المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الآيتان (13، 14) - تفسير العثيمين: الفرقان

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (4)

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآيتان (7، 8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الآية (12)

- ‌الآيتان (13، 14)

- ‌الآيتان (15، 16)

- ‌الآيات (17 - 24)

- ‌الآية (25)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (26)

- ‌فائدتان:

- ‌الآية (27)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (30)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (31)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (32)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (33)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآية (36)

- ‌الآية (37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآيتان (41، 42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية (44)

- ‌الآيتان (45، 46)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (50)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيتان (51، 52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآية (57)

- ‌الآية (58)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (59)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (60)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (61)

- ‌الآية (62)

- ‌الآية (63)

- ‌الآية (64)

- ‌الآية (65)

- ‌الآية (66)

- ‌الآية (67)

- ‌الآيتان (68، 69)

- ‌الآية (70)

- ‌الآية (71)

- ‌الآية (72)

- ‌الآية (73)

- ‌الآية (74)

- ‌الآية (75)

- ‌الآية (76)

- ‌الآية (77)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

الفصل: ‌الآيتان (13، 14)

‌الآيتان (13، 14)

* * *

* قالَ اللَّه عز وجل: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} [الفرقان: 13 - 14].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا} بالتشديد والتخفيف]، يعني قراءتينِ سَبْعِيَّتَيْنِ

(1)

، ثم قَالَ رحمه الله:[بأن يضيَّق عليهم و {مِنْهَا} حال من {مَكَانًا}؛ لِأنَّهُ في الأَصْل صفة له {مُقَرَّنِينَ}]، إلى آخره.

قوله: {وَإِذَا أُلْقُوا} في هَذَا دليل على أَنَّهُمْ -والعِياذُ باللَّه- لا يُعامَلون معاملةَ رحمةٍ، بل يُلقَوْنَ إلقاءً ويُطرَحون طرحًا. وقوله:{مَكَانًا} ظرفٌ عاملُه قوله: {أُلْقُوا} ، وقوله:{مِنْهَا} في الأَصْل صفة، ولَكِن القاعدة عند أهل النحو أن الجارَّ والمجرور إذا تقدمَ على مَوْصُوفِهِ صار حالًا منه؛ لِأَنَّ الصِّفةَ لا تَتَقَدَّمُ على الموصوفِ، تقول مثلًا:(جاء رجل على بعيرٍ راكبًا)، فتعرب (راكبًا) حالًا، لكِن لو قدمتها على رجل (جاء راكب) لوجبَ أن تكون صفة بالمعنى، كذلك الجارّ والمجرور إذا قلت (جاء رجل على بعير)(على بعير) صفة لِرَجل، فإذا قدمتَ (على بعير):(جاء على بعير رجل) وجب أن تكون الصِّفة هَذِهِ حالا؛ لِأَنَّ الصِّفة لا تَتَقَدَّمُ على الموصوفِ، ولهذا قال المُفَسِّر رحمه الله:[و {مِنْهَا} حال من {مَكَانًا} لِأنَّهُ في الأَصْل صفة له].

(1)

الحجة في القراءات السبع (ص: 265).

ص: 65

وفي قوله: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا} أيضًا دليل عَلَى أَنَّ هَذَا المكان الَّذِي يُلقَوْن منه لا يَكُون واسعًا، بل يُضَيَّقُ عليهم، وهذا قبل دخولها، فكيف إذا دخلوها، ويَحتمِل أنَّ نفس الأمكِنة الَّتِي هم فيها في نفس النار تكون ضيِّقةً إذا أُلقوا مكانًا منها ضيقًا، فتكون (مِنْ) هَذِهِ قريبةً من معنى (فيها)، فالمكان نفسه في النار يَكُون ضيِّقًا، يعني تضيَّق عليهم؛ لِأَنَّ كل وَاحِد منهم -والعياذ باللَّه- يَكُون في تابوتٍ كما جاء في الحديثِ؛ في تابوتٍ مغلَق عليه

(1)

.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ألا يُشكِل على هَذَا أنَّ بعضَ أجسادهم تُفَخَّم في النار؟

نقول: هو نفسه يُفخَّم، ولَكِن لا يَمنَع أن يُفخَّمَ وهو في مكانٍ ضيِّقٍ، ويمكن أن يَكُونَ تفخيمُه هَذَا من أسباب التضييقِ.

قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{مُقَرَّنِينَ} مصفَّدين قد قُرِنَتْ أي جُمِعَتْ أيديهم إلى أعناقِهم في الأغلالِ، والتشديدُ للتكثيرِ]، التشديد في قوله:{مُقَرَّنِينَ} لِأَنَّ (مُقَرَّن) مأخوذٌ من (قَرَّنَ) أو من (قُرِّنَ)، قُرِّن فَهُوَ مقرَّن، وأصلها من (قَرَنَ) بالتخفيف: قَرَنْتُ هَذَا الرجل أَقْرِنَهُ فَهُوَ مقرون، لَكِنها أتتْ بالتشديد للتكثيرِ، أو للمبالَغة في هَذَا القَرْن، وأَنَّهُمْ يُقَرَّنون بشدة، فهم إذا {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} ، قال المُفَسِّر رحمه الله:[هلاكًا فيقالُ لهم {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا}]، هَذَا في الحقيقة تصويرٌ بَيِّن لحالِ النارِ وأهلِها يوم القيامةِ، أَنَّهُمْ قبل أن يدخُلوها يَسمعون لها تغيُّظًا وزَفيرًا، وهذا بلا شكٍّ يَخلَع قلوبهم ويُرعِبهم، ثم إذا أُلقوا فيها لا يُلقَون على سبيل الكرامةِ، بل يُلقَون إلقاءً، ثم إنهم لا يلقون هكذا مطلَقين، ولكن مقرَّنين، يعني مجموعة أَيديهم إلى أعناقِهم،

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة فى المصنف (7/ 210، رقم 35414).

ص: 66

ثم إذا أُلقُوا على هَذَا الوصف يُدْعَوْنَ بالثُّبور والعياذ باللَّه {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} يعني: يقولون واهَلَاكَنا واثُبُورَنا، وما أشبهَ ذَلِكَ، فيقال لهم:{لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} ، هَذَا على سبيل التوبيخِ؛ لِأَنَّ العادةَ أن الرجلَ إذا دَعَا بالثبورِ في الدُّنْيا رُحِم، ولكنَّهم هناك لا يُرحَمون، يقال لهم: إِنَّ دَعْوَاكُم بالثبورِ لا تفيدكم شيئًا {وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} فالعذاب سَيَسْتَمِرّ، وكل هَذَا يُوجِب لأهلِ النارِ -نسأل اللَّه السلامة منها- أَنَّهُمْ يُعذَّبون عذابًا قلبيًّا وعذابًا جسميًّا، والعذاب القلبيّ قد يَكُون في بعض الأحيان أشدَّ من العذاب الجسميِّ، والعياذ باللَّه، فهم لا يُكَرَّمون لا بالفعلِ ولا بالاستقبالِ ولا بالقولِ.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما ذُكِرَ عن هَؤُلَاءِ الكفارِ فيما سبقَ من الآياتِ يَدُلّ على أَنَّهُمْ لا يؤمنون بالبَعث، فلماذا نصَّ على تكذيبهم بالبَعث؟

صحيحٌ أن ما ذكر عنهم مما سَبَقَ يدل على أَنَّهُمْ لا يؤمنون بالبعثِ؛ لِأَنَّ مَن آمَنَ بالبَعث لَزِمَ أنْ يَعْمَلَ له، ولكن هَذَا في الحقيقة من جملةِ ما قالوه؛ أَنَّهُمْ كذبوا بالبعث، فَهُوَ إضافة إلى ما سبقَ، لكِن يَنبغي أن نقولَ: لماذا ذُكِرَ بـ (بل) دون (الواو)، مع أن المعائب أو المساوئ الَّتِي سبقت كلها ذُكرت بالواو، وهَذِهِ ذكرت بـ (بل)؟ قد يوحي هَذَا بأن من أسباب أقوالهم السابقة أَنَّهُمْ كذبوا بالساعةِ، يعني أَنَّهُمْ ليس عندهم إيمان بالساعة، ولو آمنوا بها ما قَالُوا ما سبق.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل كل كفَّار العرب يُنكِرون الساعة؟

الجوابُ: الظاهرُ لَيْسُوا كلهم ينكرون هذا، فبعضهم يُقِرّ بهذا، لَكِنَّهُ يُشرِك باللَّه، ولكن يذكر اللَّه عز وجل الأفعالَ منسوبةً إلى الأُمَّة جميعًا، حتى إِنَّهُ أحيانًا يخاطِب آخِرَ الأُمة بما فعل أوَّلهُا؛ لِأَنَّهَا تَرضَى به وتُقِرّه، انظر مثلًا يخاطب اللَّه بني إسرائيل

ص: 67

في عهدِ الرَّسول عليه الصلاة والسلام بما فَعَلَ أوَّلهُم: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [البقرة: 72]، وقوله:{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54]، معَ أن هَذَا الخطاب لا يتأتَّى لهؤلاء؛ لأَنَّهُمْ لَيْسُوا هم الَّذِينَ فعلوا، لكِن الأُمَّة الوَاحِدة يَكُون فِعل بعضِها فِعلًا للجميعِ؛ لِأَنَّهَا تَرضَى به.

* * *

ص: 68