المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من فوائد الآية الكريمة: - تفسير العثيمين: الفرقان

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآية (1)

- ‌الآية (2)

- ‌الآية (3)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (4)

- ‌الآية (5)

- ‌الآية (6)

- ‌الآيتان (7، 8)

- ‌الآية (9)

- ‌الآية (10)

- ‌الآية (11)

- ‌الآية (12)

- ‌الآيتان (13، 14)

- ‌الآيتان (15، 16)

- ‌الآيات (17 - 24)

- ‌الآية (25)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (26)

- ‌فائدتان:

- ‌الآية (27)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (28)

- ‌الآية (29)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (30)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (31)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (32)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (33)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآية (36)

- ‌الآية (37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآيتان (41، 42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية (44)

- ‌الآيتان (45، 46)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (50)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآيتان (51، 52)

- ‌الآية (53)

- ‌الآية (54)

- ‌الآية (55)

- ‌الآية (56)

- ‌الآية (57)

- ‌الآية (58)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (59)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (60)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

- ‌الآية (61)

- ‌الآية (62)

- ‌الآية (63)

- ‌الآية (64)

- ‌الآية (65)

- ‌الآية (66)

- ‌الآية (67)

- ‌الآيتان (68، 69)

- ‌الآية (70)

- ‌الآية (71)

- ‌الآية (72)

- ‌الآية (73)

- ‌الآية (74)

- ‌الآية (75)

- ‌الآية (76)

- ‌الآية (77)

- ‌من فوائد الآية الكريمة:

الفصل: ‌من فوائد الآية الكريمة:

‌من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَةُ الْأُولَى والثَّانيةُ: إثباتُ خلقِ السَّمواتِ والْأَرضِ، وأنها كانتْ معدومةً، فيَكُون فِي هذَا ردٌّ لقولِ الفلاسفةِ القائلينَ بِقِدَمِ الأفلاكِ؛ لِأَنَّ ما كَانَ مخلوقًا فَإِنَّهُ لَيْسَ بقديمٍ، والمراد بقولنا: لَيْسَ بقديمٍ بالمعنى المصْطَلَح عليه عندَ الفلاسفةِ؛ أن القديمَ هو الأزليّ، لا أن المراد القِدَم اللُّغَوي؛ لأنَّ القديمَ فِي اللغةِ هو الشَيْءُ المتقدِّم، وإن كَانَ حادثًا، كما قَالَ اللَّه سبحانه وتعالى:{عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39]، لكِن فِي اصطلاح الفلاسفةِ إذا قالوا: قديمٌ، فمَعْنَاهُ أزليٌّ، لَيْسَ بحادثٍ. نقولُ: هذه الآية تَرُدُّ عليهم؛ لِأَنَّ اللَّه يقول: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} .

الْفَائِدَة الثالثة: أن الَّذِي يَنبغي أن يلاحظَه الفاعلُ هو الإتقانُ والتثبُّت فِي الأمورِ؛ حَتَّى يخرجَ الشَيْءُ المَفْعُولُ عَلَى الكمالِ، وهذا ما أشارَ إليه المُفَسِّر رحمه الله.

الْفَائِدَة الرابعةُ: حِكمة اللَّهِ عز وجل بِتَسْيِيرِ الأمورِ حَسَبَ أسبابها، عَلَى الوجهِ الَّذِي أَشَرنا إليه؛ لِأَنَّ خلقها امتدَّ إِلَى ستةِ أيامٍ؛ لِأَنَّها تَتَطَوَّر وتَتَعَلَّق بأسبابٍ معيَّنةٍ تكمُن فِي هَذِهِ المدَّةِ.

الْفَائِدَة الخامسة: كمالُ قُدرة اللَّهِ سبحانه وتعالى؛ لأنَّ هذه السَّمواتَ والْأَرضَ وما بينَهما أمورٌ عظيمةٌ، لا يستطيعُ الخَلْقُ أن يَخْلُقُوها أبدًا، لا فِي ستَّة أيامٍ ولا فِي ستِّينَ قَرنًا، الَّذِينَ صَنَعُوا الأقمارَ الصناعيَّةَ أوَّل ما أَخْرَجوها نعلم ماذا حصل من الضَّجَّة العظيمة، والتعظيم العظيم لِهَوُلَاءِ الَّذِينَ صَنَعُوها، معَ أنها ليستْ بشَيْءٍ بالنسبةِ لأقربِ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ، لا بذاتِه ولا بالحجمِ، ولا بالكيفيَّة، ولا بالقوَّة، ولا بالانتظامِ، فإنها تزول فِي آخِر الأمر ويَختلف نِظامها وتَتْلَف.

