الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (35)
* * *
* قالَ اللَّه عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا} [الفرقان: 35].
* * *
هَذِهِ الجملة {وَلَقَدْ آتَيْنَا} فيها مؤكِّدات عددها ثلاثة: (اللام)، و (قد)، والقَسَم؛ لِأَنَّ اللام مُوَطِّئَةٌ للقَسَم، والتقدير: واللَّهِ لقد، والتأكيد في القُرْآنِ سَبَبُه أحدُ أمرينِ: إمَّا أن يَكُون في مقابلةِ إنكارِ المنكِر، وإما أن يَكُون لأهميةِ الموضوعِ، وإما للأمرينِ جميعًا، فيَكُون أمرًا مُهِمًّا، ويَكُون هناك مُنْكِرٌ له، فيؤكِّد اللَّه سبحانه وتعالى ذلك الأمرَ، فهنا إيتاء موسى الكِتَابَ هَذَا أمرٌ واقِعٌ ولا يُنْكَر، لكنْ لأهميَّة الموضوعِ أكَّده اللَّه سبحانه وتعالى لِيَعْرِضَ للرسولِ عليه الصلاة والسلام صُوَرًا من تكذيبِ السابقينَ حتى يَكُون ذلك أبلغَ في تسليتِه، ففيما سَبَقَ يقول اللَّه عز وجل:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: 31]، وهذا قولٌ مجمَل، ثم شَرَعَ هنا في تفصيلِ ذلك وبيانِ ما وَقَعَ على سبيل التَّعْيِين.
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} التَّوْرَاةَ]، وآتَيْنَاهُ بمعنى أَعطيناه إيَّاها، أنزلها اللَّه تَعَالَى عليه مكتوبةً بألواحٍ، فهي ألواحٌ مكتوبٌ فيها التوراة، جاءَ بها مُوسَى منَ اللَّه، وليس المراد أنها تنزل من السماء، أنزلها اللَّه على موسى فجاء بها إلى قومِه، وقِصَّتُها في الأعرافِ مبسوطةٌ.
قَالَ المُفَسِّر رحمه الله: [{وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا} مُعِينًا]، {أَخَاهُ} من أبيه وأمِّه، وأمَّا قوله:{قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي} [طه: 94]، فهذا من باب التلطُّف والتعطُّف؛ لِأَنَّ الأمَّ أشدُّ حنانًا من الأبِ، وإلَّا فَهُوَ أخوه من أبيه وأُمِّه، ومسألة القرابة وأنه شقيقه ثابتةٌ.
قوله: {هَارُونَ وَزِيرًا} قال المُفَسِّر رحمه الله: [مُعِينًا].
وقوله: {وَزِيرًا} من الأَزْرِ؛ وهو العَوْن، يعني أَنَّهُ كان وزيرًا، أي مُعِينًا له، وذلك بِطَلَبٍ من موسى؛ كما قال اللَّه سبحانه وتعالى:{هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 30 - 32]، ويقال: إِنَّهُ لا يُوجَد أحد من الإخوة أشدّ مِنَّةً وفضلًا من موسى على هارون؛ لِأَنَّهُ طلب أن يَكُونَ رسولًا، والرِّسَالة أعلى المقامات الَّتِي يتوصَّل إليها البَشَر.
* * *