الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل عدم تدبُّر القُرْآن يَكُون هجرًا له؟
هجر التدبُّر قد يَكُون هجرًا؛ لِأَنَّ التلاوةَ بدون تدبُّر لا شكَّ أنها تلاوة ناقصة؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أمَر بتدبُّره، وأخبر أَنَّهُ ما أُنزلَ إلا للتدبُّر والتذكُّر {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، والتدبُّر معناه أن الإنْسَانَ يتأمَّل معناه ويفكِّر فيه، ويَسعَى في الوصول إليه، وإذا كان قاصرًا عن فَهم المعنى يسأل، وإذا كان يمكِن أن يُراجِعَ هو بنفسِه كُتُبَ التفاسيرِ فلْيُرَاجِعْ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل استماع القُرْآن يُغني عن القراءةِ؟
فالجواب: ما أظنُّ أن الاستماع يُغنِي عن القراءة، لكِن على كلِّ حالٍ الاستماع فيه خيرٌ، ولكن القراءة أفضل، وبالنسبة للاستماعِ إذا كان مشغولًا فلا يَنبغي أنْ يستخدمه.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأولى: ما وصلتْ إليه حال قريشٍ مِنَ العِناد والمكابَرة؛ لِقَوْلِهِ: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} ، فهم اتخذوه مهجورًا. وكونهم اتخذوه مهجورًا أبلغ من كونهم هَجَروه.
الْفَائِدَة الثَّانية: عِظَم هَذَا القُرْآن؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَذَا الْقُرْآنَ} ، لِأَنَّ الإشارة تفيد التعظيم، يعني هَذَا القُرْآن العظيم الَّذِي لا يَنبغي أنْ يُهْجَر هَؤُلَاءِ اتخذوه مهجورًا، فقولُه: اتخذوه مهجورًا أبلغُ من: هَجَروه، كيف ذلك؟ اتخذوه مهجورًا يعني جعلوه من الأمورِ الَّتِي تَستحِقّ أن تُهجَر، فاتخذوه أمرًا مهجورًا يعني مرغوبًا عنه ومتروكًا هو في حدِّ ذاته، على زعمهم، هَذَا وجهٌ، والوجه الثَّاني: يعني هم
صيَّروه مهجورًا، والهاء المفعول أول محل المبتدأ، ومهجورًا محل الخبر.
الْفَائِدَة الثالثة: بشاعة هَذَا العمل من قريش، وجه ذلك الإضافة في قوله:{قَوْمِي} ؛ فإن هَذَا يدلّ على بشاعة هَذَا العمل منهم؛ لِأَنَّ المفروض أن قومَه يَكُونون أَولى النَّاس بالعنايةِ به وقَبُول ما جاء به، ولكن الأمر مع الأسف صار بالعكسِ.
* * *