الحاصلُ: أن فِي خلقِ السَّمواتِ والْأَرْضِ، ولو فِي الأيَّام الستَّة، فِيهِ دليلٌ عَلَى

ص: 245

كمالِ قُدرة اللَّهِ تبارك وتعالى، وعَظَمَتِه؛ لِأَنَّ عِظَم المخلوقِ يَدُلّ عَلَى عِظَمِ الخالِق، كما أنَّ عِظَم الفعلِ فِي غيرِ الخالقِ يدلّ عَلَى عَظَمَةِ الفاعلِ ومَهارتهِ وقُدرَته، ولهذا النَّاس إذا رَأَوْا بناءً مُحْكَمًا يُثْنُونَ عَلَى البانِي أوَّلًا، ثم عَلَى البِناء.

ويُذْكَر فِي (الحيْدَة) الَّذي يُنْسَبُ إِلَى عبد العزيز الكناني، إنْ صَحَّ عنه، أن أحدَ الَّذِينَ ناظروه عند الخليفةِ انتقدَ خِلْقَتَه، فَقَالَ له: عبد العزيز الكناني: أنت ما انْتَقَدتَنِي، إِنَّمَا انتقدتَ الخالِقَ. ثم ضربَ مثلًا بأنه لو كَانَ الجِدَار الَّذِي عند الخليفةِ مُشَوَّهًا ومائلًا، ثم عِيبَ الجِدار، فالعَيْب يَقَع حقيقة عَلَى الباني الَّذِي بناه، فخِلْقَة الْإِنْسَانِ ليستْ مِنِ اختيارِهِ، فلا يُذَمُّ عَلَيْهَا

(1)

.

ولذلك ما وَرَدَ من الأحاديثِ الَّتِي تُعَلِّق الذمَّ عَلَى الخِلقة فإنما ذلك لَيْسَ للخلقةِ نفسِها، ولَكِنه دليلٌ عَلَى ما تُحْمَل عليه هذه الخِلْقَة من الصِّفاتِ الَّتِي يُذَمُّ عَلَيْها العبدُ؛ لأَنَّهُ وُجِدَ فِي بعضِ الأحاديثِ ذَمٌّ، ثمَّ يُفَسِّره العلماءُ بِصِفَاتٍ خلقيَّةٍ، هذَا الذمُّ المعلَّق عَلَى صفةٍ نقولُ: إذا صحَّ أنَّ الحديثَ يُفَسَّر بهذه الصِّفاتِ الخَلْقيَّة فليس ذلك لأجلِ هذه الصِّفات الخَلْقية، ولَكِنْ لمِا تَتَضَمَّنَهُ غالبًا من صفاتٍ فعلية أو خُلقية للإنْسَان؛ إذِ الْإِنْسَانُ لا يُذَمُّ عَلَى ما خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ، وإنما يُذَمُّ عَلَى ما كَانَ باختيارِهِ.

الْفَائِدَة السادسةُ والسابعةُ: استواء اللَّهِ عَلَى عَرشِهِ؛ لِقَوْلِهِ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ، وأنَّ الاستواءَ مِن الصِّفاتِ الفعليَّةِ، لَيْسَ مِن الصِّفاتِ الذَّاتيَّة؛ لِأَنَّهُ مرتَّب بعد خلقِ السَّمواتِ، يَعْنِي حادثًا، وهل الاستواء قبلَ خلقِ السَّمواتِ والْأَرضِ

(1)

الحيدة والاعتذار في الرد على من قال بخلق القرآن، لأبي الحسن عبد العزيز بن يحيى بن مسلم ابن ميمون الكناني المكي (ص 31).

ص: 246

ثابتٌ أو لَيْسَ بثابتٍ؟ نقول: الاستواءُ عَلَى العَرشِ قبل الخلْق لا نَتكلَّم فيه، اللَّهُ أعلمُ به، لَكِن الاستواء عَلَى العرشِ حِينَ الخلْق لَيْسَ بموجودٍ؛ لِأَنَّ ذلكَ ينافي قوله:{ثُمَّ اسْتَوَى} ، أمَّا قبل الخَلْقِ فالواجبُ السكوتُ عنه؛ لِأَنَّ ذلك لَيْسَ بِوُسْعِنا، واللَّه تَعَالَى لم يُخْبِرْ عن نفسِهِ بِهِ.

