبَاب الْخَامِس
(فِيمَا يتَعَلَّق بِالْأَكْلِ وَالشرب وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَالسّفر وَالْحج وَالْجهَاد وَالنِّكَاح // فصل فِي الْأكل وَالشرب وَالصَّوْم إِذا دعِي إِلَى وَلِيمَة فليجب فَإِن كَانَ صَائِما صلى (م) ودعا وبرك (د)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه وَحَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَهُوَ عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا دعِي أحدكُم إِلَى وَلِيمَة فليجب فَإِن كَانَ صَائِما فَليصل وَإِن كَانَ مُفطرا فليطعم وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود رضي الله عنه وَقَالَ فِيهِ وَإِن كَانَ صَائِما دَعَا بِالْبركَةِ وَأما حَدِيث ابْن عمر فَأخْرجهُ أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَأَبُو عوَانَة فِي مُسْنده الصَّحِيح أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِذا دعِي أحدكُم إِلَى وَلِيمَة عرس فليجب فَإِن كَانَ صَائِما دَعَا وبرك وَإِن كَانَ مُفطرا أكل وأصل حَدِيث ابْن عمر هَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظ إِذا دعِي أحدكُم إِلَى وَلِيمَة فليأتها وَفِي لفظ لمُسلم وَأبي دَاوُد مِنْهُ قَالَ قَالَ صلى الله عليه وسلم إِذا دَعَا أحدكُم أَخَاهُ فليجب عرسا كَانَ أَو نَحوه وَفِي الْبَاب عَن جَابر رضي الله عنه عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام فليجب فَإِن شَاءَ طعم وَإِن شَاءَ ترك وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ شَرّ الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة يدعى إِلَيْهَا الْأَغْنِيَاء وَيتْرك الْمَسَاكِين وَمن لم يَأْتِ الدعْوَة فقد عصى الله وَرَسُوله وَعَن عبد الله بن عمر عِنْد أبي دَاوُد قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من دعِي فَلم يجب فقد عصى الله وَرَسُوله وَمن دخل على غير دَعْوَة فقد دخل سَارِقا وَخرج معيرا وَفِي إِسْنَاده درست ابْن زِيَاد عَن شهَاب بن طَارق فَالْأول ضعفه الْجُمْهُور وَالثَّانِي مَجْهُول (قَوْله إِذا دعى إِلَى وَلِيمَة فليجب) فِيهِ دلَالَة على وجوب إِجَابَة الدعْوَة سَوَاء كَانَت عرسا أَو غَيره إِذا صدق عَلَيْهَا مُسَمّى الْوَلِيمَة كَمَا يدل على ذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ من الْأَحَادِيث الْمُطلقَة الَّتِي ذَكرنَاهَا مَعَ التَّصْرِيح فِي بَعْضهَا بقوله عرسا كَانَ أَو نَحوه وَلَا يُنَافِي ذَلِك الِاقْتِصَار على وَلِيمَة الْعرس فِي بعض الْأَحَادِيث فَإِن ذَلِك هُوَ من التَّنْصِيص على بعض مدلولات اللَّفْظ فَلَا يكون تَخْصِيصًا على فرض تجرده عَن الْمعَارض كَيفَ وَهُوَ معَارض بِمَا ذكرنَا وَقد أوضحنا الْكَلَام فِي هَذَا الْمقَام فِي شرحنا للمنتقي (قَوْله فَإِن كَانَ صَائِما صلى) قَالَ هِشَام بن حسان أحد رُوَاة هَذَا الحَدِيث إِن المُرَاد بِالصَّلَاةِ هُنَا الدُّعَاء وَيدل على هَذَا قَوْله فِي حَدِيث ابْن عمر فَإِن كَانَ صَائِما دَعَا وبرك (قَوْله ودعا وبرك) أَي دَعَا لصَاحب الدعْوَة بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُور الَّذِي سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وبرك أَن دَعَا لَهُ بِالْبركَةِ //
