المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الآية (8) * قالَ الله عز وجل: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا - تفسير العثيمين: سبأ

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌الآية (1)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الفائِدةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الآية (2)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (3)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الفائِدةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (4)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الآية (5)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الآية (6)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الفائِدةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (7)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (8)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (9)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الآية (10، 11)

- ‌الفائِدةُ الأُوْلَى:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّادِسةُ:

- ‌الفائِدةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الثَّامِنةُ:

- ‌الفائِدةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الفائِدةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الفائِدةُ الرَّابِعَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (12)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (13)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الآية (14)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ العَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (15)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (16)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الآية (17)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (18)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (19)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (20)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الآية (21)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (22)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الآية (23)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ العَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ عَشْرةَ:

- ‌الآيات (24 - 26)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ العَاشِرَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ عَشْرَةَ:

- ‌الآية (27)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الآية (28)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الآية (29)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (30)

- ‌الْفَائِدَةُ الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (31)

- ‌الآية (32)

- ‌الآية (33)

- ‌الآية (34)

- ‌الآية (35)

- ‌الآية (36)

- ‌الآية (37)

- ‌الآية (38)

- ‌الآية (39)

- ‌الآية (40)

- ‌الآية (41)

- ‌الآية (42)

- ‌الآية (43)

- ‌الآية (44)

- ‌الآية (45)

- ‌الآية (46)

- ‌الآية (47)

- ‌الآية (48)

- ‌الآية (49)

- ‌الآية (50)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ:

- ‌الآية (51)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الآية (52)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (53)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الآية (54)

- ‌الْفَائِدَة الأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

الفصل: ‌ ‌الآية (8) * قالَ الله عز وجل: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا

‌الآية (8)

* قالَ الله عز وجل: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} [سبأ: 8].

* * *

قول المُفَسِّر رحمه الله: [{أَفْتَرَى} بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ للاسْتِفْهَامِ وَاسْتُغْنِيَ بِهَا عَنْ هَمزَةِ الْوَصْلِ](أَفْتَرَى) أصلُها (أَافْتَرى) لكن هَمزة الوَصْل مع همزة الاستِفْهام تَسقُط، ومِنه قوله تعالى:{أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ} [الصافات: 153]، {أَصْطَفَى} بمَعنَى:(أَاصْطَفى) فسَقَطت الهَمزة؛ لأنها وقَعَت بعد هَمزة الاستِفْهام، وأَظُنُّ سُقوطَها مَعلومًا؛ لأنَّ هَمزة الوَصْل تَسقُط في الوسَط، فهذا جاءَت هَمزة الاستِفْهام صار الكلام مُتَصِلًا، وإذا كان مُتَّصِلًا سقَطَت همزة الوَصْل، ففي قوله تعالى:{فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} [المؤمنون: 27] أين ذهَبَت هَمزةُ الوَصْل في {اصْنَعِ} ؟

سَقَطَت لاتِّصال الكلام، فإِذَن {أَفْتَرَى} سقَطَت لاتِّصال الكلام {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} في ذلك؛ يَعنِي: في قوله: (إِنَّكم ستُبعَثون وتُنشَرون خَلْقًا جديدًا) هل هذا افتِراء على الله تعالى؟ سيُبيِّن الله تعالى ذلك، لكنهم يَقولون: إنَّ حالَهُ دائِرة بين أَمْرين: إمَّا رجُلٌ مُفترٍ على الله تعالى، افتَرَى على الله تعالى الكَذِب في ذلك، {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} [جُنُونٌ تَخيَّلَ بِهِ ذَلِكَ].

إِذَنْ: هُمْ -والعِياذ بالله تعالى- قسَّموا حال النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى حالين لا ثالثَ لهما،

ص: 72

وهُما الافتِراءُ على الله، والثاني الجُنون {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} أي: جُنون تَخيَّل له ذلك به.

فَإنْ قِيلَ: هل هناك حالٌ ثالِثة؟

فالجوابُ: نعَمْ، هناك حالٌ ثالِثة، لكنَّهم لا يُقرُّون بها، وهو أنه صادِق عاقِل، صادِق لم يَفتَرِ، وعاقِل ليس به جِنَّة، وهذا هو الواقِع، لكنهم هم -والعِياذُ بالله تعالى- أَسقَطوا هذا القِسْمَ الثالِثَ؛ لأنهم لا يُقِرُّون به.

ومن عَجَبٍ أنَّ هؤلاءِ الذين يَقولون في الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الوَصْفَ: إنه إمَّا (مُفتَرٍ) أو (مَجنونٌ) أو (شاعِرٌ) أو (كاهِنٌ) أو ما أَشبَه ذلك؛ كانوا يُسمُّونه قبل النُّبوة (الأَمِين)، ويَرَوْن أنه من أَصدَق الناس وأَعظَمِهم أمانةً؛ لكن -والعِياذُ بالله تعالى- لمَّا جاء بما لم يُوافِقْ أهواءَهُم صاروا يُلقِّبونه بهذه الألقابِ.

