الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تبقَّى فيها غارَ جِدًّا
(1)
، فهذه آيةُ كَذِبه! وجِيء إليه بصَبِيٍّ أَصلَعَ، يَعنِي: ما عليه شَعر إلَّا شعرًا قليلًا، فجاؤُوا إليه؛ ليَمسَح رأسَه فيَظهر له شَعر كثير، فلمَّا مسَح رَأْسه تَساقَط الشعر الموجود
(2)
، فكأَنَّ هذا آيةٌ على كذِبه! .
فالله عز وجل بحِكْمته لا يُمكِن أبدًا أن يُمكِّن لكاذِب مَهما كان، حتى الكاذِب بعد الرسول صلى الله عليه وسلم لو كذَبَ فيما يَدعو الناسَ إليه، وكان يَدعو الناسَ إلى الحقِّ رِياءً وسُمعة فلا بُدَّ أن يُظهِر الله تعالى أمره إلى الناس، قال الشاعِر
(3)
:
وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ
…
وَإِنْ خَالها تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ
وقال تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} أي: سيَتبين أَمري وضلالي.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:
الاعتِراف لله عز وجل بالجميل؛ لقوله تعالى: {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} .
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:
يَنبَغي للإنسان أن يَنسُب الخَطَأ إلى نفسه، وَينسُب الصواب إلى الله عز وجل؛ لأنّه بنِعمته، ونحن إذا أَصَبْنا هل نَقول: فبما يُوحِي إلينا ربُّنا؟ أو فبِما أَوحاه ربُّنا إلى نبيِّه؟
الجوابُ: إذا أَصَبْنا فإن الواجِب أن نُضيف النِّعْمة إلى مُسْديها سبحانه وتعالى، وهو الله عز وجل لا نَفتَخِر ونَجعَلها من ذات أَنفُسِنا، أمَّا الضلال فإنَّه على أَنفُسنا؛ لأننا نحن سبَبُه.
(1)
انظر: تاريخ الطبري (3/ 284 - 285).
(2)
انظر: تاريخ الطبري (3/ 285).
(3)
البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته المشهورة، انظر: جمهرة أشعار العرب (ص: 178)، وشرح المعلقات السبع للزوزني (ص: 151).