(وَإِذا أفطر قَالَ ذهب الظمأ وابتلت الْعُرُوق وَثَبت الْأجر إِن شَاءَ الله (د. س)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَهُوَ من حَدِيث أبن عمر رضي الله عنهما قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا أفطر قَالَ ذهب الظمأ الخ وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ (قَوْله ذهب الظمأ) هُوَ شدَّة الْعَطش (قَوْله وابتلت الْعُرُوق) يَعْنِي بِمَا وصل إِلَيْهَا من الطَّعَام وَالشرَاب فَيذْهب عَنْهَا مَا كَانَ فِيهَا من الْجَفَاف بانقطاعها بِالصَّوْمِ (قَوْله وَثَبت الْأجر إِن شَاءَ الله) جعل ثُبُوته مُقَيّدا بِمَشِيئَة الله تَعَالَى لِأَن الصَّائِم لَا يدْرِي هَل قبل الله تَعَالَى صِيَامه أَو رده //
(فَإِن كَانَ عِنْد قوم قَالَ أفطر عنْدكُمْ الصائمون وَأكل طَعَامكُمْ الْأَبْرَار وصلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة (ق. حب)) // الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قَالَ أفطر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْد سعد بن معَاذ فَقَالَ أفطر عنْدكُمْ الصائمون الخ وَأخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه بِهَذَا اللَّفْظ وَلكنه جعل مَكَان سعد بن معَاذ سعد بن عبَادَة وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح من حَدِيث انس رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى سعد بن عبَادَة رضي الله عنه فجَاء بِخبْز وزيت فَأكل ثمَّ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أفطر عنْدكُمْ الصائمون وَأكل طَعَامكُمْ الْأَبْرَار وصلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة وَقد اشْتَمَل هَذَا الحَدِيث على ثَلَاث دعوات كلهَا مُوجبَة لِلْأجرِ وَالْبركَة فَإِن من أفطر عِنْده الصائمون اسْتحق الْأجر الْمَوْعُود بِهِ فِيمَن فطر صَائِما وَمن أكل طَعَامه الْأَبْرَار كَانَ لَهُ أجر الْإِطْعَام موفرا لكَون الآكلين لَهُ من الْأَبْرَار وَمن صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فقد فَازَ لِأَن دعوتهم لَهُ بِالرَّحْمَةِ مَقْبُولَة وَقد أخرج البُخَارِيّ وَغَيره من حَدِيث أنس رضي الله عنه قَالَ دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم على أم سليم فَأَتَتْهُ بِتَمْر وَسمن فَقَالَ أعيدوا تمركم فِي وعائه وسمنكم فِي سقائه فَإِنِّي صَائِم ثمَّ قَامَ فِي نَاحيَة الْبَيْت فصلى رَكْعَتَيْنِ غير الْمَكْتُوبَة ودعا لأم سليم وَأَهْلهَا وَأهل بَيتهَا وَأخرج ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو انه كَانَ يَقُول عِنْد فطره اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِرَحْمَتك الَّتِي وسعت كل شَيْء أَن تغْفر لي ذُنُوبِي //
(وَإِذا حضر الطَّعَام فليسم الله وليأكل مِمَّا يَلِيهِ بِيَمِينِهِ (خَ. م)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث عمر أَن ابْن أبي سَلمَة رضي الله عنه قَالَ كنت غُلَاما فِي حجر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَكَانَت يَدي تطيش فِي الصفحة فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَا غُلَام سم الله وكل بيمينك وكل مِمَّا يليك فَقَالَ فَمَا زَالَت تِلْكَ طعمتي بعد وَأخرجه
التِّرْمِذِيّ أَيْضا وَالنَّسَائِيّ من حَدِيثه
وَقد اشْتَمَل الحَدِيث على ثَلَاث سنَن التَّسْمِيَة وَالْأكل بِالْيَمِينِ وَالْأكل مِمَّا يَلِي الْآكِل وَظَاهر الْأَمر الْوُجُوب لَا سِيمَا مَعَ مَا سَيَأْتِي من أَن الشَّيْطَان يسْتَحل الطَّعَام الَّذِي لَا يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَمَا ورد أَيْضا من الْأَمر بِالْأَكْلِ بِالْيَمِينِ وَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ وَقد وَردت أوَامِر فِي أَحَادِيث وَهِي مؤيدة لما ذكرنَا //