الْفَائِدَة الثامنة: ثُبُوت صفةِ الرَّحمةِ للَّه؛ لقولِهِ: {الرَّحْمَنُ} ، وإضافة الاستواء إِلَى الرَّحمنِ فِي قولِه:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} ففيه إشارةٌ إِلَى أنَّهُ تَعَالَى مع عُلُوِّهِ عَلَى جميعِ مخلوقاتِه فإنَّ رحمتَه شاملةٌ لجميعِ الخَلْقِ، وليس كعُلُوِّ غيرهِ مِمَّن إذا على تَجَبَّر وتَكَبَّر وأخذ بالعُنْف والغِلظة.

الْفَائِدَة التاسعة: عِظَم صفاتِه تبارك وتعالى؛ لِقَوْلِهِ: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} .

الْفَائِدَتان العاشرةُ والحاديةَ عشْرةَ: أَنَّهُ لا تُطْلَبُ معرفةُ اللَّهِ إِلَّا مِنَ اللَّهِ: مِنَ الخَبيرِ بِهِ، وهو اللَّه سبحانه وتعالى؛ لقولِهِ:{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} ، وأن هذه الآية تَشْهَد لمِا عليه أهلُ السنَّة والجَماعَة من أن أَسْماءَ اللَّهِ وصفاتِه تَوْقِيفيَّةٌ، لا يجوزُ لأحدٍ أنْ يُثْبِتَ منها إِلَّا ما أَثْبَتَهُ اللَّه ورسوله، يَعْنِي أن وصفَ اللَّهِ تَعَالَى لا يَكُون إِلَّا بِحَسَبِ ما عَلِمْنَاهُ منه، فلا يُمْكِن أنْ نَصِفَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَا لم يَصِفْ بِهِ نفسَه، ولهذا قَالَ العلماءُ: إن أَسْماءَ اللَّهِ وصفاتِهِ توقيفيَّة، هذَا هو القَوْلُ الصحيحُ الراجِحُ، وإِنَّه لَيْسَ لنا أنْ نَصِفَ اللَّه تَعَالَى بما لم يَصِفْ بِهِ نفسَه؛ لِأَنَّ ذلك ينافي كمالَ الأدَبِ معَهُ، قَالَ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَي اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]، وكما أنَّهُ لَيْسَ لنا أنْ نُحْدِثَ فِي شَرعِه شَيْئًا فليسَ لنا أن نَصِفَهُ بشَيْءٍ لم يَصِفْ بِهِ نفسَه، وللَّهِ المثلُ الأعلَى.

فَلَوْ قِيلَ لإنْسَانٍ: تحَدَّثْ عن رجلٍ، وهذا الرجلُ غائبٌ عنه، هل يملِك أنْ يَتَحَدَّث عن شَيْءٍ من صفاتِهِ إِلَّا ما يَعْلَم من الصِّفات البشرية، بأن يقول: هو إنْسَان

ص: 247

مخلوق يحيا ويموت، إِلَى آخِره، لكِن يتحدث عن صفةٍ ليست من الصِّفات العامَّة للصفاتِ البشريَّة فلا يجوز له، فكيف باللَّهِ سبحانه وتعالى!

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هلِ التَّوْرَاةُ والإنجيلُ يُقَرِّرَانِ ويُثْبِتَانِ المَعادَ كما يُثْبِتُهُ القُرآنُ؟

الجواب: القُرآنُ تكلَّم عنِ المعادِ وتقريرِهِ وإثباتِهِ أكْثَرَ مِمَّا تكلمتْ بِهِ التوراةُ والإنجيلُ، وشيخُ الإسلامِ رحمه الله فِي الحَمَوِيَّة كَلامُه يدلُّ عَلَى أن القُرآنَ تَكَلَّم عَنِ المَعَادِ وتقريره وإثباته أَكْثَر مما تكلمتْ بِهِ التوراةُ والإنجيلُ، وإلَّا فهو معلومٌ ومصرَّح بِهِ فِي كل الكتبِ، لكِن تقريرها لَيْسَ كتقريرِ القُرْآنِ، ولا يمكن أن يَستقيمَ عملُ النَّاسِ إِلَّا بالإيمانِ بالمعادِ، ولذلك الَّذِينَ يُنْكِرون المعادَ الآنَ ما دام أَنَّهُم يقولون:{مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [الجاثية: 24]، لن يعملوا، فالمراد تقريره عَلَى أوجهٍ شتّى؛ لِأَنَّ اللَّه عز وجل قرَّر المعادَ فِي القُرْآن لَيْسَ بطَريقٍ وَاحِدٍ، بل بعِدَّة طرقٍ، ونحن أشرنا مرةً إِلَى أن آخِرَ سورة يس فِيها عَشَرَةُ أَوْجهٍ كلّها تقرِّر المَعاد، لكِن بعضها أصرحُ من بعضٍ.

* * *

ص: 248