الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (35)
* قالَ الله عز وجل: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} [سبأ: 35].
وقوله عز وجل: {وَقَالُوا} يَعنِي: المُترَفون {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا} [مِمَّن آمَن]{وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} ، افتَخَروا على هؤلاء؛ فقالوا: نحن أكثَرُ أموالًا وأولادًا وكثرة أَمْوالنا وأولادِنا -على زَعْمهم- تَدُلُّ على رِضا الله تعالى عنا إذ لو لم يَرْضَ عنَّا ما رزَقَنا الأموالَ والأولادَ.
وهذه الدَّعْوى سيُبَيِّن الله تعالى بُطلانَها، لكن هم زعَمُوا أن الله سبحانه وتعالى لم يُنعِم عليهم بهذه الأموالِ ولا الأَوْلاد إلا لأنَّهُم على حقٍّ.
وقوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} يَحتَمِل نَفيَهم للعَذاب يَحتَمِل أَمْرين:
أحدُهما: أنهم يَدَّعون أنهم إذا بُعِثوا لن يُعذَّبوا وإن كانوا يُقرُّون بأصل العذاب.
الثاني: يَحتَمِل أن: نَفيَهم للعَذاب يُراد به نفيُ البَعْث، يَعنِي: لن نُبعَث فنُعذَّب كما زعَمْتم أيها الرُّسُل.
فهاهنا احتِمالان؛ الأوَّلُ: يَقولون: إن الله سبحانه وتعالى لن يُعذِّبنا؛ لأنه أنعَم علينا بالأموال والأولاد، والثاني: يُنكِرون البَعْث، يَعنِي:{وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} ؛
لأننا لن نُبعَث، هذا واحِد، فما نحن بمُعذَّبين لأن الله تعالى قد رضِيَ عنَّا فلا يُعذِّبنا.
والواقِع أنهم يُنكِرون البَعْث؛ لأن مَن آمَن بالبَعْث لزِم من إيمانه أن يُؤمِن بالرُّسُل وَيلتَزِم بالشريعة.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن هؤلاءِ المُترَفين افتَخَروا بما أَعطاهُمُ الله سبحانه وتعالى من كثرة الأموال والأولاد.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن الإنسان قد يَغتَرُّ بالنِّعْمة فيَبقَى على مَعْصيته؛ لأنهم قالوا: نحن أكثَرُ أموالًا وأولادًا فقد رَضِيَ الله عز وجل عنَّا. ولكن هذا ليس دليلًا على رِضا الله سبحانه وتعالى عنهم.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن هؤلاء الكُفَّارَ زعَموا بدَعْواهم أن الذي أَعطاهم نَعيم الدنيا سوف يُعطيهم نعيم الآخِرة؛ لقوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} .
وانظُرْ إلى قوله عز وجل في آخِر سورة (فُصِّلت) حين ذَكَر أن الله تعالى إذا أَعطَى الإنسان رحمة من الله تعالى ويعمة يَقول: {هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} [فصلت: 50]، فهذا نَظير هذه الآيةِ؛ يَقولون: نحن أكثَرُ أموالًا وأَوْلادًا، وإن رجَعْنا إلى الله تعالى فإننا لن نُعذَّب، وهذا على أحد الاحتِمالَيْن، والاحتِمال الثاني أنَّ قولهم:{وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} أَيْ: أننا لن نُبعَث ونُعذَّب.