(إِن الشَّيْطَان يسْتَحل الطَّعَام الَّذِي لَا يذكر اسْم الله عَلَيْهِ (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان رضي الله عنه قَالَ كُنَّا إِذا حَضَرنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يضع أَحَدنَا يَده حَتَّى يبْدَأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَيَضَع يَده فَلَمَّا أَن حَضَرنَا مَعَه مرّة على طَعَام فَجَاءَت جَارِيَة كَأَنَّمَا تدفع فَذَهَبت تضع يَدهَا فِي الطَّعَام فَأخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهَا ثمَّ جَاءَ أَعْرَابِي كَأَنَّمَا يدْفع فَذهب ليضع يَده فِي الطَّعَام فَأخذ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وَقَالَ إِن الشَّيْطَان ليستحل الطَّعَام الَّذِي لَا يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَأَنه جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَة ليستحل بهَا فَأخذت بِيَدِهَا وَجَاء بِهَذَا الْأَعرَابِي ليستحل بِهِ فَأخذت بِيَدِهِ فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِن يَده لفي يَدي مَعَ أَيْدِيهِمَا وَأخرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ زَاد مُسلم ثمَّ ذكر اسْم الله عَلَيْهِ ثمَّ أكل وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن الشَّيْطَان يُشَارك من لم يسم على أكل طَعَامه وَذَلِكَ سَبَب انتزاع الْبركَة مِنْهُ وَعدم الِانْتِفَاع بِهِ (قَوْله يسْتَحل) أَي يَجعله حَلَالا لِأَنَّهُ مَمْنُوع مِنْهُ بِفعل الشَّرْع فَإِذا ترك الْأكل الشَّرْعِيّ بِعَدَمِ التَّسْمِيَة جعل الشَّيْطَان ذَلِك ذَرِيعَة لاستحلال طَعَامه //
(وَأمر صلى الله عليه وسلم الصَّحَابَة فِي الشَّاة المسمومة الَّتِي أَهْدَتْهَا إِلَيْهِ الْيَهُودِيَّة إِن اذْكروا اسْم الله وكلوا فأكلوها فَلم يصب أحدا مِنْهُم شَيْء (مس)) // الحَدِيث أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن يَهُودِيَّة أَهْدَت شَاة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سميطا فَلَمَّا بسطوا الْقَوْم أَيْديهم قَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم كفوا أَيْدِيكُم فَإِن
عضوا من أعضائها يُخْبِرنِي أَنَّهَا مَسْمُومَة قَالَ فَأرْسل إِلَى صاحبتها أَسممت طَعَامك هَذَا قَالَت نعم أَحْبَبْت إِن كنت كَاذِبًا أُرِيح النَّاس مِنْك وَإِن كنت صَادِقا علمت أَن الله سيطلعك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اذْكروا اسْم الله وكلوا فأكلنا فَلم يضر أحدا منا شَيْء قَالَ الْحَاكِم بعد إِخْرَاجه صَحِيح الْإِسْنَاد وَلكنه قد روى مَا يُخَالف هَذَا وَهُوَ أَن بشر بن الْبَراء بن معْرور كَانَ من جملَة من أكل مَعَه صلى الله عليه وسلم من هَذِه الشَّاة فَمَاتَ مِنْهَا وروى أَنه صلى الله عليه وسلم مازال يجد أثر هَذَا السم حَتَّى مَاتَ وَذكر جمَاعَة من الْعلمَاء أَنه صلى الله عليه وسلم مَاتَ شَهِيدا بِهَذَا السَّبَب وَذكر بعض أهل الْعلم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قتل هَذِه الْيَهُودِيَّة وقوى ذَلِك الْحَافِظ الدمياطي والسيوطي وَهَذِه الْيَهُودِيَّة هِيَ زَيْنَب بنت الْحَرْث امْرَأَة سَلام بن مشْكم //
