الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دُعَاء عمر بن عبد الْعَزِيز رحمه الله
وَمَا أحسن مَا كَانَ يَدْعُو بِهِ الْخَلِيفَة الْعَادِل عمر بن عبد الْعَزِيز رحمه الله فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول يَا من وسعت رَحمته كل شَيْء أَنا شَيْء فلتسعني رحمتك يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ
وَقلت أَنا يَا من كتب على نَفسه الرَّحْمَة لِعِبَادِهِ إِنِّي من عِبَادك فارحمني يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ (قَوْله وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي) فِيهِ تَصْرِيح بِأَن الله سبحانه وتعالى مَعَ عباده عِنْد ذكرهم لَهُ وَمن مُقْتَضى ذَلِك أَن ينظر إِلَيْهِ برحمته ويمده بتوفيقه وتسديده
فَإِن قلت هُوَ مَعَ جَمِيع عباده كَمَا قَالَ سبحانه وتعالى {وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم} وَقَوله جلّ ذكره {مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم} الْآيَة قلت هَذِه معية عَامَّة وَتلك معية خَاصَّة حَاصِلَة للذاكر على الْخُصُوص بعد دُخُوله مَعَ أهل الْمَعِيَّة الْعَامَّة وَذَلِكَ يَقْتَضِي مزِيد الْعِنَايَة ووفور الْإِكْرَام لَهُ والتفضل عَلَيْهِ وَمن هَذِه الْمَعِيَّة الْخَاصَّة مَا ورد فِي الْكتاب الْعَزِيز من كَونه مَعَ الصابرين وَكَونه مَعَ الَّذين اتَّقوا وَمَا ورد هَذَا المورد فِي الْكتاب الْعَزِيز أَو السّنة فَلَا مُنَافَاة بَين إِثْبَات الْمَعِيَّة الْخَاصَّة وَإِثْبَات الْمَعِيَّة الْعَامَّة وَمثل هَذَا مَا قيل من أَن ذكر الْخَاص بعد الْعَام يدل على أَن للخاص مزية اقْتَضَت ذكره على الْخُصُوص بعد دُخُوله تَحت الْعُمُوم (قَوْله فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي) يحْتَمل أَن يُرِيد سبحانه وتعالى أَن العَبْد إِذا ذكره ذكرا قلبيا غير شفاهي أثابه ثَوابًا مخفيا عَن عباده وَأَعْطَاهُ عَطاء لَا يطلع عَلَيْهِ غَيره وَيحْتَمل أَن يُرِيد الذّكر الشفاهي على جِهَة السِّرّ دون الْجَهْر وَأَن الله سبحانه وتعالى يَجْعَل ثَوَاب هَذَا الذّكر الإسراري ثَوابًا مَسْتُورا لَا يطلع عَلَيْهِ أحد وَيدل على هَذَا الِاحْتِمَال الثَّانِي قَوْله وَإِن ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُ فَإِنَّهُ يدل على أَن العَبْد قد جهر بِذكرِهِ سبحانه وتعالى بَين ذَلِك الْمَلأ الَّذِي هُوَ فيهم فيقابله الاسرار بِالذكر بِاللِّسَانِ لَا مُجَرّد الذّكر القلبي فانه لَا يُقَابل الذّكر الجهري بل يُقَابل مُطلق الذّكر اللساني أَعم من أَن يكون سرا أَو جَهرا