وهذه الألقابُ السَّيِّئةُ التي لَقَّب المُشرِكون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مَوروثة ورِثَها أعداءُ المُؤمِنين وأَوْلياء المُجرِمين كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} [المطففين: 29 - 30]، فهذه الأَلْقابُ السَّيِّئة مَوجودة الآنَ، كلُّ أَعداء الرُّسُل يُلقِّبون أولياءَ الرُّسُل بمِثْل ما لُقِّب به الرسول صلى الله عليه وسلم.

وسبَق في العَقيدة أنَّ مِن الناس مَن يُلقِّب أهل السُّنَّة والجماعة بـ (الحشَوِيَّة) و (النوابت) و (الغُثاء) و (المُجَسِّمة) وما أَشبَه ذلك؛ كل هذا تَنفيرًا للناس عن سُلوك مَذهَبِهم.

يَقول تعالى: {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} قال الله مُبطِلًا ذلك: {بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} [المُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبَعْثِ وَالْعَذَابِ {فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} عَنِ الحَقِّ في الدُّنْيَا]،

ص: 73

وقوله تعالى: {بَلِ} للإِضراب الإبطاليِّ؛ يَعنِي أن الله أَبطَل هذين القِسْمين اللذين رَدَّد هَؤلاءِ الكُفَّارُ حال النبيِّ صلى الله عليه وسلم بينهما؛ يَعنِي: بل هو غَيرُ مُفتَرٍ وليس به جِنَّة، ولكن هؤلاء الذين لا يُؤمِنون في العَذاب والضَّلال البعيد، ولا يُمكِن أن يُقِرُّوا.

والإضراب قِسْمان: إضرابٌ إِبْطاليٌّ، وانتِقاليٌّ، الإضراب الإبطاليُّ مَعناه: أن ما قَبْلَ (بَلْ) باطِل، والإِضراب الانتِقاليُّ مَعناه أن ما قَبْلَ (بَلْ) مَرحلة انتُقِل منها إلى مَرْحلة أُخرى بدون إِبْطال لها.

ومثال الإِضراب الانتِقاليِّ قوله تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل: 66]، فإن هذا انتِقاليٌّ، يَعنِي إنهم أوَّلًا بَعُد عنهم الآخِرة، ثُم شَكُّوا فيها، ثُمَّ بعد ذلك عَمُوا عنها - والعِياذُ بالله تعالى-، فهذه أحوالهم الانتِقالِيَّة.

قال تعالى: {بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} أي: لا يُصدِّقون بها ويَعتَرِفون، أي: لا يُؤمِنون بوُجودها ولا يُؤمِنون بما يَحصُل فيها، وقد سبَقَ أن اليوم الآخِرَ يَدخُل فيه كلُّ ما أَخبَر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم ممَّا يَكون بعد الموت، فكلُّ ما أَخبَر به الرسول صلى الله عليه وسلم ممَّا يَكون بعد الموت كفِتْنة القبر ونَعيمه وعَذابه فإنها داخِلة في الآخرة.

قال رحمه الله: [المُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبَعْثِ وَالْعَذَابِ {فِي الْعَذَابِ} فِيهَا {وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} يَعنِي: الْحَقَّ في الدُّنْيَا] المُفَسِّر رحمه الله قَيَّد المُطلَق في المَوضِعين، فهنا قال الله تعالى:{فِي الْعَذَابِ} والمُفَسِّر رحمه الله قال: [فِي الْآخِرَةِ] وقال سبحانه وتعالى: {وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} وقال رحمه الله: [فِي الدُّنْيَا].

والأَصَحُّ أن الآية مُطلَقة؛ فهُمْ في العذاب في الدُّنيا وفي الآخرة، أمَّا عذاب

ص: 74

الآخرة فظاهِر، وأمَّا عذاب الدُّنيا فما في قلوبهم من الحَرَج والضِّيق وما يَحصُل عليهم أيضًا من العذاب من الله، كما قال سبحانه وتعالى:{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا} [العنكبوت: 40]، وكذلك العذاب الذي يَجرِي على أَيْدي الرُّسُل كالعذاب الذي يَحصُل لهم بالهزائِم، فإن هذا من عذاب الدُّنيا، أمَّا الآخرة فظاهِر.

إِذَنْ: {فِي الْعَذَابِ} يَشمَل الدُّنيا والآخِرة، وتَقييده بالآخِرةِ فيه نظَرٌ، بل إنه يَجِب علينا ألَّا نُقيِّد شيئًا أَطلَقه الله تعالى إلَاّ بدليل من كِتاب الله تعالى، أو سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو الإِجْماع.

وقول المُفَسِّر رحمه الله: [{وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ} عَنِ الحَقِّ في الدُّنْيَا]؛ فهُمْ في ضَلال بَعيد، يَعنِي: عن الحقِّ، وهم أيضًا في ضَلال في الآخرة فإنهم لا يُهدون إلى الصِّراط الذي يَنجو به مَن عَبَرَه من النار، ولكنهم يُهدون إلى صِراط الجَحيم فيُضِلُّون عن الصِّراط الذي به النَّجاة.

قال الله سبحانه وتعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 22 - 23]، وقال تعالى عن المُؤمِنين:{نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [التحريم: 8]، فدلَّ ذلك على أن الضَّلال كما يَكون في الدنيا يَكون كذلك في الآخرة، فالأَوْلى إِذَنْ إِبْقاء النَّصِّ على عُمومه في الدُّنيا وفي الآخِرة.

ص: 75