(وَمن نسي التَّسْمِيَة فَلْيقل بِسم الله أَوله وأوسطه وَآخره (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أكل أحدكُم فليذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَإِذا نسي أَن يذكر اسْم فِي أَوله فَلْيقل بِسم الله أَوله وأوسطه وَآخره وَهَذَا لفظ أبي دَاوُد وَقَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن صَحِيح وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَنه إِذا نسى فِي أثْنَاء أكله للطعام وَقَالَ بِسم الله أَوله وَآخره كَانَ ذَلِك استدراكا لما فَاتَهُ من التَّسْمِيَة فِي أَوله وروى النَّوَوِيّ فِي الْأَذْكَار عَن جَابر رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ من نسي أَن يُسَمِّي على طَعَامه فليقرأ {قل هُوَ الله أحد} إِذا فرغ هَكَذَا روى الحَدِيث وَلم يعزه إِلَى كتاب من كتب الحَدِيث وَلَو قَدرنَا ثُبُوته عَن جَابر لم يكن ذَلِك شرعا غَالِبا لِأَنَّهُ قَول صَحَابِيّ وللاجتهاد فِيهِ مدْخل وَأخرج التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْكُل طَعَاما فِي سِتَّة من أَصْحَابه فجَاء أَعْرَابِي فَأَكله بلقمتين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أما إِنَّه لَو سمى لكفاكم قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَأخرجه أَيْضا أَبُو
دَاوُد وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث أُميَّة بن مخشي وَكَانَ صحابيا أَن رجلا كَانَ يَأْكُل وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ينظر فَلم يسم الله حَتَّى كَانَ فِي آخر طَعَامه قَالَ بِسم الله أَوله وَآخره فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ الشَّيْطَان يَأْكُل مَعَه حَتَّى سمى فَمَا بَقِي فِي بَطْنه شَيْء إِلَّا قاءه قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يسند أُميَّة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم غير هَذَا الحَدِيث ومخشي بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة بعْدهَا شين مُعْجمَة //
(وَأَن أكل مَعَ مجذوم أَو ذِي عاهة قَالَ بِسم الله ثِقَة بِاللَّه وتوكلا عَلَيْهِ (د. ت. حب)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَخذ بيد مجذوم فَأدْخلهَا مَعَه فِي الْقَصعَة ثمَّ قَالَ كل بِسم الله ثِقَة بِاللَّه وتوكلا عَلَيْهِ وَهَذَا لفظ التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا من حَدِيثه ابْن مَاجَه وَهَذَا الحَدِيث يُخَالف الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْفِرَار من المجذوم فَيحمل هَذَا على من لم يتأثر بِالْأَكْلِ مَعَ المجذوم وَلَا تداخله الأوهام وَالْكَلَام فِي هَذَا يرجع إِلَى الْكَلَام فِي أَحَادِيث الْعَدْوى والطيرة وَقد أوضحنا الْكَلَام فِيهَا فِي شرحنا للمنتقي وأفردنا هَذَا الْبَحْث برسالة مُطَوَّلَة //
(وَإِذا أكل طَعَاما فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وأطعمنا خيرا مِنْهُ فَإِن كَانَ لَبَنًا فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وزدنا مِنْهُ (د. ت)) // الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ دخلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنا وخَالِد بن الْوَلِيد على مَيْمُونَة فجائتنا بِإِنَاء من لبن فَشرب صلى الله عليه وسلم وَأَنا عَن يَمِينه وخَالِد عَن شِمَاله فَقَالَ لي الشربة لَك فَإِن شِئْت آثرت بهَا خَالِدا فَقلت مَا كنت أوثر
على سؤرك أحدا ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أطْعمهُ الله طَعَاما فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وأطعمنا خيرا مِنْهُ وَمن سقَاهُ الله لَبَنًا فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وزدنا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْء يجزيء من الطَّعَام وَالشرَاب غير اللَّبن قَالَ التِّرْمِذِيّ بعد إِخْرَاجه حَدِيث حسن وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه وَأخرج النَّسَائِيّ الْفَصْل الأول مِنْهُ وَفِيه دَلِيل على أَن اللَّبن أرفع حَالا من الطَّعَام وَوجه ذَلِك ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم طلب أَن يطعمهُ الله مَا هُوَ خير من الطَّعَام وَلم يطْلب ذَلِك فِي اللَّبن وَإِنَّمَا طلب الزِّيَادَة مِنْهُ //
(فَإِذا فرغ من الْأكل وَالشرب قَالَ الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ غير مكفي وَلَا مُودع وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ رَبنَا الْحَمد لله الَّذِي كفانا وآوانا وأروانا غير مكفي وَلَا مكفور (خَ. ت. س)) // الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي أُمَامَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا رفع مائدته قَالَ الْحَمد لله الخ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ مِنْهُ أَيْضا كَانَ إِذا فرغ من طَعَامه قَالَ الْحَمد لله الَّذِي كفانا وآوانا وأروانا غير مكفي وَلَا مكفور وَفِي رِوَايَة لَهُ مِنْهُ لَك الْحَمد رَبنَا غير مكفي وَلَا مُودع وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ رَبنَا وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَإِحْدَى رِوَايَات النَّسَائِيّ الْحَمد لله حمدا وَفِي لفظ للنسائي اللَّهُمَّ لَك الْحَمد حمدا كثيرا وعَلى الْجُمْلَة فَالْحَدِيث فِي صَحِيح البُخَارِيّ الْفَصْل الأول مِنْهُ والفصل الآخر لَا كَمَا يُوهِمهُ كَلَام المُصَنّف رحمه الله أَنه لم يكن فِي البُخَارِيّ إِلَّا الْفَصْل الْأَخير مِنْهُ (قَوْله غير مكفى) بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْكَاف وَتَشْديد الْيَاء قَالَ النَّوَوِيّ هَذِه الرِّوَايَة الصَّحِيحَة الفصيحة وَرَوَاهُ أَكثر الروَاة بِالْهَمْز وَهُوَ فَاسد من حَيْثُ الْعَرَبيَّة سَوَاء كَانَ من الْكِفَايَة أَو من
كفأت الْإِنَاء قَالَ فِي مطالع الْأَنْوَار فِي تَفْسِير هَذَا الحَدِيث المُرَاد بِهَذَا الْمَذْكُور كُله الطَّعَام وَإِلَيْهِ يعود الضَّمِير فَيكون الْمَعْنى على هَذَا الْكِفَايَة وَقَالَ الْحَرْبِيّ المكفى الْإِنَاء المقلوب للاستغناء عَنهُ كَمَا قَالَ غير مُسْتَغْنى عَنهُ وَقَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ أَن الله هُوَ الْمطعم الْكَافِي وَهُوَ غير مطعم وَلَا مكفي فَجعل الضمائر عَائِدَة إِلَى الله عز وجل (قَوْله وَلَا مُودع) بِفَتْح الدَّال اسْم مفعول وَالْمعْنَى أَنه مُحْتَاج إِلَيْهِ غير مَتْرُوك الطّلب مِنْهُ وَالرَّغْبَة إِلَيْهِ (قَوْله وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ) هُوَ أَيْضا اسْم مفعول وَالْمعْنَى أَنه مُحْتَاج إِلَيْهِ غير مُسْتَغْنى عَنهُ (قَوْله رَبنَا) مَنْصُوب على الِاخْتِصَاص والمدح أَو مَنْصُوب على أَنه منادى مُضَاف مَحْذُوف حرف النداء كَأَنَّهُ قَالَ يَا رَبنَا اسْمَع دعاءنا (قَوْله وَلَا مكفور) أَي وَلَا مجحود النعم الَّتِي أنعم بهَا على عباده بل هُوَ مشكور //
(فَإِذا غسل يَده قَالَ الْحَمد لله الَّذِي يطعم وَلَا يطعم من علينا فهدانا وأطعمنا وَسَقَانَا وكل بلَاء حسن أبلانا (س. حب)) // الحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ دَعَا رجل من الْأَنْصَار من أهل قبَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَانْطَلَقْنَا مَعَه فَلَمَّا طعم وَغسل يَده أَو يَدَيْهِ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي يطعم وَلَا يطعم الخ وَبعده الْحَمد لله غير مُودع وَلَا مكافي وَلَا مكفور وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ الْحَمد لله الَّذِي أطْعم من الطَّعَام وَسَقَى من الشَّرَاب وكسى من العرى وَهدى من الضلال وبصر من الْعَمى وَفضل على كثير مِمَّن خلق تَفْضِيلًا هَذَا لفظ النَّسَائِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن أبي الْأنْصَارِيّ رضي الله عنه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أكل أَو شرب قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أطْعم وَسَقَى وسوغه وَجعل لَهُ مخرجا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا فرغ من طَعَامه قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا وَسَقَانَا وَجَعَلنَا مُسلمين وَلَفظ التِّرْمِذِيّ كَانَ إِذا أكل أَو شرب قَالَ الخ (قَوْله يطعم وَلَا
يطعم) الأول مبْنى للْفَاعِل وَالثَّانِي مبْنى للْمَفْعُول (قَوْله وكل بلَاء حسن أبلانا) الإبلاء الْإِحْسَان والإنعام فَالْمَعْنى وكل إِحْسَان مِنْهُ وإنعام من بِهِ علينا وأنعم علينا بِهِ قَالَ الْعَيْنِيّ يُقَال فِي الْخَيْر بليت بلَاء وَفِي الشَّرّ بلوته أبلوه بلَاء وَفِي النِّهَايَة أَن الِابْتِلَاء يكون فِي الْخَيْر وَالشَّر مَعًا من غير فرق بَين فعلهمَا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة} //
(وَيَدْعُو لأهل الطَّعَام اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِيمَا رزقتهم فَاغْفِر لَهُم وارحمهم (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث عبد الله بن بسر رضي الله عنه قَالَ نزل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على أبي فَقرب إِلَيْهِ طَعَاما ووطبة ثمَّ أَتَى بِتَمْر وَكَانَ يَأْكُلهُ ويلقي النَّوَى بَين أصبعيه وَيجمع السبابَة وَالْوُسْطَى ثمَّ أَتَى بشراب فشربه ثمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَن يَمِينه فَقَالَ أبي وَأخذ بلجام الدَّابَّة ادْع لنا فَقَالَ اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِيمَا رزقتهم واغفر لَهُم وارحمهم وَأخرجه أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ والوطبة بِالْوَاو وَإِسْكَان الطَّاء بعْدهَا مُوَحدَة قيل هِيَ الأقط وَقيل تمر يخرج نَوَاه ويعجن بِلَبن وَقَالَ النَّوَوِيّ هِيَ قربَة لَطِيفَة يكون فِيهَا اللَّبن //
(اللَّهُمَّ أطْعم من أَطْعمنِي واسق من سقاني (م)) // الحَدِيث أخرجه مُسلم كَمَا قَالَ المُصَنّف رحمه الله وَهُوَ من حَدِيث الْمِقْدَاد رضي الله عنه قَالَ أَقبلت أَنا وصاحبان لي وَقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الْجهد فأتينا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِيه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُمَّ أطْعم من أَطْعمنِي واسق من سقاني وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ صنع أَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان للنَّبِي صلى الله عليه وسلم طَعَاما قَالَ فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم